الجمعة, مارس 29, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانسجن «تليغرام» في إيران!

سجن «تليغرام» في إيران!

0Shares


بقلم:عبدالرحمن مهابادي

 
في يوم الإثنين، أمر القضاء الذي يخضع لسلطة الولي الفقيه الحاکم في إيران بحجب کامل للموقع الإلکتروني وتطبيق شبکة التواصل الاجتماعي لتليغرام، وأعلن أن جميع مستخدمي هذه الشبکة يجب أن يغلقوه بحيث لا يمکن الوصول إلی محتوی الشبکة بشکل کبير. هذا الجهاز الخاضع لسيطرة علي خامنئي هدد المخالفين بالعقوبة.
لا يخفي قضاء النظام حقيقة أن سبب إغلاق موقع تليغرام يعود إلی استخدام المنتفضين هذه الشبکة خلال الانتفاضة قبل خمسة أشهر. إن حجب هذا التطبيق، يظهر مخاوف النظام من احتدام الانتفاضة، فضلا عن أنه يکشف أيضاً عن خداع جناح روحاني المخادع. لأنه في إعلان السلطة القضائية للنظام يبدو واضحا أن الأجنحة المختلفة للنظام، بما في ذلک روحاني وشرکائه الذين کانوا يتشدقون في السابق علی أنهم مدافعون عن هذه الشبکة، کانوا مشارکين في اتخاذ القرار لحجب هذه الشبکة. ما يثير السخرية هو محاولات النظام لحجب مواقع التواصل الاجتماعي.
لقد أدرک جناحا النظام اللذان قررا حجب تليغرام أن انتفاضة الشعب الإيراني لا تريد التوقف، بل هي تمضي قدما في طور إثبات وتطبيق شعارات الانتفاضة، ولا سيما استهداف الجناحين المسميين الإصلاحية والأصولية. بالإضافة إلی ذلک ، فالشروط الدولية الآن في طور التواؤم مع انتفاضة الشعب. لقد أدرک الحکام أنه علی الرغم من الظروف الاقتصادية السيئة، التي جعلت حياة الناس اليومية مُرّة وصعبة، لکن المواطنين يشمئزون وقبل کل شيء، من النظام وعملاء النظام والخونة، وأينما يجدون الفرصة يظهرون ما يضمرونه في القلب.
المواطنون في مدن مختلفة من إيران، وفي مقدمتهم، المنتفضون يدخلون الآن إلی مدخل الخطوة الأخيرة من انتفاضتهم لتحرير وطنهم من براثن نظام ولاية الفقيه، ويبحثون الآن عن الأسلحة وفترات الجهاد ضد الحکام المستبدين ووضعوا الصمت والمساومة مع هذا النظام حدا أحمر لهم. انظروا إلی شعارات أبناء کازرون في محافظة فارس في احتجاجاتهم ضد الحکومة التي حدثت في الأيام الماضية حيث يظهر ذلک بشکل جيد: “ويل لکم حين نرفع السلاح” ، “إذا ارتکبت خيانة ، فإن کازرون ستصبح قيامة” ، “هيهات منا الذلة” کما رددوا شعارات ضد أزلام النظام الذين کانوا يهتفون دائما “الموت لأمريکا” هاتفين: “عدونا هنا – يکذبون أنه أمريکا”.
هذه هي علامات نهاية النظام الدکتاتوري الحاکم في إيران. في الأسابيع الأخيرة ، شهدت محافظات أخری في إيران احتجاجات لأسباب مختلفة. منذ الاحتجاجات العارمة في ديسمبر الماضي التي جرت، لأسباب سياسية، جرت احتجاجات في خوزستان بسبب التمييز العرقي ، وفي أصفهان ، بسبب أزمة المياه ، وفي کردستان، جرت احتجاجات واسعة النطاق بسبب إغلاق الحدود وقتل العتالين وتظاهرات المواطنين في شمالي الوطن لاستعادة رؤوس أموالهم المنهوبة في البنوک المفلسة. وأن التجاوب مع کل منها خارج قدرة وطبيعة هذا النظام.
بدأ النظام ومنذ مجيئه إلی السلطة في عام 1979 بسلب “الحرية” واستمر بابادة “الأحرار” ، وقد لجأ الآن إلی سجن “تليغرام” وکل ما يخدم الشعب. وفي الوقت الذي يعيش أکثر من 33 في المئة من سکان البلاد البالغ 85 مليون نسمة تحت خط الفقر، وأرقام العاطلين عن العمل، والمدمنين والمرضی کل واحد منها تتجاوز عدة ملايين ، فان مسؤولي النظام کل منهم أصبحوا مليارديرات بنهب ممتلکات الناس. فهم يرفضون حل مشاکل الشعب ، بل زادوا من موجة القمع والسجن والتعذيب والإعدام.
قال العميد کمال هادي فر رئيس شرطة الانترنت التابعة للنظام الإيراني إنه في عام 1396 الإيراني الفائت تم اعتقال أکثر من 70000 مستخدم للإنترنت،.. کما تم اکتشاف أکثر من 39،000 حالة من الجرائم الإلکترونية، وساورنا القلق حول تزايد حالات الجرائم بما يقرب من 10 أضعاف،…» (وکالة أنباء ايلنا الحکومية 29 ابريل/ نيسان 2018). وقبله قال الملا أحمد جنتي، رئيس مجلس خبراء النظام: « هذا الفضاء الافتراضي هي البلية والمشکلة التي حلت بنا». رئيس السلطة القضائية للنظام الإيراني قال في وقت سابق : «لقد أصبحت الشبکات الاجتماعية في خدمة نظام السلطة ومجاهدي خلق لتدمير أرکان النظام».
إن حقيقة المواقف الهستيرية للملالي الذين يحکمون إيران وجهودهم لحرمان الناس من الشبکات الاجتماعية هي أنهم لا يريدون أن يتبادل الناس المعلومات ويعرفوا حقائق الواقع في المجتمع الإيراني. إنهم يريدون من الشعب الإيراني أن يسمع ويؤمن بما تقوله وسائل الإعلام. لأن هذه الوسائط تکذب تمامًا. إن اطلاق الاکاذيب من قبل الإعلام وسلطات هذا النظام أصبحت تتداول علی ألسن العديد من المسؤولين في النظام الإيراني بقضهم وقضيضهم.
إن حقيقة لجوء الناس إلی مصادر ووسائط غير حکومية ، أو بعبارة أخری ، تحوّل الناس إلی وسائل الإعلام والشبکات الاجتماعية للمقاومة الإيرانية، هي علامة أخری لتطور انتفاضة وخوف النظام. لذلک ، في إيران الحالية، يتم تحويل أي مطلب مهني أو اقتصادي علی الفور إلی مطلب سياسي ضد النظام. لأن الناس أدرکوا أن النظام هو أصل کل مشاکل المجتمع الإيراني. هذا النظام ليس من أجل الشعب وللشعب، ويجب الإطاحة به .
علی الرغم من أن حجب الشبکات الاجتماعية وحرمان الناس من التکنولوجيا وإمکانية الاتصال والمعلومات جزء من انتهاکات حقوق الإنسان والجرائم الموجودة في السجل الأسود لهذا النظام، إلا أنه بالتأکيد الانتفاضة من أجل الحرية تمضي قدما وبوتيرة أسرع من أجل الاطاحة بدکتاتورية الملالي.. وفي هذا المسار، علی المجتمع الدولي، بالإضافة إلی إدانة انتهاکات حقوق الإنسان والاعتقالات وحجب تليغرام، يتخذ خطوات لمواجهة هذا التجاوز علی القانون الدولي، فضلاً عن المطالبة بحرية وصول الشعب الإيراني إلی الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والاتصالات الآمنة.


*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.


مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة