الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةمقالاتإضفاء الشرعية على أزمة مقاطعة الانتخابات

إضفاء الشرعية على أزمة مقاطعة الانتخابات

0Shares

ليس من الصعب كثيرًا التكهن بالمقاطعة الشاملة للانتخابات المهندسة. حتى أنه تم التأكيد في استطلاعات الرأي الموجهة والمسيطَرة عليها بشدة من قبل هيئة الإذاعة والتلفزة التابعة للملالي وشبكات التواصل الاجتماعي المنتمية للسطة والحاكم؛ على أن أبناء الوطن مستاؤون من صناديق الاقتراع.

المضمون سياسي والتخريبي

إن غضب أبناء الوطن واستيائهم ليس مسألة شخصية ومزاجية أو ناجمة عن اللامبالاة بأوضاع البلاد، بل هو غضب مستعر وينطوي على مضمون سياسي وتخريبي.

واعترف محسن هاشمي، أحد المرشحين في الانتخابات الصورية بأن: "جزءًا كبيرًا من الرأي العام يعارض الانتخابات والمشاركة في هذه الدورة، وأن هذه المعارضة امتدت إلى عمق أسر العديد من أفراد المجتمع". (صحيفة "شرق"، 29 مايو 2021).

ويجب أن نلاحظ أن من تسبب في ظهور هذه الإشارات هم أشخاصٌ أصحاب مصالح شخصية من وراء التظاهر بأن الأوضاع طبيعية وأن كل شيء على ما يرام، وغضوا النظر عن الواقع مرارًا وتكرارًا عندما يتعلق الأمر بما يخدم مصالحهم ومصالح السلطة. ومع ذلك، لا يمكن التستر على أزمة مقاطعة الانتخابات، أو كما يسمونها "المشاركة المتدنية".

محاولة تبرير الأخطاء على طريقة المحتالين

ادعى عباسعلي كدخدائي، المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الرجعي خلال تصريحات مثيرة للسخرية مشيرًا إلى مقاطعة أبناء الوطن للانتخابات المزورة وَوصْفِها بالحتمية؛ بأن المشاركة المتدنية لا تشكك في شرعية الانتخابات (قل شرعية نظام الملالي).

إن هذه التصريحات الاحتيالية المضللة نابعة من حالة الشفقة والبؤس. وقبل أن نأتي بالبرهان في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن قادة ووكلاء السلطة قالوا مرارًا وتكرارًا إن المشاركة المتدنية تعرِّض أمن نظام الملالي للخطر ولا تقدم صورة جيدة للمجتمع الدولي. ونشير هنا إلى مثال من التاريخ الحديث.

"لقد قلنا جميعًا مرات عديدة إن مشاركة المواطنين بنسبة كبيرة تزيد من درجة أمن الجمهورية الإسلامية. وبالتالي، فإن تقليص المشاركة في هذا المجال ينطوي على نتيجة عكسية. ولا يمكننا أن نقول إن تصويت المواطنين يعتبر دليلًا على دعم أبناء الوطن للنظام، ثم نعمل في الوقت نفسه على التحرک نحو الحد الأدني من الانتخابات. إن هذا التناقض ومخالفة ما هو مقصود لأمرٌ واضح. وقد يبدو وكأن تيارًا ما سوف يتصدر المشهد بشعارات خاصة، بيد أن رسالته العامة هي أن شریحة أکثر محدودیة من المواطنين يؤمنون بهذا النهج الداخلي لنظام الملالي، ومن الواضح أن وجود مثل هذا الفكر ينطوي على تداعيات مدمرة جمَّة. والأجواء الآن مقلقة حقًا لدرجة أننا لا نعرف ما إذا كان بإمكاننا الوصول إلى مستوى المشاركة العادي من عدمه". (صحيفة "إيران"، 18 مايو 2021).

استفتاء "أصوت للإطاحة"

إن مقاطعة الانتخابات أو حتى المشاركة المتدنية ترسل رسالة صريحة إلى السلطة والمجتمع الدولي مفادها أن المواطنين لا يقبلون بالاستبداد الديني ويفكرون في اتجاهات أخرى خارج نظام الملالي لتغيير الوضع الراهن. ولا يمكن أن يكون هذا الاتجاه سوى الإصرار على الإطاحة.

ولن يتمكن خامنئي من اختيار رئيسي من صناديق الاقتراع اعتمادًا على تصويت عناصر نظام الملالي ومن يعيلهم فحسب وتستتب الأوضاع ويسود الهدوء. فمقاطعة الانتخابات تعتبر استفتاءً وطنيًا على خيار الإطاحة. وشعار هذا الاستفتاء هو"أصوِّت للإطاحة".

فرق كبير

يحاول عملاء نظام الملالي، ومن بينهم المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الرجعي تبرير أزمة مقاطعة الانتخابات على طريقة المحتالين ليستنتجوا منها شرعية نظام الملالي، فأحيانًا ما يكتبون بقياس باطل أن مستوى المشاركة في الدول الأوروبية منخفض أيضًا وأن هذا الأمر لا يدعو للتشكيك في شرعيتها.

وهذه مغالطة من جانب الملالي. فالهدف الذي يحددونه في الدول الأوروبية أو أمريكا ليس الديمقراطية أو الاستبداد. بل إن انتخابهم هو نوع من التصويت على برنامج الحكومات والأحزاب لإدارة البلاد. ولهذا السبب، قد يكون بعض الأشخاص غير متحمسين لهذا البرنامج أو قد لا يشعرون بالحاجة إلى المشاركة. والجدير بالذكر أن التصويت السلبي أو عدم المشاركة في الانتخابات في إيران ينطوي في عمقه على دلالة سياسية. أي ينطوي على التشكيك في السلطة ككل وهيكلها الاستبدادي، ألا وهو مبدأ ولاية الفقيه المناهض لكل ما هو إيراني.

ولن تتمكن السلطة من تحمل تداعيات ذلك، ولن يبق الوضع المتفجر في المجتمع والشعب الذي عبر مقاطعة الانتخابات المزورة في الإحداثيات السابقة؛ ولا القوات التخريبية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة