السبت, أبريل 20, 2024
الرئيسيةأخبار إيرانمقال بقلم سيد أحمد غزالي رئيس وزراء الجزائر سابقا: «مدلول خطاب خامنئي»

مقال بقلم سيد أحمد غزالي رئيس وزراء الجزائر سابقا: «مدلول خطاب خامنئي»

0Shares

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا تحت عنوان «مدلول خطاب خامنئي» بقلم السيد أحمد غزالي في عددها الصادر بتاريخ اليوم الثلاثاء 23 يناير (کانون الثاني) 2018 وفي مايلي نص المقال:

 

بقلم: سيد أحمد غزالي رئيس وزراء الجزائر سابقًا ورئيس اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن سکّان «أشرف»*

بعد انتفاضة شعبية عمّت أرجاء إيران جاء آية الله خامنئي إلی الساحة ليقول کلمته في هذا الشأن، خصوصاً أن الشعارات المحورية في هذه المظاهرات کانت تستهدف شخصه بشدة قاسية، حيث إنه هو الآمر والناهي، وهو «العقل المدبّر» لنظام ولاية الفقيه، فمن المهمّ معرفة ما قال في هذا الخطاب الذي دون أدنی شکّ کان محصّلة مواقف نظامه حيال الشعب المنتفض.
کلّنا نعلم أن المسؤولين السياسيين الکبار عندما يتحدثون نصف ساعة، فليست الرسالة التي يريدون إيصالها سوی دقائق أو أسطر من الخطاب أو المقال. وعلی المرء أن يبحث عن هذه المحاور والمقاصد، وألا ينطلي عليه حجم المواضيع التي يطرحها.
لقد رکز المحور الأساسي في حديث خامنئي علی «ثالوث» مزعوم کان في رأيه وراء الانتفاضة المذکورة، فسمّی بالجهر أميرکا والمنافقين (مجاهدين خلق)، وعرف الثالث «عملاق المال في دول الخليج» قاصداً طبعاً المملکة العربية السعودية.
وعودة إلی ما کتبت عن ضرورة الترکيز علی المحور الرئيسي في الخطاب، فأعتقد أن ذکر الولايات المتحدة الأميرکية والمملکة العربية السعودية علی لسانه لم يکن جاداً لأنه يعرف جيداً أن هاتين الدولتين ما کانتا خلف المظاهرات؛ لأن من المستحيل قيام مظاهرات شعبية في بلد کإيران بإيعاز من دولة أجنبية. لا أريد أن أقول: أن ليس لمواقف الدول تأثير علی أحداث کهذه، خصوصاً إذا کانت هذه المواقف سلبية، کما شاهدنا عام 2009 ووقوف باراک أوباما مع خامنئي ومحمود أحمدي نجاد وضد مطالب الشعب الإيراني.
لکن بيت القصيد في خطاب خامنئي کان ترکيزه علی منظمة «مجاهدين خلق»، ودورها في هذه الانتفاضة. ويکفي نقل ما قال في هذا المجال حتی نعرف هذا الترکيز. إنه قال: «کانوا جاهزين منذ أشهر. وسائل أنباء المنافقين اعترفت. هذه الأيام قالوا إنهم کانوا علی اتصال بالأميرکيين. وقاموا بالتنظيم ليلعبوا دور القوة الراجلة. أن يذهبوا لزيارة هذا وذاک. وحدّدوا أناساً في الداخل. وجدوهم ليساعدوهم. ثم وجّهوا الدعوة إلی الشعب. هؤلاء هم الذين وجّهوا النداء. رفعوا شعار (لا للغلاء). وهذا الشعار يرحّب به الجميع. هذا الشعار يجلب مجموعات. بعد ذلک هم دخلوا الساحة وتابعوا أهدافهم المشؤومة ويجرّون الناس وراءهم…».. وبهذا أعتقد أن خامنئي وضع نقطة نهاية للدعايات الغربية التي تصرّ علی أن ليس هناک نفوذ لـ«مجاهدين خلق» داخل إيران.
خامنئي في حديثه أکّد علی موضوعين أساسيين آخرين؛ الأول قوله بأن هذه الأحداث کانت مدبرة من الخارج، وهنا ردّ علی التحليلات القائلة بأنها کانت عفوية. الثاني إيماؤه باستمرار الانتفاضة، حيث أشار إلی المنتفضين وقال: «عملاء الأعداء لن يتخلوا». وقال هذا في وقت أعلن فيه قبل أسبوع قائد قوات «الحرس» أن الانتفاضة قد انتهت، وکما أن روحاني أيضاً في مکالمته الهاتفية مع الرئيس الفرنس أکد له أن «هذه الاضطرابات ستنتهي بعد يومين».
وقبل أن أکمل التحليل أريد أن أضع النقاط علی الحروف فيما يتعلّق بإشارته إلی الرئيس الأميرکي، وأعتقد أن الکلام الذي قاله في الإساءة إلی الرئيس الأميرکي إن دلّ علی شيء فإنه لا يدلّ إلا علی عدم تحکّمه في الأعصاب وفقدان السيطرة علی النفس، لأن من المستحيل لزعيم دولة أياً کان إذا حظي برزانة عقل ومنطق وتوازن أن يعبّر عن رئيس دولة أخری بهذه التعابير، ويصفه بـ«المعتوه». وبعبارة أخری فإن فقدان التحکم بالنفس علی قمة الهرم المؤسساتي ينبئ بزعزعة مقبلة داخل النظام کله.
عودة إلی الترکيز علی «مجاهدين خلق» ودورهم فيما حدث في الانتفاضة، فلا شکّ أن أبناء الشعب الإيراني عبّروا بأقسی العبارات عن إدانتهم السلطة السياسية القائمة جملة، لأن الشعب الإيراني يعيش في فقر مدقع، ولم يجنِ منذ زهاء أربعة عقود من هذا النظام سوی القمع والإعدام والتعذيب والإدمان والدعارة والفقر والغلاء والبطالة والحروب والإرهاب والفساد المتعدد الأشکال من الفقر والرشوة حتی تخريب البيئة و…. من مختلف المساوئ والويلات، فجاءوا إلی الشارع ليقولوا کفی! ويجب إنهاء هذه الحقبة السوداء من تاريخ بلد ينعم بمختلف الخيرات والثروات. والشعارات التي رفعها المواطنون في الشوارع في أکثر من مائة مدينة کانت الشعارات نفسها التي رفعتها المقاومة الإيرانية خلال هذه السنوات الطوال، ودفعت ثمناً باهظاً من أجلها. فدماء أکثر من مائة وعشرين ألف شخص أعدمهم النظام بسبب تمسّکهم بهذه المواقف کان قسطاً من هذا الثمن الباهظ. کما أن ثلاثين ألفاً منهم قضوا نحبهم خلال مجازر رهيبة عام 1988 بأمر مباشر من خميني، وبتنفيذ هؤلاء الذين هم في سدّة الحکم في الوقت الحالي. وهنا يلتقي أبناء الشعب مع المقاومة الإيرانية في المواقف والطموحات والشعارات.
وفي آخر المطاف لقد صدق آية الله خامنئي عندما قال: «إنهم دخلوا الساحة وجرّوا الناس وراءهم».

 

 

* رئيس حکومة الجزائر الأسبق رئس لجنة التضامن العربي الإسلامي مع المقاومة الإيرانة

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة