الخميس, أبريل 18, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرالعالم العربيمعتصم.. قصة رضيع "عاد من الموت" في الغوطة الشرقية

معتصم.. قصة رضيع “عاد من الموت” في الغوطة الشرقية

0Shares

عندما قُتل أبناؤه الثلاثة في غارة جوية لطائرات النظام السوري علی منزلهم في غوطة دمشق الشرقية الأسبوع الماضي، رأی “أبو ساريا” أنه لا جدوی من حضور جنازتهم، وأنه من الأفضل البقاء في محله بالمستشفی، ومحاولة إنقاذ حيوات أخری.
وبعد أن انتهی سائق سيارة الإسعاف من عمله في وقت لاحق من ذلک اليوم وذهب ليواسي زوجته، التي نجت من الغارة، أرسل شخص ما صورة له، تظهر صبيا صغيرا يرقد علی سرير في مستشفی وتتصل بجسده أنابيب، اکتشف أنه کان ابنه الأصغر، معتصم البالغ من العمر 18 شهرا.
“لم أستطع أن أصدق ذلک.. کنت مقتنعا بأنه ميت”، بهذه الکلمات بدأ السوري المکلوم حديثه لمراسل صحيفة “تايمز” البريطانية من الغوطة.
الأمر کان يبدو مستحيلا، فالطفل معتصم يعاني من الربو، وظل عالقا تحت أنقاض منزلهم لمدة ساعة قبل أن يتم انتشال جسده الضئيل.
لحظات معدودة حالت دون انضمامه إلی قائمة ضحايا القصف الأخير للغوطة الشرقية، الذين قدرت عددهم منظمة “أطباء بلا حدود” بنحو 630 شخصا وصلوا إلی منشآتها وحدها منذ 19 فبراير/شباط الجاري، بينهم 216 طفلا علی الأقل.
ورغم أن وقف إطلاق النار، الذي قررته الأمم المتحدة السبت، خفف القصف قليلا، قتل أمس 22 شخصا، بينهم 7 أطفال وأسرة کاملة من 9 أفراد، وفقا لما ذکره مراقبون من المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقبل انتهاک الهدنة الأولی، عبر “أبو ساريا” (33 عاما) عن سخريته واستيائه، متسائلا: “أي وقف إطلاق نار؟ بينما تحلق الطائرات فوق رؤوسنا”.
وفي الغارة التي استهدفت منزله الأسبوع الماضي، فقد “أبو ساريا” شقيق زوجته وابن أخيه البالغ من العمر 10 سنوات، فضلا عن أطفاله، الذين التمسوا ملاذا في الطابق السفلي عندما بدأ القصف.
وتوجه هو إلی موقعه في نقطة المعونة الطبية، قبل أن تأتيه شقيقته لتبلغه أن منزله تعرض للقصف فهرع عائدا إليه.
بکلمات تعبر حزنه، استأنف: “سقطت 3 براميل متفجرة علی المبنی، أحدها سقط علی مقربة من الطابق السفلي ودمر جدرانه، سمعت زوجتي تصرخ رأيتها هناک، لا يظهر منها سوی رأسها، وکان جسدها مدفونا تماما تحت الأنقاض.
وأضاف: “صرخت أطفالي، اذهب واعثر عليهم، لا أستطيع سماع أصواتهم، فبدأت أنا وأصدقائي الحفر وإزالة بقايا الجدار، وجدت بشار، لکنه کان ميتا”.
کان بشار، (9 أعوام)، ابنه البکر، وزوجته المحررة من تحت الأنقاض، انتشلت ابنهما معتصم الذي توقف تماما عن التنفس، وأخبره زملاؤه أنه مات أيضا، قبل أن يعثروا علی جثة ساريا، ابنه الأوسط البالغ من العمر 6 سنوات، في وقت لاحق، تحت الخرسانة المکسورة.
نقلا عن العين الإخبارية


 


وبعد عودته إلی المستشفی واصل “أبو ساريا”، علاج الناجين، بينما جلب أصدقاؤه جثث أفراد عائلته.
وتابع: “لم أستطع النظر إليهم لفترة طويلة”، لافتا إلی أن العديد من الأشخاص الذين يعالجون کانوا أيضا أقارب.
وأردف: “شعرت بأن قلبي کان قاسيا مثل الصخر، نصحني زملائي بأن أترک کل شيء وأذهب لوداع أطفالي، لکنني قلت لهم: إنهم ميتون، يجب أن نعتني بالأحياء، ومن ثم أخذوهم لدفنهم”.
لکن أحد الرجال المکلفين بدفن الجثث لاحظ إشارة علی الحياة، وأخذ الطفل معتصم إلی المستشفی، وهو يعاني الآن من نقص الأکسجين، مع علامات تلف في الدماغ، بعد أن تمکن الأطباء من إزالة الحجارة من قصبته الهوائية، والحطام من رئتيه.
ومضی “أبو ساريا” قائلا: “لا يستطيع (معتصم) تحريک أي جزء في جسده إلا عينيه، ولا يتکلم، ولا يتذکر شيئا، وهو يحصل علی التغذية من خلال الأنابيب”.
واستدرک بالقول: “لکن الأطباء يقولون لي إنه سيتعافی، حتی لو کان الأمر سيستغرق 5 أو 6 أشهر، قلت إنني لا ألوم أحدا.. کنا 10 رجال فقط وکان هناک أکثر من 50 شخصا في المبنی، فقد العديد منهم أطرافه، وتعرضوا لإصابات في الرأس، والصدر، کانت هذه هي اللحظة الأکثر صعوبة في حياتنا المهنية”.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة