تقارير

معذبون في سوريا يطالبون بالعدالة في ألمانيا

نقلا عن يورونيوز عربية

23/12/2017

 

مواطنون سوريون تعرضوا لاشد انواع التعذيب في السجون السورية. في برنامج انسايدرز، التقينا ببعض السوريين الذين يحاولون إعادة بناء أنفسهم في ألمانيا حيث يقومون بإجراءات قانونية ضد مرتکبيها بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.
في روسلشيم بألمانيا، بالقرب من فرانکفورت، المحامية الألمانية نهلة عثمان من أبوين سوريين، تقوم بمهمة صعبة، انها تساعد الذين تعرضوا للتعذيب في سجون نظام بشار الأسد، اليوم لجأوا إلی ألمانيا.
الرسالة الأولی التي نريد أرسالها إلی القتلة والمجرمين في سوريا وفي العالم باسره هي: لقد انتهی زمن الإفلات من العقاب. لا يسمح بالإفلات من العقاب في أي وقت وفي أي مکان، احذروا: 
أنور البني محامي حقوق الإنسان
“ربطوا معصمي بسلاسل حديدية، وربطوني بقضيب حديدي مثبت بالسقف، بطريقة تجعلنا معلقين لکننا واقفين علی الأرض علی اصابع اقدامنا“، يقول أحد الذين تم تعذيبهم ولا يرغب بالکشف عن هويته، اطلقنا عليه أسم “أبو فراس”.
ضحية أخری، عبد الکريم الريحاوي، ناشط في الحقوق المدنية من دمشق، تعرض لتعذيب مماثل:“علقوني من يدي في السقف، وضربوني بعصا حديدية.”
“شعرت بان أصبعي بحجم کرة القدم، بأن ذراعي طويلة جدا لأن أکتافي قد انخلعت من شدة التعذيب … نظرت فرأيت ان ذراعي بعيدة جداً .“، يقول يزن عوض، سوري تعرض للتعذيب أيضاً.
المحامية نهلة عثمان جمعت مئات التقارير والأدلة التي تثبت استمرار التعذيب في السجون السورية. لکن القليل جدا من الناجين يتجرأون علی رفع قضية ضد النظام السوري.
في روسلشيم بألمانيا، هذه المحامية الألمانية، من أبوين سوريين تساعد الذين تعرضوا للتعذيب في سوريا.
جمعت مئات التقارير والأدلة التي تثبت استمرار التعذيب في السجون السورية من اجل رفع دعوی قضائية في المانيا.
عدد قليل من الدول الأوروبية تسمح بالقيام بهذه الإجراءات بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية
“شعرت بانني اصبت بالشلل”
لکن القليل جدا من الناجين يتجرأون علی رفع قضية ضد النظام السوري.
“ الکثير من اللاجئين ينتظرون إعادة لم الشمل العائلي، إذا کان أفراد الأسرة لا يزالون في سوريا، يخشی الذين وصلوا إلی ألمانيا من اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم، إذا علم النظام السوري برفع قضية ضد من عذبهم، فانه قد يسجن او يقتل أقاربهم “، تقول المحامية.
أحد زبائن نهلة عثمانن “أبو فراس“، أحد الناجين من التعذيب، يتحدث لنا عن معاناته قائلاً:”“لديهم أداة کهربائية، وضعوا الاسلاک الکهربائية تحت ذراعي وعلی اصابع قدمي واصبع يدي، لا تزال الآثار واضحة علی هذه الإجراء في الابهام، وضعوا التيار الکهربائي ثم قطعوه، وضعوه وقطعوه لمرات عدة لکي أتکلم”.
“ عذبوني باستخدام اطارات السيارات: حشروا جسدي داخل الاطار بطي ذراعي فوق رکبتي حتی لا أستطيع الحرکة. ضربوني بقطعة من مشط محرک الدبابة. نوع من الحزام بهذا السمک وهذا العرض. بعد أول ضربتين، شعرت بالشلل. آنذاک، کنت آمل أن أری في يوم ما، ابني الذي ستلده زوجتي “، يضيف قائلاً.
“التسامح مع کل طوائف الشعب السوري أمر ممکن، لکن مع عدم وجود هذا النظام الإجرامي“، يقول أبو فراس.
سيقدم أبو فراس قريبا قضيته إلی المدعي العام الاتحادي الألماني علی أمل أن تصدر أوامر اعتقال دولية ضد کبار المسؤولين السوريين علی المدی الطويل.
“سبعة آلاف مجرم حرب في جميع انحاء أوربا “
صديقه، الناشط في الحقوق المدنية عبد الکريم الريحاوي، مؤسس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، يدعونا إلی غرفته الفندقية الصغيرة حيث يسکن منذ أکثر من عامين. عرض علينا ادلة علی التعذيب، جمعها بفضل شبکة حقوق الإنسان المدنية التي لا تزال تعمل
سراً في سوريا. وحدد الذين قاموا بالتعذيب والذين يعيشون حاليا في ألمانيا .
مراسلنا هانز فون دير بريلي:
“من بين الذين هنا: هل هناک من قام بالتعذيب؟“
“أجل. يوجد الکثير منهم. عذبوا وارتکبوا الکثير من الجرائم. لهذا السبب نطلب من السلطات الألمانية اتخاذ اجراءات ضدهم.
لدينا قائمة بهؤلاء القتلة. حتی الآن قدمنا ست قوائم إلی الحکومة الألمانية …
هناک ما لا يقل عن 7000 مجرم حرب سوري في جميع أنحاء أوروبا، لکن أکثرهم يعيشون في ألمانيا، خاصة بعد وصول أعداد کبيرة من اللاجئين في العام 2015.
هذا أيضا ما يجعلني غاضبا جدا: إنهم يتمتعون بحياتهم هنا في ألمانيا، ويستفيدون من القانون وهم مجرمو حرب “، يجيب عبد الکريم الريحاوي .
وحدة جرائم الحرب في المکتب الاتحادي الألماني للتحقيقات الجنائية قالت ل “يورونيوز” إنها حصلت علی 4300 معلومة من الناجين السوريين والعراقيين، مما أدی إلی التحقيق عن 43 شخصا. لکن من الصعب الحصول علی أدلة دامغة ضدهم.
“التعذيب في سوريا أمر طبيعي جدا، ونظامي جدا، الشيء غير الطبيعي هو أن تذهب إلی السجن بلا تعذيب.
ضربوني بالاسلاک وبأيديهم واقدامهم.
للذهاب إلی المرحاض کان علينا ان نمشي عبر الجثث الملقاة علی الأرض. يا إلهي، هذا فظيع حقا …
طوال الليل کنا نسمع أصوات الناس وهو يتوسلون ويصرخون من شدة التعذيب …
سمعت صوت طفل: ربما کان في 14 أو 16 من العمر، کان يريد والده، يصرخ قائلاً: ارجوکم أريد ابي… ابي .. “، يقول عبد الکريم الريحاوي.
“أنا نجيت، ومات الآخرون”
نغادر فرانکفورت لنتوجه إلی برلين حيث توجد شهادات اخری عن التعذيب..
الفنان السوري الشاب حامد سليمان يدعونا إلی مکان عمله في برلين. هو أيضاً يعرف السجون السورية من الداخل. بعد إطلاق سراحه، حصل علی حق اللجوء في باريس. اليوم يعيش بين ألمانيا وفرنسا.
في العام الماضي أصدر مستشفی الحرية، رواية برسوم تتحدث عن بداية الصراع في سوريا. يکرس کتابه لحسام، صديق تعرض للتعذيب حتی الموت.
“شارکنا معاً في بداية الربيع العربي وحلم الحرية في بلد أفضل وغير ذلک… غادرت سوريا وکان حسام يستعد لمغادرة سوريا حين اعتقل … قتل في السجن، بعد خمسة أيام، اتصلوا بوالدته لاستلام جثته.
أنا نجيت، والآخرون ماتوا، لذلک حملت کلمتهم، کانت مسؤوليتي نوعاً ما… تساءلت عن کيفية تصوير العنف في هذا الکتاب، لأن الکثير من الناس يقولون : “ليس من الضروري اظهار الدم وکل هذا العنف للحديث عن سوريا”. وفي الوقت نفسه، قلت لنفسي: لکن هذا هو الواقع ! “، يقول الفنان حامد سليمان.
توفير المعلومات حول الواقع في سوريا، أنور البني و يزن عوض تجاوزا هذا. أحدهما محام سوري متخصص بحقوق الإنسان، والآخر ناشط في مجال الحقوق المدنية في دمشق.
تعرضا للتعذيب في السجون السورية، اليوم يکافحان أيضا لخوض معرکة قانونية يدعمها المرکز الأوربي.
لحقوق الإنسان والدستور. عرضت أعمال حميد سليمان في مقر المرکز بمساعدة مستشارة، قدم أنور ويزن شکوی إلی المدعي العام الاتحادي الألماني ضد کبار المسؤولين السوريين الذين أمروا بالتعذيب.
الخطوة المقبلة؟ ماذا سيحدث في العام المقبل، بشأن هذه القضية؟
“بعد هذه التحقيقات المتعلقة باشخاص، نأمل بان تصدر المحکمة الفيدرالية العليا في المانيا مذکرات اعتقال، بعذ ذلک نأمل باصدار مذکرات اعتقال اوروبية ودولية ضد هؤلاء الاشخاص“، تقول أليکساندرا ليلي کاثير، مستشارة قانونية.
“شخصيا، التقيت برئيس مکتب الأمن القومي (السوري) وأخبرته بالتعذيب. انه علی علم بکل ذلک. لأنهم احتجزوني بامر منه“، يقول
أنور البني، محام بقضايا حقوق الإنسان.
أشد أنواع العذاب
يزن هو “الشاهد الرئيسي ال 24“، لهذا خضع للإجراءات التي بدأها المدعي العام الاتحادي. هو احد الضحايا النادرين الذين يدلون بشهادتهم علناً.
خلال الربيع العربي، نظم مظاهرات في دمشق. وفي تشرين الثاني / نوفمبر 2011، ألقي القبض عليه وتعرض للتعذيب الشديد لأنه اعترف، أخيرا، بجرائم لم يرتکبها …
قلت للرجل الذي کان يعذبني بأنني سأعترف بکل شيء، حتی أنني سوف أشهد ضد والدتي”. قال لي حسناً سوف نحضرها ونری!”
عاد بعد 15 أو 30 دقيقة وقال: “أحضرنا أمک لتعذيبها أمامک!” لکني أعرف أنه کان يکذب.بدأت أصرخ “أمي، أمي!” وجه لي لکمة في وجهه.
قال لي : “حسنا، ستری ما سنفعله مع والدتک“، لکني کنت معصوب العينين.
الضغط النفسي کان هائلا، اصبت بالانهيار لأنهم أساءوا إلی امرأة بريئة. لم أکن أعرفها. ربما کانت تحدی المعتقلات في المرکز وجلبوها، کانت في الغرفة وکان من الواضح أن شخصين يقومان بتعذيبها أو اغتصابها لأنني سمعت أصواتا عدة.
اصبت بالانهيار تماما. قلت للذي کان يعذبني. “أعترف بکل ما تريد، لکن اوقف التعذيب، قال:” الرجال لم يکملوا ما يقومون به معها بعد!.
هو ومعه 5 رجال. 6 رجال يعذبون المعتقلين. عذبوني، وعذبوني بشکل غير طبيعي … من وجهة نظري، اعتقدت أنني کنت ميتا،
لکن من وجهة نظرهم انا استرجل عليهم، فکيف يهاجم رجل عاري مجموعة من المسلحين؟ لکن کيف يمکن لرجل عاري أن يهاجم من يعذبه؟ قالوا لي: تعتقد أنک رجل، سنريک يامرأة ما هي الرجولة. واصلوا ضربي، الرجل الذي کان يضربني بعقب البندقية، فجأة أدخل عقب البندقية في مؤخرتي من الخلف،
وعند اخراجه، تمزقت فتحة الشرج “، يقول يزن عوض.
الإجراءات القضائية التي بدأها يزن عوض في ألمانيا تساعده علی إعادة بناء نفسه. لها قيمة کمثال وتحذير وفقا للمحامي أنور البني.
لم تتمکن المحکمة الجنائية الدولية في لاهاي من اتخاذ إجراءات ضد المسؤولين السوريين لأن روسيا والصين استخدمتا حق النقض. لکن ألمانيا وعدد قليل من دول الاتحاد الأوروبي الأخری تطبق “مبدأ الولاية القضائية العالمية” وبدأت التحقيق علی المستوی الوطني.
“انتهی زمن الإفلات من العقاب”
“الرسالة الأولی التي نريد أرسالها إلی القتلة والمجرمين في سوريا وفي العالم باسره هي: لقد انتهی زمن الإفلات من العقاب. لا يسمح بالإفلات من العقاب في أي وقت وفي أي مکان، احذروا: العدالة تنتظرکم . لا وجود لسوريا بلا عدالة، ولا يمکن لأي بلد في العالم أن يبني بدون عدالة “، يقول أنور البني، محامي حقوق الإنسان.
علی المحامي أن يتوجه إلی بروکسل للالتقاء بممثلي المفوضية الأوروبية والحکومة البلجيکية. يريد إقناعهم بتطبيق مبدأ الولاية القضائية العالمية، مثل ألمانيا وبعض الدول الاوروبية،
والذي يتيح هذه الملاحقات القضائية علی الأفعال التي يرتکبها السوريون في سوريا.
المحکمة الجنائية الدولية لا تستطيع اتخاذ اجراءات بخصوص الوضع في سوريا بسبب الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
منذ بداية الصراع في سوريا، انتهاکات حقوق الانسان وفقاً للقانون الدولي لحقوق الانسان مستمرة. منذ بداية مارس / آذار 2017، قام المرکز الأوربي للحقوق الدستورية وحقوق الانسان فيما يتعلق بهذا الخصوص، بمشارکة عدد من السوريين والمحاميين السوريين برفع دعوی قضائية أولية لدی المدعي العام في ألمانيا بحق مشتبه بهم من مسؤولين رفيعي المستوی.

زر الذهاب إلى الأعلى