الخميس, أبريل 18, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانإیران: میزانیة البلاد.. كوارث وألغام بأرقام مزیّفة

إیران: میزانیة البلاد.. كوارث وألغام بأرقام مزیّفة

0Shares

ثغرات تتكشف يوماً بعد يوم، تظهر مدى الفساد الذي يغرق فيه نظام الملالي، فمنذ قدّم "روحاني" مشروع موازنة العام 2020 إلى مجلس شوری النظام، والجدال والنقاش حول أرقامه ومضمونه علی أشدّه.

وفي  كل يوم ینکشف جانب جديد من الثغرات العميقة، تتعلق بمصادر تمويل هذه الميزانية وتسدید تكاليفها الطائلة، مما يزیح الستار عن الأرقام المزیّفة لمشروع الموازنة للعام الجدید.

 

أسئلة تطرح نفسها

 

وتشير تلك المعلومات إلى أهمية طرح العديد من الأسئلة، أهمها ما يتعلق بمدى إمكانية حكومة روحاني من الصمود أمام العقوبات المفروضة علی قطاع النفط، وارتفاع معدّل التضخّم، وارتفاع أسعار الدولار، بجانب الحالة الخاصة من السخط العام؟

 

على الرغم من أنّ التیارات المعارضة لحکومة "روحاني" باتت تعرف جیداً أنّ إضعاف الحکومة سيؤدي إلى إضعاف النظام برمته دون أدنی شك، لکن الأوضاع الحرجة داخل المجتمع الإیراني لا ترغب أبداً بمنح "روحاني" وقتاً إضافياً لتعدیل وإصلاح الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد.

 

روحاني يصارع

 

من جانبه لم یبق "روحاني" مکتوف الیدین أمام هذا الهجوم علیه وعلی حکومته، فهو یدفع باستمرار المقرّبین منه أمثال "جهانگيري" و"نوبخت" و"همتي" وغیرهم إلی المشهد السیاسي، في محاولة منه للحصول علی موافقة مجلس الشوری علی مشروع الموازنة بکل الطرق المتاحة منخلال الإلحاح أو الإغراء أو إعطاء "وعود الإصلاح الاقتصادي" الكاذبة .

التلاعب بعقول الجماهير

 

وفي ضوء ما تقدم، تجدّد ظهور "همتي" رئیس البنك المرکزي الإیراني لتهدئة الوضع، وقد کتب في صفحته الخاصة علی إنستغرام، مشيرا إلى أن «البروباغاندا هذه تستهدف الأمن الاقتصادي للبلاد باستمرار وبشکل یومي».

ويسعى "همتي" إلى جعل نفسه طرفاً في مساءلة الناس للحکومة، و بإعطائه "وعد إصلاحي" کاذب آخر یحیل کل شيء إلی المستقبل قائلاً بحسب وکالة آنا: «على الرغم من كل المصاعب التي یمرّ بها اقتصاد البلاد في هذه الآونة وعلی الرغم من مآسي الشهر الماضي، کونوا علی ثقة بأنّ البنك المركزي سيواصل بحزم تدابيره اللازمة لتحقيق الاستقرار".

 

وأضاف: "سیتمّ أيضا تحقیق الهدف الرئيسي وهو السيطرة على التضخّم والحدّ منه، وتعزيز النمو الاقتصادي بعون الله ومعونة الشعب»، في حین أنّ "روحاني" نفسه قد اضطرّ في 30 دیسمبر المنصرم إلی الاعتراف بفشل وعوده، وقال إنّ البلاد تحکمها أوضاع حربیة في الوقت الراهن.

تکالیف باهظة

 

ويبلغ إجمالي النفقات العامة 367.2 ألف ملیار تومان من مجموع موازنة عام 2020 من هذه النفقات، فيما تبلغ الحصة المخصصة لتكاليف الموظفين في الوزارات، المؤسسات والهيئات الحكومية ومؤسسات الأمن والجیش والشرطة حوالي 200.7 ألف ملیار تومان، مما یشیر إلی زيادة بنسبة 9 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

 

مبالغ الائتمان

 

كما يمثّل الائتمان المقدّم من قبل الحكومة لدعم صناديق التقاعد حوالي 76.7 ألف ملیار تومان أي 20.9 في المائة من إجمالي الإنفاق العام، أي أنّ المبلغ الإجمالي للائتمان الذي يجب على الحكومة تخصيصه لمرتبات موظفيها ومساعدة المتقاعدين من الجيش والحکومة وصنادیق الصلب هو 75.6 في المائة من الميزانية، ما يعادل 227.6 ألف ملیار، هذا بالإضافة إلى أنّ 25 في المائة من الميزانية یتمّ إنفاقه على مؤسسة شهداء النظام وغيرها من النفقات.

 

الحكومة مديونة

 

وتعتبر مساعدة صنادیق التقاعد هي أيضاً تكلفة إضافية يتعيّن على "روحاني" دفعها، لأنّ السبب الرئيسي لإفلاس صنادیق التقاعد هو عدم سداد الحکومة لدیون هذه الصنادیق إلی درجة أنها لم تعد قادرة علی دفع رواتب المتقاعدین وتحتاج إلى مساعدة حكومية.

 

ارتفاع معدل التضخّم

 

ویستنزف ارتفاع معدل التضخّم والزيادة السنوية في عدد المتقاعدين المزيد من الإنفاق الحكومي كل عام، و وفقاً لتقديرات مركز الأبحاث فقد زاد ائتمان رواتب التقاعد العسكري التابع لمنظمة الضمان الاجتماعي للقوات المسلحة بنسبة 64 في المائة مقارنة بعام 2019 لیصل إلی 23.2 ألف ملیار تومان في مشروع ميزانية العام 2020.

 

مساعدات مقدمة

 

کما زادت المساعدة المقدّمة إلى صندوق التقاعد الحكومي بنسبة 43 في المائة أي 45.5 ألف ملیار تومان، وبلغت المساعدات الحكومية المقدمة إلى صندوق الصلب 4 آلاف ملیار تومان، أي أنّها بالمجموع تبلغ 20.9 في المائة من الائتمان البالغ 367.2 ألف ملیار تومان.

 

تضرر كبير للوكالات

 

وفيما يتعلق بالتكاليف الأخرى التي تواجهها حكومة "روحاني"، فإنّ هناك العدید من الوکالات الحکومیة المتضرّرة نتیجةً للآثار المباشرة والكارثية لسیطرة الملالي لأکثر من 40 عاماً على اقتصاد البلاد.

 

إفلاس الشرکات الحکومیة

 

وتشتمل ميزانية الشركات الحکومیة لعام 2019، على حوالي 75 في المائة من إجمالي الميزانية البالغة 1.989 ألف ملیار تومان، أي ما یعادل 1.484 ألف ملیار تومان.

وعندما نجمع مبلغ هذه الميزانية على مدار السنوات الماضية في رسم بياني سيظهر لنا سرعة النمو، كما يتضح أن أحد أسباب نمو المیزانیة المخصصة للشرکات الحکومیة هو فشل مشروع الخصخصة، الذي كان يهدف في البداية إلى تخفيف عبء النفقات الحكومية، لكنه في الواقع لم يساعد علی تخفیف هذا العبء فحسب، بل إنه بات الآن مشكلة خطيرة تواجهها الحكومة.

خسائر فادحة

 

من جانبه كشف "عادل آذر" رئيس محكمة المحاسبات في إیران عن أسماء بعض الشركات التي ستخسر في العام الجدید، وخمّن حجم خسائرها وفقاً لما نقلته وکالة آنا الحکومیة في 29 دیسمبر 2019.

 

وأوضح "آذر" في تقریر رفعه إلی مجلس الشوری، أنه «ستخسر کل من إذاعة الجمهورية الإسلامية الإیرانیة وفقاً لمتنبئي الميزانية حوالي 1745 ملیار تومان في العام المقبل، فيما ستخسر وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية في إیران (إیرنا) 122 مليار تومان، ومركز التنمية الفكرية للأطفال والشباب سيخسر 195 مليار تومان، وشركة السكك الحديدية بنحو 300 ملیار تومان.

کما أنّ أغلب شركات الغاز في المحافظات، شركات المياه المحلیة وشركات المياه والصرف الصحي في القری بالإضافة إلی الشرکات العمرانیة في المناطق الجديدة ستکون علی قائمة الخاسرین من بين الشركات الحکومیة».

 

أرقام كارثية

 

وأضاف: «في عام 2019، قدّرت خسائر الشركات في مشروع الموازنة بنحو 3 آلاف و304 مليار تومان، بينما في الواقع بلغت الخسائر 53.746 ألف مليار تومان».

ويظهر هذا التقرير أنّ مبلغاً ضخماً من هذه الميزانية البالغة 1.484 ألف ملیار تومان سيتمّ إنفاقه فقط للحفاظ علی هذه الشركات، على الرغم من أنّ الحكومة قرّرت بيع أكثر من 58 شركة حکومیة، إلّا أنه من الواضح الآن أنّ مصير هذه الشركات لن يكون أفضل من مصیر العدید من الشركات الأخرى التي نقلتها الحكومة إلی القطاع الخاص.

 

زوال الشركات بسبب سيطرة النظام

 

وبعد ثورة 1979 ومصادرة جميع الشركات الخاصة لصالح مسؤولي نظام الملالي غير المؤهلين، بدأ العدّ التنازلي لزوال هذه الشرکات، حرب الثماني سنوات لم تود بحیاة الملایین من البشر فحسب بل إنها قضت علی رؤوس المال الاقتصادية في البلاد أیضاً.

 

خطوات عمياء

 

وعندما فكّرت حكومة "رفسنجاني" في مشروع خصخصة الشرکات الحکومیة، لم يكن الأمر أكثر من مجرد فرض أمر واقع على النظام دون إعداد آلياته السياسية والاجتماعية اللازمة، ولم یتطوّر المشروع بسرعة علی أرض الواقع بسبب عدم وجود الأرضیة المناسبة له، إلی أن اتّخذ خامنئي خطوة جدیة في هذا الشأن عام 2005 عن طریق تفسیره الجدید للمادة 44 من الدستور.

 

فساد "نجاد"

 

وتزامنت هذه الحقبة مع فترة رئاسة "أحمدي نجاد" الذي قام بنقل هذه الشركات الحکومیة إلی مجموعة من المقرّبین والمنتسبین إلی النظام والحرس الثوري الإيراني، مما وجّه ضربة قاضیة لهذه الشرکات وهدّدها بالانهیار.

 

الخصخصة تسبب كوارث

 

علی الطرف الآخر، أدّی مشروع  الخصخصة هذا إلی خلق موجة من الاحتجاجات بين شریحة العمّال، لأن المصانع التي تمّ تخصیصها اتجهت نحو الإفلاس والإغلاق وتسریح العمّال بسبب مشاکل السوق وأتباعها أنماط  الإنتاج القديمة والبالية ،و لو لا وجود هذه الاحتجاجات الاجتماعیة والعمّالیة والخوف من نموها، لما اضطرت الحکومة إلی إبطاء عملیة الخصخصة والحدّ من سرعتها.

 

ساحة صراع كبيرة

 

الانتفاضة الشعبیة الواسعة خاصة بین شرائح المجتمع الفقیرة، والتي انطلقت احتجاجاً علی ارتفاع أسعار البنزین أدت إلى زعزعة أرکان نظام الملالي، و قد أدّت إلی حرب حامیة الوطیس بین تیارات وأحزاب النظام، و یعتبر موضوع الموازنة من أهمّ وأخطر ساحات الصراع بین هذه التیارات.

 

مأزق خطير لأزلام النظام

 

زوتشير الحقائق إلى أنه خامنئي وروحاني يدركان تماماً أنهما متورّطان في مأزق خطیر بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد، ويفتقران إلى أي حلول لاحتواء هذه الأزمة الشاملة و الحقيقة أنهما مضطرّان حالياً إلى إضاعة الوقت علی أمل الحصول علی "إغاثات غیبیة" من جانب بعض الدول الخانعة لسیاسة المساومة مع النظام الإیراني.

 

مواصلة النضال

 

وبالرغم من هذا كله إلا أنه یوجد شعب، وهو الشعب الإيراني قد أثبت مراراً وتکراراً علی مدار الأربعین عاماً الماضیة أنه یواصل النضال بکل ما أتیح من قوة لأجل الإطاحة بهذا النظام الفاسد والهمجي، وقد أثبت في انتفاضة نوفمبر أنه لن یهدأ ولن یرضی سوی بإسقاط هذا النظام الدیکتاتوري.

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة