الجمعة, مارس 29, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانإيران.. القصة تعيد نفسها أم ماذا؟ 2-3

إيران.. القصة تعيد نفسها أم ماذا؟ 2-3

0Shares

نشر موقع ايلاف الجزء الثاني لمقال إيران.. القصة تعيد نفسها أم ماذا؟ بقلم الأستاذ نزار جاف. وفيما يلي نص المقال:

 

ماهو السبب الاساسي وراء الخلاف الحاد والجذري بين منظمة مجاهدي خلق وبين الجمهورية الاسلامية الايرانية والذي جعل من المستحيل أي يکون هناك أي توافق بينهما؟ عندما تم رفض ترشيح السيد مسعود رجوي ، زعيم منظمة مجاهدي خلق لأول إنتخابات رئاسة الجمهورية في إيران حيث أيدته معظم الاحزاب المعارضةوجميع الأقليات العرقية والدينية. فقد کان السبب إنه يرفض دستور نظام ولاية الفقيه. إذ أن منظمة مجاهدي خلق کانت قد أعلنت رفضها لنظرية ولاية الفقيه التي بنيت على أساس منها جمهورية رجال الدين المتشددين في إيران، لأنها کانت ترى فيها إمتدادا للدديکاتورية الملکية ولکن في حلة دينية.

من المهم والمفيد جدا هنا لفت النظر الى أنه ومع رفض المنظمة لتلك النظرية فقد سعى التيار الديني ومختلف الطرق ولوسائل والاساليب کسب ودها وضمان جانبها حتى وصل الامر الى إستقبال الخميني لمسعود رجوي وقادة آخرين للمنظمة، ولکن ظلت الاخيرة على رأيها وموقفها ومن هنا کان أساس الخلاف بين الطرفين. وإن سعي التيار الديني المتشدد بزعامة الخمينيلکسب ود المنظمة، کان بسبب شعبيتها ويکفي أن نورد مثالين مهمين للتأکيد على ذلك؛ الاول عندما عقد مسعود رجوي، أول إجتماع له بعد إطلاق سراحه من السجن، في جامعة طهران حضره أکثر من 300 ألف والثاني ماکتبته صحيفة لوموند الفرنسية بتاريخ 29 آذار 1980في هذا المجال: "وحسب التوقعات المختلفة فإنه لولا رفض الإمام الخميني ترشيحه في يناير الماضي، لكان السيد رجوي قد حصل على ملايين الأصوات، فقد كان يحظى بتأييد الأقليات القومية والدينية، لأنه كان يدعم منحهم حقوقا متساوية وحكما ذاتيا"، حيث کان قد أعلن رجوي برنامج عمل مكون من 12 مادة حيث جاء في المادة الخامسة منها: "تحقيق حقوق الشعوب في جميع مناطق البلاد، من الغربوالشرق والشمال والجنوب". ولذلك فإن الاختلاف بين الجانبين عميق جدا خصوصا إذا ماتذکرنا الموقف البربري للجمهورية الاسلامية الايرانية من التطلعات الکردية والمجازر التي إرتکبتها في مدينة سنندج بشکل خاص وکانت المنظمة قد أدانتها وأعلنت تضامنها مع الکرد.

هذا التباين الحاد والذي أکد إستحالة أي نوع من التفاهم والتوافق بين الطرفين قد أدى الى المواجهة التي لم يکن من مناص منها، إذ أن الجمهورية الدينية کما کان يبدو وکما قد صار واضحا، کانت ترفض وجود أي طرف أو حزب أو جهة تخالفها الرأي، والانکى من ذلك إن جميع الاطراف والشخصيات والاحزاب التي أيدت الجمهورية الاسلامية سرعان ماإنقلبت الاخيرة عليها الواحدة تلو الاخرى وبدأت بتصفيتها أو إقصائها، وهو ماأکد صواب وجهة نظر المنظمة برفضها القاطع لنظرية ولاية الفقيه وتأکيدها من إنه لم يحدث أي تغيير سوى جعل العمامة مکان التاج!

هناك نقطتان مهمتان لابد من الانتباه إليهما وأخذهما بنظر الاعتبار بخصوص تلك الفترة الحساسة، النقطة الاولى، إن منظمة مجاهدي خلق ومن خلال نضالها وصراعها المستمر والفعال على مختلف الاصعدة کان لها أکبر دور في تهيأة الرأي العام والواقع الايراني للثورة والتغيير، ولم يکن هناك أي حزب أو تنظيم له دور وتحرك ومکانة مٶثرة کما کان الحال مع المنظمة وهذا الامر کان التيار الديني المتشدد يعرفه جيدا ويبذل کل مابوسعه لإيجاد صيغة واسلوب ما للتصدي له، أما النقطة الثانية فهي إن المنظمة ومع رفضها لنظرية ولاية الفقيه فإنها لم تباشر في عملية الصراع والمواجهة بل ظلت تسعى لبذل کافة المحاولات من أجل الخروج بحل يضمن عدم جر البلاد الى مواجهات داخلية، ولکن کان يبدو واضحا ومن خلال التصريحات والمواقف المتشددة من جانب الخميني وکذلك الاستعدادات والتحوطاتالامنية کلها قد مهدت لإندلاع الصراع والمواجهة، وبذلك فقد سقط الامر من يد المنظمة وکان عليها أن تواجه الامر الواقع ونظام الشاه المعمم.

بقدر ما کانت المواجهة مع نظام الشاه صعبة ومعقدة، فإنها کانت أصعب وأکثر حساسية مع النظام الديني الذي قام بإستغلال وتوظيف العامل من أجل القضاء على المنظمة، ولکن تبين واضحا بأن الاخيرة لم تکن کبقية الاطراف السياسية المعارضة الاخرى إذ إصطدمت بالجدار الصلب الذي سبق وأن أرهق سلفه نظامالشاه حتى أوصله الى مرحلة السقوط، ولاريب من إن المواجهة التي إستمرت طوال 4 عقود، قد سعت المنظمة خلالها لکشف وفضح الغطاء الديني المزيف للنظام ومن إنه لايهمه أي شئ بقدر مايهمه مصالحه الضيقة، وطوال تلك العقود والاعوام، کان هناك الکثير من الذين ليس ينتقدون وإنما حتى يسخرون من المنظمة لدخولها في هکذا مواجهة ساخرة"کما کانوا يصفون ذلك"، والذي لابد من ملاحظته جيدا، إنه وخلال هذا الصراع الضاري الدمويکان هناك قلة يستمعون لصوت المنظمة فيما کانت الاغلبية منخدعة ومتوهمة بطروحات ورٶى النظام.

تنفيذ أحکام الاعدام بثلاثين ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار المنظمة فيغضون أقل من 3 أشهر خلال صيف عام 1988، جسدت ذروة هذا الصراع والى أي مدى ومستوى يضمرالحکم الديني الکراهية ضد المنظمة ولاسيما وإن هذه الاعدامات التي إعتبرتها منظمة العفو الدولية جريمة ضد الانسانية، قد جاء في أعقاب عمليات"الضياء الساطع" حيث دخل جيش التحرير الوطني الايراني الذي کان جل أعضائه من منظمة مجاهدي خلق الى أعماق الاراضي الايرانية ووصل الى مشارف مدينة کرمنشاه حيث أعلن على أثرها الخميني النفير العام، ولم تتوقف المنظمة عن النضال والمواجهة وحتى بعد الاحتلال الامريکي للعراق فقد صار معسکر أشرف ومن بعده معسکر ليبرتي، هدفا لعدة هجمات ضارية وصلت الى حد إرتکاب مجازر دموية بحق أعضاء المنظمة المتواجدين هناك.

طوال العقود الاربعة المنصرمة کانت منظمة مجاهدي خلق لوحدها تشکل أکبر صداع لطهران ومع إنها خصصت أکبر قدر ممکنمن الجهد والمال للقضاء عليها أو تحديد وتحجيم دورها، ولکنها فشلت في تحقيق أهدافها وظلت المنظمة أکبر خصم لها وإن أي تحرك أو نشاط إحتجاجي ضد النظام کان يربط دائما بالمنظمة دون غيرها، ويکفي أن نشير بأن النظام قد إتهم المنظمة بأنها وراء إنتفاضة عام 2009 وإنها تقود إنتفاضة أواخر عام 2017، وطوال الفترة المحصورة من بداية تأسيس النظام الديني في إيران وحتى يومنا هذا لم يکن هناك من طرف سياسي يناضل على مستوى إيران کلها له دور ومکانة المنظمة، بل وإن النظام نفسه لم يکترث لأي طرف بقدر إهتمامه الاستثنائي بالمنظمةفماذا يعني ذلك؟ ألا يعني بأن المنظمة هي البديل الوحيد الجاهز من کل الجوانب کما سنوضح لاحقا وللموضوع صلة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة