العالم العربيمقالات

لتکن مواجهة إيران في داخلها


صوت العراق
11/12/2017


بقلم:سعاد عزيز

هناک مفارقة مثيرة للسخرية الی أبعد حد، ويتجسد في التدخلات الايرانية السافرة في بلدان المنطقة ذلک إن إيران وبعد أن تثبت رکائز و دعائم تدخلاتها، تقوم فيما بعد بالدفاع عن هذه التدخلات بإعتبارها تمثل الشرعية القائمة، ولعل ماقد عبر عنه القائد العام للحرس الثوري الايراني، محمد عله جعفري من سرور بقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح علی يد ميليشيات الحوثي المتآمرة علی الشعب اليمني و التابعة لإيران، معتبرا إن ماقامت به هذه الجماعة المتمردة بأنه”القضاء علی الانقلاب الذي دبر ضد الحوثي” يأتي في سياق دفاع إيران عن الاوضاع الشاذة التي تختلقها في المنطقة و من ثم تدافع عنها بإعتبارها الشرعية القائمة!
هذا الموقف الاستفزازي لجعفري، تزامن موقف إستفزازي آخر عندما حذر علي شمخاني، أمين المجلس الاعلی للأمن القومي الايراني، من المساس بالحشد الشعبي في العراق، في وقت تدعو فيه أغلب الاطياف السياسية العراقية بما فيها الشيعة أنفسهم، بحل ميليشيات الحشد الشعبي بإعتبارها تشکل خطرا علی الامن و الاستقرار في العراق کما إن الحاجة إليها قد إنتفت بعد القضاء علی داعش، ويکمن سر و اساس التمسک الايراني بهذا النهج المشبوه، في إبقاء المواجهة القائمة بين النظام الحاکم و خصومه و أعدائه خارج حدوده.
استراتيجية مواجهة الاعداء و الخصوم من جانب طهران خارج الحدود الايرانية، يأتي بالاساس خوفا من التأثيرات و التداعيات الجانبية للمواجهة مع الخصوم فيما لو وقعت داخل الحدود و تحديدا في العاصمة طهران و المدن الاخری الکبيرة نظير اصفهان و شيزار و کرمانشاه و غيرها، فالقادة و المسؤولون الايرانيون صاروا يعملون علم اليقين بمدی کراهية و رفض الشعب الايراني لهم، خصوصا بعد إنتفاضة عام 2009، التي شاهدوا فيها بأم أعينهم موقف الشعب الايراني منهم و الذي کاد أن يطيح بهم لولا تخاذل الموقف الدولي عموما والامريکي خصوصا تجاه دعم و مساندة الشعب الايراني.
منذ فترة طويلة تدعو المعارضة الايرانية النشيطـة المتمثلة بالمقاومة الايرانية الدول الغربية عموما و بلدان المنطقة خصوصا الی دعم نضال الشعب الايراني من أجل الحرية و الاعتراف بها کطرف معارض للنظام و يسعی من أجل تحقيق أمان و طموحات الشعب الايراني، وقد تسنی لي خلال حضوري في احدی المؤتمرات التي تقيمها المقاومة الايرانية في باريس أن أسأل أحد المسؤولين عن أهمية و تأثير الاعترافين الدولي و الاقليمي بنضال الشعب الايراني و بالمقاومة الايرانية نفسها، فأکد لي بأن سر نجاح النظام الايراني لحد الان من حيث بقاء و إستمرار نفوذه في بلدان المنطقة يأتي من کونه يسعی دائما لبقاء المواجهة مع الاعداء و المناوئين خارج إيران، وإن عزل الشعب الايراني و المقاومة الايرانية عن بلدان العالم و المنطقة هو أمر يخدم مساع النظام بهذا الاتجاه، ولکن في حال قامت بلدان العالم و المنطقة بتغيير هذا الاسلوب فإن الاوضاع في داخل إيران ستتغير الی حد کبير و سيشهدون أحداثا و تطورات غير مسبوقة.
اليوم، وبعد أن إغتال عملاء إيران الرئيس اليمني السابق، و بعد أن تمادوا کثيرا في دورهم فه سوريا و إصرارهم علی البقاء هناک حتی بعد إنتهاء کل شئ، الی جانب مايفعلونه في العراق و لبنان، فإن الحاجة قد صارت أکثر من ملحة لتغيير إستراتيجية المواجهة ضد إيران و نقلها الی داخل إيران نفسها!

زر الذهاب إلى الأعلى