العالم العربي

غوطة دمشق.. الموت قهرا بانتظار الموت


24/11/2017

يفرض الحصار الذي ضربه النظام علی غوطة دمشق التي تضم عشرات القری والبلدات والمدن، ويقطنها نحو 400 ألف مدني، وضعاً حرجاً علی مرضی السرطان بسبب غياب الاستطباب بشکل شبه کامل، وتدمير منظومة الاستشفاء کلياً، بعد أن حوصرت المنطقة لأول مرة بشکلٍ جزئي في تشرين الأول/أکتوبر 2012، ثم أطبق الحصار وشدد في 2013، أي بعد عام تقريباً، بحسب تقرير موقع “سراج”.
من جديد، وفي شباط 2017، شنّت قوات النظام والميليشيات المساندة لها هجوماً علی حيّي القابون وتشرين في شمال شرق العاصمة دمشق، وسيطرت علی جميع الأنفاق التي تربطهما مع الغوطة الشرقية والتي کانت تستخدم في تهريب الأدوية والحاجات الضرورية من مناطق سيطرة النظام إلی مناطق الحصار، فأضحت الغوطة محاصرة تماماً دون أي منفذ، ومقطوعة عن العالم، وذلک منذ 8 أشهر.
تقول مديرة مرکز دار الرحمة بحسب الموقع، الطبيبة وسام الرز “في غضون أسبوعين سينفذ کل الدواء، وفي حال استمرَّ الحصار ستکون هناک مجزرة بحق المرضی”، ولا يقتصر نقص العلاج والاستطباب الذي أصبح “حلماً” وفق توصيف المواطنين علی الأطفال فحسب، بل يتعداه إلی السيدات وکبار السنّ والنساء الحوامل.
بين التقرير أن أکثر من 559 حالة لمرضی بالسرطان، جميعهم بانتظار الأدوية بعدما کُدّست ملفّاتهم داخل مرکز الرحمة، والآن هذه الملفّات بانتظار قرار الکادر الطبي، الذي لا يملک سوی احتياجات 3% من هؤلاء المرضی کما تقول مديرة المرکز وسام الرز.
وعليه، اعتبرت الشبکة السورية لحقوق الإنسان أن “حصار الغوطة شکل من أشکال العقوبات الجماعية”، وأکد مدير الشبکة، فضل عبد الغني، أن معظم الوفيات التي نجمت عن الحصار کانت “من الفئات الهشة کالأطفال الرضع، وکبار السن، والمرضی، و جرحی أصيبوا في عمليات القصف المتکرر، ولم توجد أدوية کافية لعلاجهم، کما انعکس الحصار علی ذوي الأمراض المزمنة، ولاسيما أمراض السرطان”.
وأوضح التقرير أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تم تسجيل 20 حالة وفاة لمرضی السرطان في مرکز “دار الرحمة”، بما يعادل شخص واحد کل 5 أيام تقريباً، من الذين کانوا يتلقون العلاج ومن ضمنهم أربعة أطفال دون العشرة أشهر، ولم يعد المرکز قادراً علی تجديد مخزونه من الأدوية الهامة المضادة للسرطان.
وذکر أن ما يعيق الحصول علی الأدوية المفقودة “کلياً” هو “أن إنتاجها وتوريدها إلی سورية محصور بوزارة الصحة التابعة للنظام التي منعت إدخالها إلی الغوطة، في حين لم تسمح بإخلاء المرضی لمشافي العاصمة دمشق حتی اليوم” وفق عدد من المرضی وعمال الإغاثة في منطقة حرستا ودوما بالغوطة.
وأکد تقرير الموقع إلی أنه فضلاً عن خرق اتفاق “خفض التصعيد” يشکّل حصار المرضی داخل الغوطة، انتهاکاً لقرار مجلس الأمن 2254، الذي جاء في مادته 12 أنّه “علی الأطراف أن تتيح فوراً للوکالات الإنسانية إمکانية الوصول السريع والمأمون وغير المعرقل إلی جميع أنحاء سورية ومن خلال أقصر الطرق، وأن تسمح فوراً بوصول المساعدات الإنسانية إلی جميع من هم في حاجة إليها، لا سيما في جميع المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها”.
وأشار التقرير أنه لم تکن حالة الحصار هذه هي الأولی من نوعها في سوريا، حيث سبقها حالات مأساوية أدّت إلی وفاة مدنيين في الزبداني ومضايا وداريا وغيرها، لاعتبارات عديدة أبرزها تحکم قوات النظام السوري بالقوافل الإنسانية، وهذا ما أکدته منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها السنوي الذي صدر نهاية عام 2016 بأن “الحکومة السورية استمرت في إلزام وکالات الإغاثة بالدخول في نظام موافقة بيروقراطي للحصول علی تصاريح قبل الوصول إلی هذه المناطق”.

زر الذهاب إلى الأعلى