الثلاثاء, أبريل 23, 2024
الرئيسيةمقالاتحديث اليوم ألاعيب خامنئي الجديدة لمواصلة الاتفاق النووي مع أوروبا

ألاعيب خامنئي الجديدة لمواصلة الاتفاق النووي مع أوروبا

0Shares

يوم الأربعاء ، 23 مايو، أحضر خامنئي كبار المسؤولين والقادة  العسكريين في نظامه للحديث عن التطورات السياسية الأخيرة و استراتيجية أمريكا الجديدة تجاه إيران، الأمر الذي جعل النظام متخبطا بالكامل. جُل خطابه شمل إطلاق كلمات السب والعبارات السخيفة وشعارات جوفاء ومطنطنة، بدلاً من الإجابة السليمة والسياسية، ولا سيما بشأن مواصلة العمل مع أوروبا بشأن الاتفاق النووي. وباختصار، يمكن تصنيف كلماته إلى ثلاث موضوعات:

استعراضات مزيفة للقوة

أولا، إثارة الصخب والدجل من خلال استعراض مزيّف للقوة بهدف رفع معنويات قواته والإجابة للرئيس الأمريكي ووزير خارجيته، وجاء أكثرها تنفيسا عن عقد. لم تكن قوية بشكل معقول ولا ذات قيمة سياسية.

وفي هذا الصدد، اقتبس من كارتون توم وجيري الشهير، وقال: « حالهم حال القطّ الشهير في قصّة توم وجيري؛ وسوف يُمنون بالهزيمة في المستقبل. لا يراودنا أدنى شك في هزيمة الأعداء وإنّ كلّ مطّلع على المعارف الإسلامية يعلم هذا الأمر.».  لم يوضح خامنئي ما هي علاقة  «توم وجيري» بالمعارف الإسلامية؟ وبطبيعة الحال، فإن هذا التشبيه قد تم حذفه في المواقع المتعلقة بخامنئي، حين الاهتمام بكلمة خامنئي ربما لأن  خامنئي وضع نفسه بمثابة الفأرة في هذه القصة.

ومن أجل رفع معنويات قواته، ادّعى خامنئي، أن هذا النظام «سيجتاز هذه المرحلة بقوة وتدبير على غرار40 سنة مضت … ».. إن كلمة خامنئي هذه تعكس مآزقه أمام احتمالين مقبلين. في ثقافة النظام،  التدبير ليس له معنى سوى المرونة والتراجع والركوع، وغالبا ما تستخدم من قبل زمرة روحاني. من ناحية أخرى، فإن «القوة» هي ما تدعيه زمرة «الولي الفقيه» التي تقول إنه ينبغي أن نرد على أمريكا وانسحابها من الاتفاق النووي بقوة. الآن ، فإن استخدام خامنئي للكلمات الثنائية من «القوة والتدبير» يعكس مأزق الولي الفقيه بوضوح في الخيار بين الرضوخ لشروط أمريكا أو الوقوف بوجهها.

تقاسم الذنب بخصوص الاتفاق النووي مع روحاني
في خطابه ، حاول خامنئي إلقاء اللوم على روحاني بخصوص الاتفاق النووي وتبرئة نفسه الذي هو المسبب الرئيسي لهذا الفشل في النظام  في ذلك. وعلى سبيل المثال ، قال: «ربط قضايا البلاد بالاتفاق النووي والقضايا الخارجيّة خاصة القضايا الاقتصادية، هو خطأ كبير»..

تخبط الولي الفقيه في اختيار استمرار الاتفاق النووي أو الانسحاب منه أو الاتفاق النووي مع الاوروبيين

كانت القضية الأساسية التي كان يفترض أن يكون خطاب خامنئي حولها هي الاستمرار أو الخروج من الاتفاق النووي، وهو من خلال كلمات مزدوجة ومتناقضة لم يوضح ما الذي سيفعله.
وقال مثلاً «مقابل المبالغة في الطلب من قبل الطرف المقابل، يجب القيام بعمل جريء». وأضاف: « نحن لا نروم الصراع مع أوروبا بيد أن هذه الدول الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) أثبتت بأنها تساير أمريكا في أشد المسائل حساسية».

وتساءل خامنئي: ما هي الطريقة الصحيحة في مواجهة الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأمريكي؟ وأجاب نفسه: النقطة الأولى أنه يجب أن نرى القضايا بواقعية ودون تعليق الآمال على الاحتماالات، بل علينا أن نطرحها على الشعب بصراحة وواقعية… الاتفاق النووي مع الأوروبيين هو حل ولكن هناك أدلة كثيرة منها انصراف وشكوك الشركات الأوروبية الكبرى وكذلك تصريحات زعماء الدول الأوروبية الثلاث يدل على أننا لا نستطيع أن نحل قضية اقتصاد البلاد عن طريق الاتفاق النووي مع الأوروبيين».

ولم يوضح الولي الفقيه للنظام الكهنوتي، إذا كان واضحا بالنسبة إليه أن الاتفاق النووي مع الأوروبيين لا يعود بالفائدة له وهو محكوم عليه بالفشل مسبقا، فلماذا إذا يؤيد الاتفاق مع الأوروبيين ولماذا يعلن شروطا عليهم؟ ولماذا لا يعلن الانسحاب كما يصفه بـ «شجاعة» من الاتفاق النووي وبدء التخصيب؟ بل يقول «على الأوروبيين أن يقدموا مشروعا إلى مجلس الأمن ضد أمريكا ويحتجون على هذه الحركة الأمريكية». ويضيف بازدواجية: «إذا تباطأ الأوروبيون في التجاوب مع مطالباتنا، فَإن من حق إيران أن تحتفظ لنفسها بدء النشاطات النووية المتوقفة». ونعلم أن «الاحتفاظ بالحق» بلغة دبلوماسية يكتبونها «الاحتفاظ بالحق» ولكن يقرأونها «التراجع مع حفظ ماء الوجه والنسيان».

وخوفا من أن لا يلقى اللوم عليه بسبب هذه التصريحات بأنه قد خرق الاتفاق النووي، يكرّر خامنئي «لا نبدأ الآن تخصيب اليورانيوم 20 بالمائة».

ولكن عن القضية الرئيسية للنظام، أي الشروط الـ12 التي وضعتها الولايات المتحدة للنظام، كان من المتوقع أن يقول في النهاية ما الذي يريد أن يفعله تجاه ذلك، هل يقبل شروط الولايات المتحدة؟ هل يخرج أم لا يخرج؟ خامنئي لم يجب على هذه الأسئلة. لكن من ناحية، قال إن الجميع يعرف أن الجمهورية الإسلامية لا تترك مقومات قوتها، بما في ذلك الدفاع. ووجودنا في المنطقة ودعم الأمم للجمهورية الإسلامية هما عمقنا الاستراتيجي، ولا توجد دولة حكيمة تتجاهل هذه العناصر القوية.

وكانت تبدو من هذه التصريحات أنه يريد الوقوف. كما أنه لم يتحدث صراحة عن الصواريخ الباليستية، وفي جملة أخرى استخدمت كلمة الصواريخ، يجب أن تتعهّد أوروبا بأن لا تطرح مسألة الصواريخ وحضور الجمهورية الإسلامية في المنطقة.

لكن حديث خامنئي هو سلسلة من شتى التناقضات والكلام المزدوج. اذ إنه استخدم أي عبارة تفيد الصمود فجاء بعبارة أخرى تفيد التراجع. على سبيل المثال، إنه رفض الاتفاق النووي، ولكن في الوقت نفسه، قال إن الاتفاق النووي مع الأوربيين هو ضمن الحلول. وقال الاتفاق النووي مع الأوروبيين حل ولكنه أضاف أن «اقتصاد البلاد لا يمكن أن يتقدم من خلال الاتفاق النووي مع أوروبا».

خامنئي يضع شروطا مثيرة للسخرية لأوروبا 
في جزء آخر من كلماته، أراد خامنئي الاستعراض بوضع الشروط مقابل الشروط الأمريكية الـ 12 وأربعة شروط أوروبية. ومن الشروط التي وضعها للأوروبين:
– على الإطلاق عدم إثارة قضية الصواريخ والوجود الإيراني في المنطقة.
– الوقوف بوجه عقوبات أمريكية،
– شراء النفط بالمعدل المطلوب من قبل النظام (وليس أوروبا!)
– أن تضمن البنوك الأوروبية التجارة مع النظام بخصوص التعامل المالي.

وفي جانب آخر من كلمته، طلب خامنئي بشكل مضحك «على الأوروبيين أن يقدموا مشروعا إلى مجلس الأمن ضد أمريكا للاحتجاج على الحركة الأمريكية».

وحيال هذه الشروط المسرحية التي يعلم خامنئي قبل أي شخص آخر أنها غير عملية، لجأ إلى التهديدات الجوفاء والمزدوجة «إذا تباطأ الأوروبيون فان إيران تحتفظ بحقها لبدء النشاطات النووية المجمدة». والكل يعلم أن هذه التصريحات تأتي للاستهلاك الداخلي ولرفع معنويات قواته المنهارة.

خيارات محتملة أمام النظام لمواجهة هذه الأزمة

هناك ثلاثة احتمالات أمام النظام للخروج من هذه الأزمة وهي:

الوقوف وعدم التراجع

أن يتم التوصل مع الأوروبيين إلى توافق

أن يكون الاتفاق النووي مع الأوروبيين والتفاوض مع أوروبا يكون غطاء للتفاوض المباشر مع أمريكا

إن تصريحات خامنئي تنم عن أنه لم يحسم أمره بعد بخصوص هذه الاحتمالات، فعلى سبيل المثال:

لا تصرف آي حكومة عاقلة النظر عن مقومات القوة! هذه العبارة ليست ردا واضحا وجليا هل يريد الوقوف أم لا. أو:

إذا تباطأ الأوروبيون فان إيران تحتفظ بحقها لبدء النشاطات النووية المجمدة.

أو: يجب أن تكونوا على استعداد إذا لزم الأمر ورأينا أن الاتفاق النووي لا يعود بالفائدة فان النشاطات المجمدة بسبب الاتفاق النووي سوف يتم استئنافه.

هذه الاجابات، لا تحدد أي شيء. بل هي تلاعب بالألفاظ وليست إجابة صريحة. بينما يعرف الجميع الشروط الأوروبية المسبقة التي يتحدث عنها خامنئي، قبول الشروط الأوروبية، يعني التخلي عن الصواريخ، والتدخل الإقليمي، وإغلاق وقف أنشطة الصواريخ المشبوهة، واحترام حقوق الإنسان.

وعلى هذا السياق، لم يقدّم حلاً للأزمة الاقتصادية للنظام، ومع الاعتراف بالأزمة الاقتصادية الحادة، لم يعرض أي شيء، وقال: «يجب أن نؤمن بشدة أن المشاكل الاقتصادية يمكن حلها بالاعتماد على القدرات الوفيرة للبلاد» وتحدث عن الاقتصاد المقاوم، الذي يعلم النظام نفسه أنه ليس إلا كلاماً خاوياً لا معنى له.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة