السبت, أبريل 20, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليومإيران .. النظام الإیراني مذعور من الانتفاضة الشعبیة القادمة

إيران .. النظام الإیراني مذعور من الانتفاضة الشعبیة القادمة

0Shares

بعد مرور شهر علی اندلاع انتفاضة نوفمبر وبفضل هذه الانتفاضة العظیمة، تمّ ترسيخ نتائج مهمة واستراتیجیة. منها استمرار الانتفاضة، الإمکانیات الثوریة للمجتمع، اختبار صحة استراتیجیة الجیش الحر معاقل الانتفاضة وغیرها من النتائج. في هذا التحليل سنتناول إحدی أهم هذه النتائج وهي "استمرار الانتفاضة".

استمرار الانتفاضة هي أولی الحقائق

قادة النظام الذين تحدّثوا شفهیاً أو کتابیاً عن الانتفاضة في هذه الفترة مدلین بتصریحات جدية بعیدة عن الدعایة المراوغة،  قد أعربوا صراحة أو تلميحاً  عن خوفهم الشدید من استمرار الانتفاضة الحالية وموجة الانتفاضة القادمة.

هذه هي الحقيقة المهمة التي طالما تمّ التأکید علیها من قبل المقاومة الإيرانية وقائد المقاومة السید "مسعود رجوي" الذي کان قد صرّح في رسالته رقم 11 يوم 3 نوفمبر 2018:

«منذ اليوم التالي لانتفاضة يناير 2018، قلنا إنّ هذه الانتفاضة ستستمر وتتوسّع وتتعمّق. وهي مرتبطة بالمقاومة المنظمة ومدعومة من قبلها. لا مفرّ و لا مخرج للنظام من هذه الانتفاضة .

على عكس الإنتفاضات السابقة، فإنّ أي مخرج جدي وحقيقي في کل من المجالات الإقتصادية والسياسية والدولية، سیؤدي إلی زعزعة أسس وکیان نظام ولایة الفقیه. الولي الفقیه من أجل قمع هذه الانتفاضة علیه أن يحلّ التناقضات التي إذا ما بادر إلی حلّها (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية) ستمهّد الطريق لإسقاطه».

هذا التخمین لقائد المقاومة الذي جاء بناءً على العديد من المعطیات السیاسیة والإقتصادية والاجتماعية وبالاعتماد على القوانین السياسية والاستراتيجية السليمة.

وبعد مرور عام تحقّق فعلیاً علی أرض الواقع في يوم 16 نوفمبر 2019، عندما ارتکب خامنئي قائد النظام الكهنوتي مرغماً  أکبر خطأ حين قام بزیادة أسعار البنزین ثلاثة أضعاف لعلاج الأزمة الإقتصادية الخانقة بدعم من أجهزة الأمن والاستخبارات وقادة قواته القمعية الذين أكّدوا له أنهم يسيطرون على كل شيء وأنهم علی استعداد تامّ لإجهاض أي محاولة بمساعدة قوات الباسیج.

وقد أثار قرار رفع أسعار البنزین غضب وکراهیة الشعب المظلوم إزاء النظام وأشعل فتیل الانتفاضة الشعبیة العارمة في إیران.

بعد اندلاع الانتفاضة العظیمة، ارتكب خامنئي المجرم خطأه الاستراتيجي الثاني، حیث أمر قواته بقمع وإبادة المتظاهرین العزّل. وسارع إلی الظهور عبر التلفزیون الرسمي صباح اليوم الثاني من الانتفاضة لینقذ نظامه المعرّض إلی التصدّع والانهیار من الداخل من خلال إعلان دعمه لقرار رفع أسعار البنزین والإعلان الرسمي عن أمره قتل المتظاهرین. ولكن النظام في الحقیقة قد وقّع علی حکم سقوطه الحتمي عقب إراقة الدماء التي شهدتها الانتفاضة .

عقب انتفاضة نوفمبر وخاصة بعد القتل الجماعي لآلاف المحتجّين، تغيّرت المعادلات الإيرانية الداخلیة وحتی المعادلات الدولية حول الشأن الإیراني تغييراً جذریاً، وحلّت محلّها معادلات جديدة.

منذ ذلك الحین والنظام لم يعد هو النظام السابق، کما أن الشعب لم یعد علی ما کان علیه! لقد حقّق الشعب الإيراني ومقاومته قفزة نوعیة عظیمة لا رجعة فيها مقابل الثمن الباهظ الذي قدّماه خلال الانتفاضة، ولن یعود أي شيء إلی سابق عهده بعد 16 نوفمبر.

ازدهار سوق التحلیلات والتحذیرات

في الآونة الأخيرة، أصبح سوق التحليلات والبحث عن "حلول علمیة" کما تُسمی ساخناً للغایة في الداخل الإیراني.

في هذا الصدد، کتبت صحیفة "إیران" (19 دیسمبر) المحسوبة علی حکومة روحاني:

«في الاجتماعات الکثیرة التي تقام في هذه الأیام، یحاول علماء الاجتماع والباحثون، تقدیم صورة عن حالة المجتمع، ونظرة عامة على احتجاجات نوفمبر، ورؤية لمستقبل البلاد».

في هذا الشأن، عدد من الخبراء الحكوميين الذين أطلقوا على أنفسهم تسمیة علماء الاجتماع، ناقشوا موضوع الانتفاضة وأسبابها وخلفياتها في اجتماع بعنوان «منطق احتجاجات نوفمبر 2019 الاجتماعیة»، وقدمّوا بعض الإرشادات للنظام.

في هذا الاجتماع الذي انعكس صداه علی وسائل الإعلام الحكومية (19 ديسمبر)، قام خبير یُدعى "محبیان" بقرع ناقوس الخطر علی حد تعبیره وحذّر المسؤولین قائلاً:

 «مجتمعنا في الوقت الراهن جاثم علی «قنبلة اجتماعية» و من المحتمل أن تنفجر في أي لحظة. لا ينبغي أن نكون سعداء بالسیطرة علی هذه الظاهرة. لكن علينا أن نتوقّع الوضع الأسوء.

هناك تقارب في الفواصل الزمنية  لحدوث هذه الاحتجاجات، وعلی السلطات العمل بحذر شديد في هذا الصدد».

کما حذّر من أنه في انتفاضة نوفمبر قد نزل جيل إلی الشارع «يشعر أنّ ليس لديه ما يخسروه ويلجأ إلى العنف والاشتباکات. العنف قد يزداد في الاحتجاجات المستقبلية التي نأمل ألا تحدث وأن يتم تلافيها  مسبقاً».

التحذیر من أنّ الموجة القادمة من الإنتفاضات ستکون أکثر ضراوة وعمقاً، هو عامل مشترك لكل  هذه التصریحات والتحذیرات.

لقد تجاوزت هذه التحذيرات الخبراء ووصلت إلى مجلس شوری النظام؛ في جلسات المجلس الأخيرة شهدنا تزاید التحذيرات بإطراد، خاصة بعد أن وقف الشعب علی أبعاد قتل المتظاهرین المرعبة. الأمر الذي أثار غضب خامنئي وأتباعه.

علی سبیل المثال المعمّم "جعفر منتظري" المدعي العام للنظام الإیراني الذي تکرّر ظهوره في الآونة الأخیرة محذّراً الشباب المنتفضین تارةً و قوات النظام المذعورة تارة أخرى، قال:

«ذلك الذي يذکر العدید من المطالب الغریبة من منصة البرلمان أو في الفضاء الإلكتروني أو في الصحافة هل کان سیتحدّث بهذا النحو إذا کان قد أصيب في هذه الأحداث؟ لماذا أنتم عدیمو المعرفة وغیر منصفین؟».

 

أساس کلام المدعي العام أنّ: «العدو قد حشد جمیع طاقاته لنیل أهدافه ولن یتخلّی عنها. منذ أربعین عاماً وهو لم یتخلّی عن أهدافه».

المحرّك الرئيسي للانتفاضة

كتب أحد خبراء علم الاجتماع رسالة إلى خامنئي نشرها بدایة على الإنترنت ثم بعد ذلك قام بنشرها علی وسائل الإعلام الحكومية، حاول فیها توعية خامنئي بالوضع الثوري الحالي في المجتمع.

في مستهلّ رسالته وجّه کلامه إلی خامنئي بشکل غیر مباشر وکتب:

«محمد رضا بهلوي، الذي عقد ثماني جلسات مع إحسان نراقي في الأشهر الثمانیة الأخیرة التي سبقت سقوط النظام الملكي، قد سأله في بدایة الجلسة الأولى: من أين تأتي هذه الاضطرابات المتزایدة ومن يقف وراءها؟ أجاب نراقي على الفور وخلافاً لتوقعاته: أنتم یا صاحب الجلالة!».

بغض النظر عن صحة أو عدم وجود هذه القصة التي نقلها "إحسان نراقي" نفسه، أراد ذلك الخبير عبر الرسالة أن یفهم خامنئي بأنّ محرّك الانتفاضة في المقام الأول هو نفسه، ومطالب الشعب الرافض لاستبداد نظام ولایة الفقیه.

وأنّ الحشود العظیمة من الفقراء والعاطلین عن العمل الذین نزلوا إلی الشارع مردّدین شعار «الموت لخامنئي والموت لولایة الفقیه»، لن یقتنعوا ولن یرضوا إلّا بسقوط نظام الولي الفقیه کما حصل في فبرایر 1979 عندما أطاح الثوار بنظام الشاه.

هذا ما أكّده زعيم المقاومة في رسالته رقم 17 (25 نوفمبر 2019) رداً على التصریحات الساذجة والإدعاءات الفارغة لقادة قوات الحرس التابعة لخامنئي الذين تشدّقوا بقمع الانتفاضة في غضون 48 ساعة، وقال:

«لا يمكن قمع الانتفاضة المطالبة بإسقاط النظام وإحقاق سیادة الشعب الإیراني. یجب أن نقول لخلیفة الرجعیة وقوات حرسه إنّ الوقت قد حان لمضاعفة ونشر معاقل وأحياء ومدن الانتفاضة لا قمعها! قد تمَّ إدراج بند  الإطاحة بنظام ولایة الفقیه وأتباعه على رأس  جدول  الأعمال».

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة