أخبار إيران

الحرس الثوري أخطبوط الفساد.. کيف أغرق اقتصاد إيران؟


دخلت إيران، السبت، يومها الثالث من الاحتجاجات التي وُصفت بأنها أکبر عرض للسخط منذ “الحرکة الخضراء” عام 2009، والتي نشبت في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبنزين وسوء الأوضاع المعيشية وانتشار الفساد.
الاقتصاد الإيراني الذي يزداد غرقًا يتکون من ثلاثة قطاعات، هي: العام، والخاص، وشبه الحکومي الذي يتضمن مؤسسات دينية وثورية وعسکرية وجمعيات، إضافة إلی التأمين الاجتماعي، وصناديق المعاشات التقاعدية.
وأعلنت إيران في وقت سابق ميزانية عام 2018، والتي يبدأ العمل بها في مارس/آذار المقبل، وسط اتهامات محلية بتوفير إيراداتها من قوت الإيرانيين، في المقابل ترفع مخصصات الحرس الثوري إلی 7.6 مليارات دولار، مقارنة بـ 4 مليارات دولار في الموازنة السابقة.
ويتفق الخبراء علی أنه کنتيجة لعمليات الخصخصة المعيبة خلال الثلاثة عقود الماضية، تم نقل ملکية مؤسسات حکومية عليا إلی القطاع شبه الحکومي، وبالتالي بدأ هذا القطاع تدريجيًا يصبح أکبر دائرة في اقتصاد البلاد.
أحد هؤلاء اللاعبين في القطاع شبه الحکومي، بشکل أخطبوطي هو شبکة الشرکات حول الحرس الثوري الإيراني.
وأوردت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية تقريرًا عن محاولة الرئيس الإيراني حسن روحاني الحد من نفوذ مليشيات الحرس الثوري، حيث إن فساد الحرس يضر بالاقتصاد الذي يزداد وضعه انهيارًا.
بدأ الحرس الثوري الإيراني نشاطًا اقتصاديًا يتجاوز مهامه العسکرية في أعقاب الحرب الإيرانية العراقية عام 1980-1988، وقال القائد السابق للحرس الثوري الإيراني محسن رضائي إن الرئيس حينها أکبر هاشمي رفسنجاني، طلب عام 1989 من الحرس تحويل قدراته لإعادة إعمار البلاد.
ورحبت الأطراف السياسية الأساسية حينها بهذه العملية خلال مرحلة إعادة البناء، وزالت القيود المفروضة علی نمو الحرس الثوري في اقتصاد البلاد عندما مهدت الشرکات التابعة له طريقها إلی المشروعات الحکومية خلال فترة الرئيس الأسبق محمد خاتمي 1997 – 2005.
وبرر المسؤولون في الحرس الثوري أمر توسيع أنشطتهم الاقتصادية خلال العقدين الماضيين بالادعاء بأنهم سيدخلون المجالات الاقتصادية التي تمثل تحديًا کبيرًا للقطاع الخاص؛ لمساعدة الحکومة وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
لکن الإمبراطورية الاقتصادية للحرس الثوري أعاقت اتفاقات الحکومة مع الشرکات الأجنبية، وزادت من التحديات التي تواجهها الحکومة، فهناک تقديرات بأن المصالح الاقتصادية للحرس تصل إلی أکثر من 100 مليار دولار.
ومن أکبر شرکات الحرس مجموعة “خاتم الأنبياء” التي تتبعها شرکات عديدة لکن لا توردها عبر موقعها، وإن أوضحت القطاعات التي تعمل بها، وتتضمن تقريبًا معظم المجالات الاقتصادية من الثروة المعدنية إلی صناعة البتروکيماويات فضلًا عن القطاعين الصحي والزراعي.
وخلال حکم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في عام 2009، اشترت شرکة “اعتماد مبين” للتنمية التابعة للحرس شرکة الاتصالات الحکومية مقابل نحو 8 مليارات دولار.
ولا ينحصر نشاط شرکات الحرس الثوري في قطاعي النفط والغاز علی شرکات مثل: “سيبانير لهندسة النفط والغاز”، لکن أيضًا مجموعة “شهيد رجائي المهنية”، وهي إحدی أکبر شرکات التشييد والبناء في إيران.
وأيًا کان ما يفکر به المرء فيما يتعلق بالحرس الثوري، فإنه قد أصبح جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الإيراني، وما يمکن للحکومة أن تعمل عليه هو جعل الکيانات المنتمية للقطاع شبه الحکومي أکثر خضوعًا للمساءلة وتشکيل مناخ الأعمال بطريقة لا يعوقها عمل القطاع الخاص.
کان روحاني قد أقر في وقت سابق زيادة ميزانية الحرس الثوري المتعلقة ببرنامج الصواريخ الباليستية والحملات العسکرية الخارجية من أجل موازنة جهود محاولة تقليص مصالحه الاقتصادية.
وجاء ذلک في إطار أن الاتفاق النووي الذي رفع بعض العقوبات منذ نحو عامين لا يمکن تحقيق استفادة منه مع عمل شرکات الحرس الثوري في کل القطاعات؛ نظرًا لأن المستثمرين يتراجعون عن الدخول في أي مشروعات خوفًا من تقاطع ذلک مع شرکات الحرس المصنف منظمة إرهابية مما قد يکبدهم عقوبات وغرامات بالمليارات.

زر الذهاب إلى الأعلى