الأربعاء, أبريل 24, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانالتدخلات الإيرانية في شؤون البحرين.. إلی متی؟

التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين.. إلی متی؟

0Shares

 
اخبار الخليج

مرکز الخليج للدراسات الاستراتيجية

 

التدخلات الإيرانية غير المباشرة في الشأن البحريني، هي سياسة مستمرة. ومع صعود نظام الولي الفقيه إلی الحکم عام 1979، بدأ التدخل المباشر القائم علی الإرهاب، بشکل ممنهج، تتبادل فيها الأجهزة الإيرانية الأدوار، من خلال إطلاق التصريحات العدائية، عبر مسؤوليها أو أذرعها أو خلاياها النائمة في المنطقة، في انتهاک صارخ للقانون الدولي، الذي يقضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وتتنوع أشکال تدخلات إيران في الشأن الداخلي البحريني، ما بين الدبلوماسي والسياسي والإعلامي، الذي أصبح أبرز أوجه هذه التدخلات، الأمر الذي يصعب إنکاره أو التستر عليه، حيث لعبت هذه التصريحات دورا تخريبيا في محاولة لتأجيج الوضع الداخلي وخاصة مع أحداث فبراير عام 2011 المؤسفة وما تلاها.
وبإجراء إحصاء للتصريحات والمواقف المعادية والتدخل في شؤون البحرين، الرسمية وغير الرسمية، نجد أن تصريحات القادة وکبار المسؤولين فاقت في عددها تصريحاتهم في شؤون بلدهم وشعبهم المتعدد المذاهب والأعراق، والذي يعاني الأمرّين، جراء الأداء السياسي والاقتصادي المتردي، وارتفاع نسبة البطالة ومعدلات الفقر.
فمنذ 2011 حتی 2016، نجد أن عدد التصريحات الرسمية وصل إلی 241 تصريحًا من إجمالي التصريحات والمواقف، والتي بلغ عددها 467 تصريحًا، وکان الأکثر تصريحًا المرجعيات الدينية بــ23 تصريحا، ثم المرشد الأعلی بـ22 تصريحا، ثم الحرس الثوري الإيراني بــ14 تصريحا، ثم مساعد رئيس مجلس الشوری الإيراني «حسين أمير عبداللهيان» بــ 8 تصريحات، ومجلس الخبراء بـــ 7 تصريحات. وجاءت التصريحات شبه الرسمية في الترتيب الثاني بإجمالي 169 تصريحًا، ثم افتتاحيات الصحف والمقالات بعدد 39 مادة صحفية، وأخيرا جاءت التصريحات الشعبية في الترتيب الرابع بـ 21 تصريحًا، وتمحورت القضايا التي تناولتها التصريحات حول تشبيه الاحتجاجات البحرينية بثورات مصر وتونس، والحض علی العنف والفوضی والإرهاب ودعم المتمردين الخارجين عن القانون، والمطالبة بالبحرين باعتبارها ولاية إيرانية.
وإذا انتقلنا إلی السنة السابقة أي من يناير 2017 حتی يناير 2018، نجد أن الوضع لم يختلف کثيرا، إذ استمرت إيران وأذرعها في إطلاق التصريحات، والتدخلات ومحاولات زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين. إذ بلغت التصريحات الإيرانية علی المستوی الرسمي حوالي 91 تصريحا. وجاءت في المرتبة الأولی الخارجية الإيرانية بـ26 تصريحا، تليها المرجعيات الدينية بـ 24 تصريحا، ثم البرلمان الإيراني بـ19 تصريحا، ثم المرشد الإيراني ومجلس الخبراء بـ 6 تصريحات لکل منهما، ثم مجمع تشخيص مصلحة النظام بـ 4 تصريحات، والقوات المسلحة ومجلس صيانة الدستور والسلطة القضائية بتصريح واحد لکل منهما، فضلا عن مؤسسات أخری بـ 3 تصريحات. بينما تناولت الصحف الإيرانية البحرين 5 مرات، وتطاولت أذرع إيران في المنطقة علی البحرين (وزارة الخارجية العراقية، حزب الله اللبناني وحزب الدعوة العراقي وغيرهم) بـ74 تصريحا وتهديدا.
وتمحورت تلک التصريحات بالتعليق علی الأحداث الداخلية الأمنية، وبعضها کان ردًّا علی اتهامات البحرين لإيران بتمويل خلايا إرهابية تم الکشف عنها، خططت لاغتيال مسؤولين کبار في الدولة، أو ردا علی اتهامها بالضلوع في حادث انفجار خط أنبوب النفط يوم 10/11، کما استمرت الصحف الإيرانية في ترديد مزاعمها أن البحرين محافظة تابعة لإيران، وغير ذلک من مزاعم کاذبة ومضللة.
ومن متابعة تلک التصريحات، نکتشف أن مخططها هو إثارة القلاقل وزعزعة الأمن والاستقرار وتهديد النسيج المجتمعي والسلم الأهلي في البحرين. فضلاً عن کونها ليست تصريحات عشوائية، وإنما مدروسة وممنهجة وتصدر علی لسان مسؤولين بمستويات مختلفة، معظمهم من أصحاب القرار. وبتحليل مضمونها نجد أنها سياسات تتنافی ومبادئ القانون والمواثيق والأعراف الدولية ومبادئ حسن الجوار.
ولعل هذا کان واضحًا في افتراءات ومغالطات الرئيس الإيراني «حسن روحاني» يوم 17 يناير 2017 ضد السعودية، حينما قال: «نحن مستعدون للمشارکة في تقديم العون في مسألة اليمن، ومشاکل المنطقة الأخری والإسهام في استقرار المنطقة وأمنها، إذا أوقفت السعودية حربها في اليمن، وتدخلها في البحرين». مع أن السعودية تعمل علی إعادة الشرعية في اليمن ووقف تدخل إيران في شؤونها الداخلية، وحماية البحرين من تدخلات إيران. ويشهد العالم علی تدخلها أيضًا في العراق ولبنان وسوريا بشکل مباشر من خلال أذرعها التي تحارب بالوکالة عنها، کما تتدخل إيران في شؤون القضاء البحريني وتشکک في نزاهته.
ووفق هذا النهج، صرح وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في 21 مايو 2017، تعليقا علی الحکم الصادر علی عيسی قاسم قائلا: «السلطات البحرينية اتخذت المقاربة الطائفية من أجل توجيه تهم کاذبة له، ولاثنين من المقربين إليه». وهي اتهامات غير مسؤولة. فالبحرين لا يوجد بها طائفية والمجتمع البحريني متماسک بعکس إيران التي تمارس الطائفية ضد الأکراد وعرب الأحواز الموجودين علی أراضيها وتعمد إلی مصادرة أراضيهم.
ولم تکن التدخلات الإيرانية في البحرين بالتصريحات فقط، ففي مارس 2017، ألقت السلطات البحرينية القبض علی خلية إرهابية خططت لاغتيال مسؤولين کبار، وکشفت أن أعضاء تلک الخلية تلقوا تمويلا من إيران، التي کانت ضالعة في تفجير أنبوب النفط في نوفمبر 2017، وکشفت في يناير 2018 عن أنها أحبطت مخططات إرهابية کانت تستهدف اغتيال عدد من المسؤولين في البحرين، وحرق منشآت نفطية؛ بتجنيد عناصر تدار من إيران بالتنسيق مع حرسها الثوري وأذرعها المتمثلة في الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان، الأمر الذي يؤکد السعي المطرد لإيران وأذرعها في إثارة المشکلات داخل المملکة، والإضرار باقتصادها وأمنها واستقرارها؛ کل ذلک دفع إلی ضرورة مواجهة تلک التدخلات، والتصريحات محليا وإقليميا ودوليا.
فعلی المستوی الدولي، تم اللجوء إلی مجلس الأمن الدولي لفتح تحقيقات في تلک التدخلات وغيرها واتخاذ إجراءات بحقها، وإلزامها بمبادئ القانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبحرين التي تطالب بضمها لها رغم کونها دولة مستقلة، وعضوا فاعلا في الأمم المتحدة منذ عام 1971.
وعلی المستوی الإقليمي، تقوم الدول العربية بمطالبة إيران بعدم التدخل في شؤونها الداخلية من خلال اللجوء إلی الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخری والاتحاد البرلماني الدولي، فضلا عن ضرورة صياغة مفهوم استراتيجي لدول مجلس التعاون، يتضمن إعادة تعريف المخاطر الإقليمية الراهنة، بحيث تکون إطارا عاما للسياسة الخليجية عموما تجاه إيران. کما يجب أن تظل تدخلات إيران بندا ثابتا علی الاجتماعات واللقاءات الخليجية؛ حتی تلتزم إيران بإقامة علاقات مع دول الخليج قائمة علی حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين.
علی العموم، إيران من الدول المهددة للدول العربية عامة، والخليجية علی وجه الخصوص. ليس فقط بالقول من خلال تصريحات رأس النظام الإيراني وکبار المسؤولين فيه والتي تعتبر بحکم القانون الدولي تدخلاً سافرًا في الشؤون الداخلية؛ بل بالفعل أيضًا من خلال خلاياها النائمة واستقبال الإرهابيين وتدريبهم وتمويلهم للقيام بأعمال إرهابية.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة