حديث اليوم

خوف النظام من المکانة الدولية للمقاومة الإيرانية

ما قامت به منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والمقاومة الإيرانية من تحقيق إنجازين باهرين طيلة أقل من أسبوع أصاب النظام بالصدمة والخوف والفزع حيث أبدی ردود أفعال هسترية بشکل مسعور:
وفي يوم الإثنين المصادف 11کانون الأول/ ديسمبر خرجت مسيرة وتظاهرة في باريس بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وفي يوم السبت المصادف 16کانون الأول/ ديسمبر عقد مؤتمر دولي في باريس تحت عنوان «الظروف المحتقنة في إيران، نظام الملالي محاصر في الأزمات» بحضور رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية والشخصيات السياسية من کل من أوروبا والولايات المتحدة والبلدان العربية.
وليست تلک المسيرة أو ذلک المؤتمر الأول من نوعهما من قبل المقاومة الإيرانية خارج إيران إذ يبدو أن النظام يکون قد تعوّد علی مثل هذه القضايا. ولکن نلاحظ أن الأمر ليس هکذا والسبب هو ارتفاع نبرة ردود أفعال النظام وحالاته للتأوه والتوجع أکثر من أي وقت مضی. وإلقاء نظرة علی هذه المسألة والبحث عن أسبابها يسلط الضوء علی وضع نظام الملالي والمقاومة الإيرانية أکثر فأکثر.
وأبدی النظام ردوده بشکل متسرع کالتالي:
تلفزيون النظام ـ 17کانون الأول/ ديسمبر: «من يزعمون بحقوق الإنسان هم أکبر حماة لمنتهکي حقوق الإنسان؛ وأعطت فرنسا مرة أخری (لمجاهدي خلق) الجواز ليعقدوا التجمع والمؤتمر فيها. ولا يعتبر تجمع من تبقی من أشرف في باريس حادثا جديدا، ولکن ذلک أمر قابل للتأمل من زاوية أن فرنسا تعرض نفسها هذه الأيام طرفا يهتم بحقوق الإنسان. ولکن ومن جهة أخری يتم إصدار الجواز (لمجاهدي خلق) لعقد المؤتمر حيث يتحشد فيه (مجاهدي خلق) وحماتهم من الغرب والولايات المتحدة لتهديد وتوعد إيران…
وطالبت في هذا المؤتمر مريم رجوي مرة أخری بزيادة الضغوط علی کافة المجالات منها حقوق الإنسان والمجال الدفاعي».
ويمکن مشاهدة أسباب ذعر النظام في العبارة أعلاه بشکل واضح. ولکن ما يلفت الانتباه فيها مما يعد جديرا بالاهتمام هو الإشارة إلی قوات أشرف أو الأشرفيين في المؤتمر حيث يميط اللثام عند التأمل والتمعن في ذلک عن أسباب هذا المدی من الذعر الذي ساور النظام.
وحاول ولا يزال نظام الملالي الدجال في دعاياته بشکل مستمر ليوحي أن قضية أشرف انتهت ولقد ولی عهد أشرف! لکننا نری الآن بأم أعيننا أن النظام مضطر إلی الإذعان بحضور الأشرفيين واسع النطاق في مؤتمر باريس والمسيرة والتظاهرة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان. ومن الواضح أن المقصود ليس سکان أشرف وليبرتي سابقا، لأن الأمر ظل واضحا للقاصي والداني بأنهم نقلوا إلی ألبانيا خلال هجرة عظيمة، وإنما المقصود هو هويتهم العقائدية والسياسية والأيديولوجية تحت عنوان «أشرفي» أو «مناصري أشرف».
أما إشارة تلفزيون النظام إلی حضور الأشرفيين في مؤتمر باريس فهو إذعان النظام بحقيقة أن أشرف ليس مجرد مکان في الجغرافيا وإنما بمثابة رمز في تأريخ المقاومة الإيرانية التي سطرته دماء زکية وهو لم ينته جراء مغادرة معسکر أشرف حصرا، وإنما تحول إلی أسطورة خالدة في تأريخ إيران کرمز لمقاومة خلقت ولا تزال ملاحم، ملهما ليس للشعب الإيراني فحسب وإنما أصبح مرکزا يلهم شعوب المنطقة والضمائر الحية ومقاتلي درب الحرية في کل أرجاء العالم وتزودهم بالمعنويات کما نوهت إليه الشخصيات البارزة في المعارضة السورية.
ومن جانب آخر لا يخلو من الفائدة التذکير بتزامن بعض الأحداث لمجرد المقارنة والتوصل جراءها إلی صورة تبين تغيير الظروف. ففي 15کانون الأول/ ديسمبر 2009 کان نظام الملالي يرسل الحافلات إلی أشرف وذلک نتيجة تآمر مع حکومة المالکي الموالية له وفي ظل صمت لزمته الولايات المتحدة ومرافقتها للقضية، بغية إعادة أعضاء مجاهدي خلق إلی الأحضان المخزية للنظام، غير أن الحافلات عادت من أشرف فارغة ليعود المالکي بخفي حنين في تآمره علی مجاهدي خلق ولکن الآن وبعد مرور 8سنوات يجتمع في 16کانون الأول/ ديسمبر «الحماة من الغرب والولايات المتحدة» والبلدان العربية في باريس ويقومون بـ«التهديد والتوعد» ضد النظام علی حد تعبير النظام.
کما شهد يوم 17کانون الأول/ ديسمبر 2013، الإضراب عن الطعام الذي خاضه أعضاء مجاهدي خلق في ليبرتي وأنصار المقاومة في کل أنحاء العالم لـ 108 أيام بکل مظلومية وللمقاضاة، احتجاجا علی القتل الجماعي في أشرف وفرض الحصار الجائر بشکل تام علی مجاهدي خلق من جميع الجوانب، والآن وبعد مرور 4أعوام وفي 16کانون الأول/ ديسمبر 2017 يجد النظام نفسه وسط حلقات الحصار العديدة سياسيا واقتصاديا بحيث يکاد أن يختنق، کما فهمت الإدارة الأمريکية والدول الأوروبية ما کانت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية و المقاومة الإيرانية تصر عليه منذ البداية حيث يعلنون بکل صراحة أنه لا يخلو مکان طاله الإرهاب والأزمات وزعزعة الأمن في الشرق الأوسط والعالم، لا تظهر فيه بصمات النظام الإيراني.
ومن جانب آخر، تشير المقررة  الخاصة للأمم المتحدة بعد 29عاما من مجزرة عام 1988 في تقريرها إلی المجزرة مطالبة بإجراء تحقيق مستقل بشأنها، وينعکس التقرير في تقرير اللجنة الثالثة للأمم المتحدة مما يجعل محاسبة النظام الذي ينفذ عمليات الإعدام ويرتکب الجرائم في آفاق مستقبلية قريبة.
وبالرغم من أن العزلة والإدانة الدولية للنظام تعتبران قضية هامة لها تأثيراتها وبالرغم من أن أبعاد القضية وجديتها تختلف عن الماضي حيث کانت سياسة المساومة والاسترضاء تسود المشهد، ولکنها لا تعتبر بنفسها شيئا يصيب النظام بهذا المدی من الذعر والفزع. أما الأمر الهام والحاسم فهو وقوع التطورات الشاملة أمام أعين المواطنين الإيرانيين وهم يشاهدونها ويستقوون منها بمعنويات. کما يتعلم الشعب الإيراني من صمود مجاهدي خلق في تغيير موازنة القوی في أشرف وليبرتي سابقا واليوم في مختلف الأصعدة الإقليمية والدولية ويستلهمون منهم. ويمکن مشاهدة آثار ذلک في ارتفاع نبرة الاحتجاجات الاجتماعية والشعارات الصاخبة التي تزيد حدتها يوما بعد يوم.
أجل، تتبلور في الوقت الراهن تلک الملحمة وروح الصمود تدريجيا في مختلف المدن المختنقة للوطن مما يشکل معاقل للمقاومة والانتفاضة هنا وهناک حيث يتجسد «ألف أشرف». وهذا هو السر لهاجس الخوف والذعر لنظام ولاية الفقيه!

زر الذهاب إلى الأعلى