العالم العربي

فريق برشلونة يحقق حلم فتاة سورية خطفت قصة وصولها لأوروبا الأنظار.. ماذا فعل؟+فيديو

15/12/2017
 
قرر نادي برشلونة الإسباني تحقيق حلم فتاة سورية کردية، کانت قصة لجوئها الملهمة من سوريا إلی أوروبا علی کرسي متحرک قد انتشرت في مختلف أنحاء العالم، وذلک بإحضارها إلی ملعبه الشهير “کامب نو”؛ لمشاهدة مباراة الفريق ولقاء نجومه کالأرجنتيني ليونيل ميسي والإسباني جيرارد بيکيه، ضمن حملته الخاصة بموسم احتفالات عيد الميلاد.
وعلی مدار الأيام الماضية، نشر برشلونة ولاعبوه علی حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات ترويجية للفيلم القصير الذي صوره عن تحقيق حلم الفتاة نوغين مصطفی.
وعرض النادي، الخميس 14 ديسمبر/کانون الأول، الفيلم، الذي أظهر کيف أنه أرسل حافلة الفريق الضخمة التي يتنقل بها فريق کرة القدم، مسافة 1360 کيلومتراً إلی ألمانيا، حيث تسکن نوغين، خصيصاً؛ لإحضارها إلی إسبانياً.
فنشر حارس الفريق مارک أندريه تيرستيغن، علی حسابه بموقع فيسبوک، قبل يومين، فيديو يجمعه مع سائق الحافلة مانو، بدا وهو يعلّمه کيف يلقي التحية بالألمانية ويقول “شکراً” أو يطلب قهوة بالحليب، وکتب تعليقاً قال فيه: “لا يمکن لشيء أن يمنع الحلم من التحقق. ليس حتی حاجز اللغة. اکتشف حلم نوغين في 14 ديسمبر #مشارکة الأحلام”.
 
النادي أراد مشارکة قصتها مع العالم بأسره
وکتب برشلونة، الجمعة، علی موقعه الرسمي، أن النادي يؤمن بشدة بالأحلام، بأحلام التغلب علی الشدائد، وتحويل الرغبات العميقة إلی حقيقة، مضيفاً أنهم استلهموا رسالة نادي برشلونة بمناسبة عيد الميلاد هذا العام من واحدة من هذه الأحلام؛ ألا وهو “حلم نوغين” بلقاء نجومها المفضلين کميسي وبقية اللاعبين، وأن برشلونة ومؤسسته أرادا تحويل الحلم لحقيقة.
وأکد النادي أنها حکاية إنسانية عن الکفاح والعزيمة والتغلب علی الشدائد، يودُّون مشارکتها، ليس مع الملايين من “مشجعي البارسا” فقط؛ بل مع العالم بأجمعه، في إشارة إلی قطعها آلاف الکيلومترات للوصول إلی ألمانيا وبدء حياة جديدة فيها وتأليفها کتاباً. ومن المعروف أن نوغين من مشجعي النادي، وسبق أن نشرت علی حسابها بموقع تويتر صورة لقميص النادي موقعة من ميسي.
الفيلم
ويعرض الفيلم القصير الذي صوره النادي، مشاهد لنوغين تتجول مع أختها نسرين قرب مدينة کولونيا بولاية شمال الراين فستفاليا، وتبدأ برواية قصة حياتها، قائلةً إنها وُلدت في ريف حلب، بمدينة منبج، لکنها کبرت في مدينة حلب نفسها، مشيرة إلی أنها فرت هي وعائلتها في البداية إلی منبج، وازدادت الضغوطات عندما خشوا من اقتحام تنظيم داعش المدينة، ففروا إلی ترکيا، وبعد أن أمضوا عاماً هناک وأدرکوا أن لا أفق مستقبلياً بالنسبة لهم من ناحية العمل والدراسة، قرروا القدوم إلی ألمانيا.
وکانت نوغين (18 عاماً) قد لفتت أنظار العالم عبر مقابلة بالإنکليزية مع تلفزيون “ABC” الأميرکي وهي تسلک طريق البلقان في شهر سبتمبر/أيلول 2015، قادمة من سوريا إلی ألمانيا، تحدثت فيها عن مسلسلها الأميرکي المفضل “days of our lives”؛ الأمر الذي دفع مقدم البرامج التلفزيونية الشهير جون أوليفر لتناول قصتها في فقرة ببرنامجه، وعرض مشهداً صُور خصيصاً لها يجمع اثنين من أبطال مسلسلها المفضل.
 
وتتحدث نوغين في فيديو النادي الکتالوني وهي تحمل الکتاب الذي ألّفته بمشارکة کرستينا لامب، مؤلّفة کتاب “أنا مالالا”، عن صعوبة تعايشها مع إعاقتها سابقاً، وکيف أن الجزء الأصعب من حياتها قد انقضی الآن.
وتقول إنه کان من المهم تأليف کتاب عن تجربتها، لتُظهر للناس أنها شخص وليس مجرد رقم أو تقرير يشاهدونه في الأخبار. وتقول إنها تفهم إمکانية تخوف الأوروبيين من اللاجئين؛ لأن الطبيعة الانسانية تدفع المرء للخوف مما يجهله.
وتحدث سائق حافلة برشلونة مانو، في الفيديو، واصفاً عمله سائقاً للنادي بأنه “رائع”، وأن المرء لا يصدق أن بإمکانه أن يحظی به. ويُظهر الفيديو مشاهد من رحلته براً إلی حيث تقيم نوغين، التي بدت سعيدة بمشاهدة الحافلة الملصق عليه شعار النادي تقترب ولقائها السائق.
 
وما إن تدخل إلی الحافلة، حتی يتوجه جيرارد بيکيه برسالة لها علی التلفاز، قائلاً إنهم يعرفون قصتها ويعتقدون أنها مذهلة، ويريدون دعوتها لمشاهدة اللقاء الذي سيلعبونه ضد سلتا فيغو، قائلاً إنهم تحدثوا مع السائق مانو؛ ليأتي إلی ألمانيا ويأخذها إلی ملعب کامب نو، مؤکداً أنهم سيلتقونها بالتأکيد بعد المباراة، فيما کانت نوغين سعيدة للغاية ومتحمسة، معلقةً بالقول إنها لم يسبق لها أن کانت في استاد کرة قدم ألبتة، ولا تصدق دعوتها لـ”الکامب نو”.
وقالت نوغين في اتصال هاتفي من برشلونة، إنها کانت في جزيرة تنريفي الإسبانية قبل قرابة شهرين، وکان الحديث عن المنافسَين التقليديَّين برشلونة وريال مدريد حاضراً، وعلِم الجميع أنها من مشجعي برشلونة، فقال أحد المشارکين إنه يعمل في منظمة “برشلونة فاوندشن”، وسيحاول تنظيم شيء ما لها کمشجعة للفريق، مضيفةً أنه تم التواصل معها قبل أسبوعين علی أنها مقابلة عادية مع الشخص الذي قابلته في تنريفي؛ لذا کان الأمر مفاجئاً لها، عندما شاهدت حافلة النادي وکانت سعيدة جداً برسالة اللاعب بيکيه التي دعتها للقدوم للنادي.
ويُظهر أحد مشاهد الفيديو نوغين وهي تتحدث مع جدتها عبر برنامج محادثة فيديو، تسألها إن کانت تعرف إلی أين ستذهب، ثم تخبرها بذهابها إلی ملعب نادي برشلونة، الرحلة التي ستمتد إلی 18 ساعة، داعيةً إياها مازحة إلی عدم القلق؛ لأنها خبيرة بالطرق الطويلة.
وفي الطريق إلی برشلونة، يقول السائق مانو إنه کان يتطلع إلی لقاء نوغين بشکل شخصي، واصفاً اللقاء بالعاطفي للغاية، مشيراً إلی تحوُّل ملامح وجهها عندما علمت أن حلمها سيتحقق بالذهاب إلی برشلونة. ثم يقومان لاحقاً في أثناء تناول الطعام في المطعم بتعريف بعضهما لبعض بأسماء أدوات الأکل کالشوکة والسکين باللغتين الألمانية والإسبانية.
وقال مانو لاحقاً، إنه لا يتوقع أن يخوض رحلة أکثر تأثيراً وروعة من هذه، ويأخدها في جولة لملعب کامب نو.
 
لقاءات مع رئيس النادي ونجومه
والتقت نوغين رئيس نادي برشلونة جوسيب بارتيمو، الذي سألها عن حالها، فقالت إن کل شيء رائع، ثم قال إنه سيهديها شيئاً خاصاً، وهو شارة شعار النادي التي يعلقها علی صدره، وذلک مقابل تقديمها کتابها له.
وبيّنت نوغين أن الحديث مع رئيس النادي کان الأطول، وتحدثا عن النادي وعن رحلتها.
وأشارت إلی أن أهمية الرحلة بالنسبة لها، تکمن أيضاً في تناول نادٍ کبرشلونة، لديه الملايين من المشجعين، قصتها، ما يعني اطلاع عدد أکبر من الناس علی قصتها وعلی القضية السورية إلی جانب الکردية؛ لکونها کوردية، وزيادة الوعي بوضع اللاجئين.
وفيما کانت تجلس في الملعب يوم 2 ديسمبر/کانون الأول الحالي تشاهد المباراة ضد سلتا فيغو (انتهت بنتيجة 2-2)، تحدثت عن ذکرياتها کمشجعة للنادي، واعتبارها الفترة التي فاز فيها النادي بـ6 ألقاب في موسم 2008-2009، ثم الفوز بـ3 ألقاب في عام 2015، الأسعد في حياتها.
ثم التقت بعد المباراة الحارس تير شتيغن وحيّته بالألمانية، وتمنی الأخير أن يلتقيا مرة أخری قريباً. وقالت لـ”هاف بوست عربي” إنها کانت وشقيقتها متحمستين للقاء ستيغن؛ لأنه الوحيد الذي يتحدث الألمانية هناک، في حين يتحدث البقية بالإسبانية أو الإنکليزية.
ثم التقت بيکيه، الذي قدمت له کتابها أيضاً، فقام بيکيه بإهدائها قميص النادي وعليه اسمها، فقالت مازحةً، إن کل ما يلزمها فقط هو الحصول علی قلم لتوقيع عقد مع النادي.
وقال بيکيه إنها حکاية التغلب علی الشدائد، وهو السبب الذي جعل کل اللاعبين في غرفة تبديل الملابس يطّلعون علی قصتها، وأرادوا دعوتها لبرشلونة، لتستمتع معهم في “الکامب نو”، شاکراً نوغين علی مشارکتهم أحلامها، معبراً عن أملهم في مشاهدتها مجدداً قريباً.
ووجهت نوغين رسالة في نهاية الفيديو حول ما وصفته بـ”رحلة حياتها”، تحض فيها المشاهدين علی الثقة بالنفس والتمسک بالأمل. وأکدت في حديثها مع “هاف بوست عربي”، أنها تذکر دائماً أنه علی الجميع عدم التخلي عن الأمل وأن الأمور التي قد تُعتبر مستحيلة کشأن ذهابها في رحلة إلی نادي برشلونة ممکنة، والقادم أجمل.
وتمت دعوتها في اليوم التالي للمباراة إلی الحصة التدريبية للنادي، حيث التقت نجوم الفريق؛ أنيسيتا ولويس سواريز وإيفان راکيتيتش، ولاعبها المفضل ميسي. کما التقت لاعبات من الفريق النسائي لکرة القدم.
 
لا تخسروا الکلاسيکو!
ووصفت نوغين، الأمر بأکمله بأنه کان أشبه بحلم، مشيرة إلی أنهم عندما عادوا إلی ألمانيا شعروا وکأنهم قضوا 100 عام بعيداً عن المنزل، علی حد تعبيرها.
وأشارت إلی أنه علی الرغم من عدم وجود معرفة شخصية مسبقة بينها وبين اللاعبين، فإن المرء لا يشعر بذلک عند لقائهم؛ بل يشعر وکأنه يعرفهم، مرجعةً ذلک إلی أنهم بمثابة شخص من العائلة أو ضيف يومي في المنزل؛ نظراً إلی متابعتهم الدوري الإسباني کل أسبوع.
ولفتت إلی أن معرفتها بتمني الکثيرين أن يکونوا مکانها هناک جعل الرحلة أکثر تميزاً.
وقالت إن الأمر أيضاً کان بمثابة فرصة لتقول لهم إن عليهم عدم خسارة الکلاسيکو الذي سُيلعب بمدريد في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، وأن يعرف اللاعبون أيضاً أن هناک مشجعين لهم في مکان بعيد جداً عنهم کسوريا.
زر الذهاب إلى الأعلى