الثلاثاء, مارس 19, 2024
الرئيسيةمقالاتأرنب ضد أرنب

أرنب ضد أرنب

0Shares

نزار جاف

نشرت جريدة ايلاف مقالا من الاستاذ نزار جاف تناولت فيه  موضوع  الانتخابات في النظام الإيراني وفيما يلي نص المقال:

 

قطعا إن الامثال والحکم لم تطلق هباءا، فهي وليدة تجارب إنسانية متکررة، ولذلك فإنها تکون معبرة أيما تعبير عن مختلف الاوضاع والحالات السياسية والفکرية والاجتماعية ولاقتصادية.

ولعل المثل العراقي الدارج(تريد أرنب أخذ أرنب تريد غزال أخذ أرنب)، يمکن إستخدامه على أفضل مايکون کمدخل للحديث عن الانتخابات التشريعية التي ستجري في إيران في 21 من الشهر الجاري، ذلك إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وبحکم إستناده على نظرية ولاية الفقيه، يجد نفسه مضطرا للتدخل في کل شاردة وواردة تحصڵ في إيران ليجعلها ليس متناسبة ومتناسقة بل وحتى خاضعة ومنقادة مع مايريده ويرتأيه.

ولئن کان نظام الملالي مليئا بالتناقضات والإشکاليات الملفتة لکنه وفي نفس الوقت حافل أيضا بالمفارقات ولعل أکبر مفارقة في ظل هذا النظام تتجلى في الانتخابات المختلفة التي تجري في ظله، ذلك إن نظرية ولاية الفقيه التي تعطي الولاية لرجل دين واحد أو عدة رجال دين وتعطيه أو تعطيهم الحق کي يصدروا الاحکام حتى لو تعارضت ليس مع القوانين والانظمة المرعية بل وحتى معمايريده الشعب الايراني نفسه!

في أعوام 2009، وأواخر 2017، وأواخر عام 2019 وبدايات عام 2020، إندلعت أربعة إنتفاضات ضد هذا النظام حيث تم فيها ترديد شعارات لم تکن تعلن رفضها للنظام ومطالبتها بسقوطه وإنما بالموت للولي الفقيه نفسه وإن شعار مثل"ياسيد علي أخجل أترك السلطة" أو ياسيد علي أخجل أترك البلد" موجهة له شخصيا وعلى وجه التحديد، الى جانب شعار"الموت لخامنئي" وحرق وتمزيق صوره.

هذه الانتفاضات، کانت في الحقيقة بمثابة تصويت حي ومعبر على نظام ولاية الفقيه بعد مرور أعوام طويلة عليه وکون الشعب قد صار على علم ودراية کاملة ووافية به.

ولکن وکما شاهدنا وشاهد العالم کيف تصرف هذا النظام وفق ماتميله عليه نظرية ولاية الفقيه الشمولية التي تحکم إيران، وبموجب ذلك، تم نعت الشعب بالعمالة والخيانة وجرت حملات إعتقالات تعسفية وتم تبرير موت أعداد من المعتقلين في السجون بأنهم قد إنتحروا.

في وقت تم تفنيد هذا الزعم من جانب أوساط من داخل النظام نفسه، کما جرى قتل 1500 من المنتفضين في إنتفاضة 15 نوفمبر2019، بحسب ماجاء في العديد من التقارير الخبرية.

ومن هنا، فإن صوت ورأي وإرادة الشعب الايراني ليس لها من قيمة أو إعتبار أمام نظرية ولاية الفقيه وشخص الولي الفقيه نفسه، فکيف يمکن إنتخاب فرد يفکر بطريقة واسلوب يختلف عن طريقة واسلوب نظام ولاية الفقيه؟! إنه السٶال الذي يکشف کذبة تجري في إيران منذ تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية المستند على نظرية ولاية الفقيه.

خلال العقد التاسع وعندما برز الرئيس الايراني الاسبق محمد خاتمي بمزاعم إصلاحية وجنوح نحو الاعتدال، عاد بنفسه وخلال العام الماضي ليقول بأن أي شئ لم يتحقق من الاصلاح والاعتدال المزعوم في إيران ولاية الفقيه!

لکن يجب أن نعلم بأنه وفي نفس الوقت کان العالم الغربي وأوساطا عربية معينة مأخوذة ومنبهرة بهذه المزاعم وحتى قد راهنت عليه بل وحتى إنها لم تلتفت الى خاتمي وهو يعترف بکذب وخواء مزاعم الاصلاح والاعتدال في نظام ولاية الفقيه.

والذي يدعو الى التهکم إن هٶلاء کانوا ينتظرون أن يجري تغييرا کبيرا في هذا النظام من خلال الانتخابات وکانوا ينتظرون ذلك بفارغ الصبر وهم کانوا يشبهون جحا الذي رکض خلف کذبة هو إختلقها بنفسه.

مع إن هذا الاحتمال على الرغم من إستحالته لأن جناح الاعتدال المزعوم أعلن مرارا وتکرارا إيمانه وإلتزامه بمبادئ وأسس نظام ولاية الفقيه.

غير إن مجلس صيانة الدستور(والمعروف بتبعيته وخضوعه لجناح خامنئي)، قد أعلن مٶخرا وعشية الاستعدادات الجارية للإنتخابات المرتقبة بإقصاء أكثر من 50٪ من المسجلين كمرشحين لـ 290 مقعدا لمجلس الشورى من الجناح سالف الذکربحجة عدم الولاء للولي الفقيه.

ولکن نسأل؛ هل حقا إن هٶلاء کانوا لايوالون علي خامنئي؟ قطعا کانوا ولايزالوا يوالونه، ولکن هذا النظام وبعد أن وجد إن العالم صاروا يرکضون خلف هذاالزعم المختلق أساسا من قبل النظام نفسه، فقد بادر النظام لتوجيه ضربة له، غير إنه هناك أيضا سبب أهم وبإعتقادنا هو الذي دفع بخامنئي ومجلس صيانة الدستور لهکذا إجراء ضد ذلك الجناح.

هذا السبب يتجلى في إن النظام الايراني وعندماإختلق لعبة الاعتدال والاصلاح فإن هدفه الاساسي کان أن يجمع المجاميع الرافضة من الشعب الايراني تحت عباءة خاتمي أو روحاني، لکن ليس لم يتم شيئا من ذلك بل وحصل العکس من ذلك تماما.

فالمجاميع الرافضة لنظام ولاية الفقيه قد تضاعفت حتى وصل الحال الى إنتفاضة 15 نوفمبر2019، التي هزت النظام هزا، والذي صعق النظام وأصابه بالدوار إن مجاهدي خلق قد صارت طرفا أساسيا في الاحداث والتطورات الجارية في داخل إيران.

وإن النظام وبعد أن وجد إن التهديد قد أصبح جديا ووصل الى عقر داره فإنه صمم على توحيد صفوفه ضد التحديات والتهديدات المحدقة به.

ونعود الى بداية مقالنا والى الارنب والغزال، فإن مجلس صيانةالدستور قد أعلنها هذه المرة وبصراحة فجة بأنه ليس هناك من أي غزال، بل هناك أرنب ضد أرنب وعلى الشعب الايراني أن يختار هذا الارنب أو ذاك الارنب فکلها أرانب النظام!

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة