السبت, أبريل 20, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانمقال بقلم سيد احمد غزالي.. المشکلة الإيرانية: الحل في أيدي الشعب ومقاومته

مقال بقلم سيد احمد غزالي.. المشکلة الإيرانية: الحل في أيدي الشعب ومقاومته

0Shares

بقلم: *سيد أحمد غزالي رئيس وزراء الجزائر سابقًا ورئيس اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن سکّان «أشرف»


مضت عقود من الزمن وأنا أتابع القضية الإيرانية. نظام أجهز علی ثورة شعبية عارمة ذات مصداقية عالية تنظر إليها الشعوب العربية والإسلامية کنموذج للخلاص من الهيمنة الغربية.
سرعان ما تغيّر هذا الواقع بفعل نظام انحرف، سواء في تصرفاته حيال شعبه أو ممارساته حيال الجيران من العرب والمسلمين.
نحن في الجزائر تواصلنا في تعاملنا الإيجابي مع نظام ما بعد الشاه، ولم نتخذ موقفاً منحازاً.
لکننا بعد نحو عقد من الزمن، انکشفت أمامنا العديد من الحقائق المخفيّة، بالتزامن مع ما شهدته الجزائر وقتها علی أيدي الجماعات الإسلامية المتطرفة من عمليات إرهابية أودت بأرواح عشرات الآلاف من أبناء الوطن، کان من أغربها وأقساها التأکد بما لا يقبل الشک من وقوف نظام الملالي إلی جانب هذه الجماعات ودعمها سياسياً، ومالياً وعسکرياً. فکان التفرّد مرة أخری
عن باقي العرب والمسلمين باتخاذ قرار جذري وحاسم تمثّل وجوباً في قطع العلاقات معه في العام 1992.
وکان فهمنا عن «مجاهدين خلق» وعن المقاومة الإيرانية في تلک الأعوام مبنياً علی ما تلقّيناه من الآخرين، خصوصاً من الأميرکيين، بأنها جماعات مسلّحة وقريبة من الإرهاب. غير أنني وبعدما تعرّفت بهم عن قرب وجدت أن هذه المقاومة کانت هي الضحية الأولی للإرهاب، وبفعل سياسة الاسترضاء والمهادنة التي انتهجها الغرب والولايات المتحدة بشکل خاص تم وضعها في قوائم الإرهاب بمختلف الدول الغربية.
فبدأت معرکة جبارة، کانت في البداية من خلال المحامين ورجال القانون، ومن ثمّ جاءت إلی الشخصيات السياسية والبرلمانيين ونواب الکونغرس والمفکرين، حيث وصلت أعداد المؤيدين إلی الآلاف، من منتخبي الشعوب الغربية من 28 دولة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. کل هؤلاء وضعوا أنفسهم، وبمشارکة قوية وراء قضية عادلة، وهي قضية المقاومة الإيرانية وقضية الشعب الإيراني.
دعونا لا ننسی أن شطب منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية من قائمة المنظمات الإرهابية تطلّب قدراً هائلاً من العمل من قبل أعضاء المقاومة الإيرانية، ومن القانونيين الدوليين، حتی أصدرت المحاکم البريطانية والأوروبية والفرنسية والأميرکية قراراتها لصالح المقاومة.
کما أن الدفاع عن حقوق أعضاء المقاومة الذين کانوا في مخيمي أشرف وليبرتي بالعراق منذ عام 2003 وحتی 2016 أخذ حيزاً کبيراً من طاقات ونشاطات المقاومة ومؤيديهم في الغرب وفي مختلف دول العالم.
لکن کل هذه القيود انکسرت وتحرّرت طاقات أعضاء المقاومة ومؤيديهم في بلدان العالم، فتبيّن کل يوم أکثر أن الشعب الإيراني هو القادر عل أن يحرّر نفسه. وما حصل خلال الأسابيع الأخيرة داخل إيران، وبقيادة المقاومة، هو تجاوب الشعب الإيراني مع هذا المطلب العظيم.
وهنا نأتي إلی بيت القصيد في استراتيجية تحقيق السلام والحرية لشعوبنا. إن هذه الاستراتيجية ذات شقين متصلين بعضهما ببعض؛ أولهما أن النظام الحاکم في إيران مصدر عدم الاستقرار للبلدان الأخری، ويتغذ من زعزعة سا‌ئر البلدان، وبقاؤه مرهون بتقدم هذه السياسة، ويطمح إلی السيطرة علی جميع الدول العربية والإسلامية.
وأريد أن أضيف شهادة شخصية أن أقول: إن لدی الشاه أيضاً کانت هذه الرؤية. کنت حاضراً في قمة منظمة «أوبک» في الجزائر مارس (آذار) 1975، وفي معرض وصفه ما کان يفعله في بلده، أعلن الشاه أمام نظرائه بالقول: «الإنجازات التي ذکرتها تبشّر بإيران مستقبلية قادرة عل أن تصبح في عام 1980 البلد الرابع، وربما حتی ثالث أکبر قوة صناعية وعسکرية في العالم»! شرکاء إيران الغربيون يعرفون جيداً أن أول ما يطالب به الإيرانيون منذ عشرين عاماً، في مفاوضاتهم، هو فرض الضغوط علی هذه المقاومة. وقال علي خامنئي، عقب المظاهرات التي شارک فيها مئات الآلاف من الإيرانيين في 142 مدينة إيرانية، إن منظمة «مجاهدين خلق» تقف وراء کل شيء. أليس هذا اعترافاً بأن منظمة «مجاهدين خلق» ليست منظمة بعيدة عن الشعب الإيراني، بل العکس؟ إنها متجذرة في صميم القلوب منذ حکم الشاه وکانت أيضاً العامل الحاسم الذي أدی إلی سقوط الشاه.
ومنذ تأسيس الجمهورية الإسلامية، قامت بإعدام 120 ألفاً من أعضاء المعارضة الإيرانية ومؤيديها، وبسجن وتعذيب مئات الآلاف منهم. کما أن ثلاثين ألفاً منهم کانوا ضحية مجزرة عام 1988 بتنفيذ فتوی أصدرها الخميني. وخلال هذا العام ولأول مرة في تاريخها، تناولت الأمم المتحدة هذه المسألة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي من دون شک، وعن قريب، لمثول المسؤولين المعنيين أمام المحاکم الدولية.
نعم هناک حرکة تاريخية، ثابتة في مواقفها، ذات تجربة فريدة من نوعها في تقديم التضحيات والتغلّب علی مؤامرات النظام، ونهوضها من جديد داخل إيران وقيادة الانتفاضة.
هذه الحقائق تشير بصريح العبارة إلی أن هناک بديلاً، ولسنا في إيران أمام طريق مسدود. بالعکس إيران الآن مليئة بالأمل بعدما جاء الشعب الإيراني إلی الشارع بنمط متحضّر جداً، ورفض جميع سياسات النظام الداخلية منها والخارجية.
وأستخلص بالقول إن ما وقع ويقع في سوريا منذ عام 2011، الذي لم يتوقف، خصوصاً بالنظر إلی ما يحدث الآن في الغوطة الشرقية، لا يمکن إيجاد حلّ له عندما يکون الجيش الإيراني هناک، إلی جانب النظام السوري، لإبادة أي أثر للمقاومة من جانب القوات الوطنية السورية. لذلک، يجب أن نتحدث بلغة ثابتة، وندافع عما جاء في خطابات المقاومة الإيرانية، خصوصاً في خطابات مريم رجوي. وهي تقوم علی المباني التالية: لا يمکن أن يکون هناک سلام في العراق، ولا يمکن أن يکون هناک سلام في سوريا، ولا يمکن أن يکون هناک استقرار في الشرق الأوسط، ولا يمکن أن يکون هناک سلام في اليمن، ولا يمکن أن تکون هناک ديمقراطية أو تحديث من المؤسسات في العراق أو سوريا، في حين أن هذا النظام لا يزال قائماً في إيران.
وکما تؤکد السيدة رجوي: الحل لن يکون في حرب خارجية، لأن الحرب تؤذي الشعوب وتخرب البلاد، وفي آخر المطاف تقوي الأنظمة، کما أن الحل لن يکون من خلال سياسة المساومة. الحل في أيدي الشعب الإيراني ومقاومته التي أثبتت جدارتها وکفاءتها لأن تکون البديل الوحيد لخير البلاد والعباد وللسلم والاستقرار في کامل منطقتنا.

 

* رئيس حکومة الجزائر الأسبق رئيس لجنة التضامن العربي الإسلامي مع المقاومة الإيرانية

 

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة