الجمعة, مارس 29, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومالنظام الإیراني ونتائج أزماته المستعصیة

النظام الإیراني ونتائج أزماته المستعصیة

0Shares

في خطابه یوم الأحد العاشر من نوفمبر بمدینة یزد، فتح حسن روحاني جبهة حرب جدیدة داخل النظام الإيراني المتأزم عندما وصف مسرحیة خامنئي لـ "مکافحة الفساد" علی أنها حملة دعایة لخداع الشعب، حرب ستستمر وتتصاعد، ولن تخمد حتی موعد مسرحیة انتخابات الرئاسة بعد أربعة أشهر علی أقل تقدیر.

 

بعد إطلاق نفيرالحرب علناً وسط ساحة یزد الرئیسیة، و في عصر ذلك الیوم لجأ روحاني إلى سیاسة المواربة و الالتفاف  وعدم التصریح المباشر، فعلی الرغم من تهدید خصومه بفضحهم، فقد دعاهم إلی المهادنة وإظهار الحکمة ولو بقدر حکمة أعراب عصر الجاهلیة ! مما أثار حفیظة العصابة المعارضة أکثر من ذي قبل.

في خُطب أخرى في يزد ورفسنجان وبافت وكرمان، كرّر روحاني تصريحاته المؤيدة للمفاوضات بحضور خامنئي، ودافع بقوة عن الإتفاق النووي وأشاد به باعتباره انتصاراً وإنجازاً في سجل حکومته.

 

حملة عصابة خامنئي ضد روحاني

 

رداً على هذه التصریحات، حشدت عصابة الولي الفقيه قواتها من الصحف إلى مجلس شورى الملالي وشنّت حملة واسعة النطاق على روحاني.

 في صباح يوم الاثنين، قاد  أعضاء عصابة الولي الفقيه حملة في مجلس الشورى للنظام لجمع التواقیع، لبيان اتهام لروحاني بتهمة الإهانة الصریحة لخامئني ومعاندته والوقوف في وجهه.

المعمم ذوالنور رئیس لجنة الشؤون الخارجیة والأمن في مجلس الشورى والذي قیل أنه هو من قام بإعداد وإخراج هذا البیان، شبَّه في تصریحات عبر وسائل الإعلام الحکومیة يوم الحادي عشر من نوفمبر، روحاني بـ "بني صدر" وقال إنّ کلام روحاني یعید إلی الأذهان کلام بني صدر الذي قاله في الخامس من مارس عام 1981 في قمة معارضته لخمیني. وصرّح ذوالنور أنّ مهمته هي إسقاط روحاني.

 

وفي مقال لـلحرسي "شریعتمداري" سخر شريعتمداري فیه من تصریحات روحاني التي ادّعی فیها "أنه لم يهدر دولار واحد" من 18 ملیار دولار الضائعة، و قد اتهمت صحیفة کیهان التابعة لخامنئي، حسن روحاني بضیاع ملیارات الدولارات وکتبت: «هجوم السید روحاني علی السلطة القضائیة قد یؤدي إلی الظن أنّ سیادة الرئیس قلق من العثور علی الدولارات أکثر من قلقه علی ضیاعها»!

التصعید بین روحاني وخصومه في عصابة خامنئي لم یتوقف عند هذا الحد، فالمعمم حمید رسایی العضو السابق في مجلس الشورى للملالي وأحد مرتزقة الولي الفقیه، وصف حسن روحاني بالسارق بشکل صریح وقال: «روحاني لا یمکن أن یشتت انتباه الشعب وأن یضللهم بهتافه "وجدت اللصّ وجدت اللصّ"».

 

لا تبدو الانتخابات الرئاسیة المرتقبة باعتبارها عنواناً رئیسیاً لتقسیم غنائم السلطة، سبباً کافیاً لتفسير وفهم أسباب هذه الحرب الضروس وشدة الخصومة والنزاع بین عصابات نظام الملالي. الحقیقة أنّ نظام الولي الفقیة عصفت به جملة من الأزمات الحادة، من الأزمة الاقتصادية الخانقة والتي اعترف بها  روحاني نفسه «إغلاق  البنوك ، شلل وتوقف الصادارت والواردات» (جامعة طهران 16أکتوبر2019) و«الوضع الإقتصادي المعطَّل في البلاد» (هیئة الحکومة في 23أکتوبر2019)، إلی الوضع الاجتماعي المحتقن إلی حد الإنفجار داخل إیران والذي ظهر بوضوح في احتجاجات شرائح الشعب المختلفة في یزد ورفسنجان ضد روحاني. الشعب الذي یطالب الطغمة الحاکمة  بحقوقه المسلوبة غیر آبه بحرب العصابات والمافیا الحاکمة.

ما أقرّ به روحاني نفسه في خطاب ألقاه في يزد بأن هناك 18 ملیون أسرة في حاجة إلى مساعدته مؤکداً أنها تشكّل الغالبية العظمى من السكان، حجة واضحة علی خطورة الوضع والأزمة الإجتماعية الناجمة عن الفقر والبطالة التي یمرّ بها المجتمع الإیراني بقیادة الولي الفقیة المتطرف. حقیقة أنّ 60 إلی 70 بالمئة من الشعب الإیراني تحت خط الفقر لیست محاولة لـ"تشویه الصورة" من قبل المخرّبین والمفسدین بل أنها حقیقة مُرة اعترف بها رئیس النظام نفسه المعروف بخبرته في العلاج بالأكاذيب وتبییض السواد! لهذا یمکن أن نستنتج أن الواقع أفظع مما یقول. کما أنّ الحرسي "قالیباف" خلال الفترة التي سبقت انتخابات عام 2017 قد أقرّ بأنّ المجتمع الإیراني منشطر بین أغلبیة مسحوقة ومحرومة تبلغ 96 بالمائة من السکان وأقلیة منعمّة ومترفة تبلغ نسبتها 4 بالمائة. السؤال الذي یطرح نفسه ليس هو التساؤل عن  إمکانیة انفجار الأوضاع في هكذا  مجتمع محتقن مليء بالتناقضات المتراکمة، بل  السؤال هو متى سيحدث هذا الانفجار؟

وقد أضیفت أزمة حادة جدیدة إلی أوضاع النظام المتأزمة والمتدهورة وقصمت ظهر الملالي وهي أزمة انتفاضة العراق.

 

إنتفاضة العراق ضِغثٌ علی إبّالة

 

 

أصبح العراق على مشارف ثورة ديموقراطية، ولكن هذه العاصفة والبركان ليس في بيت الجيران. الحقیقة أنّ الانتفاضة جعلت أولویتها هي قطع أذرع نظام الملالي الإیراني في العراق وبات مصیر النظام مرتبط بمصیر أزلام ومرتزقة الولي الفقیه في العراق، «طرد ونهایة النظام في  العراق هو نهایة نظام الولي الفقیه».

 

إنتفاضة العراق قد تخطّت محاولات  قمع النظام الإیراني وخططه التآمریة بفضل إرادة الشباب المحتجّین ومقاومتهم البطولیة، وقد شقّت طریقها نحو النصر بسرعة وثبات.

لذا ما نشاهده الآن من فوضی وصراع وتأزّم في النظام الإیراني ليس فصلاً من فصول الصراع على السلطة والنفوذ داخل النظام (وهو مانعرفه واعتدنا عليه)، بل هو نتيجة لتراکم الأزمات التي تحيط  بالملالي، ودلالة علی الهزّات المدمّرة التي تنال من  النظام الآیل للسقوط والذي خسر إحدی رکائزه الرئیسیة في المنطقة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة