الإثنين, مارس 18, 2024
الرئيسيةمقالاتإيران .. هل خمدت ثورة 1979 وتحوّلت إلی رماد؟

إيران .. هل خمدت ثورة 1979 وتحوّلت إلی رماد؟

0Shares

بقلم: مهدي خدايي صفت

 

السؤال الذي یطرح نفسه بإلحاح هو ما مصیر تلك الثورة العظيمة التي أطاحت بدكتاتورية الشاه في 11 فبرایر عام 1979 بواسطة لحمة ووحدة الشعب الإيراني بکافة شرائحه؟

ما مصیر تلك الثورة التي جعلت إيران الزاهیة والنابضة بالحياة والمتمتّعة بقدرات تاريخية وإنسانية واقتصادية واجتماعية زاخرة والتوّاقة إلی الحریة منذ مئة عام، جاهزةً لقفزة نوعیة هائلة في مجال التمنیة الاقتصادية والاجتماعية والتحوّل إلی مهد الدیمقراطیة والتقدّم ونموذج بارز یحتذی به في الشرق الأوسط؟

هذه الرؤية المستقبلیة الواعدة كانت ستجعل من مقولة بناء "حضارة عظيمة في إیران" والتي کان یتشدّق بها الشاه، واقعاً مؤکّداً بشرط استتباب الحرية ووجود قيادة شعبية وثورية حکیمة.

لکن التاریخ التراجیدي لم یمهل جوهر "الحریة" إلّا بضعة أیام فقط. فقد بدأ خميني باغتيال الحريات في 27 فبرایر أي بعد مرور أسبوعین فقط من الثورة الشعبیة بناءً علی مهمته القائمة علی إبادة الحريات والقضاء على الحرث والنسل وتدمیر الثورة وإنهاء جهود قادتها الحقیقیین.

وکانت النساء أولی ضحایا ممارسات خمیني الهمجیة؛ ففي 27 فبرایر بدأ مكتب خميني بقمع النساء ملغیاً قانون حماية الأسرة. وفي وتیرة متسارعة للغایة وفي غضون أربعة أشهر فقط من اغتصاب خمیني للسلطة؛ قام رجاله بجلد أول امرأة في الملأ العام في يونيو 1979، کما أعدموا ثلاث نساء في يوليو أي بعد خمسة أشهر فقط من الثورة.

وفي الثالث من مارس 1979 أي بعد مضي 20 یوماً علی الثورة الشعبیة المغتصبة، بدأ خمیني بقمع مجاهدي خلق من خلال مهاجمة مكاتبهم ومقارهم. تلاه قمع بقیة المناضلین وقتل القومیات الكردية والعربية والتركمانية والأقليات الدينية. حسب مخطط خميني کان سیتمّ قمع مجاهدي قتل وجمیع الأصوات المعارضة بالکامل بحلول شهر سبتمبر من عام 1979 أي بعد ستة أشهر فقط من الثورة. لکن تمّ تأجيل هذا المخطط الخبیث حتى 20 يونيو 1981 بفضل حنکة مجاهدي خلق MEK وسیاساتهم الحکیمة إلی جانب تضحیاتهم  وصمودهم ومعاناتهم المریرة.

 

رأى خميني أن مجاهدي خلق باعتبارهم قوة إسلامية متقدّمة لها تاريخ ثوري حافل وشعبية وحظوة اجتماعیة کبیرة، یشکّلون تهديداً سياسياً واجتماعياً كبيراً لسيادته، لهذا ومنذ البداية جعلهم أمام مفترق طرق لا یتیح أمامهم سوی خیارین: الاستسلام لولایة الفقيه أو الموت.

 

خمیني المرکّب من الرجعية والاستعمار والخلف الحقيقي للشاه، کان الوجه الآخر لجمیع القيم والطاقات المحررة في ثورة 79. هو خلاصة الشرور والشذوذ والتخلّف وحامل رواسب القرون والعصور السالفة لإيران.

هکذا ومنذ اليوم التالي للثورة، تمّ طرح سؤال جاد لدی الجميع: ماذا كان وماذا سيكون مصير الثورة؟ هل خمدت وتحوّلت إلی رماد؟ هل انهزمت وانحرفت عن مسارها؟ هل فشلت؟

لیس هناك أدنی شك في فشل الثورة لأن خمیني أکبر لصوص القرن  قد سرقها واستولی علیها.

 

من الواضح أنّ ما روّج له خميني الدجّال باسم الثورة والثورة الإسلامية لم يكن سوى الرجعیة المناهضة للإنسانیة ولإيران والمعادیة للإسلام، لا بل الأسوء من ذلك استغلاله لکلمة الثورة وتشویهها وتدنیسها. کما أشرنا کانت مهمة خميني قائمة علی تدمير جمیع طاقات إيران وثرواتها بالکامل لذا لم یسلم شیء قط من همجیته، لا النسل ولا الحرث، لا الماء ولا التربة ولا الجبال والغابات والصحاري ولا النباتات والحيوانات، ولا أي عنصر حیاتي آخر.

لكن خمیني لم يستطع قط تدمير ثورة 11 فبرایر 1979 ومطالبها وتطلّعاتها، أو طمس تاریخها وإحالته إلی طي النسیان. یُوجد في مجتمعنا اعتقاد آخر له جذور اجتماعية وتاريخية واسعة النطاق یقول: «ثورتنا العظيمة لم تخمد ولم تتحوّل إلی رماد. بل على العكس من ذلك فإنها تتجدّد وتتواصل باستمرار وفي کل لحظة وکل مکان وزمان؛ على الرغم من محاولات تغطیة الثورة بالرماد إلا أنها تستمر بشکل أعمق وأنضج وفي کل فصل دراسي وکل شارع وبیت وعائلة. يجب علی أي ثورة أن تمرّ بمراحل عدیدة لتنضج بشکل مطلوب، کما يجب أن تمر بقلوب وضمائر جمیع أفراد المجتمع».

 

صاحب هذا النمط من التفکیر هو السید مسعود رجوي، وقد تمثّل هذا الفکر التقدّمي من خلال منظمة مجاهدي خلق والحركات والشخصيات الليبرالية والشعبية التي كانت تتماشى مع التوجّه السياسي للمنظمة وتأثّرت بهذا النمط الفکري وتبعته.

 

وهکذا بدأ مجاهدو خلق الذين كانوا يحملون مسؤوليتين ثقيلتين في آن واحد هما إيران والإسلام، مسيرتهم التاريخية العظیمة للإجابة على سؤال: «أکون أو لا أکون؟». ولم یکن ولن یکون الجواب غیر:

 

«الوفاء بالوعد عبر سلسلة من التضحيات لا حصر لها في التاريخ الإيراني».

 

نعم علی هذا النحو وفي أعقاب سنوات مریرة من النضال الثوري المسلح ضد الديكتاتورية الملكية وعلى امتداد إراقة الآلاف من الدماء والمواجهة المحتدمة مع الفاشية الدينية الحاكمة في إیران، تمّ إنشاء عنصر شعبي جديد یتمتّع بقوة وإرادة لا یقهران.

عمل خميني وخلیفته خامنئي بکل قواهما لتدمير هذا الشعب بواسطة المذابح والمجازر والإبادة الجماعية واستخدام آلیة الشیطنة وجمیع الاستراتيجيات الناعمة والثقیلة الأخری طیلة 40 عاماً. لكن وفقاً لما قاله السیّد مسعود رجوي فإنّ: «الحقيقة هي أنهم لم یستطیعوا تدمیر هذا العنصر منذ زمن المجاهدين مهما اشتدّ ضربهم له مراراً وتکراراً. الحقیقة هي أنّ عنصراً خالداً هو العنصر الأيديولوجي ينبغي أن يكون شيئاً عظیماً لا يتدمّر أبداً في مواجهة کل هذه الكوارث والمصائب، كما لو كان محصّناً. إذا التزمنا بمبادئنا وإذا لم نبع مبادئنا مقابل ثمن زهید، فإنّ كل هذه الدماء والشهادات ستؤجج اللهب بکل التأکید».

إن مجاهدي خلق الذين تدفّقت الأنهار من دمائهم علی حد تعبیر طالقاني، لم يتركوا الشعب والثورة یرزحان تحت نیر سلطة خميني بمفردهما. هم فتحوا الطريق أمام الثورة من خلال 52 عاماً من النضال السیاسي المستمیت والصمود الثوري المطلق وتعریة حقیقة نظام الملالي الإجرامي. وعندما أغلق خميني جميع المسارات السلمية، تحوّل المجاهدین إلى المقاومة الثورية، وأنشأوا البديل الديمقراطي الوحید للنظام أي المجلس الوطني الأعلی للمقاومة وسط مواجهة دمویة شرسة، وصدّوا عدو الله والشعب بثمن باهظ للغایة في خضم نضالهم المستمر ضد الفاشیة الدینیة. کما حافظوا على ثورة 79 ومطالبها وإنجازاتها ومنحوها آفاقا أوسع وأعمق وعملوا علی ترقیتها وتطویرها. في الحقیقة قد خطّ روّاد وطلائع مجاهدي خلق الأبرار أطول مقاومة تاريخية للشعب الإيراني عبر ملحمة شبیهة بالعاشوراء خطوّها بدمائهم.

وهكذا تعالت الأصوات في كلمة حماسية لمريم رجوي في الذكرى السنوية للثورة ضد الشاه هذا العام حينما قالت: «ارتكبوا عمليات إبادة ضدنا ألف مرة، ولكننا نهضنا من رمادنا مرة أخرى كطائر الفينيق. هزمنا ألف مرة ولكننا نهضنا من جديد أرف مرة وآخر انتفاضتنا ستكون نهاية عمر هذا النظام». نعم في التحديات تعثروا ولكنهم نهضوا من جديد بثورة مريم الخلاص وضمنوا بقائهم. وهكذا خلقوا معاقل الانتفاضة وكثروها وشقوا طريق الانتفاضات وسجلوا على الصعيد الدولي والمحلي مصداقية واعتبارا عالميًا للبديل الديمقراطي وأحرقوا بطاقات عدو الشعب واحدة تلو الأخرى ودفعوا بهذا النظام نحو هاويته التاريخية.

نعم في الذكرى السنویة الواحد والأربعين لثورة 11 فبراير 1979، يفخر مجاهدو مسعود ومريم رجوي بما فعلوه معلنین بأعلی صوت: «ثورتنا العظيمة لم تخمد ولم تتحوّل إلی رماد. بل على العكس من ذلك فإنها تتجدّد وتتواصل باستمرار وفي کل لحظة وکل مکان وزمان؛ علی الرغم من محاولات تغطیة الثورة بالرماد إلّا أنها تتواصل بشکل أعمق وأنضج وفي کل فصل دراسي وکل شارع وبیت وعائلة حتی الإطاحة بالعدو المناهض للبشریة وتحقیق الحرية. وسوف تحقّق جميع مطالب وتطلّعات الثورة من خلال برنامج مریم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة‌ الإيرانية‌ المكوّن من عشر مواد.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة