الجمعة, مارس 29, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانلاإصلاح ولا إستفتاء بل تغيير جذري

لاإصلاح ولا إستفتاء بل تغيير جذري

0Shares


بقلم:منی سالم الجبوري


علی أثر الانتفاضة الايرانية الاخيرة، فإن الحديث عن الانتفاضة و الثورة و التغيير في إيران حديث ذو شجون يدفعنا شئنا أم أبينا الی ملف المعارضة الايرانية و دورها و تواجدها علی الساحة الايرانية، وقطعا ان المعارضة السياسية و الفکرية في إيران تختلف کثيرا عن المعارضة السياسية و الفکرية في البلدان العربية، إذ أن المعارضة الايرانية کان لها دورا مشهودا طوال التأريخ المعاصر لإيران، وان هذا الدور قد برز و تصاعد بعد أن قام محمد مصدق رئيس الوزراء الايراني في الخمسينيات من القرن الماضي بتأميم النفط، حيث لاقت هذه الخطوة موقفا عنيفا من جانب الشاه و الامريکان من خلفه، وعلی الرغم من أن الامريکان قد نجحوا في إجهاض الخطوة الوطنية لمصدق بتأميم النفط، لکنها ترکت أثرا عميقا في ضمير و نفس الشعب الايراني، ولذلک فقد أفرزت ظاهرة الزعيم الوطني مصدق تيارات سياسية رافضة لنظام الشاه تجلت في تجمعات و أحزاب مختلفة و متباينة کانت أهمها و أکثرها تأثيرا علی الساحة السياسية في إيران منظمة فدائيي الاسلام و منظمة مجاهدي خلق ، و تيارات سياسية أخری، لکن الدور الاکبر و الابرز و الاکثر خطورة علی نظام الشاه و بشهادة التأريخ نفسه کان لمنظمة مجاهدي خلق التي تمکنت من أن تقض مضجع النظام الملکي السابق و تشکل تهديدا جديا له، وليس بخاف علی أحد أن المنظمة قد لعبت الدور الاکبر في تحريک الاحداث بإتجاه الثورة الايرانية التي اسقطت الشاه، لکن الخميني و بسبب سياق الاحداث و الاوضاع في إيران و التي خدمته و خدمت مطامحه کثيرا، إلتف علی الثورة الايرانية و أفرغها من محتواها و جعلها في نهاية المطاف مجرد مسعی سياسي ذو طابع ديني لتغيير دکتاتورية ملکية الی دکتاتورية لرجال الدين.

منظمة مجاهدي خلق التي حاول الخميني کثيرا الالتفاف عليها و استيعابها و خداعها’کما فعل مع معظم القوی السياسية الايرانية و نجح في ذلک’، لکنه إصطدام بجدار رفض و معارضة غير مألوفة لمشروع’نظام ولاية الفقيه’ من جانب هذه المنظمة ولم يتوفق الخميني و لا بطانته من إقناع المنظمة بأن تکون تحت عباءة الخميني، ولذلک فقد کان من البديهي الاختلاف و المواجهة الشرسة من جانب النظام الديني الاستبدادي القمعي الذي يعتبر نفسه إمتدادا لله سبحانه و تعالی علی الارض، ولم تکن هذه المواجهة سهلة و لاعادية کأي مواجهة سياسية بين حکومة او دولة مع معارضة سياسية لها، إذ أن نظام ولاية الفقيه قد تجاوز کل الحدود و المقاييس المتعارف عليها في تعامله و تعاطيه مع هذه المنظمة و لجأ الی التحريف و التزييف و التشويه و قلب الحقائق المتعلقة بمنظمة مجاهدي خلق و تأريخها النضالي المشهود لها من قبل الشعب الايراني نفسه، ويکفي أن نشير الی أن زعيم منظمة مجاهدي خلق مسعود رجوي عندما خطب في الجماهير الايرانية في بداية نجاح الثورة في جامعة طهران حضر جمع کبير جدا تجاوز 300 ألف فرد، مثلما أن ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية في إيران قد أرعب النظام الديني کثيرا و دفع بالخميني الی رفض ترشيحه، أما لماذا فلأنه کان معارضا و مخالفا بحق للنظام الديني و کان ينطق بلسان حال الشارع الايراني.

الحديث عن البديل السياسي لنظام ولاية الفقيه في إيران، حديث ذو شجون، وقطعا أنه ليس بوسع أحد التعويل علی الملکيين المتخبطين و لا علی التيار الاخضر الممزق و الساعي في النهاية الی تجميل الوجه البشع للنظام و إعادة تأهيله مجددا للشعب الايراني و العالم، المعارضة الايرانية الحقيقية هي تلک التي شکلت و تشکل تهديدا دائما للنظام الايراني و تدفعه لکي يسلک کل السبل و الطرق المختلفة من أجل القضاء عليها کما کان الحال و لايزال مع منظمة مجاهدي خلق، بل وان التمعن في الانتفاضة الاخيرة، عقب الاحتجاجات التي إندلعت في مدينة مشهد و التي إنقلبت فيما بعد الی إنتفاضة أظهر الشعب الايراني خلالها رفضه الکامل لنظام ولاية الفقيه و لشخص الولي الفقيه ذاته، هذه الانتفاضة يعلم الجميع أن قادة النظام قد إتهم منظمة مجاهدي خلق بالوقوف خلفها و تغذيتها و توجيهها، والحقيقة المهمة جدا التي يجب الانتباه إليها جيدا هو انه متی و أينما رفع شعار رفض نظام ولاية في إيران فإن الانظار کلها تتجه صوب منظمة مجاهدي خلق لأنها الجهة السياسية الوحيدة التي رفعت شعار رفض نظام ولاية الفقيه قبل إقراره و الوحيدة التي دعت و تدعو و تصر علی إسقاط هذا النظام.
والحقيقة، ليست هناک أطرافا سياسية معارضة يتخوف منها رجال الدين الحاکمون في إيران کما هو الحال مع منظمة مجاهدي خلق، وان معظم الاطراف السياسية المعارضة للنظام الايراني خفتت أصواتها او تلاشت و إنتهی تأثيرها ماعدا منظمة مجاهدي خلق التي ظلت متواجدة و تفرض حضورها علی مختلف الاصعدة وهي التي دائما تقرع الاجراس و تنبه العالم أجمع الی ماجری و يجري في ظل هذا النظام القمعي، وفوق کل ذلک فهي أيضا خاضت و تخوض نضالا سياسيا دؤوبا من أجل رفع تهمة الارهاب المفروضة عليها قسرا و هي وبعد أن نجحت أيما نجاح في رفع هذه التهمة و خرجت من قائمة هي في الواقع أنسب قائمة لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية. من هنا، فإن هذه المنظمة کانت و لاتزال البديل السياسي الجاهز لهذا النظام مثلما کانت أيضا البديل الانسب لنظام الشاه، لکن إختطاف الثورة الايرانية و حرفها عن مسارها الاصيل منح الفرصة لرجال الدين کي يهيمنوا عليها ولکن لايبدو إن هذه الهيمنة ستستمر طويلا خصوصا بعد الاحداث و المتغيرات الاخيرة التي تعطي إنطباعا کاملا بأن مسار الامور لم يعد کما کان في الاعوام السابقة فقد قضي الامر و صار مطلب تغيير النظام جذريا هو المطلب الاساسي و الاهم الذي يطالب به الشعب الايراني.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة