السبت, أبريل 20, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانخيارات ترمب بشأن الاتفاق النووي مع إيران؟

خيارات ترمب بشأن الاتفاق النووي مع إيران؟

0Shares

 
بقلم: دنيس روس

 
ليس هناک شک مطلقاً في الکيفية التي يری بها الرئيس دونالد ترمب خطة العمل الشاملة المشترکة الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني. لقد وصفها بأنها أسوأ اتفاق أُبرم علی الإطلاق. وصرح بأنه إذا لم يتعامل الأوروبيون مع مخاوفه بشأن الصواريخ الباليستية وتفتيش المنشآت العسکرية وبنود انتهاء الصلاحية، فسوف ينسحب من الاتفاق في مايو (أيار). وفيما يخص بنود انتهاء الصلاحية، التي تشير إلی القيود التي يفرضها الاتفاق النووي حتی عام 2030 علی أجهزة الطرد المرکزي الإيراني (بخصوص کل من العدد والنوع) والإنتاج المسموح لها به من المواد المخصبة، يرغب ترمب في ألا تنتهي هذه القيود بل تستمر.
إن مخاوف الرئيس مشروعة. وتعطي رغبة الأوروبيين في الحفاظ علی الاتفاق النووي للبريطانيين والفرنسيين والألمان حافزاً لمعالجة القضايا التي يثيرها ترمب. يمکن متابعة واحدة من تلک القضايا، وهي التفتيش علی المنشآت العسکرية، إذا حددت الإدارة المواقع المشتبه بها مع أدلة تدعم هذه الشکوک؛ فإذا رفض الإيرانيون السماح بدخول الموقع المشکوک فيه، حينئذ، فسيخالفون التزاماتهم. ومن هذا المنطلق، يرجع الأمر إلی إدارة ترمب في طرح المواقع التي ترغب في أن تخضع للتفتيش. ومن المرجح أن يثير الأوروبيون هذه النقطة.
أما بالنسبة للقضيتين الأخريين، بذل مساعٍ للحد من صواريخ إيران الباليستية وبنود انتهاء الصلاحية، فکلتاهما کانت جزءاً من المفاوضات التي أدّت إلی الاتفاق. فيما يخص الصواريخ الباليستية، فرفض الإيرانيون أي قيود، وقررت الولايات المتحدة والأعضاء الآخرون في مجموعة 5+1 إبرام الاتفاق علی أي حال اعتقاداً منهم بأن فرض قيود علی أجهزة الطرد المرکزي والمواد المخصبة بالإضافة إلی التحقق من البنية التحتية النووية الإيرانية بأکملها أهم من أن يتخلوا عنها. وکذلک تمت الموافقة علی بنود انتهاء الصلاحية، ولا شک في أن الإيرانيين سوف يطالبون بتعويض مقابل إجراء أي تعديل علی تلک البنود. ومن المفترض أن يکون ذلک الوصول إلی حسابات دولارية في الولايات المتحدة مما يجعل تمويل المشروعات الأجنبية أيسر کثيراً.
يصبح السؤال هو إلی أي مدی يرغب الأوروبيون في السعي إلی معالجة مخاوف الرئيس ترمب. إنهم يرغبون بوضوح في الحفاظ علی الاتفاق النووي، ويعلمون أن الإدارة لن تقبل بتعويض الإيرانيين عن رفع بنود انتهاء الصلاحية أو تعديلها، أو عن موافقة الإيرانيين علی التراجع عن تجارب الصواريخ الباليستية. بيد أن الأوروبيين يعلمون کذلک أن روسيا أو الصين لن تدعما مساعيهم للوصول إلی ترتيبات تکميلية من دون تعويض الإيرانيين. وبالتالي يتعرض الأوروبيون لمأزق.
ولکن يمکن أن يکون هناک بديل مثير للاهتمام بدلاً من السعي إلی الوصول إلی اتفاقات تکميلية تستدعي موافقة إيرانية (وروسية وصينية)، قد يقترح الأوروبيون اتفاقاً أميرکياً – بريطانياً – فرنسياً – ألمانياً، نلتزم جميعاً بموجبه بمراقبة الاتفاق النووي في صورته الحالية، مع إخطار الإيرانيين بأننا سوف نحتفظ بحق فرض عقوبات جديدة بعد عام 2030 إذا عمل الإيرانيون علی زيادة إنتاجهم من اليورانيوم المُخَصب وعلی الحصول علی مخزون من المواد المُخَصبة بطريقة تُقَلص زمن تجاوز العتبة النووية إلی أقل من عام. لا شک في أن الإيرانيين سوف يدينون هذه الخطوة، وسيقولون إن تنازلاتهم تمّت بناء علی الجدول الزمني لتلک القيود الذي يستغرق 15 عاماً، وإن استعدادهم لمواصلة قبول إجراءات تفتيش تدخلية لما يصل إلی عشرة أعوام إضافية کان أيضاً جزءاً من تفاهمات أوسع نطاقاً. ولکن قد تشير الولايات المتحدة وحلفاؤها إلی أنهم لا ينسحبون من الاتفاق، بل يُخطرون إيران ببساطة بشأن رأيهم الجماعي، وأن الإيرانيين يجب أن يدرکوا أن تقليص زمن تجاوز العتبة النووية سيُعد تهديداً. وقد يتخذ الأميرکيون والأوروبيون رداً حينئذ
ونظراً لأن مثل هذا التوجه لن يسمح بالضرورة بفرض عقوبات جديدة بعد عام 2030. يمکن أن تقرر إدارة ترمب أنه ليس صارماً بما يکفي وتطالب بالمزيد. ولکن المشکلة هي أنها لن تحصل علی ما هو أکثر من ذلک من الأوروبيين.
بالطبع هناک خيار مختلف تماماً. علی سبيل المثال، يمکن أن تسعی الإدارة إلی الاتفاق في الوقت الحالي علی عقوبات جديدة تتعلق بسلوک إيران المُزعزع للاستقرار في المنطقة، وتقول إنها – رداً علی ذلک – لن تنسحب من الاتفاق النووي. يقدم مثل هذا النهج نوعاً مختلفا من المفاضلة، إذ يستفيد من رغبة الأوروبيين في بقائنا في الاتفاق ليس لأجل اتخاذ خطوات فيما يخص بنود انتهاء الصلاحية أو الصواريخ الباليستية، بل لمواجهة الإيرانيين في المنطقة. ونظراً لأن ما تفعله إيران في المنطقة – لا سيما في سوريا واليمن – يزيد مخاطر وقوع صراع أوسع وتصعيد أکبر، يمکن أن تقرر إدارة ترمب أنه يجب التعامل مع الخطر الأقرب وأنه يجب استخدام نفوذها لدی الأوروبيين لهذا الغرض.
مهما کان قرار إدارة ترمب، فهو يحتاج إلی دراسة تبعات الخروج من الاتفاق النووي من دون التفاهم مع الأوروبيين. إذا غاب التفاهم، فسوف يکون خروج أميرکا منفرداً. وسوف تعزل أميرکا نفسها وليس الإيرانيون. وسوف يقدم الإيرانيون أنفسهم بصفتهم ضحايا، ويستغلون ذلک لجعل الأوروبيين يقدمون لهم المزيد للبقاء في الاتفاق النووي. وإذا خاف الأوروبيون من انهيار الاتفاق، فمن المرجح ألا يکتفوا بإقامة مزيد من العلاقات الاقتصادية مع إيران، بل سيقاومون أيضا کل المحاولات الأميرکية لجعل البريطانيين والفرنسيين والألمان ينضمون إلينا في رفع التکلفة التي سيتحملها الإيرانيون نتيجة السياسات العدوانية التي ينتهجونها في الشرق الأوسط.
وللمفارقة، يحين الوقت الآن، في ظل الغضب الذي أعرب عنه الشعب الإيراني في الفترة الأخيرة بسبب الأموال التي تُنفق في سوريا ولبنان، لکي تنشر أميرکا وحلفاؤها الوعي ويزيدون تکلفة المغامرات الإيرانية في المنطقة. إذا أمکن الاستفادة من الرغبة الأوروبية في بقاء إدارة ترمب في الاتفاق النووي من أجل الحصول علی تأييد بريطاني وفرنسي وألماني لفرض عقوبات علی إيران، بسبب ما ترتکبه في سوريا واليمن (إذ تنتهک بالفعل قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقمي 2216 و2231)، فسوف يکون ذلک استخداماً ذکياً للنفوذ الأميرکي.
ويبقی الوقت کفيلاً ببيان ما إذا کانت إدارة ترمب سوف تستفيد من نفوذها أم ستهدره؟

 

* خاص بـ«الشرق الأوسط»

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة