الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةمقالاتتصريحات خامنئي ولي فقیه النظام الإیراني ضجیج في الفراغ

تصريحات خامنئي ولي فقیه النظام الإیراني ضجیج في الفراغ

0Shares

أشار خامنئي يوم الأحد الثالث من نوفمبر إلی بعض الکوارث والأزمات التي تحیط بالنظام من کل الجهات، لکنه لم یتطرّق قطّ إلی الأزمة الرئیسیة التي تنخر مفاصل النظام الإيراني  وتُهدّده بالانحلال وبزوال استراتیجیته وهي الأزمة الناجمة عن انتفاضتي العراق ولبنان.

 

أسباب الصمت إزاء المستجدات في العراق؟

خامنئي ولي فقیه الرجعیة في خطابه الموافق 30 أکتوبر، تهوّرَ وأمر أزلامه وأنصاره في العراق بقمع المتظاهرين وأنّ «أولوياتهم علاج انعدام الأمن!» وبسطحیة وبلهجة الدیکتاتوریات الآيلة للسقوط خاطب خامنئي الشعب العراقي قائلا: «لیعلموا أنّ مطالبهم إنما تتحقّق حصراً ضمن الأطر والهیکلیّات القانونية».

 

صرخة الشعب العراقي من كربلاء: النظام الإيراني سبب المأسي للعراق وتحطيم البنية التحتية

 

هذه التصريحات الفظة والوقحة قد صبّت الزيت على النار وأشعلت غضب الثوّار العراقیین وأجّجت لهیب ثورتهم أکثر من ذي قبل، ودفعت بالشعب العراقي عامة والشباب خاصة إلى إحراق صور خامنئي وخميني وقاسم سليماني قائد فیلق القدس، والردّ علیهم ردّاً مفحماً والتشفّي بهم عبر البصق ورمي الأحذية على صورهم. وعلی ما يبدو فإنّ ولي فقیه الرجعیة یفهم لغة الأحذية والبصق جیّداَ فلزمَ کرسیه دون ذکر اسم العراق ولو لمرة واحدة.

 

بعیداً عن موضوع العراق ولبنان، فقد اعترف خامنئي صراحة بمأزق استراتيجية النظام ووصوله إلى طريق مسدود يخلو من حلول ناجعة للخروج من الأزمة. خصّص ولی فقیه بالنظام المتخلف جانباَ مهماَ من تصریحاته للحديث عن المفاوضات مع أمریکا التي باتت مسألة ملحّة في مراکز صنع القرار لدى النظام الإيراني. فقد اعترف خامنئي أن النظام يقف بموقف حرج ومنعطف خطير، فقبول المفاوضات والاستسلام أمام شروطها یعني رضوخ النظام وانصیاعه وبالتالي "تکبّد النظام خسائر فادحة"، أما رفض المفاوضات فیعني أن "الوضع سیبقی کما هو" أي الاختناق والموت البطيء!

 

مفردات خامنئي نفسها تُعطي صورة أوضح عن المأزق الشامل الذي یحیط بالنظام،علی سبیل المثال فیما یتعلق بالأمریکیین واصرارهم علی المفاوضات قال: «لو تصرف المسؤولون الإيرانيون بسذاجة وتفاوضوا لما حصلوا على أي شيء وما كانت العقوبات والضغوطات لتتراجع. أمریکا ترید إنزال الإیرانیین من مکانتهم لتثبت للعالم أنها قد نجحت في إخضاع إيران وتظهر نجاح سياسة الضغوط القصوى وفي النهاية لن تحصلوا على شيء منهم». وحول نتائج المفاوضات أضاف خامنئي قائلاً: "إن دخول إيران في مفاوضات مع الولايات المتحدة خطأ كبير مائة بالمائة. الجانب الآخر (واشنطن) يريد أن يثبت أنه تمكن من تركيع إيران، وأن سياسة الضغوط القصوى كانت صائبة ومن ثم لن يقدم أي تنازلات وسیطلب تدمیر صواریخنا الدفاعیة. إن قبلنا بذلک ستکون بمثابة الضربة القاضیة للنظام وإن رفضنا فسیبقی الوضع کما هو».

 

الطریق المسدود وانعدام الحلول

لم یستطع خامنئي العالق في الوحل أن یجد مخرجاً وأن یحدّد خیاره من بین الخیاریَن المتاحیَن أو أن یشیر إلی خیار ثالث متاح علی قائمة الخیارات. لکنه حفاظاً  علی ماء وجهه وکي لا تبقی جعبته فارغة تفوّه بالعبارة التالیة: «مفاتیح حل المشاکل الاقتصادية في البلاد تتمثّل في ازدهار الإنتاج» یُمکن عدّ هذه العبارة من کرامات شیخ التخلف الذي یطلق النکت دون عناء!

کیف یزدهر الإنتاج؟ قد أجاب حسن روحاني علی هذا السؤال في خطابه الموافق 16 أکتوبر الذي ألقاه في جامعة طهران ووجّهه إلی خامنئي بشکل صریح قائلاً: «يزعم البعض أنه في الإقتصاد، يجب أن نعتمد على أنفسنا، هذا كلام صحيح ولكن هل يمكن أن يكون لنا انتعاش اقتصادي دون أن نتعامل مع العالم؟ يمكننا أن نبقى على قيد الحياة، لكن هل نستطيع أن نحقق تنمية اقتصادية؟ لا يمكن إحداث تنمية اقتصادية دون تفاعل مع العالم. لا يمكن ان نتطور إقتصادياً والبنوك مقفلة والتصدير معرقل والاستيراد محدد. لن نتطور إقتصادياً بدون علاقات حسنة مع العالم".

 

في خطابه قد سعی خامنئي کعادته إلی تبرئة نفسه من فشل النظام في المعاهدة النوویة وتحمّل تبعات هذا الفشل الوخیمة، وألقی بالعبء علی عاتق أزلامه وأداء حکومة روحاني فيما یتعلق بالمفاوضات. وعلی طریقته المعهودة في الخداع و المواربة إدعی خامنئي أنه أمرَ بمتابعة المعاهدة النوویة «لمحض التجربة ولیتضح الأمر للجمیع» لکنه یعلم مسبقا «أنّه لن یُجدي نفعاً، لکنهم لم یوافقوه الرأي»!

وهکذا فإنّ خامنئي في مساعیه للتملّص من مسؤولیة الاتفاقية النوویة وتبعاتها اعترف مرغماً بعدم نفاذ کلمته بین أتباع النظام.

 

صیاح "ظریف" في البرلمان

تزامناً مع ما ینسجه خامنئي في بیت العنکبوت من ترهات وأکاذیب، فقد توالت صرخات "ظریف" المراوغ في مجلس شورى الملالي للردّ علی أعضاء المجلس الذين ضیّقوا الخناق علیه بسبب المعاهدة النوویة وحصیلة المفاوضات. فصاح قائلاً: «ما قلته أنا کان بأمر من سماحة المرشد الأعلی.. یتمّ التفاوض إذا شاءَ، أنا لا أتحدّث من تلقاء نفسي». ثمّ أحال قلق المعترضین ومخاوفهم إلی الولي الفقیه نفسه قائلا: «إذا کان لدیکم أي انتقاد فیما یتعلّق بالمواضیع المطروحة فتفضّلوا، أنا أنفّذ سیاسات النظام لا أکثر».

في خضم تراشق الکلمات والاتهامات والردّ علی معارضیه، فقد اضطرّ "ظریف" إلی الحدیث عن "مجاهدي خلق" قائلا: «لماذا غیّرتم مجری الحدیث الذي جاء للدفاع عن النظام والردّ علی اتهامات الأجانب و"مجاهدي خلق MEK " إلی حدیث ضد النظام؟ أنا مشهود لي بالدفاع المستمیت عن مصالح النظام».

اللافت أنّ ولي فقیه النظام ووزیر خارجيته قد قالا کلاماً متناقضاً في الدفاع عن أنفسهم، وسعی کلّ منهما إلی إلقاء اللوم علی الآخر واعتباره مسؤولا عن الأوضاع الراهنة. یدلّ هذا التناقض علی الطریق المسدود الذي وصل إليه هذا النظام المنهار والآیل إلى السقوط.

 

حقیقة المعاهدة النوویة

الحقیقة أنّ في قمة المفاوضات النوویة بإدارة " ظریف "، في 26 یونیو 2015 أعلن خامنئي أنه هو من فتح باب المفاوضات مع أمریکا بواسطة "أحد المحترمين في المنطقة" علی حد تعبیره، في محاولة منه لانتزاع هذه الخطوة السیاسیة من"روحاني" لصالحه. وقد وضع نظریته بعنوان "المرونة البطولیة" حول المفاوضات النوویة وقادها في کل تفاصیلها. لکن الان مع فشل المعاهدة النوویة یسعی الولي الفقیه إلی القاء المسؤولیة علی الآخرین وتبرئة نفسه مما وسّع الشرخ وزاد الأزمات الداخلیة في النظام.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة