الجمعة, مارس 29, 2024
الرئيسيةأخبار إيراننظرة عامة علی انتفاضة الشعب الإيراني ضد نظام ولاية الفقيه

نظرة عامة علی انتفاضة الشعب الإيراني ضد نظام ولاية الفقيه

0Shares

الکاتب : *سنا برق زاهدي

الانتفاضة بدأت من مدينة مشهد في 28 ديسمبر، وانتشرت في مختلف المدن الإيرانية بسرعة؛ حيث عمّت 142 مدينة، و31 محافظة إيرانية وفي جميع أنحاء إيران، وأثبتت أن أبناء الشعب الإيراني يرفضون نظام ولاية الفقيه بکامل أجنحته وتياراته. إذا شاهدتم خريطة إيران و142 مدينة التي کانت ساحة الانتفاضة فسنجد أن جميع المحافظات الإيرانية من شرق إيران إلی غربها ومن شمالها إلی جنوبها کان ساحة هذه الاحتجاجات.
وجميع أبناء الشعب الإيراني من جميع الطوائف والأعراق والأديان رفعوا شعاراً واحداً، وهو إسقاط نظام ولاية الفقيه والموت لخامنئي والموت للديکتاتور. ثلاثة أسباب للانتفاضة:
1- هذه الانتفاضة نابعة من سخط وغضب الشعب الإيراني ضد الکبت والقمع، ضد الظروف الاقتصادية المتأزمة، أي الفقر والجوع وانهيار الحالة الاقتصادية في المجتمع الإيراني. فکانت عصياناً ضد الأزمات الاقتصادية.
2- وکانت مؤشراً واضحاً لوجود حرکة منظّمة، أي المقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق،خاصة بعد نقلهم بشکل جماعي وبهيئة منظمة من العراق إلی خارج العراق، حيث استطاعوا بعد ذلک من ترکيز نشاطاتهم علی داخل إيران أکثر من السابق وعلی توسيع شبکة واسعة من معاقل النضال وتنظيمها ليتجاوبوا بذلک لمطالب شعبهم في هذه الظروف.
3- والعامل الثالث هو الظروف السياسية الدولية التي تغيّرت علی حساب نظام الملالي، أي فشل سياسة المهادنة التي استفاد منها نظام الملالي کثيرا حتی العام الماضي.
مغزی الانتفاضة:
هذه الانتفاضة تحمل شعاراً واضحاً وهو إسقاط الديکتاتورية الدينية وإسقاط نظام ولاية الفقيه. شعار الموت لخامنئي والموت لروحاني. هذه الشعارات کانت واضحة في جميع المدن بمختلف أرجاء إيران.
قمع الانتفاضة:
أکثر من ثمانية آلاف معتقل، عشرات الشهداء سقطوا أثناء الانتفاضة، أکثر من خمسين شخصا. أکثر من 12 من المعتقلين استشهدوا تحت التعذيب وحمله الاعتقالات مستمرة باستمرار الانتفاضة.
ما الذي تغير للإيرانيين بعد الانتفاضة ؟
أسفرت هذه الانتفاضة عن تغييرات هامّة، تمثل کلّ واحدة منها هزيمة کبری للنظام:
أوّلا، تصدع جدار الخوف، وانتقل الخوف من الشعب إلی النظام، فالآن الملالي هم الذين يخافون الآن. يجري عزم قوي علی مواصلة الانتفاضات في شرايين المجتمع الإيراني. وقد ثبت للشباب أنه من الممکن إقامة انتفاضة في ظل هذه الظروف.
ثانيا، لقد تحطّمت أسطورة قدرة نظام الملالي. فقد أنشأ النظام 31 تنظیماً لقوات الحرس فی کل محافظة إیرانیة، وکانت مهمّته تحديدا مواجهة الانتفاضات في کلّ من محافظات البلاد. ولکنّهم لم يستطيعوا منع تعبئة المحتجّين، ولم يتمکنوا من منع توسّع الإنتفاضة بشکل سريع إلی مدن أخری في إيران.
ثالثا، خلافًا لما يؤکّده الملالي ومؤيدي سياسة الإسترضاء إزاء هذا النظام في الغرب، أظهرت تعبئة بهذا الحجم أنّ هناک قوّة داخل المجتمع الإيراني قادرة علی تحريک مثل هذه الانتفاضة. وقد ثبتت صوابية استراتيجية إنشاء معاقل العصيان في جميع المدن الإيرانية التي کانت تسعی اليها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في إيران منذ مدة.
أقصد من ذلک وجود منظمّة مجاهدي خلق في قلب المعارضة الإيرانية. منظمة لديها خبرة 52 عامًا من النضال المستمر ضدّ ديکتاتوريي الشّاه والملالي والتي أهدت أکثر من 100 ألف شهيد من أجل الحرية والديمقراطية في إيران. منظمة تشکّل الأساس والعمود الفقری للبديل الشعبي الذي يجسّده المجلس الوطني للمقاومة الايرانية.
من ناحية أخری، احترقت ورقة الإصلاحيين المزعومين (بما في ذلک الرئيس الحالي للنظام وسلفه خاتمي وشرکاؤهم). لأنهم طالبوا بقمع المنتفضين. کما أن المنتفضين هتفوا في الشوارع أن لعبة الإصلاحيين والأصوليين انتهت.
ثلاث مفارقات أساسية بين انتفاضة 2009 والانتفاضة الحالية:
الأولی تشديد الاستياء الشعبي والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي کانت محرّکة الانتفاضة. غليان الاحتجاج والسخط الشعبي من الفقر والغلاء والقمع والتمييز و… في مختلف أنحاء البلاد، والتي ليس لدی النظام حلّ لها.
في العام 2009 کان المنتفضون من الطبقات المتوسطة، لکن هذه المرة معظمهم کانوا من المحرومين والشرائح ذوي الدخل المحدود.
بناءاً علی تصريحات مسؤولي وزارة الداخلية کان 90% من المعتقلين أقل من 25 عاماً. في العام 2009 کانت الانتفاضة في طهران ومدينتين أخريين لکن اليوم الانتفاضة عمّت 142 مدينة.
الثانية: قيادة انتفاضة عام 2009 کانت بيد قادة جناح داخل النظام. وحينما بلغت مطالب الشعب في الشوارع بضرورة إسقاط النظام برمته، اتجه قادة الانتفاضة نحو المساومة مع ولاية الفقيه وبالتالي لم تستطع الانتفاضة أن تستمر.لکن الانتفاضة هذه المرة کانت شعاراتها مرکزّة علی إسقاط النظام وشعارات الموت لخامنئي والموت لولاية الفقيه.
ولم يکن من المصادفة أن خامنئي وروحاني ومحمد خاتمي رئيس جمهورية النظام السابق، أي ممثلين عن جميع جنحة النظام، أعلنوا أن مجاهدي خلق يتولّون قيادة هذه الانتفاضة.
واعترف خامنئي الولي الفقيه للنظام بذلک في خطابه العام يوم 9 يناير. وقال: إن التحضيرات السابقة للمظاهرات والتنظيم کان من قبل مجاهدي خلق. کما أکدت قوات الحرس أن مجاهدي خلق کانت علی رأس ما سمّته «أعمال الشغب» في إيران. وکرّر روحاني هذا الکلام في اتصاله الهاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماکرون.
الانتفاضات ظهرت هذه المرة في شکل جديد: من جهة توسّعت في عموم مناطق إيران. من جهة أخری کان لمعاقل المقاومة ومراکز العصيان التابعة لمجاهدي خلق دور کبير فيها.
الفارق الثالث، هو الظروف الدولية المتغيرة. وعلی وجه الخصوص، توقف سياسة المهادنة للادارة الأمريکية. الجميع يتذکّر أنّ خلال انتفاضة عام 2009، وقفت إدارة اوباما إلی جانب النظام. الحکومات الغربية علی مدی العقود الماضية اتّخذت دائما موقفا مؤيدا للنظام وضدّ الشعب ومقاومته. فلقد أدرجت الولايات المتحدة منظمّة مجاهدي خلق في القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية لمدّة 15 عاماً (من عام 1997 إلی عام 2012).
إشارة إلی نماذج من المشاکل الاقتصادية الاجتماعية:
هذه المرة کانت بداية مواجهة بين الفقراء والطبقات المحرومة والمضطهدة في المجتمع والنظام القمعي المثير للحروب، وکانت ضد اللصوصیة ونهب ممتلکات الشعب.
يجبر الفقر الإيرانيين علی بيع أعضائهم. بيع الکلی، القرنية… الخ أمر شائع في حين أنّ العديد من الأمّهات أدّی بهنّ الحال إلی عرض أطفالهن و رضّعهن الذين يحملن في بطونهن للبيع. والعيش تحت خط الفقر، الذي يطال نصف السکان، فإن السلطات الحاکمة قدّمت «خط البقاء» أيضا لأولئک المُعرَّضين لخطر الوفاة بسبب الفقر والجوع.
يعيش ما يقارب من 20 مليون شخصا في ضواحي المدن ويفتقرون إلی الحد الأدنی من موارد العيش.
الانتفاضة مستمرة
الأزمات الأساسية التي أدت إلی الانتفاضة، لم تُحل وانما تزداد کل يوم. وطالما بقي نظام الملالي علی الحکم فإن الأزمات الاقتصادية والفساد الحکومي الواسع، والفقر والتضخم والبطالة المتزايدة والقمع والکبت المتعاظم وکثير من المشکلات الاجتماعية والسياسية لن تجد حلّاً بل تتفاقم.
من جهة أخری، استقصا‌ؤنا لما يجري هذه الأيام في مختلف المدن والمحافظات الإيرانية تشير إلی أن الشعب لم يهدأ والتحرک الشعبي مستمر بمختلف الأشکال. هذا الموضوع سنتناوله بالتفصيل في مقال آخر- بإذن الله.

 

*رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

 

نقلا عن صحيفة البلاد السعودية

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة