أخبار إيرانمقالات

يوم هبطت طائرة الخميني في طهران!


صوت العراق
2/12/2017
بقلم:سعاد عزيز

 

عندما أسقطوا تمثال الرئيس السابق صدام حسين و صار العراق رسميا تحت الاحتلال الامريکي، قيل الکثير عن”العراق الجديد”، وعن الحرية و الديمقراطية و الرفاه الذي سينعم به في ظل العهد الجديد، لکن وبعد مرور أقل من عقد علی العهد الجديد، صار المتابع يلاحظ تکرر عبارات الترحم علی عهد صدام حسين و حتی حالة من الحنين إليه، والملفت للنظر بأن هذا الحنين قد شمل حتی قسوته و بطشه، فمالذي حدث؟
المشکلة التي واجهتها ماوصفوه بالعملية السياسية ومنذ البداية هو إن البعد الفئوي و العرقي و الطائفي ظل مهيمنا عليها بقوة حيث کانت السمة السائدة لکل التيارات و الاطراف السياسية هي في تغليب المصلحة الخاصة علی العامة، وبمعنی آخر المصالح الفئوية و العرقية و الطائفية علی المصلحة الوطنية، وصارت معظم الاطراف و التيارات تتحرک و تمارس نشاطاتها بمنطق الربح و الخسارة، وکل هذا کان يجري في ظل تقاسم دولي و إقليمي للعراق إنعکس علی القوی و الاطراف السياسية بوضوح.
في خضم الاوضاع السائدة في العراق، کان هناک دائما دور أکثر من بارز للتأثيرات الخارجية، رغم إن الغلبة و اليد الطولی کانت لإيران، والسبب الاساسي کان في القوی السياسية الشيعية التي عادت أغلبها من هذا البلد بعد أن یم إختراق معظمها بل وحتی إن قوی و أطرافا عراقية غير شيعية لم تنجو هي الاخری من النفوذ الايراني فخضعت هي الاخری بصورة أو بأخری له وبطبيعة الحال فإن التغلغل الايراني المستمر في مختلف مفاصل الدولة العراقية، قد غير من سياق و منحی العلاقات التي کان يرتبط بها مع العالم الخارجي، فبعد أن کان العراق و طوال العقود المنصرمة يمنح الاولوية لعلاقاته مع العالم العربي، فإنه وفي ظل النفوذ و الهيمنة الايرانية صارت هذه العلاقات لاتحظی أبدا بالسياق السابق بل وحتی صارت ثانوية و مهمشة، وهو ماکان ولايزال له ردود فعل بصور مختلفة علی الاوضاع في هذا البلد.
العراق الذي کان الی فترات قريبة يعتبر القلب النابض للعالم العربي و يحتل دورا رياديا مميزا، ليس بإمکان الشعب العراقي و لا الشعوب العربية الاخری أن تهضم و تستوعب إبعاد و تهميش العراق عن محيطه العربي، خصوصا وإن هذا التهميش يرافقه جهدا للتشکيک بعلاقاته مع العالم العربي و إعتبارها سببا لإنعدام الامن و الاستقرار فيه، وهو أمر يجري تسويقه بمختلف السبل و الطرق.
علاقات العراق مع العالم العربي و لأسباب کثيرة متعلقة بالعرق و التأريخ و المصالح المشترکة و الدين و غيرها، تعتبر ذات قيمة إعتبارية خاصة للعراق و ليس بالامکان التخلي عنها أو تهميشها في ظل أية عوامل أو مبررات أو ظروف کانت، لأن هذا الامر يسبب إختلالا في التوجه الجمعي للشعب العراقي وإن إعادة العراق الی محيطه العربي وفق السياق التقليدي المألوف و الذي جبل عليه طوال القرون الماضية، من شأنه أن يخدم الاوضاع في هذا البلد و يعيد التوازن و الامن و الاستقرار إليه، وإن التأريخ نفسه أکبر شاهد علی إن الحقب التي تم فيها إبعاد العراق عن محيطه العربي کانت غير آمنة و لم يشعر العراقيون فيه بالاطمئنان و الراحة و العکس صحيح، وإن العمل علی جعله قاعدة من أجل تنفيذ المشروع الايراني بفقامة إمبراطورية دينية يعني تطور طارئ و سلبي للغاية ولايمکن أن يتفق مع المعدن العراقي، خصوصا وإن هناک ثمة قناعة باتت تسري بين العراقيين ترکز علی إن البلاء و المصائب قد إنهال علی رؤوس العراقيين منذ هيمن النفوذ العراقي عليهم فيما هناک آخرون يعتقدون بأن البلاء و المصائب قد نزلت علی المنطقة کلها منذ اليوم الذي هبطت فيه طائرة الخميني في طهران!

زر الذهاب إلى الأعلى