الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليوماشتداد الأزمات يدفع نظام الملالي لـ"التحسر" على زمن سياسة "الاسترضاء"

اشتداد الأزمات يدفع نظام الملالي لـ”التحسر” على زمن سياسة “الاسترضاء”

0Shares

تناول الخطاب الذي ألقاه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، خلال افتتاح مجلس محافظي الوكالة في 1 مارس، العديد من انتهاكات نظام الملالي فيما يتعلق بالتزاماته تجاه الاتفاق النووي، ومنها:

– وجود جزيئات يورانيوم مع نظائر خطرة في مواقع غير معلنة للنظام الإيراني.

– لم يقدم النظام الإيراني أي تفسير فني وكامل وموثوق في هذا الصدد.

– الوكالة قلقة من أن مثل هذه المواد قد تكون موجودة في أماكن أخرى لم يكشف عنها.

– لم يرد النظام الإيراني على أي من أسئلة الوكالة حول هذه الأماكن.

ولقي الخطاب اهتماماً واسعاً لدى العديد من الأطراف السياسية ووكالات الأنباء، معتبرةً إياه في غاية الأهمية، خاصةً وأن "الترويكا" الأوروبية وزعت مشروع قرار على أعضاء مجلس المحافظين، يعرب، بحسب "رويترز"، عن القلق البالغ من تقليص الشفافية في إجراءات النظام الإيراني واكتشاف آثار يورانيوم مخصب في مواقع النظام الثلاثة، وأعربت الولايات المتحدة عن تأييدها لمشروع القرار بقوة.

وتسببت هذه التطورات بازدياد مشاعر القلق لدى نظام الملالي، حيث عبر وزير خارجية النظام جواد ظريف في 1 مارس عن قلقه بقوله: "بدأ الأوروبيون تحركًا خاطئًا بدعم من الولايات المتحدة في مجلس المحافظين، الأمر الذي سيؤدي إلى الفوضى..".

عواقب وخيمة تدعو للقلق

ومن المؤكد بأن لخطاب المدير العام للوكالة وإمكانية اعتماد قرار ضد النظام عواقب وخيمة للغاية عليه، بدأ يستشعرها النظام، ففي 24 فبراير، وفي سياق الصراع بين عقارب النظام، حذر روحاني العصابة المنافسة من العواقب والمكافآت التي تنتظر النظام قائلا:

"ليعلم الجميع، بأننا إذا فعلنا شيئ يجعل الطبيعة السلمية لمشروعنا النووي مشكوكًا فيها، فسيكون ذلك خطأ، حيث سنكون بذلك قد ذهبنا في الطريق الذي يريده العدو!"، ويضيف "إذا أفسدتم علاقتكم بالوكالة، فلا توجد طريقة أخرى!"، ويحذر قائلاً "كونوا حذرين لأن (الجرافة التي شغلتموها) ستدمر المبنى (النظام) بالكامل!".

ثم استذكر روحاني الكوارث التي حلت بالنظام بعد الكشف عن البرنامج النووي من قبل منظمة (مجاهدي خلق)، قائلاً: "من خلال التآمر علينا بعدم وجود أنشطة نووية سلمية، نقلوا ملفنا إلى مجلس الأمن، وأصدروا قراراً بالإجماع ضدنا، وأخذونا إلى حدود الحرب!" (24 فبراير).

سحر الإرهاب والابتزاز ينقلب على رأس الساحر

تستدعي سلوكيات طرح تساؤلات مشروعة، حول عدم منطقية تصرفات النظام، ألم يكن روحاني نفسه ومسؤولو النظام أنفسهم يصفون تغيير الحكومة في الولايات المتحدة بأنه "فرصة" و"لا يحق لأحد أن يحرق الفرصة" (حديث لروحاني في 11 نوفمبر)؛ فلماذا إذاً وضعوا أنفسهم في هذا الموقف الحرج بتمرير وتنفيذ قرار "العمل الاستراتيجي لرفع العقوبات" وتعليق البروتوكول الإضافي؟ ولماذا أطلقوا صواريخ على مواقع أمريكية في العراق؟.

المرجح هو سوء تقدير خامنئي وروحاني، فالنظام في حاجة ماسة -في هذه المرحلة- لرفع العقوبات في وقت تشهد فيه البلاد حالة غير مسبوقة من الركود الاقتصادي، ليقوم بدلاً من ذلك بابتزاز الإدارة الأمريكية الجديدة من خلال إعطاء الأولوية للاتفاق النووي ورفع العقوبات، وارتكاب أعمال إرهابية.

ربما كانت هذه الأعمال ذات فائدة كبيرة له، فيما مضى، وتحديداً خلال 16 عامًا من حكم إدارة بوش (الابن) وأوباما، حيث أنه على الرغم من الهجمات المتكررة على القوات الأمريكية في العراق وقتل ما لا يقل عن 2000 جندي أمريكي، لم يتلق الرد قط، بل إن الولايات المتحدة منحت للنظام امتيازات وفرص ومبالغ كبيرة من المال، وتفاوضوا بشكل متكرر مع النظام، منها تفاوضهم حول وضع النظام وهيمنته في العراق، فقد كانت حينها سياسة المهادنة هي السائدة، إلا أن واقع الحال قد تغير، وألغيت هذ السياسة بعد الانتفاضات النارية في ديسمبر2017 ونوفمبر 2019، ومع التطورات الأخيرة ثبت استحالة العودة إلى سياسة التهدئة والتوازن التي أدت إلى الاتفاق النووي عام 2015.

اعتقد خامنئي وروحاني، اللذان كانا يحلمان بالعودة إلى التوازن في 2015 وسياسة الاسترضاء، أنهما لا يزالان بإمكانهما القيام بسياسة الابتزاز والإرهاب، لكن سياسة الاسترضاء لم تعد سائدة، وهذا بغض النظر عن من يحكم البيت الأبيض، سواء أكان الرئيس ترامب أو بايدن؛ كما اعترفت الصحف الحكومية قائلةً "سلوك بايدن الأمريكي هو استمرار لسلوك ترامب الأمريكي" وأن التكتيكات فقط هي التي تغيرت وأن "عربدات ترامب (ضد النظام) التي أصمّت العالم" أصبحت اليوم "مواربات بايدن" ضد النظام، بحسب (صحيفة أفتاب يزد في 1 مارس).

وتضيف الصحيفة عينها موضحةً بأن "استراتيجية الولايات المتحدة (فيما يتعلق بنظام الملالي) لم تتغير عن الادارة السابقة، وتؤيدها (صحيفة وطن امروز) حيث تشير إلى أن "الاستراتيجية هي نفس استراتيجية الضغط الأقصى"؛ ثم تعرب الصحيفة في عددها الصادر يوم 1 مارس عن أسفها، بالقول: "بايدن ألغى أو غيّر أوامر ترامب في جميع المجالات باستثناء الاتفاق النووي!".

من ناحية أخرى، وفي أعقاب الغارات الأمريكية على مرتزقة نظام الملالي في سوريا، بعث بايدن برسالة رسمية إلى الكونغرس جاء فيها: "لقد أمرت بهذا العمل العسكري لحماية والدفاع عن أفرادنا وشركائنا ضد هذه الهجمات والهجمات اللاحقة" (28 فبراير)، وبهذه الطريقة يشدد بايدن على استمرار الرد الشديد إذا كرر النظام مغامراته الإرهابية.

والآن ينتظر خامنئي وروحاني وظريف وقادة النظام الآخرون بهلع، ماذا سيحدث يوم الجمعة المقبل، وهو موعد طرح القرار الأوروبي للتصويت، قرار من شأنه، إذا تم تمريره، أن يزيد الضغط الساحق ويجعل الوضع أكثر خطورة على حساب النظام.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة