مريم رجوي

بيان مريم رجوي بمناسبة الذکری السبعين للمصادقة علی الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة

عشية ذکری المصادقة علی البيان العالمي لحقوق الإنسان في الجمعية العامة للأم المتحدة، صدر هذا البيان يوم السادس من ديسمبر 2017 خلال مؤتمر عقد في البرلمان الأوربي في بروکسل. المؤتر جاء بدعوة من المجموعة البرلمانية لإيران حرة بحضور مريم رجوي

بمناسبة الذکری السبعين لاعتماد الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نقف وقفة احترام وتقدير لکل النساء والرجال الذين نهضوا في أنحاء المعمورة للدفاع عن «الکرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة» بمثابة «أساس الحرية والعدل والسلام»»(1) في النضال ضد المستبدين والقمعيين. ونحيّي بشکل خاص أرواح مائه وعشرين ألف مجاهد ومناضل بطل، منهم 30 ألفاً من السجناء السياسيين الصامدين الذين ضحّوا بأرواحهم في العام 1988 في مقاومة نظام الإرهاب الحاکم في إيران باسم الدين.
وفي معرکة حقوق الإنسان في إيران المليئة بالدماء، تلمع عبارة البروفيسور کاظم رجوي الذي ضحّی بروحه من أجل الدفاع عن ضحايا هذه المجزرة حين قال: «إننا نکتب تاريخ حقوق الإنسان في إيران بدمائنا».
وإذا کان اليوم العالمي لحقوق الإنسان هو اليوم الذي يذکّرنا بإنجاز تاريخي سامي ، لکن هذا اليوم يعتبر للشعب الإيراني عيد الدموع والدماء، الذي يذکّر بسجلّ حافل بالمعاناة والعذاب، وهو يوم يذکّر بالأعمال الهمجية التي يرتکبها الملالي الحاکمون والتي «يدفع روح الإنسانية إلی التمرد علی الطغيان ».
وفي الوقت نفسه، إنه يوم يؤکّد التزام الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية بعهدهما الدائم علی مواصلة النضال الدؤوب لإسقاط نظام الإرهاب الحاکم في إيران باسم الدين حتی تصبح إيران فردوس الحرية والعدل وبلدا لحقوق الإنسان.
حملة المقاضاة لمسؤولي مجزرة العام 1988 التي أخذت تتنامی خلال العامين الأخيرين، أخذت حافزها من عزيمة الشعب الإيراني للحصول علی الحرية وحقوق الإنسان. هذه الحملة، بعيدآ عن دماء أريقت ظلماً في العام 1988، تستهدف أساس النظام الحاکم الذي يعتمد علی المجازر والهلاک وقتل القوی المعارضة. لهذا السبب فإن تنامي هذه الحرکة تعکس نهاية نظام ولاية الفقيه وحتمية سقوطه.
نذکر بنماذج من اعتداء نظام ولاية الفقيه علی جميع مفاهيم حقوق الإنسان في إيران ونشدّد علی عهد المقاومة الإيرانية لطي هذه الصفحة السوداء من تاريخ إيران:

1- لقد اعتدی النظام الاستبدادي المتستر بالدين حق الشعب الإيراني في الحياة، وأرسی دعائم سلطته منذ اليوم الأول علی تدمير حقوق الإنسان للشعب الإيراني؛ بدءا من الحرب ضد المواطنين في کردستان الإيرانية، وإعدام الشباب وارتکاب المجازر بحق القرويين الأکراد، وقتل المواطنين العرب في خوزستان واستهداف واعتقال أعضاء وأنصار مجاهدي خلق في عموم البلاد؛ بحيث کان آلاف السجناء السياسيين من مجاهدي خلق في سجون خميني في حين لم يمض سوی 28 شهرا من مجيء خميني إلی السلطة. وقد استشهد أکثر من خمسين من الأنصار صغار السن لهذه الحرکة أثناء توزيع منشورات أو بيانات المنظمة، اثر طعنات السکاکين وهراوات عناصر الحرس وأزلام خميني.
ثم تواصل تدمير حقوق الإنسان وتبلور في الإعدام الجماعي لأعضاء مجاهدي خلق وسائر القوی المناضلة (أحيانا مئات الأشخاص في يوم واحد) في ثمانينات القرن الماضي ثم مجزرة ثلاثين ألف سجين سياسي في العام 1988 وإلی يومنا هذا حيث هناک قائمة طويلة من الملفات المفتوحة لحمامات الدم التي لم يتم محاسبتها: من مسلسل الاغتيالات السياسية وإلی تمثيل جثث الأساقفة المسيحيين، وقتل المنتفضين في مدينة قزوين في العام 1994، وجرائم قتل في معتقل «کهريزک» في العام 2009، وقتل زهراء کاظمي، والمجازر في أشرف وليبرتي علی يد قوة القدس وأزلام خامنئي في العراق.
ولم تکن عمليات القتل هذه عشوائية کما لم تکن خارج أوامر قادة النظام. وأحکام خميني المروّعة لمجزرة سجناء مجاهدي خلق في العام 1988، وتصريحات کبار المسؤولين السياسيين والأمنيين وقضاء النظام خلال العام الماضي للدفاع عن تلک المجزرة، واعترافات مستجوبي وزارة المخابرات بهذا الصدد بأن هذه الوزارة سيئة الصيت تصدر سنويا قائمة من المعارضين الواجب «تصفيتهم واختطافهم»(2) بالإضافة إلی الکثير من الأدلة والقرائن تثبت أن هذه المجازر کلها کانت ممنهجة ومنظمة وتم ويتم تنفيذ کل واحدة منها وفق أمر صادر عن أعلی جهات في النظام.

2- ويقدّر عدد الإعدامات السياسية بمائة وعشرين ألف شخص، و لکن تقدير عدد حالات الإعدام غير السياسية غير ممکن. الملالي الحاکمون وحسب مقتضيات السياسية والأمنية للنظام ولغرض بثّ أجواء الخناق والرعب، أودعوا العديد إلی مشانق الإعدام من المجرمين الذين لم ترتق جرائمهم حتی وفق قوانين النظام نفسه إلی حد الإعدام ، بل وحتی العديد من السجناء الأبرياء. وفي عام 2016، بلغ عدد السجناء الذين کانوا في انتظار الإعدام خمسة آلافو وثلاثمائة شخص.(3) لکن التقارير الواردة من عدة سجون تؤکد أن عدد السجناء عند خط الموت هو عدة أضعاف هذا العدد. وبعضهم من مواطني الدولة الشقيقة المجاورة أفغانستان. ويستغل الملالي هذا الظرف الذي يعيشه المحکومون، لدفع هؤلاء إلی جبهات الحرب ضد الشعب السوري. إن إعدام الشبان الذين ارتکبوا جرائم قبل بلوغهم الثامنة عشرة من عمرهم هو حالة أخری من الأعمال القاسية المستمرة التي يرتکبها النظام ووصفت منظمة العفو الدولية هذا النظام في وقت سابق «آخر جزّار الأطفال»(4)
وبعيدا عن عدد عمليات الإعدام، فإن الأمر المهم هو استخفاف الملالي بالإنسان . المجرمون المعروفون في قضاء النظام بـ «قضاة سالبي الحياة» يعدمون السجناء في مجموعات دون محاکمة عادلة، وفقا لأوامر الولي الفقيه، حتی يحافظ النظام المتداعي توازنه.

3- وسلب نظام ولاية الفقيه حق الشعب الإيراني في المشارکة في تقرير مصيره السياسي ومصير المجتمع. وتحظر الحکومة النضال السياسي، وتشکيل أي اجتماع ، أو تنظيم وإصدار أي نشرة أو وسيلة إعلامية غير موالية للحکم.
لا يمکن لأي حزب أن يری النور إلا أن «يکون في خطوطه العريضة وفي بيانه التأسيسي يعلن بکل صراحة التزامه بالدستور وبمبدأ ولاية الفقيه المطلقة» (5) ولا يمکن قبول أي شخص کعضو لحزب سوی بشرط «اعتقاده بالدستور و وبولاية الفقيه المطلقة والالتزام العملي بهما» (6)
المعارضة للنظام جريمة، وإذا کان المرء له أدنی صلة مع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، فستکون له عقوبة شديدة. ولا يحق لأي شخص ليس خاضعا لولاية الفقيه في تولي مناصب لاتخاذ القرار في الحکومة ومؤسسات أخری في الدولة.
الشعب الإيراني محروم من حق الانتخاب الحر؛ و بدلا من ذلک، تقام کل عام، مسرحيات متنوعة تحت اسم «الانتخابات»، وهو ساحة لتقسيم أجزاء من السلطة بين العصابات القمعية المتنافسة. من الجلادين المعروفين باحتراف التعذيب وأعضاء لجان الموت في مجزرة 1988 وإلی القادة المحترفين بالقتل في قوات الحرس حيث يحصلون علی مقاعد في مجلس الشوری للنظام أو مجلس الخبراء.
وفي أواخر الشهر الماضي، اعترف الرئيس السابق للنظام أحمدي نجاد: «اليوم أقلية قليلة تعتبر نفسها في جميع الأحوال الحق المطلق، صاحب ومالک احتکار البلاد والثورة، وأسياد الشعب، مع الحق النهائي للسيادة». (7)

4- وقد حرم نظام ولاية الفقيه الشعب الإيراني من حقه في تمتعه بحکم القانون واستبدله باستبداد مطلق. المادة 57 من الدستور الحالي للنظام أعطت للولي الفقيه سلطة وصلاحيات غير محدودة، بإضافة صفة «مطلقة» إلی «ولاية الفقيه». (8) وفي الممارسة العملية، کل السلطة العامة في إيران تنبع من هذا الرجل. وفي الواقع أن الاستخدام التعسفي للسلطة – الذي أجازته مختلف موادّ دستور ولاية الفقيه – هو مبدأ ثابت دائم في إيران تحت حکم هذا النظام. وبوجه عام، فإن أي قانون في إيران يجب بالضرورة أن يؤيده مجلس صيانة الدستور المعيّن أعضاؤه من قبل الولي الفقيه، ويشکّل بالذات انتهاکاً لسيادة القانون. إن القرارات التعسفية التي يتخذها الحاکم مدی الحياة والمتعاونون معه هي ضد المصالح الوطنية والشعبية لإيران، وهي تشکّل دائما انتهاکا صارخا لحقوق إنسان الشعب الإيراني. کما ان تملص الملالي الحاکمين من أي مسائلة أمام الشعب، وإطلاق أيدي مسؤولي النظام والموالين لهم في ارتکاب أي نوع من أعمال النهب وممارسة المفاسد المالية والاعتداءات علی حقوق الشعب الإيراني من دون محاکمة ومعاقبة، واستبدال السلطة القضاية إلی سيف مسلط بيد شخص الولي الفقيه، بحيث لم يبق أمن قانوني ومبدأ البراءة للشعب الإيراني ، وتحويل مجلس الشوری إلی نادي لأعضاء مختلف العصابات الحاکمة حيث لا يصدر منه قانون الا لصالح «تلک الأقلية القليلة»، وکذلک تحويل الحکومة إلی «مؤسسة خدمية» لولاية الفقيه واستبدال القوات الحافظة لأمن الشعب، بمؤسسات قمعية وتجسسية وأعمال القتل، کل هذه الممارسات قد سلبت کل الحقوق والحريات الأساسية من الشعب الإيراني.

5- وقد حرم الاستبداد المتستر بالدين الشعب الإيراني من «الحق في حرية الفکر والوجدان والدين».
هذا النظام کان ولا يزال يعمل علی اضطهاد واعتقال وإقصاء أصحاب الرأي الآخر وأتباع مختلف الديانات من المسيحيين واليهود والبهائيين إلی المسلمين السنة ودراويش«أهل الحق» والغوناباديين والشيعة المعارضين لولاية الفقيه.
تفتيش العقيدة هو النهج المتّبع في خيارات التوظيف والتدريب. والتکفير الديني والصاق صفة الارتداد هو الآلة الرئيسية لهذا النظام من أجل القمع.
العبارة الأولی من حکم خميني في مجزرة المجاهدين في عام 1988 هي کذبة مزعومة: «بما أن المنافقين لا يؤمنون بالإسلام أبدًا، وکل ما يقولونه يأتي من المکر والنفاق؛ وبإقرار قادتهم يعتبرون مرتدين عن الإسلام». قام خميني وخليفته خامنئي وبهذه الافتراءات بإعدام ثلاثين ألفا من مجاهدي خلق والمناضلين في العام 1988، وکثيرين آخرين طوال حکمهم. وکان الهدف إضفاء نوع من التبرير تحت اسم الإسلام علی ما يقترفونه من جرائم ضد الإنسانية. بينما روح الإسلام براء من هذه الممارسات في إراقة الدماء والافتراءات، بصرف النظر عن الدجل والکذب الذي يمارسه النظام الحاکم في فبرکة هذه التسميات.

6- يحرم الشعب الإيراني من حقه في الإنصاف (الرجوع المؤثر) إلی المحاکم المختصة (المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان). ولا توجد مثل هذه المحاکم في إيران. وبدلا من ذلک، هناک محاکم تفتقر إلی سير العمل القضائي الصحيح، وهي تعمل فقط وفق إرادة حکام شرع الملالي ومحترفي التعذيب وعناصر القمع.
المادة 167 من دستور ولاية الفقيه، جعل مصير المتهمين أو المشتکين وحقوقهم تابعا لرغبات وطلب القضاة الشخصية وهؤلاء القضاة تابعون للولي الفقيه (9) الذين يتخذون أي قرار يريدونه بالاستناد حسب استنباطاتهم إلی ما يسمی « الفتاوی المعتبرة»- وهي اسم مستعار لکتاب «تحرير الوسيلة» لخميني – علی اتخاذ أي قرار يريدونه.
ولا يتمتع المحتجزون بحقوق قانونية وکثير من المتهمين ليس لديهم محام أو أنهم مجبرون علی قبول المحامي المفروض عليهم من المحکمة نفسها الذي غالبا ما يتصرف ضد المتهم. وفي الحالات التي يحاول فيها المحامون الدفاع عن موکليهم، يحظر عليهم الوصول إلی الملفات وإذا أصروا علی إرادتهم، فيتم ملاحقتهم وأحيانا تصدر ضدهم أحکام طويلة الأمد.

7- القوانين المدنية للنظام قائمة علی التمييز بين الرجل والمرأة.
القانون الجنائي للنظام – قانون العقوبات الإسلامية- صيغ من البداية إلی النهاية علی أساس العقوبة الجسدية، مثل الإعدام والتعذيب والجلد. فضلا عن العقوبات اللاإنسانية مثل الصلب، أو الرمي من أماکن عالية، وقطع الأطراف و… أکثر من مئة حالة لها عقوبة الإعدام والقتل والحدّ؛ و 50 حالة عقوبة الجلد.
وحسب احدی المواد في هذا القانون اللاإنساني، حيث يتم تنفيذه کل عام مرات عدة، ان «حد السرقة»… هو « قطع أصابع يد السارق وترک إبهامه إن کان سرق لأول مرة»… و«في المرة الثانية تقطع الرجل اليسری من مفصل الکعب». (10)وحسب مادة أخری «حد المحاربة» وهي تهمة توجّه عادة ضد مجاهدي خلق وهي: «واحد من العقوبات الأربعة التالية: أ: الإعدام؛ ب: الصلب؛ ج: قطع اليد اليمنی والرجل اليسری؛ د: النفي». (11)
وفيما يتعلق بالمعارضين السياسيين، تفنّن النظام في وضع 74 نوعا من التعذيب واستخدمها في السجون. ولا يزال اغتصاب السجينات مستمرا کوسيلة منهجية للتعذيب في سجون هذا النظام، ومنع السجين من الوصول إلی العلاج وقتله تدريجيا کشکل من أشکال الإعدام يستخدم ضد السجناء السياسيين.

8- وقد حرم نظام الملالي الشعب الإيراني من حرية الوصول إلی المعلومات والأفکار بحرية.
وسائل الأعلام والمواقع الإلکترونية غير التابعة للحکومة غير مسموح لها بالنشاط، کما لا يسمح لأي کتاب بالصدور دون رقابة، ويفرض التنصت علی المکالمات الهاتفية للأشخاص. القنوات الفضائية تتعرض للتشويش بشکل منهجي من قبل قوات الحرس. المدوّنون والمواقع الالکترونية والاتصالات عبر البريد الالکتروني، والنشاطات في مواقع التواصل الاجتماعي تخضع للسيطرة الأمنية الکاملة.
وتقوم شبکة شرطة الأمن باسم «فتا» في طهران وعشرات المدن الأخری باستکشاف ومطاردة النشاطاتالمناهضة للنظام في الفضاء المجازي (السييبراني). وقد أدت هذه الرقابة حتی الآن إلی اضطهاد ومضايقة العديد من الشباب، حتی استشهادهم (مثل ستار بهشتي).
قوات الحرس التابعة لخامنئي، وقوات البسيج اللاشعبية، وقوی الأمن الداخلي، ووزارات الاتصالات، والمخابرات والإرشاد والسلطة القضائية، ونيابة رئيس الجمهورية، والعديد من المؤسسات الأخری، منهمکة في فلترة وحجب المواقع والسيطرة علی الأنشطة في شبکات التواصل الاجتماعي. في عام 2016، اعترف النائب العام للنظام بأنه يتم حجب ما بين15 و20 ألف شبکة وقناة کل أسبوع علی شبکة الإنترنت الإيرانية.(12)

9- بينما إيران دولة متعددة الطوائف، فإن نظام ولاية الفقيه قد سلب حق القوميات الإيرانية – بما في ذلک العرب والأتراک والأکراد والترکمان والبلوش والقشقائي واللور والبختياري – في التمتع بالمساواة في الحقوق والرفاهية والعلاج والتعليم والخدمات الحضرية والريفية والمسکن اللائق واستخدام لغة الأم.
واجه المواطنون العرب محاولات الملالي الحاکمين لإحداث تغيير في الترکيبة العرقية في مناطقهم کما يتم قتل المواطنين البلوش والأکراد باستمرار من خلال إطلاق النار عليهمر بشکل عشوائي من قبل قوات الحرس في المناطق الحدودية، کما يتم قتل أطفالهم.

10- النساء في إيران يناضلن من أجل الحرية والمساواة منذ أکثر من 150 عاما، وهن محرومات تحت حکم ولاية الفقيه من الحق في المساواة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأسرية والتعليمية والقضائية. ان تعيين النساء في بعض الأعمال، بما في ذلک القضاء، والدراسة في عشرات الوحدات الدراسية الجامعية، والغناء، وحضور الملاعب الرياضية لمشاهدة المسابقات، والأنشطة في بعض الألعاب الرياضية تشکل جزءا من قائمة الحظر للنساء. وتقتصر مشارکة المرأة في سوق العمل علی 12٪ إلی 15٪ في حکم هذا النظام. (13) أجور النساء للعمل المساوي مع الرجال أقل منهم، ويخضعن باستمرار لضغوط من مجموعة متنوعة من القوانين والتبريرات لتقليل ساعات عملهن أو ترک وظائفهن والانضمام إلی الملايين من النساء العاطلات عن العمل. المرأة هي الضحية الأولی للانهيار الاقتصادي للبلد مما أدی إلی طرد النساء العاملات بشکل متزايد. وبدلا من ذلک، فإن أنشطة النظام الرامية إلی السيطرة علی النساء وإذلالهن، لا سيما في «سوء الحجاب»، لا تتوقف أبدا ولا تنخفض. وبلغ عدد المؤسسات الحکومية التي تعنی بالسيطرة علی حجاب النساء 20 مؤسسة. هذه الممارسات القمعية تتطور إلی حد رشّ الأسيد علی وجوه النساء من قبل عصابات النظام. وقد حدثت الحالة المأساوية لهذه الجريمة في خريف عام 2014 في إصفهان. وبالإضافة إلی ذلک، فإن المرأة في جميع أنحاء البلد ليست في مأمن من اعتداءات وتحرشات قوات الحرس وأفراد البسيج وعملاء وشبيحة خامنئي.

11- أن انتهاک حقوق الإنسان للشعب الإيراني من أجل تعزيز تحکيم سلطة الملالي القمعية ، يترافق مع انتهاک صارخ للحق في الملکية في إيران، وهو علی خلاف لمواد مختلفة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولا سيما المادة 17 منه. مصادرة منازل وأي أصول للمعارضين السياسيين، والتطاول علی العقارات والمراتع والغابات والجبال التي هي في الملک العام، والاستيلاء علی عدد کبير من المنازل والعقارات والممتلکات للمواطنين من قبل «اللجنة التنفيذية» للولي الفقيه (غالبا دون أي سبب أو عذر)، نهب العديد من الشرکات الکبری والمؤسسات الربحية المملوکة للدولة التي أدت إلی سلطة خامنئي وقوات الحرس علی نصف الناتج المحلي الإجمالي لإيران، و… هي تشکل جزءا من الانتهاک الصارخ لحقوق الملکية في إيران من قبل النظام. وهو نظام کان يری مؤسّسه- خميني- منذ الأسابيع الأولی من الحکم، ثروات وأرصدة الشعب الإيراني کغنيمة عسکرية لابد من أن تقع تحت أيدي «مجلس الثورة» و«لجان» قوات الحرس. (14)کما کتب خميني لاحقا لخامنئي : يمکن للحکومة إلغاء عقودها مع الشعب من جانب واحد. ويمکن أن تمنع أي شيء يعارض «مصالح الإسلام»… (15)
وعلی هذا المنوال، حرم الشعب الإيراني من الحق في العمل بحرية والحق في الأجر المتساوي عن العمل المساوي. وهناک مجموعة محدودة جدا تضم مسؤولي النظام والجهات التابعة لهم وأعضاء الأجهزة الأمنية والقوات العسکرية يتمتعون بموارد وثروات طائلة، فيما يظل الغالبية العظمی من الشعب لا تتمتع بالدخل الذي توفر لها المقومات الأساسية في العيش. ويضطر أکثر من 90 في المائة من القوی العاملة في إيران إلی العمل بموجب عقود مؤقتة وبيضاء لم يکن لديهم أي أمن وظيفي. وقد أجبر مئات الآلاف من الشباب الفقراء، ولا سيما في المناطق الکردية، علی مزاولة مهنة «العتالين» (الحمالين)، رغم أنهم ليسوا بمأمن في هذا العمل المضني عن القتل بالطلقات النارية وإصابات قوات الحرس.
وفي طهران وفي المدن الکبری في إيران، تزاول مجموعة کبيرة من الناس البسطية في أرصفة الشوارع ولکن رغم ذلک يتعرضون للقمع ونهب أصولهم دائما من قبل أزلام النظام.

12- يحرم الشعب الإيراني تحت حکم رجال الدين من الحق في تأسيس النقابات العمالية والاتحادات العمالية المستقلة وکذلک للموظفين وتجمعات الطلابية المستقلة. وبدلا من ذلک، أنشأ نظام ولاية الفقيه اتحادات مزيّفة وهمية تشکل جزءا من المؤسسات الأمنية والمخابراتية الحکومية للسيطرة علی العمّال والموظّفين والطلاب. وقد اعتقل النظام العديد من الذين ناضلوا من أجل تشکيل منظمات مستقلة، وخاصة العمّال والمعلّمين، وحکم عليهم بالحبس لمدد طويلة وحرمانهم من حقوقهم الاجتماعية.

13- وبموجب حکم الملالي، تمارس أعمال التمييز ضد الشعب الإيراني. لقد استحوذت العصابات الحاکمة علی کل شيء وحصلت علی المواقع والثروات الخيالية معفاة من الضرائب، وتمارس المراباة في جميع المجالات، ولا توجد عوائق إدارية وأمنية أمامها، ولا تحاسب أبدا علی ممارساتها الإجرامية العديدة، ولن تتم محاکمتهم. وفي حين أن الغالبية الساحقة من المواطنين هم دائما يتم التعامل معهم فيما يسمی بالمحاکم کأفراد بلا حقوق، وحصتهم من فرص العمل والفرص الاقتصادية، قليلة أو يکاد يکون لا شيء. وهم محکوم عليهم بدفع الرشاوی دائما وتحمل جميع أنواع الازدراء والاضطهاد.

14- وفي حين أن السکن الصحيح هو حق أساسي من حقوق الإنسان، فقد اُبقي کثير من الإيرانيين بعيدا عن هذا الحق. واليوم يعيش ما يقرب من 20 مليون شخص في ضواحي المدن وفي العشوائيات -غير المأذون بها – والتي تفتقر إلی الحدّ الأدنی من الخدمات الحضرية. واثر سياسات النظام الحاکم القائمة علی الفساد والنهب، فإن متوسط المقاومة والسلامة في المنازل الحضرية والريفية، وخاصة المنازل التي بنيت في السنوات الأخيرة، منخفضة بشکل خطير، وجعلت أرواح وحياة الملايين من الإيرانيين معرّضة للخطر وبلا حماية أمام الکوارث الطبيعية، ولا سيما أمام الزلازل.
وفي الربع الأخير من القرن الماضي، فقد 500 ألف مواطن أرواحهم من جراء الکوارث الطبيعية وبسبب تقاعس النظام في إغاثة المواطنين.

15- وبصرف النظر عن حرمان العديد من حقوقهم، فإن الشعب الإيراني محروم أيضا من حقه في معرفة أسماء أبنائه الشهداء في مجزرة سنة 1988 کما أن العديد من عوائل الشهداء الذين أعدمهم النظام في ثمانينات القرن الماضي محرومة من الاطلاع علی عناوين المقابر الجماعية لأبنائها.
ومنذ المجزرة، کلما کانت علامة علی مقبرة جماعية اکتشفتها أسر الشهداء، فقام نظام ولاية الفقيه بهدمها أو التغطية عليها بالخرسانة أو البناء.

16- إن دکتاتورية الشاه، التي کانت تعتبر نفسها جزيرة الاستقرار، في نهاية المطاف سقطت عندما تم إخضاعها للضغط الدولي، وتخلت عن الآلة المحورية لانتهاکات حقوق الإنسان – الجلد و الإعدام- . ولذلک فإن الدکتاتورية الحالية المتسترة بالدين ومن خلال تعلمها دروسا من مصير الديکتاتورية السابقة، تحافظ علی انتهاکات حقوق الإنسان الوحشية وتعيد إنتاجها لأنها وجدتها عاملا حيويا لبقائها علی الحکم. ومع ذلک، فإن استمرار هذا القمع والمواجهة المستمرة مع الشعب الإيراني ليس له نتيجة إلا اسقاط هذا النظام.
إن المقاومة الإيرانية التي تناضل من أجل الحرية والمساواة والديموقراطية في إيران وإقامة جمهورية علی أساس الفصل بين الدين والدولة ، تؤکد التزامها بإحياء حقوق الإنسان في إيران، وإلغاء عقوبة الإعدام بعد الإطاحة بالنظام والالتزام الصارم «بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان» و«العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية» و«اتفاقية مناهضة التعذيب» و«اتفاقية القضاء علی جميع أشکال التمييز ضد المرأة» وکذلک إنشاء نظام قضائي حديث، علی أساس احترام مبدأ البراءة، والحق في الدفاع والعدل والحق وضمان المحاکمات العلنية والاستقلال التام للقضاة.
علی أمل أن يری، شعبنا في إيران الغد «الحرية في التعبير والمعتقد»، وأن يکون بعيداً «من الخوف والفقر»، وليری «ظهور عالم» « يوصف بالمثل الأعلی المشترک بين أبناء البشر»(16).
…………………………………………………………………………………………………………..
1ــ ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
2 ـ «تقرير قتل “فروهر وزوجته“ وفق رواية ”پرستو فروهر“، إذاعة البي‌بي سي، 22 نوفمبر2016، اعادة کتابة ”محسني“ موظف وزارة المخابرات بتاريخ 5 يوليو 2000 وکذلک ”أصغر اسکندري“ المعروف بـ ”سياحي“، موظف وزارة المخابرات، في التاريخ نفسه: “عمل التصفية الجسدية… وضع في جدول أعمالنا منذ عام 1991 من قبل الوزارة وکان من واجبات قسمنا“. وکذلک : ”هکذا أعمال کان سياق عمل تنظيم الوزارة… الی درجة کانت تؤخذ في نظر الاعتبار أبرز النشاطات في أعمال التصفية والاختطاف في البرامج السنوية».

3-حسن نوروزي المتحدث باسم لجنة القضاء في مجلس الشوری للنظام، وکالة أنباء ايلنا الحکومية، 8 أغسطس 2017

4 ـ‌ تقرير منظمة العفو الدولية في يونيو 2007

5- قانون «کيفية نشاط الأحزاب والجماعات السياسية» المادة 2 التبصرة 5، الجريدة الرسمية 19 نوفمبر2016

6- قانون «کيفية نشاط الأحزاب والجماعات السياسية» المادة 6

7- رسالة محمود احمدي نجاد إلی خامنئي ، «دولت بهار» 28 نوفمبر 2017

8- دستور نظام ولاية الفقيه المادة 57:« السلطات الحاکمة في جمهورية ايران الاسلامية هي: السلطة التشريعية، و السلطة التنفيذية، و السلطة القضائية، و تمارس صلاحياتها بإشراف ولي الامر المطلق و امام الامة و ذلک وفقاً للمواد اللاحقة في هذا الدستور، و تعمل هذه السلطات مستقلة عن بعضها بعضاً»

9- دستور نظام ولاية الفقيه المادة 167:« علي القاضي ان يسعي لاستخراج حکم کل دعوي من القوانين المدونة، فان لم يجد فعليه ان يصدر حکم القضية اعتماداً علي المصادر الاسلامية المعتمدة او الفتاوي المعتبرة.»

10 ـ «قانون العقوبات الإسلامي»، الصادر في 2013، المادة 278

11 ـ‌ القانون نفسه، المادة 282

12 ـ محمد جعفر منتظري،‌ المدعي العام، وسائل الاعلام الحکومية 16 فبراير 2017

13 ـ‌ في مارس 2017 ادعی رئيس مرکز الإحصاء «اميد علي بارسا» بـ «زيادة ملموسة في معدل المشارکة الاقتصادية للنساء» وقال: هذا المعدل بلغ 14.9 في العام 2016. (وکالة أنباء ايسنا الحکومية ، 18 مارس 2017)

14 ـ حکم خميني، 28 فبراير 1979 بشأن مصادرة الأموال المتبقية من النظام السابق: «أوجّه أمري لجميع لجان الثورة الاسلامية في جميع أنحاء البلاد وضع کل ما يتمکنون من مصادرته من هذه الغنائم في حساب خاص وابلاغ الحکومة بأن هذه الأموال لا تعود للحکومة وأن القرار فيها يعود لمجلس الثورة، وعلی مندوبي الدولة ممن حصلوا أو يقومون بمصادرة بعض هذه الأموال، ايداعها في الحساب المخصص لها» صحيفة خميني النسخة الفارسية ج 6، ص 267

15- هذه الرسالة حررت في 11 يناير 1988، صحيفة نور ، ج 2 صص 451-452

16 ـ ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

زر الذهاب إلى الأعلى