الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسيةأخبار وتقاريرالعالم العربيمسعفون ينقذون المدنيين من الغارات قرب دمشق ويعجزون عن حماية عائلاتهم

مسعفون ينقذون المدنيين من الغارات قرب دمشق ويعجزون عن حماية عائلاتهم

0Shares


لم يتخيل سمير سليم المتطوع مع ثلاثة من أشقائه في صفوف “الخوذ البيضاء” أنه قد يجد نفسه يوماً عاجزاً عن سحب والدته من تحت الرکام، بعدما أمضی السنوات الأخيرة يطارد الغارات لإنقاذ مدنيي الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق.
ويقول سليم (45 عاماً) لوکالة فرانس برس بينما تغرورق عيناه بالدموع “کان الموقف صعباً جداً بالنسبة لي، من المؤلم أن يکون لأم أربعة أبناء متطوعين في الدفاع المدني ولا يتمکنون من إنقاذها”.
ويضيف الشاب “کانت أمي فخورة جداً بنا وبعملنا”.
منذ العام 2013، تشابهت يوميات سليم علی غرار کافة المتطوعين في “الخوذ البيضاء”، الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة. يلاحقون الغارات التي لا ترحم سکان الغوطة الشرقية، يبذلون قصاری جهدهم لإنقاذ الجرحی وسحب الجثث من تحت الرکام.
لکن الخميس الماضي تغير کل شيء، حين وجد نفسه عاجزاً عن إنقاذ والدته اثر غارة لقوات النظام استهدفت منزل العائلة في مدينة مديرا.
وفي مقطع فيديو تم تداوله علی نطاق واسع عبر الانترنت، تظهر والدة سليم مرتدية حجاباً أسود اللون ومعطفاً رمادياً وهي تحني جسدها کما لو أنها تغفو متکئة علی کنبة، فيما سقط الجدار بأکمله علی ظهرها ورأسها. وتغطي الدماء احدی يديها.
ويسمع في الخلفية بکاء سليم وهو يناشد أحد زملائه احضار معدات لسحب والدته قبل أن يقول “أنقذ الناس يا أمي ولا أتمکن من انقاذک، ماذا أفعل يا أمي؟ حسبي الله ونعم الوکيل”.
وشهدت الغوطة الشرقية منذ مطلع الأسبوع خمسة أيام من القصف الجوي الکثيف من قوات النظام، تسبب بمقتل 250 مدنياً واصابة اکثر من 775 آخرين بجروح، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان، قبل أن تتراجع وتيرة القصف في الايام اللاحقة.
– “حنان الأم” –
يتذکر سليم بحزن شديد ما حدث اثناء تجوله فوق رکام المنزل المدمر “توجهنا يومها الی بلدة مسرابا بعدما استهدفتها غارة، وعند دوي غارة ثانية شعرت بأمر غير طبيعي في جسمي وکأن قلبي يقول لي حدث مکروه في منزلک”.
ويتابع “انقسمنا فريقين ولحقت الضربة الثانية، وصلت أمام منزلي، کان الغبار يملأ المکان. وقفت دقيقة في مکاني لافهم ما الذي حصل وأدرک بعدها أن الضربة علی منزلي. لم أتوقع أن أجد أحداً علی قيد الحياة”.
بعد مباشرته العمل، تمکن سليم من انقاذ ابن شقيقه سامر (23 يوماً)، ثم والده وزوجة أخيه حتی وصل الی والدته التي کانت عالقة تحت الأنقاض.
ويروي بحزن شديد “طلبت مؤازرة رفاقي لکنهم تأخروا قليلاً وأعذرهم جراء حملة القصف الهستيرية حينها علی المنطقة”.
ورغم أنه خاض تجربة مشابهة حين أنقذ والده قبل عامين من قصف مماثل، لکنه يقول “لم أرتبک کما في هذه المرة، ربما السبب حنان الأم”.
واذا کان سليم عجز عن انقاذ والدته، إلا أن الحظ کان حليف المتطوع في الدفاع المدني سعيد المصري الذي تمکن من انقاذ طفله الرضيع يحيی بعدما دمر القصف منزله في مدينة سقبا.
ويروي لفرانس برس بينما يلاعب صغيره الذي رُزق به بعد أربع سنوات من الزواج تفاصيل ذلک اليوم. ويقول “کما جرت العادة توجهنا الی مکان الضربة (..) رأيت البيوت وقد سويت بالارض. ابن عمي استشهد وبيتي مضروب. انتابني شعور بأن ابني قد مات أو زوجتي”.
لکن سماع صوت زوجته وهي تصرخ أفاقه من صدمته، ويتابع “کانت تصرخ بأن يحيی قد أصيب. عندما وجدته حملته ورکضت به الی المشفی. کان مصاباً في رأسه ووجهه”.
وانتشرت علی مواقع التواصل الاجتماعي الأربعاء صورة تظهر المصري بزيه الکحلي والأصفر يرکض وسط مکان يحجب الغبار الرؤية فيه، ويضم رضيعه الذي تسيل الدماء من رأسه الی صدره وهو يبکي.
وکررت الأمم المتحدة في الأسبوع الأخير دعوتها الی هدنة انسانية تشمل الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام بشکل محکم منذ العام 2013، تمهيداً لادخال المساعدات واخلاء الجرحی والحالات الطبية الحرجة.
– “شعرت بوخز الإبرة” –
داخل مشفی في بلدة جسرين، يتمدد الممرض مالک أبو جابر (20 عاماً) علی أحد الأسرة بينما يعمل زميله علی تغيير ضماد موضوع علی بطنه، وقربه عدد من الأطفال المصابين.
ويتذکر أبو جابر لحظة إصابته بعد دقائق من مغادرته المستشفی قبل أکثر من أسبوع “کنت بصدد التوجه الی منزلي لأخذ قسط من الراحة وکان القصف قائماً”.
ويضيف “وجدت نفسي فجأة تعرضت لشيء ساخن رماني الی الخلف. لم أعرف ماذا أصابني قبل أن أجد الدماء تسيل من بطني وتملأ الأرض”.
بعد نقله الی المستشفی، وجد أبو جابر نفسه مکان من اعتاد علی علاجهم، هو الذي کان يخبر أحد زملائه قبل ساعات أن عمليات البطن هي أکثر ما يخشاه لصعوبتها وتداعياتها.
ويقول “شعرت بإحساس الجريح الذي يأتي کل يوم. شعرت بوخز الإبرة التي اضعها له، بالجرح الذي أخيطه، بضماده، بالمعاناة الحقيقية للجرحی”.
ورغم الألم الذي يشعر به جراء اصابته، يحتفظ الممرض الشاب بابتسامته ويصر علی معاونة الکادر الطبي الذي يعمل وسط ظروف صعبة للغاية ومن دون توقف.
ويقول “لا نتمکن من التقاط أنفاسنا، يأتي الجرحی ليلاً ونهاراً والضغط هائل علينا. لکننا رغم کل ذلک نواجه الغارات بأداء واجبنا”.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة