العالم العربي

طبيبان فرنسيان يدعوان “ماکرون” لإنقاذ محاصري غوطة دمشق


 
25/12/2017

دعا طبيبان فرنسيان (زياد العيسی رئيس يوسم/فرنسا وطبيب التخدير والإنعاش، ورفائيل بيتي المسؤول الإداري ليوسم/فرنسا طبيب التخدير والإنعاش) في رسالة مفتوحة إلی الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماکرون” نشرتها صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية؛ دعا المجتمع الدولي للتدخل من أجل إنقاذ الغوطة الشرقية من کارثة محتمة قبل فوات الآوان.
وطالب الطبيبان العاملان في اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحية في سوريا “يوسم” من المجتمع الدولي العمل من أجل الإجلاء الفوري للذين يعانون الأمرين (الجوع والمرض)، وتمکين المنظمات من إيصال المساعدات الإنسانية من أدوية وأغذية إلی السکان المحاصرين، متسائلين عما إذا کان القانون الإنساني الذي قتل في حلب يجب أن يقتل من جديد في غوطة دمشق المحاصرة منذ العام 2013.
وهذا نص الرسالة:
“سيادة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماکرون، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي.
نحن أطباء ومعالجون فرنسيون ومن الشتات السوري، ندق ناقوس خطر الوضع الدراماتيکي الذي تعيشه الغوطة الشرقية حاليا. هذه المنطقة الموجودة في الضواحي الشرقية لدمشق بسوريا تقبع تحت الحصار منذ العام 2013، ويبلغ عدد قاطنيها 370 ألف نسمة، بينهم ما يقرب 95 ألف طفل، يعيشون محاصرين في 30 کيلومترا مربعا.
ومنذ 14تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، شهدت المنطقة تصعيداً للعنف، حيث قتل 268 شخصا وأصيب 1432 آخرون، هذا في الوقت الذي لا يوجد فيه سوی 100 طبيب و20 مستشفی و37 مرکزاً صحياً، مما يعتبر عدداً ضئيلاً مقارنة بالاحتياجات الهائلة للمنطقة التي تتعرض لقصف يومي، فالأحداث تأخذ نفس الطريق المظلم الذي سلکته حلب العام الماضي، عندما کان العالم يتفرج علی المدينة القديمة وهي تدمر، وها هو اليوم يتفرج علی الغوطة وهي تموت في صمت.
هل يمکنک أن تتخيل أن آخر مرة تم تسليم الأغذية إلی الغوطة الشرقية کان في 30 تشرين الأول/ أکتوبر الماضي؟ وبکمية ضئيلة لحد أنها لم تکن قادرة علی توفير ما يزيد علی 10% فقط من احتياجات السکان، وقد بلغ سوء التغذية والجوع مستوی الحرج، وهو ما عکسته الصور الصادمة للهياکل العظمية للرضع، أو صور الأطفال المصابين جراء القصف.
فها هما عبيدة وسحر تسلمان الروح إلی باريها بعد عمر لم يتجاوز الأسابيع وکلاهما ضحية سوء التغذية، وها هي مرام ذات العام الواحد تموت بسبب الفشل الکلوي، أما الرضيع محمد، الذي کان يعاني من رتق المريء، ونجا من جراحة معقدة تحت إشراف طبي عن بعد من الخارج، فقد توفي لعدم وجود الأدوية وإدارة ما بعد الجراحة، وفي المجموع، توفي 12 طفلا بسبب سوء التغذية، أو عدم العلاج في الأشهر الستة الماضية.
وثمة أطفال آخرون وقعوا ضحايا للمرض أو القصف وهم ينتظرون المساعدة والعلاج، فراما مثلاً ذات الأربع سنوات تعاني من سرطان الحلق، وروان ذات الثماني سنوات تعاني من سوء التغذية ومرض عصبي عضال، ناهيک عن کريم ذي الثلاثة أشهر الذي فقد إحدی عينيه نتيجة غارة جوية.
ونحن الأطباء، کما الآباء، لا يمکن أن نظل مکتوفي الأيدي غير حساسين لوفاة الأطفال الأبرياء، الذين لم يکن لهم من ذنب سوی أنهم ولدوا تحت الحصار. إن أسوأ ما يمکن أن يصل إليه الإهمال هو الجهل واللامبالاة بالمصير المأساوي لهؤلاء الأطفال.
ويبدو أن المجتمع الدولي قد هزل أمام هذا الحجم الهائل للعنف، وأصبحت الحرب في سوريا تقدم بوصفها صراعاً معقداً يصعب فهم تداخل قضاياه الجيوسياسية، فکيف بحلها.
ومن المؤکد أن هذا صحيح، ومع ذلک هل ينبغي لنا أن نستکين ونخرس في وجه ما يجري؟ هل ينبغي أن نظل نتفرج دون القيام بأي شيء بينما يقتل مدنيون أبرياء؟
نعم لقد اغتيل القانون الإنساني في حلب عام، هل ينبغي أن ننحره مرة أخری في الغوطة؟ أليس الحد الأدنی من الکرامة الإنسانية هو أن يرفع هذا الحصار ويمکَّن الأشخاص الأکثر هشاشة من التمتع بحقهم في التماس العلاج في المستشفيات التي يتوفر فيها علاجهم اللازم؟ أو لما لا يقام بأفضل من ذلک عبر جعل هؤلاء الذين يتضورون جوعا ويموتون مرضا قادرين علی الحصول علی الدواء والمواد الغذائية؟
لذلک، فنحن نوجه، في هذا الموسم الاحتفالي وبأقوی العبارات، نداء للمجتمع الدولي والأمم المتحدة والمواطنين للتعبئة من أجل: الإجلاء الفوري لـ 500 شخص في حاجة إلی رعاية طبية عاجلة، بما في ذلک 167 طفلا مصابا بأمراض خطيرة، وفتح الباب أمام إمکانية وصول المساعدات الإنسانية إلی سکان الغوطة الشرقية”.

زر الذهاب إلى الأعلى