أخبار إيرانمقالات

يجب مقاضاة مسببي ضحايا الزلزال الأخير


28/11/2017
عبدالرحمن مهابادي*
عندما تحدث الزلازل في کل مرة، فإن الارض بإمکانها أن تبتلع البشر والمجتمعات الانسانية وتتمکن أيضا من أن تضعهم في مفترق التجربة والاختبار. البشر بإمکانهم أن يستفيدوا من التجارب وأن لايذهبوا ضحايا للزلازل القادمة وذلک بوضع الاسس والمقومات للإنطلاق في طريق الرقي وتطور المجتمعات بإمتلاک مقومات مواجهة الکوارث الطبيعية وغيرها.
و في إيران التي تقع علی خط الزلازل، فقد جرت خلال 40عاما الماضية تجربة الابتلاع فقط، ذلک أن هناک نظام دکتاتور وسفاک وبالتالي نستطيع القول أنه ليس فقط يسبب الابتلاع فحسب وإنما هو حائل لتجنب الابتلاع وخير دليل علی هذه الحقيقة ما حدث في غرب إيران في محافظة کرمانشاه أخيرا الذي حدث يوم 12/ نوفمبر-تشرين الثاني، حيث ابتلع الزلزال منطقة واسعة وآلاف من الناس فضلا علی تسببه بقضاء نحب آلاف المواطنين من جراء العطش والجوع والتشريد وما شابه ذلک.. الحقيقة ومرة أخری، فقد بکت الأرض وامتلأت السماء بالصرخات وحزن العالم الی جانب أن هناک خفايا غير مکشوفة من هذه الکارثة الإنسانية ولم نعلم عنها شيئا! حيث أدمع هذا الحادث الأليم عيون السامعين والناظرين من کل فج عميق وکل الضمائرالحية وکل إنسان شريف کما تضايق کل من سمع أو قرأ عن تصرفات الملالي الحاکمين في إيران تجاه هذه القضية، وقد أغاظ ذلک کل ناظر أکثر من السامعين ولذلک فقد ضم صوته مع الشعب الإيراني وأيقن بأن هذا النظام يجب أن يرحل فإنه ليس من الشعب ولا للشعب .
کل من سمع أخبار الزلزال أو شاهد صور وأفلام تتعلق بذلک، إنتابه حزن عميق وإنحبست الدموع في مآقيه خصوصا وإن هناک الکثير من الاخبار والمشاهد المؤلمة جدا التي يحذر إعلام الملالي من نقلها، فإنه سيکون علی إطلاع بشأن الاوضاع الوخيمة الشعب وإيران الرازحة تحت وطأة حکم الملالي وبالنسبة لما يجري لأهالي المناطق المنکوبة في کرمانشاه من المعاناة ولآلام حيث يعجزاللسان عن بيانه ووصفه، سيما عندما کان يتعرض الأهالي الناجون من الزلزال للموت بسبب البرد القارص أو تعرضهم لمهاجمة الذئاب الجائعة، خصوصا عندما نشاهد بأن المنکوبين الذين نجوا بأعجوبة من الزلزال ولکنهم معرضون لهزات إرتدادية قد تخلف عدد کبيرا من الضحايا بينهم. غير إننا لابد أن نلفت الانظار الی أن هناک زلزال أکبر، وهو وجود نظام الملالي المتشدق بالدين والذي تستمر إرتداداته لحد الآن، حيث لا يمسي يوم في إيران إلا وينفذ أحکام الإعدام بحق أبناء هذا البلد بعد الاعتقال والتعذيب والسجن کما جری بحق 120ألفا من خيرة أبناء أبناء الشعب من إعدام واغتيال وما شابه ذلک، حيث لا توجد عائلة في إيران قد نجت من ظلم وجور الملالي.
هذا النظام وبسبب من نهجه اللاوطني والمعادي للشعب، ولأنه جعل الحياة في ظله صعبا ومعقدا فقد ساهم بإيجاد الظواهر الاجتماعية السلبية نظير الفساد والفقر والعوز والبطالة والإدمان والعتالية مما يرغم علی الناس أن يلجؤا إلی بيع أعضاء البدن و… حيث نستطيع القول أن الشعب الإيراني وخلال الحقبة المقيتة لهذه الدکتاتورية قد واجه أسوأ مرحلة تاريخية وللأسف البالغ فإن الذي ساعد ويساعد علی بقاء هذا النظام علی الحکم وإستمراره، ليس إلا اعتماد سياسات الاسرضاء من جانب الغرب تجاه هذا النظام. فما بالک وفي ظل هذه الظروف عندما يحدث الزلزال فإن آلام الناس تتضاعف أکثر من أي وقت مضی سيما حين نضيف عليها فقد الاعزاء والاحبة وتدمير إمکانياتهم وعدم إمکانية إنقاذ ألأحياء تحت الأنقاض وشحة الماء والخبر والمأوی والملابس والأدوية .. ولکن ورغم عظمة هذه الآلام، فإن تعامل نظام الملالي وسلطاته تجاه الزلزال والمنکوبين لمن لايدري مصيبة، أما لمن يدري فإن فالمصيبة أعظم. عندما نری هناک من بقی تحت الأنقاض ولا يجدون من مغيثا ليغيثهم فإن هذا الألم ينفذ في العظم حيث أمضوا الأهالي المنکوبين ساعات وأيام وهم محرومون من أبسط حاجات وإمکانيات الحياة ولا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا .
وعندما نری ونسمع بأن مسؤولي هذا النظام ومن خلال صراع الاجنحة، ولغرض إنجاح أنفسهم عبر صناديق الانتخابات الصورية فإنهم يشيدون أبنية بواسطة شرکة ” مهر“لکن الابنية المشيدة بواسطة هذه الشرکة وبسبب هشاشة الأساس فقد جعلوا من هذه الابنية أشبه ماتکون بالمقابر حيث يقال بأنه قد بقي شخص واحد من ضمن ألف کانوا يسکنون هذه الابنية علی قيد الحياة ! فاعتبروا يا أولی الأبصار..
عندما نشاهد المشاهد والاصوات الحقيقية من المناطق المنکوبة حيث يقوم مسؤولوا النظام أمام الدمار بإلتقاط صور سلفي کما إنهم يتظاهرون أمام الکاميرات وکأنهم في حالة إغاثة الناس ومنهمکون في مساعدة المنکوبين .
من ضمن المشاهد التي تدين وتفضح النظام وکذب مزاعمه بإغاثة المناطق المنکوبة، فإن رجل من قرية ” علي آباد “ هتف قائلا : « علی عکس تصريحات وسائل الإعلام بحضور الجيش والشرطة الاجتماعية للمساعدة، أنا أقول لکم هذا خطأ، لم تأت أي جهة الی هنا بتاتا، الموت للجمهورية الإسلامية وفيلق القدس » .
.. الصور والمشاهد الحقيقية التي لامجال لإنکارها هي تلک التي يعتدي فيها المسؤولون الحکوميون بالضرب علی السکان المنکوبين ويهاجمونهم بالغازات المسيلة للدموع، أو يمنعون من إيصال المساعدات إلی المنکوبين مباشرة ويصادرون المساعدات ويسرقون أکبر جزء منها ومن ثم يوزعون المتبقية منها علی المواطنين المنکوبين باسم مساعدات الحکومة مع التعامل السئ والمهين نظير رمي المواد بين الناس لأخذ المساعدات و…و نشاهد ضمن مسلسل التغطية والتمويه علی حقيقة وحجم المصائب والمآسي الحاصلة في المنطاق المنکوبة منع القوات الحکومية من دخول الصحفيين الأجانب الی تلک المناطق کي تتمکن وسائل الاعلام التابعة للنظام من نقل الانباء بالصورة التي تخدم النظام وتخفف من هول المأساة (کما قال أحد الطيارين عند العبور من منطقة ” سربل ذهاب“ بأن هناک فرق شاسع بين ما شاهدنا من عمق الکارثة وبين ما أعلنته وسائل الإعلام والقنوات الحکومية وفي الفضاء المجازي فمثلا يقول تلفزيون النظام بأن عدد القتلی 300بينما العدد الحقيقي أکثر من 3000). وهناک من يصرخ من وسط المنطقة المنکوبة يقول : ” بأننا قدمنا 4000قتيل لما ذا تقولون 400ما هو السبب ؟؟ “
لکن هناک وجه آخر لهذه المشاهد :
إذ نشاهد أهالي المناطق المنکوبة الشجعان ورغم معاناتهم فإنهم يقومون بالاحتجاجات علی خامنئي وروحاني والحرسي لاريجاني وأعضاء برلمان النظام العملاء الذين أتوا بعد أيام متأخرة من أجل استغلال من موضوع الزلزال لأهداف خاصة، من جهة، ومن جهة أخری هناک إقبال جماهير الشعب الإيراني لتقديم المساعدات وبکل أشکال الحفاوة والحماس والتضامن لإعطاء مساعداتهم النقدية وغيرالنقدية وسارعوا إلی هذا الأمر الوطني، حتی قدموا شهيدا من أهالي مدينة بوکان (ابوبکر معروفي) في طريق إيصال المساعدات. وبهذا برهنوا للعالم مدی تضامنهم في الشدائد والنوائب ورغم أنوف عملاء هذا النظام المعادي للإنسانية، إذ فإنهم يستوعبون تماما بأن هذا النظام وسلطاته وأزلامه رأس کل البلايا، طبيعية کانت أو غير طبيعية وعلی رأسهم خامنئي بالذات.
لاشک أن أهالي غرب إيران بسبب وجود مکونات قومية ودينية، من أوائل ضحايا هذا النظام والمعانين من وطأته حيث يعانون من أنواع الاضطهاد أيضا کما کانت مناطقهم علی الدوام ساحة لتقديم القرابين إذ فضلا علی الحرب ضد العراق، فإنها کانت متعرضة للأطماع التوسعية لهذا النظام إلی سائرالبلدان حيث قد سببت جميع هذه الخصائص في هذه المناطق أن يتحول کل حادث الطبيعي أو غير طبيعي إلی معضلة سياسية وأمنية وبالتالي تصعيد الأزمة الداخلية للنظام. إن تضامن الشعب الإيراني  مع المقاومة الايرانية خلال حادث الزلزال الأخير موضوع يخاف منه النظام إذ يعرضه لخطرالسقوط وأصبحت العلاقات بين مختلف شرائح الشعب أکثر رسوخا من ذي قبل. کما انه وبعد هذا الزلزال اتضح للعالم مدی کراهية الشعب لهذا النظام الذي تورط جميع أزلامه وعلی جميع المستويات وعلی رأسهم خامنئي في الممارسات القمعية ضد الشعب ونهب ثرواتهم. من أحمدي نجاد عندما کان رئيس بلدية العاصمة طهران وشغل مشروع بنايات شرکة ” مهر “ وبعده عندما أصبح رئيسا لنظام الملالي وما کان هدفه خدمة الشعب إطلاقا وإنما إزاحة الخصوم من أمام طريقه في سائر الأجنحة، وإلی الملا روحاني الرئيس الحالي وکيف يتعامل مع المنکوبين في هذا الزلزال وقس علي هذا ! .
الحقيقة، لقد أثبت خلال هذا الحادث الأليم في الزلزال، مدی الفساد والظلم في نظام الملالي برمته والذي يصرف مبالغ هائلة بالمليارات لتصدير الإرهاب والتطرف والمشاريع العسکرية والتسليحية ولکن يترک الشعب الإيراني في آتون البلايا والحوادث الطبيعية بلا دفاع بينما هناک تجارب کثيرة من خلال سائر الحوادث مثل الزلزال طيلة هذا الحکم ونفس الضحايا والخسائر المادية لکن ليس لم يقم بأي محاولة لمعالجة الأزمات والإجرائات الوقائية فحسب، وإنما وعد الناس وبصورة مکررة بالقيام بمحاولات جوفاء دون أي إجرائات عملية لا من الناحية التقنية ولا في تعويض الخسارات وکفکفة دموع عوائل الثکالی للمنکوبين وبلسمة إصابات الجرحی، فعليه إن العلاج الأمثل هو إسقاط هذا النظام برمته ليرتاح الشعب الإيراني من هزة ولاية الفقيه نهائيا وليس إلا .

*کاتب و محلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
       Abdorrahman.m@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى