الثلاثاء, أبريل 23, 2024
الرئيسيةمقالاتالمعارضة الإيرانية والخليج

المعارضة الإيرانية والخليج

0Shares

بقلم: غانم رجب باحث سياسي

 

بعد عدة أيام.. تنطلق فعاليات المؤتمر العام للمقاومة الإيرانية في باريس تحت شعار "انتفاضة حتى إسقاط النظام".

يأتي هذا المؤتمر في ظروف سياسية استثنائية عن كل ما سبقه من مؤتمرات، سواء على الصعيد الداخلي من حيث استمرار الاحتجاجات منذ ديسمبر الماضي وإلى اليوم واتساع رقعتها بمشاركة كافة أطياف المجتمع الإيراني بها، حيث صارت أطياف المجتمع الإيراني أكثر جرأة في إبداء معارضتها بشكل علني ومباشر تجاه الممارسات والسياسات التي يتبعها النظام في الداخل والخارج والتي يتفق عليها كل منصف بأنها تتسم بالرجعية والفشل، وكذلك تزايد الضغوط الدولية والإقليمية تجاه النظام الإيراني خاصة بعد فشل استراتيجية الاحتواء الدبلوماسي المتمثلة في الاتفاق النووي الهزيل، بحيث أصبح هناك اقتناعًا تامًا لدى المجتمع الدولي بأنه لابد أن يكون هناك حلاً جذرياً مع نظام يمارس ويصدر إلى العالم شتى أشكال الإرهاب.

ومع تبني إدارة دونالد ترامب استراتيجية جديدة تجاه إيران، مغايرة كلياً في نهجها وأدواتها عن الإدارة الامريكية السابقة، بات لزاماً علينا في دول الخليج إعادة قراءة المشهد الإيراني بشكل جديد، بحيث نقدم فيها مصالحنا العليا، ونتمتع من خلالها باستقلالية أكبر في أساليبنا وإجراءاتنا السياسية المضادة لأجندات الملالي في المنطقة، خاصة وأننا أكثر من تأثر من تلك التدخلات العدوانية السافرة التي لا تحترم القانون الدولي ولا تراعي أدنى مبادئ حسن الجوار، ولن أتطرق لتلك التدخلات الظاهرة المعروفة التي تطول قائمة عرضها وشرحها وتصنيفها.

يجب أن يدرك القارئ بأن المعارضة الإيرانية في باريس تتبنى الكثير من الرؤى والمبادئ السياسية التي تنسجم مع دول الخليج، خاصة فيما يتعلق بأمن المنطقة، ومن أبرز تلك المبادئ مبدأ عدم تسيس الطائفية التي عانينا منها نحن في الخليج، واستغلالها كذريعة في التدخل بشؤون الداخلية للدول، كما يفعل النظام الرجعي في طهران، علاوة على ذلك، دائما ما يؤكد ممثلو المعارضة الإيرانية في خطاباتهم الرسمية على أن سياستهم الخارجية ستكون قائمة على التعاون والتعايش السلمي واحترام المواثيق الدولية، وهذا أبرز ما تصبو إليه دول الخليج والمجتمع الدولي بأسره من إيران الجديدة.

لكن أحد أهم المعضلات التي تواجه دول الخليج في تكوين علاقة وثيقة مع المعارضة الإيرانية، هي عدم إقدامنا على بناء خط اتصال "رسمي" معهل؛ على الرغم من الدعوة التي أطلقها الأمير تركي الفيصل منذ عامين في هذا السياق، وترك هذا الأمر للمستويات غير الرسمية من برلمانات ومجالس وإعلاميين، مما يجعل التنسيق المشترك في سبيل توحيد كافة القوى والإمكانيات من أجل تحقيق الهدف المنشود لنا جميعاً وهو الخلاص من نظام الملالي أمر في غاية الصعوبة.

ومن المفارقات المخجلة نرى بالمقابل النظام الإيراني لا يتقاعس في إنشاء الأحزاب والمليشيات الإرهابية وإيواء المعارضين لدول الخليج على أراضيه، وعلى الرغم من عدم تقديمنا أي نوع من الدعم للمعارضة الإيرانية إلا أن النظام الإيراني دائمًا ما يوجه اتهاماته المستمرة لدول الخليج في دعم ومساندة المعارضين السياسيين له وهذا ما يتنافى فعليًا مع الواقع.

ومن الضروري الآن على الخليج السعي في تكوين علاقات رسمية مع القوى الفعلية للمعارضة الإيرانية المدعومة من الجماهير المليونية في الداخل والمتمثلة في المجلس الأعلى للمقاومة الإيرانية في باريس، وبدء صفحة جديدة تقوم على التعاون المتبادل، هذا إذا كنا بالفعل لدينا استراتيجية حقيقية وواقعية للخلاص من النظام الذي يهدد استقرارنا وأمننا، ولنترك السياسات الجزئية الآنية غير المدروسة، والتي لا تحقق مرادنا، وأعني هنا مسألة توفير الدعم الإعلامي للأصوات النشاز في المعارضة التي تطالب بانفصال وتحرر الأقاليم الإيرانية الحدودية والسعي إلى تقسيم الجمهورية الإيرانية، ولابد أن الجميع يدرك بأن حدوث هذا الأمر هو ضرب من الخيال، ويتعارض مع سياسات الخليج الداعمة لعدم تقسيم أي دولة في الشرق الأوسط على أساس عرقي أو طائفي والشواهد عديدة في هذا الإطار، وعلاوة على ذلك لا يمكن التجاهل بأن عدم استقرار إيران وزعزعة ترابطها الداخلي هو في نهاية المطاف له انعكاسات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية خطيرة على المنظومة الخليجية.

نحن اليوم نسير بمنعطف كبير على مستوى المتغيرات الدولية تجاه إيران، وإن عدم مواكبة هذه الأحداث والمتغيرات بالشكل الصحيح والمناسب سيؤدي بنا في نهاية المطاف إلى عدم تحقيق أمننا الوطني، ولنكن على إيمان بأن كل الظروف القائمة في الوقت الراهن تصب في عدم صالح استمرارية وبقاء النظام الإيراني.

لذلك أتمنى فعليًا أن يكون هناك تعاونًا مشتركًا وتواصلًا مباشرًا في الفترة القادمة ما بين العواصم الخليجية مع المعارضة الإيرانية الوطنية.
وفي الختام أتمنى لأعضاء ومنظمي ومسئولي ومؤيدي المعارضة الإيرانية في باريس كل التوفيق والنجاح بمؤتمرهم العام في الـ30 من يونيو القادم وأن يبلغ أهدافه وغاياته.  

 

نقلا عن صحيفة أسيا اليوم

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة