الجمعة, أبريل 19, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرتقاريرجمع السيولة من قبل الحکومة علی حساب الانکماش، رواية لسلب المودعين حتی...

جمع السيولة من قبل الحکومة علی حساب الانکماش، رواية لسلب المودعين حتی «سعر الدولار»

0Shares


جمع السيولة الموجودة في المجتمع من قبل النظام يتم تارة من قبل المؤسسات المالية والائتمانية وتارة أخری من خلال ارتفاع سعر الدولار. وهو ما يملئ جيوب الحکومة مؤقتا ولکنه في الوقت نفسه يعمّق ويديم الانکماش الطاغي علی اقتصاد البلاد، مما يمهّد الطريق للاحتجاجات والانتفاضات ضد النظام. وکيف يمکن إيضاح هذه المفارقة؟
في صيف عام 2017 وتزامنا مع استمرار وارتفاع نبرة الاحتجاجات من قبل المواطنين المنهوبة أموالهم من قبل المؤسسات المالية والائتمانية لاستعادة إيداعاتهم المسلوبة، نظمت الحکومة أيضا حملة واسعة لتقديم المودعين في هذه المؤسسات کأشخاص متربّحين ومنتفعين.
وکان الأرقام المسروقة والجماهير التي تورطت في هذه القضية کبيرة وواسعة، والأمر وصل إلی حد أکد فيه وزير الطرق وبناء المدن وعضو مجلس المال والائتمان عباس آخوندي نهاية ذلک العام علی أن عدد المواطنين المنهوبة أموالهم يبلغ 3،4مليون شخص وتبلغ نسبة الأموال المسروقة 26ألف مليار تومان.


مراباة المودعين!
من أجل احتواء الاحتجاجات الشعبية، استخدم النظام أداة يطرح بها تهمة المراباة والتربح ضد هؤلاء الـ 3،4مليون شخص. وکان الممثلون في هذه المسرحية المسؤولين الاقتصاديين بجانب المسؤولين السياسيين کما ظهر الملالي من الطراز الأول إلی الساحة ليسلبوا المواطنين المنهوبة أموالهم تحت يافطة الدين والمذهب.
وفي 14تموز/ يوليو 2017 أعلن موحدي کرماني في صلاة الجمعة: «حذار أن يتورط النظام في التربح وحذار أن تتورط البنوک في کسب الفائدة والربا وهذا ما حصل فعلا مع الأسف». «تعرفون أن الربا هي حرب ضد الله ورسوله، وعلی المواطنين أن يعرفوا الواجب والمصارف يجب أن تقوم بتوعية المواطنين وتعمل بموجب أحکام الشرع، والخطر عظيم جدا، عظيم جدا، عظيم جدا ويهدد النظام، واويلتاه‏!!! وهل تعرفون ماذا تعني الربا لدرهم واحد، والآن واويلتاه حيث يقول الشخص أودع المبلغ وهناک أرباح له ومن ثم أحصل علی الأرباح، وليس ذلک إلا ربا بحت، ربا محض».
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 ونهاية الاجتماع المشترک لرؤساء السلطات الثلاث، وجّه روحاني حيث کان يرافقه أشقاء لاريجاني أصابع الاتهام نحو مئات الآلاف من المواطنين المنهوبة أموالهم من قبل المؤسسات الائتمانية ملقيا اللوم عليهم لفقدان أموالهم. وخاطب روحاني هؤلاء المواطنين قائلا: «علی المواطنين التحفظ وأخذ جانب الحذر وإيداع أموالهم في المصارف والمؤسسات المعروفة والموثوقة وأن يشککوا في المؤسسات التي تعلن عن تقديم أرباح ضخمة».

 

جمع السيولة من خلال المؤسسات الائتمانية
دون أن تکون هناک حاجة إلی التحليل ينبغي عدم النيسان کلام سيد حسن حسيني شاهرودي «نائب في مجلس شوری النظام عن مدينتي شاهرود وميامي» في مقابلة أجريت معها حيث قال: «تأسست أکثر من ألف مؤسسة بعدما حصلت علی جوازات من مؤسسات النظام وبوعود قاضية بدفع فوائد أکثر من الفوائد التي کان المصرف المرکزي أعلن عنها، بدأت تجذب إيداعات المواطنين في أبعاد واسعة ومرت الحکومة علی هذه المؤسسات مرور الکرام لأنها کانت تهدف إلی جمع السيولة في المجتمع والتغلب علی التضخم من خلالها. غير أنها أعلنت عن حظرها فيما بعد حيث کان عددها الاجمالي بواقع أکثر من ألف مؤسسة لکنها تقلص عددها عبر خطة التنظيم والإصلاح، إلی 8مؤسسات بجواز من المصرف المرکزي».
ألم تکن فلسفة وجود المؤسسات المالية والائتمانية جمع السيولة من المجتمع؟ وفي اقتصاد تهبط فيه قيمة الريال في کل لحظة وکل من يختزن العملة النقدية في حوزته يفقد قيمة ممتلکاته وأمواله شاء أم أبی، في مثل هذا الجو هل هناک ظرف أفضل من المؤسسات التي تعطي وعودا بفوائد أکثر من المصارف وبذلک تتمکن من جمع نسبة کبيرة من السيولة السائدة في البلاد؟
وتأييدا لهذه الحقيقة وکما صرح المسؤولون ووسائل الإعلام في الخلافة الإسلامية! تحظی أکثر من 5آلاف من المؤسسات الائتمانية التي سلبت أموال المواطنين بجواز ودعم من قبل المصرف المرکزي وتسيطر علی 10 إلی 25بالمائة من السيولة النقدية في البلاد.

 

نهاية مشروع المؤسسات الائتمانية وبدء مشروع العملة
وبعد سحب السيولة اللازمة وحينما لم يکن النظام قادرا علی مواصلة مشروع المؤسسات المالية والائتمانية ولم يکن الحفاظ علی تلک المؤسسات يجدي فائدة لا من الناحية الاقتصادية ولا من الناحية السياسية، اتفق رؤساء السلطات الثلات علی إنهاء المشروع وذلک بإيعاز من خامنئي.
وفي کانون الأول/ ديسمبر 2017 قال رئيس مجلس شوری النظام خلال مقابلة متلفزة أجريت معه إنهم من أجل التعامل مع قضية المؤسسات الائتمانية يتلقون إيعازا من خامنئي وهو يسمح لهم بذلک.
ولکن هذا الاجراء لم يف بحاجة  النظام إلی سحب السيولة الموجودة في المجتمع وينبغي العثور علی طرق جديدة يمکن من خلالها جمع السيولة.
وبحسب أمر صادر عن المصرف المرکزي، يجب علی المصارف والمؤسسات الائتمانية تخفيض نسبة الفوائد المقدمة لتبلغ 15بالمائة للحد الأقصی وسوف يدخل الأمر حيز التنفيذ من 2أيلول/ سبتمبر 2017 (إذاعة الغد ـ 2أيلول/ سبتمبر 2017). ويتکهن منذ ذلک الحين أن الإيداعات والإدخارات بالريال من قبل المواطنين سوف تتجه نحو سوق العملة والمسکوکات الذهبية بعد اصابتهم بخيبة الأمل والإحباط تجاه المصارف والمؤسسات المالية والائتمانية.
وإذا ما لا ننسی أن الموزع الوحيد أو الرئيسي علی الأقل للدولار داخل البلاد ليس طرفا إلا الحکومة، فهل کان تدفق رؤوس الأموال والثروات نحو سوق العملة يمکن أن يکون خطة مدبرة مسبقا أو کان الزاما فرضه انتهاء النهب العام من خلال المؤسسات المالية والائتمانية علی النظام؟

 

رؤوس الأموال والثروات في طريقها إلی سوق العملة
وتحققت التکهنات في أية حال من الأحوال واتجهت الإدخارات بالريال نحو سوق العملة. وحدث تغيير مسار رؤوس الأموال والثروات من الإيداع في المصارف والمؤسسات المالية والائتمانية نحو سوق العملة علی حيز من التطورات الدولية والمحلية ذات الدفع السريع. وعدم التزام النظام بالاتفاق النووي والذي أعلن عنه ترمب في الخريف حيث انتهی بالإعلان عن الموعد النهائي للخروج من الاتفاق النووي في الشتاء من جهة واندلاع الانتفاضة الإيرانية في کانون الثاني/ يناير من جهة أخری عرضا هشاشة المقولات الاقتصادية والسياسية في إيران أمام المرأی العام. کما تسبب الأمران کلاهما في التوجه  المتسرع لتحويل الريال إلی الدولار مما أدی إلی هبوط قيمة الريال.
وفي هذا المجال بلغت نسبة الدولار الذي کان يباع 4آلاف و183تومانا شتاء 2017، 6آلاف و97تومانا في 9نيسان/ إبريل 2018. وبعبارة أخری هبطت قيمة الريال أمام الدولار 70بالمائة. کما يمکن أن يکون تعبير آخر لهذه القضية يقضي بأن صاحب الدولار أصبح أغنی من صاحب الريال بنسبة 70بالمائة! حيث يتم بيع الدولار الذي کان يباع بسعر أکثر انخفاضا، بأسعار أعلی، وبالنتيجة عرض الدولار للمجتمع يقدم ريالا أکثر للحکومة مما يمکن أن يؤدي إلی إفلاس الحکومة في حالة فقدان سيطرتها علی سوق العملة وإذا ما کان من المقرر أن تدفع مدفوعاتها داخل بالدولار بدلا من الريال کما عينت نسبة الدولار في ميزانية عام 2018. ولکن، إذا ما ظلت الحکومية مسيطرة علی سوق العملة وتفرض في مرحلة سعرها المطلوب علی السوق فقد تعني هذه العملية أن الحکومة ومن خلال جمع السيولة اللازمة من الحکومة أصبحت أغنی لفترة. وبما أنه ليس من المقرر أن تدفع الحکومة مدفوعاتها داخل البلد بالدولار إذا تصبح الحکومة أغنی بشکل مؤقت من خلال جعل المجتمع أکثر فقرا جراء ارتفاع نسبة الدولار.
وفي کانون الأول/ ديسمبر 2017 أعلن نوبخت رئيس منظمة التخطيط والميزانية عن نسبة العملة لميزانية العام المقبل بأنها تبلغ 3500تومان. وفي شباط/ فبراير 2018 قال محمد حسيني عضو لجنة التخطيط والميزانية: «بحسب ما تبنته لجنة الدمج النيابية ، حددنا سعر العملة بين 4آلاف و 4100تومان للعام القادم مما شکل أحد العوامل لارتفاع نسبة العملة في السوق الحالي» (وکالة أنباء تسنيم ـ 16شباط/ فبراير 2018).
وأعلن جهانغيري نائب روحاني في 9نيسان/ إبريل 2018 بعد تجاوز سعر الدولار 6آلاف تومان أن سعر الدولار سوف يکون 4200تومان من الآن فصاعدا وأية حالة للشراء والبيع سوی هذا السعر تعتبر تهريبا. کما أعلن في وقت لاحق أين أي شخص يمتلک أکثر من 10آلاف دولار ذلک يعني أنه قام بتهريب، حتی يرغم بهذه الحالة الأشخاص الذين بدلوا إيداعاتهم بالدولار علی إحالتها إلی الحکومة بسعر أقل من سعر الشراء أو إيداعها. وفي هذا الشأن أکد حسيني شاهرودي أمين لجنة الاقتصاد يقول: «يمکن للأشخاص أن يکون المبلغ البالغ حتی 10آلاف دولار في حوزتهم الشخصية ولکن أکثر من ذلک يعتبر تهريبا» (وکالة أنباء هيئة الإذاعة والتلفزيون ـ 17نيسان/ إبريل 2018).


مفارقة تحکم علی اقتصاد النظام الإقطاعي
وهنا يطرح سؤال في هذا المجال بشکل جاد: ألا يثير مثل هذه الإجراءات والأساليب من قبل النظام لکسب الدخل، الانکماش في اقتصاد البلاد برمته؟ وألا تلقي لعبة النظام مع قضية المصرف الذي يعتبر من أرکان الاقتصاد العالمي بظلالها في سمعة النظام الاقتصادي للبلد؟ والتلاعب بسعر العملة علی حساب جعل المواطنين أکثر فقرا، هل يفسح مجالا للقطاع الخاص في البلد ليبرز نفسه في المجال الاقتصادي؟ وفي مثل هذه الظروف هل يشهد القطاعان الإنتاجي والاصطناعي في البلد انتعاشا وهل يرد الرأسمال الخارجي إلی السوق الإيراني؟
ويبدو أن الإجابة علی جميع هذه الأسئلة سلبية، مما يعني السياسات الاقتصادية للنظام رغم أنها تملئ جيوب النظام بشکل مؤقت غير أنها تعمّق الانکماش في الاقتصاد. وليس استمرار الانکماش وتعميقه يلحقان أضرارا اقتصادية بالبلد ونظام ولاية الفقيه فحسب وإنما يمهدان الطريق للانتفاضات والاحتجاجات ضد الخلافة الإسلامية!
وإفلاس المصانع يؤدي إلی خروج العمال إلی الشوارع، وإفلاس المصارف ينتهي بخروج المودعين إلی الشوارع، وأزمة الماء تتسبب في خروج المزاعين إلی الشوارع، وأزمة البيئة تفضي إلی خروج جماهير المواطنين إلی الشوارع، وهبوط قيمة الريال وجعل عامة الناس أکثر فقرا يسفر عن خروج عامة المواطنين إلی الشوارع.
ورغم کل ذلک ليس من المنطقي أن ينتهج نظام ولاية الفقيه سياسات تمهد الطريق لوقوع الانتفاضة ضده. وبالمناسبة يعتبر هذا الأمر مفتاحا لفهم منطق يستند إلی اقتصاد قائم علی النظام الإقطاعي في عهد عولمة رأس المال، الاقتصاد الذي يستمر في حياته بالسلب والنهب بدلا من خلق القيمة والثمن وهکذا يحفر قبره بأيديه إذ لا مفر له.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة