العالم العربي

قصة خرقة وثق عليها معتقلون جرائم الأسد بالدم والصدأ

 
1/12/2017
متحف الهولوکوست بواشنطن والذي يعنی بتوثيق المحرقة النازية وتثقيف الناس بمأساتها يرکز أنظاره الآن علی عملية إبادة جماعية حية، ما زالت مستمرة علی الأراضي السورية، وتحتها، في سجون النظام التي يقبع معتقلوها تحت الأرض.‬
معرض “سوريا: رجاء لا تنسونا” الذي سيفتتح الأسبوع المقبل يحکي قصة أکثر من 100ألف سوري معتقل في سجون النظام السرية من خلال قصة رجل واحد هو المعتقل السابق منصور عمري، والذي هرب خمس قطع قماش حملت أسماء 82 معتقلا – کان هو من ضمنهم – في سجون مخابرات النظام السوري ما بين عام 2012 و 2013.
قطع القماش التي بهت حبرها هي محل ترکيز المعرض. عمري کان يعمل في مرکز يعنی بتوثيق أسماء معتقلي النظام السوري بعد التظاهرات التي بدأت عام 2011، ولکنه تحول من شخص يجمع الأسماء، إلی معتقل بنفسه، وفي الصدد يقول منصور عمري “لأنني کنت أعمل علی توثيق الأسماء کان لدي هاجس بعد الاعتقال بأنني يجب أن أستمر في التوثيق”.
توصل هو و4 معتقلين آخرين إلی قرار بتوثيق الأسماء عبر قطع من القماش، ولکن لم تکن بحوزة المعتقلين أقلام أو حبر أو أدوات تساعدهم علی ذلک. “حاولنا استخدام العصير ولکن الکتابة کانت تتلاشی.. جربنا أکثر من نوع من السوائل وکنا سنيئس، ومن ثم أخذ أحد الاشخاص کيسا ودخل إلی الحمام وخرج ومعه سائل أحمر”.
السائل کان الدم الذي عصره المعتقل من لثته الملتهبة، خليط من الدم والصدأ أصبح حبرهم “کتبنا الأسماء وصرنا نتساءل، کيف سنهرب القماش؟ وکانت مخاطرة، قمنا بدس القطع في الکم والقبة ووضعنا القميص علی جنب وقررنا أن أول من يخرج سيلبسه”، يسرد عمري. ‬
بعد 20 يوما من خياطة قطع القماش في دسائس القميص، تم استدعاء عمري، والذي ارتدی القميص قائلا “لم أکن أعلم، هل سيکون هناک تفتيش للملابس أم لا؟”. وبعد 6 أيام انتقل فيها عمري إلی معتقل آخر، تم الإفراج عنه وهرب إلی ترکيا وأخيرا إلی السويد حيث يسکن حاليا.‬
 

کاميرون هادسون، وهو مدير مرکز في المتحف يعنی بمنع الإبادة الجماعية سمع عن قصة عمري من خلال فيلم أخرجته البريطانية سارة افشار، قال إن “الفکرة بدأت کطريقة نساعد فيها منصور علی المحافظة علی قطع القماش کما هي، سواء أکانت ستستخدم لاحقا في محاکمة ما، أو کطريقة لدحض من ينکر حدوث هذه الجرائم.”
ورغم أن ترکيز المعرض هو علی 6 ملايين يهودي قتلوا علی يد النازيين أثناء الحرب العالمية الثانية إلا أن الأنظار تحولت مؤخرا إلی الجرائم الآنية، سواء أکانت التطهير العرقي الذي حدث في دارفور في السودان قبل أعوام، أو مأساة الأقلية المسلمة في بورما.
هذا المعرض ليس الأول عن سوريا والذي يصف هادسون ما يحدث فيها “بأسوأ طارئة إنسانية منذ المحرقة النازية”. رغم هذا انتقد المتحف لنشره هذا الخريف لتقرير خلص إلی إن الإدارة الأميرکية ما کانت لتستطيع أن توقف – أو تؤثر بشکل فعال – علی العنف في سوريا. وشعر کثيرون أن التقرير تساهل في التعامل مع قرارات إدارة أوباما حول سوريا.
الزائر الحالي للمتحف يخرج من المعارض الخاصة بالمحرقة النازية مباشرة إلی صالة معرض “‫سوريا: رجاء لا تنسونا‬”. ويقول هادسون إن هذا التصميم کان عن قصد “نريد أن ننبه الزائر إلی أن هذه الجرائم ما زالت تحدث الآن. فنحن نسمع الکثيرين يتساءلون، ماذا کنا سنفعل لو کنا في أوروبا في الثلاثينيات؟ نريدهم أن يفکروا بماذا سيفعلون الآن، لأن هذه الجرائم تحدث الآن”.‬‬
أما منصور عمري فيقول إنه يريد أن يعرف هذه القصة أکبر عدد ممکن من الناس. فقط اثنان من بين الخمسة الذي عملوا علی توثيق أسماء المعتقلين نجوا من معتقلات النظام. “أريد أن يتذکر الناس وفاءنا لأولئک الذين لا يزالون معتقلين”.
ويذکر أن المعرض السابق عن سوريا، والذي اختص بصو التقطها “قيصر” لقتلی النظام، کان عام 2014.
ويزور متحف الهولوکوست أکثر من مليون و700 ألف زائر سنويا، ويحصل علی تمويله من الأموال الخاصة ومن تمويل الکونغرس.

زر الذهاب إلى الأعلى