الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةمقالاتإيران، القصة تعيد نفسها أم ماذا؟ 3-3

إيران، القصة تعيد نفسها أم ماذا؟ 3-3

0Shares

بقلم:نزار جاف

  

خلال حديث لزعيم المقاومة الايرانية، السيد مسعود رجوي، الأعضاء المقاومة الايرانية وهم يخوضون صراعهم غير المتکافئ مع نظام يقوم بتوظيف الدين ويعتبر کل من يواجهه محاربا ضد الله، الى الآية الکريمة"إن مع العسر يسرا"، لافتا أنظارهم الى إن الله سبحانه وتعالى لم يقل"إن بعد العسر يسرا"، بل قال جلجلاله"إن مع العسر يسرا"، وهو مايعني أن مراحل وأوقات الشدة والعسر ليست بالضرورة أن تکون کلها کذلك، بل ترافقها موجات وأوقات من اليسر. بهکذا خطاب فکري مفعم بالامل والتفاٶل ومستمد من القرآن الکريم نفسه. کان السيد رجوي يخاطب أعضاء منظمة مجاهدي خلق ومن خلالهم الشعب الايراني ويسلح أرواحهم ومعنوياتهم بأقوى وأمضى وأهم سلاح في الوجود وهو الامل والتفاٶل، فالانسان إذا مافقد هذا السلاح فإنه يعتبر في حکم المنهار والمستسلم وهذا ماقد إنتبه إليه السيد رجوي وأکد عليه، ولذلك فإن أعضاء المنظمة کانوا يناضلون في أکثر الفترات والمراحل"عسرا"و"شدة"بروح ومعنوية مشبعة بالامل والتفاٶل، فعندما کانوا يواجهون الاعدام في زنزاناتهم في صيف عام 1988، أو يواجهون مجزرة 8 أبريل/نيسان2011 ومجزرة الاول من سبتمبر/أيلول2013، على يد القوات العراقية المهاجمة عليهم بأوامر من طهران، وفل کل هذه الحالات کانوا عزلا، فإن معنوياتهم کانت عالية جدا وهذا کان سر إستمرار وبقاء المنظمة رغم کل الذي جرى ويجري لها.

 

طوال قرابة 40 عاما، لم يکن هناك عام أو مرحلة لم يتم خلالها حدوث مواجهة أو أمور تتعلق بالصراع بين النظام والمنظمة، والذي کان يلفت النظر أکثر إنه کلما کان تقع حادثة أو أمر ما کانالمسٶولون الايرانيون يلقون بالمسٶولية على عاتق المنظمة ويعتبرونها مسٶولة عن کل مايجري ضدهم، بل وإنهم کانوا من العجالة من أمرهم حتى إنهم کانوا يسارعون الى إتهام المنظمة من دون أن يتيقنوا من الامر کما جرى في 20 يونيو/حزيران1994، حيث تبين فيما بعد إن حادثة التفجير کانت من تدبير جهاز المخابرات الايرانية نفسه!

 

إستمرار السلطات الايرانية في توجيه أصابع الاتهام لمنظمةمجاهدي خلق دائما، کان يدل على حقيقة واحدة وهي إن المنظمة کانت تمثل الهاجس الوحيد لها وإنها الخطر الاکبر الذي يحدق بها، ولم يحدث أن إتهمت السلطات الايرانية أي طرف في المعارضة الايرانية أو إهتمت بها بتلك الصورة وبذلك القدر الذي جرى ويجري مع المنظمة، بل وإن الحجم والدور والتأثير غير العادي للمنظمة على طهران، دفعها لإجراء إتصالات في أعلى المستويات من أجل تحجيم دورها، بل وإن الموضوع وصل الى حد طرح قضية المنظمة في لقاءات دولية للنظام الايراني.

 

في نيسان عام 2003، قام وفد فرنسي رفيع المستوى برئاسة دو فيلبان رئيس الوزراء بزيارة إيران وعقدت إتفاقيات إقتصادية ضخمة حصلت فرنسا بموجبها اسبقية المزايدة حول حقل بارس الغاز الجنوبي في الخليج امام الشركات البريطانية المنافسة،ولکن أزاءها طلب الجانب الايراني من فرنسا مهاجمة مقر المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، وقد تم فعلا في 17 يونيو/حزيران2003، مهاجمة المقر، والملفت للنظر هنا، إن الصحفي والکاتب الفرنسي" جان كلود موريس"، الذي کان في وقته رئيس تحرير اسبوعية  جورنال دو ديمانج الفرنسية وكان ضمن الصحفيين المرافقين للوفد الفرنسي وبقى في قاعة الاجتماع المغلق سهوا – عندما طلبوا من الصحفيين مغادرة قاعة الاجتماع وخرجوا جميع الصحفيين والسيد جان كلود موريس خرج معهم لكن اثناء الخروج نسى الة التصوير له في مقعده وعاد ليأخذها وعندما هم بمغادرة القاعة وجد بان الابواب اصبحت مسدودةواضطر البقاء في القاعة واستقر خلف الوفد الفرنسي وكان شاهد عيان على كل ما جرى في تلك القاعة وقد أصدر کتابا تحت عنوان"إذا کررت سأکذب"، وفيها روى کل شئ.

 

کما إن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية محمد جواد ظريف لفرنسا أواسط العام الماضي، وطلب من الجانب الفرنسي تشديد الخناق على المنظمة ومنعها من القيام بالاحتفال السنوي وکذلك الاتصال الذي أجراه روحاني مع ماکرون طالبا منه الحيلولة دون عقد التجمع السنوي العام، وکل هذا يدل فعلا على إن المنظمة تشکل تهديدا إستثنائيا للنظام، ولم يشکل هکذا تهديد أي من الاطراف السياسية الايرانية المعارضة الاخرى، بل وإن المثيرللسخرية، إن هناك أطرافا ترفع أصواتها عاليا في دفاع غير مباشر عن النظام کلما ضيقوا عليه الخناق، ولعل التصريحات التي أدلى بها رضا بهلوي، أبن الشاه الراحل مٶخرا نموذج على ذلك، عندما إنتقد کل الاجراءات المتخذة ضد النظام وکذلك حذر من مهاجمته معللا ذلك بأنه يخدم النظام ويقويه أکثر، ولکن لايمکن التعجب من هذا الموقف طالما إن اللوبي الذي يعمل لصالح النظام يقوم بتسويق رضا بهلوي کمعارضة رئيسية، في وقت يعلم بأنه لايعني ولايساوي شيئا في داخل إيران، فالشعب الذي تخلص من نظام والده الملکي، يواجه الان نظام رجال الدين الذين طالما کانوا  في خطهم العام حلفاء لنظام الشاه. وأكثر من ذلك إنه يبحث أو يطمح بالتحالف من مجموعات من قوات الحرس للعمل ضد النظام!!

 

الحقيقة التي لاغبار عليها والتي لابد من ذکرها هنا، هو إن الشعب الايراني الذي ذاق الامرين من نظام الشاه کما شرحنا ذلك في القسم الاول من هذا المقال وطفح الکيل به حتى ثار عليه، فإنه إذ يواجه النظام الديني المتشدد ويسعى للإطاحة به، فهوە لايتمنى ولايريد أبدا عودة النظام الملکي مجددا، أي لايقوم بتکرار الخطأ التأريخي بإعادة التاج مکان العمامة، فکلاهما قد ثبت ليس عدم جدواهما بل وحتى عدائهما الکامل للشعب، ولاريب من إن موقف المنظمة الرافض أساسا لتبديل التاج بالعمامة والذي کان السبب في الصراع المستمر مع هذا النظام منذ 4 عقود، فإنه ومن المٶکد تماما بأنها سترفض رفضا قاطعا العودة الى الخلف وإعادة السئ مکان الاسوأ فتلك الحلقة المفرغة قد إنتهى أمرها وصارت مرفوضة کليا، وهذا الحقيقة الهامة هي في حد ذاتها رسالة هامة جدا لأولئك الذين ينخدعون باللعبة المفضوحة للإيحاء بأن أيتام العهد المباد في إيران هم بمثابة البديل للديکتاتورية الدينية التي خلفتهم، فذلك هو من سابع المستحيلات بل إنه وکما يقول المثل المعروف"عشم أبليس في الجنة"!

 

ويمكننا أن نستخلص من كل ما قدمنا خلال هذه الاقسام الثلاث من هذه المقالة بأن مستقبل إيران بعد ديكتاتورين إحدهما «عصري» والآخر «كهنوتي» لا يمكن أن يقبل الشعب الإيراني بأقل من نظام جمهوري مبني على الديمقراطية والانتخابات الحرة وفصل الدين عن الدولة، وهذا ما تدعو إليه وتعمل من أجله المقاومة الإيرانية، وهذا ما تتضمنه أيضا البنود العشرة التي أعلنتها زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي لإيران المستقبل.

إيلاف

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة