الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومانتفاضة إیران..مأزق نظام الملالي والخوف من القادم

انتفاضة إیران..مأزق نظام الملالي والخوف من القادم

0Shares

في هذه الأيام تتعالی صرخات الذعر والفزع التي یطلقها کبار وصغار مسؤولي نظام الملالي في کل مکان وهي تردّد عبارات مشترکة: الانتفاضة لم تنته وهناك فتنة أشدّ وأخطر في طریقها إلینا.

 

سيمفونية الفزع المشترکة في خطب الجمعة

 

لا ضیر في إلقاء نظرة خاطفة علی خُطب يوم  الجمعة الماضیة 6 دیسمبر في المدن الإیرانیة المختلفة وما حملته من صرخات فزع أطلقها أئمة الجمعة التابعین لخامنئي:

● قال المعمّم "شاهجراغي" في خطبة الجمعة في مدینة "ري": «عندما نتخطّی حادث ما، یجب أن لا نظنّ أنّ المهمة قد تمّت بشکل کامل. علینا أن نراقب العدو باستمرار بعین ساهرة. بعض أعمال الشرّ والشغب لا تزال مستمرة هنا وهناك».

● المعمّم "خاتمي" في عرض الجمعة في مدینة "زنجان" قال: «بذلَ العدو قصاری جهده لتعطيل هذه المسيرة  علی مدار 40 عاماً، وأثبتت التجربة أنّ العدو لن يسکت أبداً».

● وقال المعمّم "موسوي" في خطبة مدینة "شهرضا" في محافظة "أصفهان": «أعداء النظام یتربّصون به. الفتنة التي حصلت لم تنته بعد».

● أمّا المعمّم "معصومي" خطیب مدینة "رودیان" في محافظة "سمنان" فقد صرّح: «أمامکم فتنة كبيرة قام العدو بالتخطیط لها لأكثر من سنتین، وستأتي إليكم بعد لبنان والعراق. الهدف هو الإطاحة بالنظام».

ما تمّ ذکره أعلاه هو جانب من سيمفونية الفزع التي یعزفها أئمة الجمعة التابعون للنظام في خطبهم. ویمکن سماع مثل هذه الصرخات والتأوّهات في جمیع مفاصل  النظام.

المعمّم "بور محمدي"، أبرز جلاّدي مذبحة عام 1988، الذي حاول تحت ضغط الفضائح أن یتماسك ویعلنَ أنه فخور بإصدار أحکام الإعدام، هذه المرة استسلم واعترف: «هذه الفتن کانت موجودة في الماضي وستتصاعد في المستقبل، لكننا یجب أن نتوخی الحذر، وأن نتّخذ القرارات الصائبة التي لا تزید من مشاکل الناس».

صحیفة "سیاست روز" الحکومیة (7 دیسمبر) قد عثرت علی نص التحذیر المناسب لقادة النظام في لافتة حملها بعض عناصر الباسیج في جامعة "تبریز" مکتوب فیها: «استیقظوا أیها المسؤولون قبل أن یوقظکم الناس».

وبالإشارة إلی أن «حیاة الفقراء باتت صعبة» حذّرت صحیفة "آرمان" الحکومیة (7 دیسمبر) قائلة: «إذا تجاهلنا ما يقولون (الفقراء) فإنّ الإحتجاجات اللاحقة ستكون كارثية بشکل أکبر».

 

لماذا کل هذا الفزع والذعر؟

 

ما هي الأسباب والحقائق  وراء الفزع  الکبیر المسیطر علی مرتزقة النظام ووسائل إعلامه؟

على الرغم من الدعاية الکاذبة التي یروّج لها النظام الإیراني بناء علی أنه قد تمکّن من إخماد الانتفاضة واجتیازها، إلّا أنه یعلم جیداً أنه:

أولاً- قد فشل في إخماد الانتفاضة على الرغم من حمامات الدم والمجازر العشوائیة التي تسبّب بها في مواجهته مع المتظاهرین العزّل.

النظام یعلم جیداً أنه قد فشل في الوصول إلی معاقل الانتفاضة ، کما فشل في إلحاق الضرر بقواعدها وخلایاها الثوریة التي تعمل کمحّرك للانتفاضة.

أمّا الضجّة التي أثارتها أبواق النظام الدعائیة حول اعتقال قادة الانتفاضة فهي لیست سوی دعایات فارغة لتغطیة الفشل الذریع لوزارة الاستخبارات واستخبارات قوات الحرس، اللذین بدورهما یمرّان بمرحلة حرجة لأنهما قد تغنّیا بدورهما الفعّال في قمع الانتفاضة وسیطرتهما التّامة علی الأوضاع،ما ثبت خلافه علی أرض الواقع.

فکما أقرّ "جواني" النائب السیاسي لقوات الحرس فإنّ «العدو قد نظّم جیشاً»! و«الانتفاضة کانت نتیجة لتحضیرات استغرقت عامین» علی حد تعبیر المعمّم "روحاني"!

ثانیاً- الأوضاع المتدهورة التي أشعلت انتفاضة نوفمبر من الأزمات الاقتصادیة والسیاسیة والفقر والجوع والبطالة والفساد وما إلی ذلك لا تزال مستمرة في البلاد، لا بل أنها تتزاید یومیاً وتضغط علی الشعب باستمرار.

 وصف أحد أزلام النظام هذه الأوضاع قائلاً: «کل یوم تنقص حلقة واحدة من السلسال الذي قیّدنا به عنقنا. وفي الأخیر سیضیق ویخنقنا.

کل حلقة من السلسلة تمثّل جزءًا من الشعب الإیراني. ستستأنف مطالبات الشعب من جدید إذا لم یستجیبوا لمطالب الناس الشرعیة في الوقت الراهن» (صحیفة آرمان الحکومیة 7 دیسمبر).

 

السؤال هو  ماذا سیفعل النظام تجاه الوضع الاقتصادي المتأزّم والأوضاع المحتقنة لدرجة الانفجار داخل المجتمع الإیراني، والتي أجبرت خامنئي الولي الفقیه للنظام علی اتخاذ قرار رفع أسعار البنزین وإشعال لهیب الانتفاضة؟

هل یريد سدّ الفجوة البالغة 300 ألف ملیار تومان عن طريق فرض الضرائب على صغار  الکسبة والشعب الفقیر؟ بينما يعلم أنّ زیادة الضرائب علی الشعب الذي انحنی ظهره من شدة الضغوط الاقتصادیة -کارتفاع أسعار البنزین- سیزید من قابلیة وإمکانیة انتفاضة الشعب علی ظالميه .

ثالثاً- يقول "حسن روحاني" وقادة النظام الآخرون إنّ خطة "العدو" الرئيسية کانت تستهدف أواخر يناير وفبراير لکن قضیة غلاء البنزین قد أدّت إلی التسریع في تنفیذها قبل الموعد المحدّد.

وبالتالي هم یشیرون إلی موعد الانتخابات التشریعیة للنظام،  لأن  العروض الانتخابية دائماً کانت سبباً رئیسیاً لانفجار النزاعات الداخلية، ما يجعلها تطفو علی سطح المشهد السياسي في البلاد، كما أن لظهور الشروخ والانقسامات بین عصابات الملالي علاقة متينة بكل هذه النزاعات، ما يجعلها باستمرار أرضیة خصبة لانفجار غضب الشعب واحتجاجاته الواسعة.

السؤال الذي یطرح نفسه هو: ماذا سیفعل النظام إزاء المسار الإنتخابي الخطير؟

 

ثلاثة احتمالات واردة

 

١- لاجتیاز الظروف الخطيرة الحالية، سيحاول ولي فقیه النظام توحيدَ نظامه والتخلّص من جميع العصابات الأخرى مثل مجلس الشوری في دورته السابعة.

وسیقوم بتشکیل مجلس موحّد تابع لولایة الفقیه. بعض المؤشرات تؤکد هذا الاحتمال، مثل انسحاب "علي لاريجاني"، و"فلاحت پيشه" الرئيس السابق للجنة الأمن بالبرلمان الرجعي، وعدد من مسؤولي النظام الآخرين من خوض مسرحیة الإنتخابات. سیؤدي هذا الاحتمال إلی تفاقم الأزمة الداخلية وفضح الوضع الدولي المهتزّ للنظام.

کما أنّ العصابات المتنافسة لن تهدأ ولن تسکت إزاء ما سیحصل، وستحاول بکل تأکید عرقلة خطط خامنئي. نتیجة لهذا الصراع الداخلي بین الذئاب الحاکمة ستهبّ الریاح المواتیة  من جدید فتقوم  الانتفاضة من بین الرماد.

  ٢- في محاولة لتلمیع صورته أمام المجتمع وإثارة الحماس للانتخابات، سيمنح الولي الفقیه خصومَه فرصةً لعرض العضلات وتأدیة الأدوار في مسرحیة الانتخابات. وهو ما يعني أيضاً تصعید الصراع الداخلي بین العصابات المتنافسة وفضح بعضهم لبعض. هذا الاحتمال أیضاً یشکّل أرضیة مواتیة للانتفاضة .

٣- نظراً لمخاطر الاحتمالین السابقین، سيلغي خامنئي مسرحیة الانتخابات، وسیؤخّر العرض الهزلي بإصدار إعلان رسمي أو غير رسمي بحجة الأوضاع الطارئة. نتیجة هذا الاحتمال الذي یعکس الانهیار السیاسي للنظام وتدهوره الإقتصادي، أیضاً ستکون النتائج واضحة وستصبّ في صالح الانتفاضة ومعاقل الانتفاضة.

وبالتالي في هذا المأزق الحرج ومفترق الطرق الممیت، النظام سیصطدم بالانتفاضة في کل الاتجاهات ولن یجد مفرّاً منها أبداً.

في خضم ذلك سیقترح "روحاني" وعصابته علی الولي الفقیه العاجز طریقاً للنجاة، وهو المفاوضة! لکن هل التفاوض هو طریق النجاة؟ أو أنه "السمّ" و التفاوض مع الحکومة الأمریکیة الحالیة هو "سمّ مضاعف" کما صرّح خامنئي نفسه؟! هذا موضوع قابل للنقاش علی بشكل مستقل ومعمق .

النار التي لن تنطفئ

قام "خميني" بإطفاء الأنوار في الوقت الذي أصدر فيه أمر إبادة السجناء السياسيين، حتى لا يرى العالم ما حدث في أغسطس وسبتمبر عام 1988.

خامنئي أیضاً قطع الإنترنت بشکل کامل بالتزامن مع إصداره أمر إطلاق النار علی المتظاهرین في 16 نوفمبر 2019 لینکرَ القتل الجماعي علی المنوال السابق.

لكنه لم يكن يعلم أنّ كلَّ مواطن إيراني اليوم هو  مراسل صحفي وشاهد  علی المذابح. لم يكن يعلم أنّ إطلاق النار المباشر أرضاً وجوّاً وقتل الناس بالرصاص والفؤوس والسواطیر تمّ تسجيله في الذاكرة الوطنية والضمير العالمي، وأنه لهیب لن ینطفئ ولن یُنسی أبداً.

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة