الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرالعالم العربيمحاولات إيران للتدخل في انتخابات العراق

محاولات إيران للتدخل في انتخابات العراق

0Shares

 

 


ستخوض 87 مکوناً سياسياً مختلفاً منافسات انتخابية في العراق يوم السبت 12 مايو في بلد يسعی من أجل اعتماد الديمقراطية. وهي الانتخابات البرلمانية الرابعة في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأول اختبار وطني بعد هزيمة داعش في ديسمبر 2017. وتقرّر الانتخابات 329 عضوا في مجلس النواب الذي سيقوم بدوره بانتخاب الرئيس العراقي ورئيس الوزراء.
القوائم الانتخابية تشمل الائتلافات الشيعية والسنية والکردية. رئيس الوزراء سيکون من  التحالفات الشيعية و يتم انتخاب المرشحين للعمل لمدة أربع سنوات.
رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، هو المتقدم حسب استطلاع للرأي بسبب ما في جعبته من ملف هزيمة داعش، رغم أن معظم الخبراء يعتقدون أنه سيجد صعوبة في تشکيل ائتلاف بعد الانتخابات. وفي وقت سابق من هذا العام، أثار العبادي مشاعر الغضب، عندما حاول إنشاء تحالف مع قوات الحشد الشعبي، التي تضم بعض المليشيات الطائفية المدعومة من إيران مثل عصائب أهل الحق، التي شنت حملة إبادة جماعية ضد سکان العراق السنة تحت ستار محاربة داعش.
حتی رجل الدين مقتدی الصدر انسحب من التحالف مع قائمة النصر احتجاجا علی ذلک. يسعی الصدر الآن إلی تبني برنامج أکثر اعتدالا لمکافحة الفساد، وهو ينأی بنفسه عن التدخل الإيراني المکثف في العراق، ويقيم تحالفا مع الحزب الشيوعي العراقي الذي يطلق عليه اسم “سائرون”.  هناک أيضا شائعات تشير إلی أن الصدر قد يشکل تحالفا مع قائمة العبادي بعد الانتخابات. في هذه الأثناء، أبدی العبادي معاداته لرئيس الوزراء الشيعي السابق نوري المالکي، دمية موالية لإيران حيث ألقي اللوم عليه بشکل کبير بسبب انهيار الجيش العراقي في عهده مقابل استيلاء داعش علی مساحات شاسعة من العراق. لقد أمضی المالکي الفاسد في منصبه في سلب الشعب العراقي لولايتين ونفذ تعليمات طهران لشن حرب علی المکون السني في العراق. وهو الآن يستخدم ثروته من الأموال المنهوبة لتمويل الميليشيات لتخويف أعدائه السياسيين. وينتمي کل من المالکي والعبادي إلی حزب الدعوة الشيعي، لکن هذه المرة أعلن المالکي عن ترشحه منفصلا ولم يقبل أن يؤيّد العبادي. وقال إن مؤيدي حزب الدعوة سيکونون أحراراً في الاختيار بين ائتلاف دولة القانون وائتلاف النصر للعبادي.

وأما المکون السني فهو غير موحد، وقدم عدة قوائم من بينها واحدة بقيادة اسامة النجيفي، أحد نواب الرئيس الثلاثة في العراق وآخر من التحالف الوطني بقيادة نائب رئيس الجمهورية أياد علاوي، وهو شيعي علماني، موجود في تحالف مع نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلک ورئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري.
بعد المحاولة الفاشلة لاستقلال اقليم کردستان من خلال استفتاء في سبتمبر 2017 ، أصبح الأکراد أکثر انقسامًا ومن غير المرجح أن يکون لهم تأثير علی تشکيل الحکومة الجديدة.
في أعقاب الغزو الأمريکي للعراق عام 2003 والإطاحة بصدام حسين، سنّ الحاکم الأمريکي غير المؤهل بشکل فاضح -بول بريمر -نظامًا يؤکد أن الأکراد يحصلون دائمًا علی منصب الرئيس، بينما يحصل الشيعة علی منصب رئيس الوزراء والسنة يتم منحه منصب رئيس البرلمان. وکان اعتقاد بريمر خطأ بأن هذا النظام سوف يمنع الاقتتال الطائفي. في الواقع، کان له الأثر العکسي تقريبا، حيث استغل الملالي الإيرانيون الاضطرابات السياسية المستمرة لفرض سيطرة خانقة علی العراق. إن اختيار الزعماء السياسيين علی أساس طائفتهم أو عرقهم بدلاً من أن يکون علی أساس أهليتهم، کان له عواقب وخيمة علی العراق، حيث جعل الفساد السياسي وعدم الکفاءة السياسية، الاقتصاد العراقي والبنية التحتية متهالکين.
يقول العبادي الآن إن بلاده تحتاج إلی أکثر من 100 مليار دولار لإعادة بناء المدن الرئيسية الرمادي والفلوجة والموصل، والتي دمرتها الحرب ضد داعش. وهو مدّ يده للتسول نحو المجتمع الدولي وقد حصل علی تعهدات کبيرة من المساعدات من الجميع تقريبا باستثناء جارته القريبة إيران، التي کانت ميليشياتها مسؤولة إلی حد کبير عن الکثير من الدمار العراقي.
وعد العبادي وغيره من المتنافسين الرئيسيين علی الانتخابات في 12 مايو بالقيام بإعادة بناء العراق. لکن الشعب العراقي سمع هذه التعهدات من قبل. لقد انتظروا عبثا لمدة 15 عاما لاستعادة خدمات الکهرباء والمياه والصرف الصحي الأساسية. فيما العراق يمتلک خامس أکبر احتياطي نفطي مؤکد في العالم وتغطی أرضه بمحيط شاسع من الغاز. وهو واحد من أکثر دول الشرق الأوسط خصوبة، ولديه الکثير من المياه، مع نهرين کبيرين في الشرق الأوسط، دجلة والفرات ، تتدفق مياههما عبر أراضيه.
لکن الفساد المستشري وسوء الحکم وضعف الأمن قد أدی إلی انهيار البنية التحتية للبلاد. المدن الکبری مثل بغداد غالباً ما يکون لديها أقل من ساعتين من الکهرباء يومياً. العراقيون غاضبون بسبب انقطاع التيار الکهربائي المستمر وشح المياه. إنهم  يشاهدون في فزع لأن نفس الوجوه القديمة تأخذ السلطة مراراً وتکراراً ولا تفعل شيئاً سوی ملء جيوبها الخاصة. إن 20٪ فقط من المرشحين المسجلين في الانتخابات العامة يوم السبت هم من القادمين الجدد، لذا لا يبدو الأمر کما لو أن بؤس العراق سينتهي في وقت قريب. حتی آية الله العظمی السيد السيستاني ندّد بالتجارب الانتخابية السابقة باعتبارها إخفاقات، ووجه انتقادات للذين تم انتخابهم أو تعيينهم في مناصب عليا في الحکومة، والذين، کما يقول، أساءوا استخدام سلطتهم وشارکوا في نشر الفساد وإهدار المال العام. إنه رفض تأييد أي مرشح.
لقد أصبح مفهوم الحرية للعراقيين العاديين نادرًا تمامًا مثل مفهوم السلام. لقد أضنی الفساد العراق في حال سيئة، ولن يکون أمامه سوی عصيان کبير ضد الطبقات السياسية الإجرامية لإعادة استقرار النظام.
کما کان للتدخل الأجنبي دور مدمر في البلاد. منذ عام 2003 ، استطاعت إيران أن تمارس نفوذاً مهماً في العراق وتقوم الآن بضخ الأموال في الانتخابات العراقية لمساعدة مرشحيها المفضلين مثل هادي العامري، زعيم منظمة بدر من قائمة فتح بالتحالف مع الحشد الشعبي، الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران ونوري المالکي.
إن قدرة إيران علی التأثير في نتائج الانتخابات العراقية کجزء من استراتيجيتها الأوسع لزعزعة استقرار الشرق الأوسط يجب أن تکون مصدر قلق بالغ للغرب. إن الهيمنة الإيرانية في سوريا ولبنان واليمن والعراق تشکل تهديداً ليس فقط للسلام في الشرق الأوسط، بل أيضاً للسلام العالمي. إن التدخل الإيراني، ولا سيما من قبل الحرس الثوري الإيراني الإرهابي، في کل جوانب الهياکل السياسية والاقتصادية والأمنية في العراق تقريباً، والتي ساعدتها وحرضتها سنوات من السياسات الأمريکية الخاطئة، سيجعل من المستحيل تقريباً إجراء انتخابات حرّة ونزيهة. السبيل الوحيد لضمان إجراء انتخابات عراقية حرّة ونزيهة وديمقراطية هو طرد الإيرانيين من العراق وإنهاء سيطرتهم القاتلة. إن اعتراف الإدارة الأمريکية الجديدة بإيران علی أنها الأب الروحي للإرهاب الدولي والراعية الرئيسية للنزاعات في الشرق الأوسط هو علی الأقل بداية واعدة.

 

إسترون إستيفنسون
رئيس الجمعية الأوروبية لحرية العراق


إسترون إستيفنسون  کان عضو البرلمان الأوروبي من 1999 حتی 2014 عن اسکوتلندا.  کما کان من عام 2009 حتی عام 2014 رئيس لجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي وکان رئيس المجموعة البرلمانية لأصدقاء إيران الحرة في البرلمان الأوروبي من 2004 إلی 2014. انه محاضر دولي في شؤون الشرق الأوسط وکذلک منسق الحملة للتغيير في إيران.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة