الثلاثاء, أبريل 23, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومما هو البديل الحقيقي؟

ما هو البديل الحقيقي؟

0Shares

تأمل في خطاب أدلت بها مريم رجوي في 30حزيران/ يونيو 2018 في المؤتمر العام للمقاومة الإيرانية في باريس
لماذا اتسع هذه الأيام نطاق صناعة فبركة بديل وقائد إلى حد، لا يخلو فيه يوم من عرض برنامج سياسي في الفضاء المجازي وتقديم شخص أو جماعة نفسه بديلا سياسيا لحكم الملالي؟ ولماذا لم يكن شخص أو جماعة يفكر في ذلك قبل بضعة أشهر؟ ولماذا لم يكن تلك القضية المطروحة قبل هذا التأريخ؟ وما الذي حدث على الساحة السياسية الإيرانية حيث تظهر بدلا وبرامج حديثة كما زاد عدد المدعين والزاعمين لاستلام السلطة بعد حكم الملالي؟
ظهور صناعة فبركة بديل من مؤشرات مرحلة الإسقاط للنظام
في بادئ الأمر يحظى التأمل في هذه القضية بأهمية حاسمة. ومن يعرضون برنامجا ويقدمون بديلا يقبلون ضمنيا أن هذا النظام لقد ولى عهده ولا يعود يمكن التطلع إليه وبالتالي ينبغي التفكير في حكم آخر يليه، مما يعني أنهم قبلوا أن النظام سوف يسقط شاءوا أم أبوا وسواء كانوا ملمين بذلك أو غير ملمين حيث سجلوا أسماءهم بين صفوف «الباحثين عن الإسقاط». ولا يمكن القول هناك شخص يقبل هذا النظام أو «الظروف الموجودة» في أقل تقدير ولكنه يفكر في قضية البديل له في نفس الوقت، الأمر الذي لا يمكن تصوره في العالم الحقيقي وعلى أرض الواقع. وبالنتيجة ظهور ظاهرة تدعى «فبركة بديل» كما أكدت مريم رجوي في المؤتمر العام للمقاومة الإيرانية هي عبارة عن أحقيقة وحتمية مرحلة السقوط لهذا النظام.
وقبل أن نتطرق إلى ظاهرة فبركة بديل قد يلوح في الخاطر سؤال يقضي بأنه هل يمكن أن نتصور وجود بديل من داخل هذا النظام؟
رغم أن هذا السؤال ليس جديدا ولا يمكن أن يكون الرد عليه جديدا ولكنه ينبغي لنا تناول ما إذا كان التغيير من داخل النظام أمرا حقيقيا؟
تغيير النظام من الداخل
يعتبر التغيير من داخل النظام بمثابة الإصلاحية. ولكن ومن دون الحاجة إلى خسارة الوقت والإطالة حول التعاريف النظرية والأكاديمية للإصلاحية، بما يعود الأمر إلى الظاهرة المسماة بالإصلاحية داخل نظام الملالي، فيعني ذلك أن معالجة المشكلات والمعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الإيراني لا تحتاج إلى تغيير نظام ولاية الفقيه بل يمكن ومن خلال تغييرات تدريجية في المؤسسات التابعة لهذا النظام وفي إطار ولاية الفقيه إيجاد تغييرات ضرورية في الحكومة لتلبية حاجيات المجتمع الإيراني.
والآن من الضروري أن نعلم هل تجربة حكم الملالي لـ40عاما تبقي مجالا لتصديق هذه القضية؟ وعلى سبيل المثال هل كان خميني يسمح لظاهرة الإصلاحية بالنمو والانتشار وهل يمكن أن يكون لدى إيران في إطار هذا الاستبداد الديني قوة إصلاحية ليجري الحديث بعده عن بديل مطلوب له؟
خميني وسلطنة الولي الفقيه فرض على الشعب الإيراني وليس خيار له
بما أن حكم الملالي لم يكن المطلب الحقيقي للشعب الإيراني، لقد ركب خميني بصفته مؤسسا لهذا النظام ومنذ اليوم الأول على الطموحات التحررية للثورة الشعبية ضد الشاه محرفا مسارها نحو دكتاتوريته الدينية المرغوب فيها أي سلطة ولاية الفقيه. لتحقيق هذا الأمر كان خميني بحاجة إلى:
أولا، فرض مجلس الخبراء على الأمة الإيرانية بدلا من المجلس التأسيسي.
ثانيا، إخراج جمهورية غير معروفة وغامضة تحت عنوان «الجمهورية الإسلامية» من صناديق الاقتراع بدلا من جمهورية ديمقراطية وتعددية.
ثالثا، تقييد الحريات الناجمة عن الثورة ضد الشاه أكثر فأكثر يوما بعد يوم.
رابعا، قمع القوى الثورية والديمقراطية وإزالتها وتصفيتها.
خامسا، إثارة حرب معادية للوطن وانحرافية ومضللة لإلقاء القوى المحررة جراء الثورة ضد الشاه في أتونها ليوجه بها وتحت يافطتها قمع الحريات ومطالبي الحرية. كما كان يقول دائما: «تعتبر الحرب موهبة إلهية»!
سادسا، والأهم من الكل فرض القوانين القروسطية الناجمة عن مجلس الخبراء التابع له تحت عنوان دستور ليسلب من خلال مبدأ ولاية الفقيه حق الشعب الإيراني في السلطة ويحافظ على الاستبداد الديني من خلال التعذيب والإعدام والإبادة الجماعية.
وبما أن طبيعة هذا الحكم الذي كان نوعا معقدا من الاستبداد وفرض سلطة مطلقة لحيوان تحت عنوان الولي الفقيه على وطننا، كانت ولا تزال قروسطية فلم يكن وليس من شأنها أن تتواصل دوما.
واستغل خميني ونظرا لطبيعته اللاثورية والدجالة الثقة التامة للشعب الإيراني بـ«الإسلام» و«الثورة» وهما عنصران رئيسيان للسلطة لتقيم سلالة الملالي إلى أن تحل محل سلالة بهلوي.
واستمرار عمر هذا النظام يتوقف على القمع والإرهاب من قبل هذا النظام بلا هوادة فضلا عن بضع حالات للحروب (الحرب الإيرانية العراقية وحرب الخليج وغزو العراق من قبل أميركا والحروب بالوكالة في المنطقة بدءا من سوريا والعراق حتى اليمن ولبنان). وفي جميع هذه المراحل حافظت سياسة المساومة والتآمر الدولي على وجود هذا النظام.
مكانة الإصلاحية في هذا النظام؟
إذا ما نستخدم مفردة «الإصلاحية» ويكمن السبب في انتشارها لدى الثقافة العامة. ولتقديم تيارات تطلق على أنفسها عنوان الإصلاحية في هذا النظام كان حريا بنا استخدام مصطلحات «المنمّقين» أو «المزيّنين» أو «المجمّلين» لوجه هذا الحكم.
ولماذا كان النظام بحاجة إلى تجميل وجهه؟ لأن هذا النظام لا ينسجم مع ما يتطلبه المجتمع الحديث والشاب الإيراني إما من ناحية التركيبة أوالاجتذابات الطبقية وإما من ناحية الآراء الثقافية. لأن القوانين الصلبة والحقيقية للتطور الاجتماعي لم ولا تقبل هذا النظام. لأنه لم ولا يقدر على تلبية الحاجيات والمتطلبات لإيران حديثة وديمقراطية لها تأريخ أكثر من قرن للنضال من أجل الحصول على نظام ديمقراطي.
ولماذا لا يمكن الإصلاح في إطار هذا النظام؟ لأن طبيعة النظام لا تسمح بالإصلاح. وكما قال مسعود رجوي «إن الأفعى لن تلد الحمامة»، والحرية هي أول مطلب لأي إصلاحي مفترض. وأول حاجز يتعرض له أي قوة إصلاحية هو المبدأ اللإنساني لولاية الفقيه. ولا يمكن الكون إصلاحيا وتأييد الفاشية الدينية تحت عنوان ولاية الفقيه في نفس الوقت بل الرضوخ تجاه السجن والتعذيب والمشانق والجلد من قبل هذا النظام والصمت تجاه الحرب المدمرة للوطن وتصدير الإرهاب من قبل هذا النظام. وكل من يسمون أنفسهم في نظام الملالي وبكل دجل «الإصلاحيين» يلتزمون بمبدأ ولاية الفقيه قلبا وقالبا وهم بمثابة أشقاء للأصوليين ومن الوجوه والعناصر الأمنية في هذا النظام. وصراع السلطة وطلب المزيد من الأسهم جعلهم يغيرون لونهم وملامحهم.
وطبقا لما ذكر آنفا، فإن التغيير من داخل النظام لأمر وهمي حيث رفضه الشعب الإيراني بصرخاتهم وهتاف «أيها الإصلاحي وأيها الأصولي لقد انتهت لعبتكما» التأريخي رفضا تاما.
التغيير من خارج النظام
والاعتقاد بـ«الإسقاط» يتطلب إجابات مناسبة على مجموعة من الأسئلة. والسؤال الأول من الباحثين عن الإسقاط هو: بأي إستراتيجية وتكتيك واعتمادا على أية قوية يريدون الإطاحة بهذا النظام وإيجاد تغييرات اجتماعية ـ سياسية راديكالية؟ وكيفية الإجابة على هذا السؤال توضح الصفوف وحالات الاصطفاف وتشكل الحدود. وفي هذا الأمر ينقسم الباحثون عن التغيير والتحول إلى مجموعتين:
الأولى، من يعتقدون أن تحولاً عميقاً وثورة حقيقية وهما أمران ضروريان لتلبية مطالب المجتمع الإيراني اليوم،لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال الاعتماد على القوى الداخلية في المجتمع. وإذا ما كان من المطلوب أن يتكلل إسقاط الفاشية الدينة بالنجاح مما يعني حصول المواطنين على مطلبهم التأريخي القاضي بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وأن لا يكون عبارة عن نقل السلطة من جماعة وطبقة إلى جماعة وطبقة أخريان، فيكمن ذلك في الاعتماد على الجماهير الضائقة ذرعا والقوة القيادية الرائدة وليس إلا.
الثانية، من يعتقدون أنه لا بد من تدخل قوة خارجية واحتلال البلد من أجل الإطاحة بالحكم الراهن وتأسيس مؤسسات تابعة للحكم الجديد. إنهم يستنبطون أنه ومن أجل التغلب على القوة العسكرية للنظام الحالي لا بد من استخدام قوة عسكرية أقوى وذلك على غرار احتلال العراق من قبل القوات العسكرية الأميركية. وأثبتت التجربة التأريخية أن هكذا طريق حتى ولو كان من شأنه أن يسقط الفاشية الدينية على افتراض مستحيل، فلن تؤدي إلى التغييرات الضرورية في التركيبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمع لمعالجة الأزمات الطاغية على إيران في الوقت الحاضر على الإطلاق.
ما الذي يريده الشعب الإيراني؟
مطلب الشعب الإيراني واضح جدا وهو مطلب قديم وتأريخي. وتم تكرار هذا المطلب منذ مائة وبضع سنين منذ فترة المجاهدين في مقدمة الحركة التحررية في إيران وتم تكراره مرارًا وتكرارًا حيث كانت بندقيات الفارسين نظير «ستارخان» و«باقرخان» ومن ثم «ميرزا كوجكخان جنكلي» أطلقت ذلك النداء أكثر من مرة. وهذا المطلب وهو المطلب الذي كان «الدكتور مصدق» يمثله حيث تابعه الرائدون المضحون بأنفسهم كمجاهدي خلق والفدائيون وتم تنظيمه بل تبلور في الثورة ضد الشاه مقلّبًا صفحة في تأريخ وطننا، مجيء ملكة الحرية المحبوبة والتي لو لم تكن، لما بقي الإنسان في مكانته الإنسانية ولما فتح المجتمع على مصراعيه من الناحية الإنسانية وما كان للاستقلال معنى ولا للرفاهية والتقدم والإعمار وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة بين المرأة والرجل.
ومن البديهي أن الشعب الإيراني يرغب عن الولاء والعودة إلى الملكية. ويرغبون عن الولاء والاعتماد على القوى الخارجية والاحتلال الخارجي. وأمامنا التجربة المرة والمؤلمة للاعتماد على القوة الخارجية للقضاء على الدكتاتورية.
ويرغب الشعب الإيراني في مجتمع تصفه مريم رجوي قائلة: «أساسه قائمة على الحرية والديمقراطية والمساواة. وكذلك له حدود فاصلة مع الاستبداد والتبعية والتمييز الجنسي والقومي والطبقي. نحن دافعنا وندافع عن المساواة بين الرجل والمرأة، وعن حق الاختيار الحر للملبس، وعن فصل الدين عن الدولة، والحكم الذاتي للقوميات، وعن التساوي في الحقوق السياسية والاجتماعية لجميع أبناء الشعب الإيراني، وعن إلغاء الإعدام، وعن حرية التعبير، والأحزاب، والصحافة والتجمعات، وعن حرية الاتحادات والروابط والمجالس والنقابات». وبطبيعة الحال أن هكذا مجتمع لا يمكن إرساؤه على أيدي القوات المحتلة وإنما بحاجة إلى القابلية والأهلية والإخلاص والتضامن والإيثار والتضحية ودفع الثمن لإيران وإيراني.
ميزات يتحلى بها بديل شعبي وديمقراطي
والآن وطبقا لما ذكر آنفا يمكن أن تكون لدينا صورة واضحة بشأن البديل السياسي لهذا النظام. وأكدت مريم رجوي في المؤتمر العام للمقاومة الإيرانية المقام في باريس بتأريخ 30حزيران/ يونيو 2018 بكل وضوح تقول:
انتعشت هذه الأيام صناعة فبركة «بديل» في الفضاء المجازي وصناعة التجميع في سوق السياسة، من خلال الاستنساخ، وهذه العملية تدلّ أيضاً على نهاية عهد النظام. ولكن السؤال هو كيف يريدون الإطاحة بهذا النظام؟ خاصة وأن النهر الأحمر لدماء الشهداء، لم يفسح تاريخياً حيّزاٴ، لنمو رجعيّة الملالي ولا لعودة رجعية نظام الشاه.
والآن إذا:
لو كان بالإمكان القضاء على هذا النظام بدون وجود حركة منظمّة وتنظيم قيادي، وبدون اجتياز مراحل الاختبار والامتحان، وبدون دفع الثمن والتضحية والجهاد، فنحن نقول: تفضلوا، فلا تتريثوا ولو للحظة واحدة. 
ولو كان بالإمكان تحقيق سلطة الشعب بدلاً من هذا النظام من دون وجود خلفيات نضالية ورصيد نضالي ضد النظامين، وبدون رسم الحدود الفاصلة مع الدكتاتورية والتبعية، وبدون المقاومة العارمة وكوكبة الشهداء، وبدون خوض المعارك ضد مبدأ ولاية الفقيه والإصلاحيين المزيفين، ، فلا تتأملوا ولو للحظة.
وإذا كانت مواجهة خميني بشأن الحرب الخيانية وإخماد أتون الحرب وشعار «فتح القدس عن طريق كربلاء»، بدون فرض وقف إطلاق النار عليه من خلال تنفيذ مئة عملية على أيدي جيش التحرير الوطني، وتحرير مدينة «مهران» والتقدّم داخل البلاد حتى مشارف مدينة «كرمنشاه»، وبدون الكشف عن برامج نظام الملالي ومنشآته النووية والصاروخية والكيمياوية والجرثومية، على الصعيد العالمي، يمكن إسقاط الملالي من عرش الحكم، نعم، لا تتريثوا ولو للحظة. 
وإذا كان بالإمكان بدون الكشف على الصعيد العالمي عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم النظام في 64 قراراً أممياً وبدون حملة مقاضاة المسؤولين عن ارتكاب مجزرة السجناء السياسيين في عام 1988، وبدون حملة مناصري أشرف في ربوع العالم، والإصرار على حقوق الشعب الإيراني طيلة 4 عقود، وبدون برامج ومشاريع محدّدة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والإدارة المؤقتة بعد نقل السلطة إلى الشعب الإيراني وأخيراً، بدون قيادة مجربّة ومحدّدة تقود هذا النضال العظيم 5 عقود، وإذا يمكن بدون اجتياز هذه المحطات، بين ليلة وضحاها، قطع أشواط دامت 50 عاما، وإحداث تغيير حقيقي في إيران بالتعويل في الخيال فقط على الدعم الخارجي، فتفضلوا، هذه الساحة متروكة لكم. 
ولكن دعوني لأقول، إن هذا الحلم فقط يمكن تحقيقه باستنساخ نسخة احتلال العراق، أو تصوّره من خلال الغزو الأجنبي للبلاد، وطبعاً نتيجتها واضحة من قبل. 
خلال هذه السنين الأربعين، قد جرّب كل اولئك المدّعين الذين لم يكونوا أهل دفع الثمن، حظّهم. ولكن الحقائق والتجارب أثبتت أن هذا النظام الظلامي، لا يتحمل التغيير والإصلاحية. لا من النوع «الأخضر» ولا «المخملي».
إسقاط هذا النظام، يتطلّب دفع الثمن. يتطلّب الصدق والتضحية. يتطلّب منظمة وتنظيمات وبديل سياسي رصين. ويحتاج إلى معاقل الانتفاضة وجيش التحرير.
على أية حال، كما قال مسعود قائد المقاومة في تلخيص انتفاضة ديسمبر الماضي: «نحن لسنا أنداداً ومنافسين لأحد للوصول إلى السلطة. وفي المقابل ليس هناك منافس لمجاهدي خلق في مسار الصدق والتضحية ودفع الثمن».

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة