الخميس, أبريل 25, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانالبلاء الالکتروني

البلاء الالکتروني

0Shares


بقلم:حسيب الصالحي

 


في الانظمة الديکتاتورية التي تؤمن بالممارسات و الاساليب القمعية کطريقة وحيدة للتعامل مع شعوبها، هناک سعي مستمر من أجل التضييق علی الشعوب و تقليل مساحات الحرية الی أبعد حد ممکن، وصدق من قال بأنه “لو کان بإمکان الانظمة الديکتاتورية التحکم في الهواء لمنعته عن معارضيها وعن الشعب إدا لزم الامر”، وليس هناک من شک بأن هذا المنطقة المغالط للحقيقة و الواقع للإنساني يأتي من کون هذه الانظمة في الاساس مبنية علی اساس خاطئ ولذلک فإن لها فهم خاطئ للواقع.
في الوقت الذي تسعی في دول العالم من أجل ضمان سرعة أقوی للأنترنت المتوفر عندها تلبية لمطالب شعوبها، فإن قادة و مسؤولوا نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يسعون الی العکس من ذلک، بل وحتی لو کان بإمکانهم لحجبوا الانترنت نهائيا عن الشعب الايراني، ولکنهم يعلمون بإستحالة ذلک في عالم يصغر يوما بعد يوم بسبب الثورة التکنلوجية، کما إنهم يخافون من آثار و تداعيات هکذا خطوة بعد أن علموا موقف الشعب منهم.
لم تکن لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية نظرة ودية لمواقع التواصل الاجتماعي أبدا خصوصا وإن هناک أکثر 50 مليون مواطن إيراني کرواد له، وطالما عمل هذا النظام علی متابعة و ملاحقة المدونين الناشطين بشکل خاص و غيرهم و أقدم علی إجراءات صارمة بحقهم، لکن من دون جدوی، وإن النظام لن ينسی الدور الفعال الذي أدته وسائل الاتصال الحديثة بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي علی الشبکة العنکبوتية خلال إنتفاضتي عام 2009 و يناير 2018، ولذلک فإن ماقد أکده رئيس مجلس خبراء القيادة الإيراني، أحمد جنتي، أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تشکل خطرا علی النظام، قائلا: “مواقع التواصل الاجتماعي بلاء ابتلينا به”، وأضاف وهو يلمح الی إقتراحاته القمعية ضد مواقع التواصل الاجتماعي: “أنا قلت سابقا إنه لا يمکن إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي بالکامل، لکن يمکن أن نقوم بتحديد سرعتها”!
تصريحات جنتي قد جاءت بعد ماکشف عنه من إجتماع المرشد الاعلی للنظام مع متخصصين في مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت للبحث عن حلول حول تفادي “سلبيات” هذه المواقع علی النظام، خصوصاً بعد الدور الکبير الذي لعبته أثناء الاحتجاجات، لاسيما موقع تلغرام. وهذا يعني بأن النظام قد صار يعلم فعلا بأن الانترنت قد صار بمثابة بلاء نزل علی رأسه خصوصا وإن الذي يقض مضجعه و يرعبه الی أبعد حد، هو القدرة الفائقة لمنظمة مجاهدي خلق، الغريم و البديل السياسي و الفکري للنظام في إستخدام الانترنت و مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تحقيق أهدافه السياسية التي تتجسد في مقارعة النظام وإنتزاع الحرية منه من خلال إسقاطه.
التقدم و الحضارة و التواصل الانساني أمر لايمکن أبدا حجبه و الحد من دوره مهما عمل هذا النظام أو غيره، وإن الذي يعتبر التقدم العلمي بلاء له، فهو في الحقيقة لامکان ولاموقع له في عالم اليوم!

 

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة