حديث اليوم

مشاريع جديدة في الکونغرس الأمريکي تکملة لطوق الحصار


 أقرّ مجلس النواب الأمريکي أربعة مشاريع قوانين (يومي 25 و26 اکتوبر) وبذلک فقد أکمل طوق الحصار السياسي والاقتصادي علی النظام بفرض عقوبات شاملة عليه. ثلاثة منها تستهدف حزب الله اللبناني القوة الرئيسية للإرهابيين العاملين خارج حدود النظام:
المشروع الأول «هو اکمال لقانون منع التمويل الدولي لحزب الله»  حيث يستهدف شبکة منابع التمويل لهذه المجموعة الإرهابية. وأما المشروع الثاني فهو «قانون فرض العقوبات علی حزب الله لاستخدامه مدنيين دروعا بشرية» والمشروع الثالث يدعو الاتحاد الأوروبي إلی اعتبار حزب الله بکامله منظمة إرهابية.
وتم إقرار مشروعين بالأغلبية الساحقة ومعارضة أقل من أصابع اليد کما تم التصويت علی مشروع ثالث بالاجماع دون أي معارض.
أما المشروع الرابع فهو مشروع مقدّم من الحزبين مثل المشاريع الثلاثة الآخری حيث يستهدف البرنامج الصاروخي للنظام الإيراني. وتم التصويت  علی المشروع بـ423 صوت مقابل صوتين. وجاء فيه: «سياسة الولايات المتحدة هي أن تمنع النظام الإيراني من أي نشاط مرتبط بالصواريخ الباليستية التي مصممة لحمل السلاح النووي منها منع الاطلاقات التي استخدمت هذه التقنية في الصواريخ الباليستية». 
ويفرض هذا المشروع  عقوبات علی کل الأشخاص الحقيقيين والمعنويين ممن لهم ارتباط بنحو ما بالبرنامج الصاروخي للنظام وهذه العقوبة تشمل أفرادا وکيانات للنظام کما تشمل شخصيات حقيقية ومعنوية أجنبية مثل الشرکات والمصارف وساحتها متسعة بحيث لا يفرق ان کانت تفرض العقوبات علي النظام برمته آو يتم ادراجه في قائمة الإرهاب. وهذا الکلام يتجلی في صدور بيان الخزانة الأمريکية التي جاء بعد دقائق من اعلان استراتيجية الولايات المتحدة الأمريکية الجديدة من قبل الرئيس الأمريکي حيث تم بموجبه فرض العقوبات علی قوات الحرس وادرج اسمها حسب الأمر التنفيذي رقم 13224 للخزانة الآمريکية لمواجهة الإرهاب.
وفي حينه   کان بعض العناصر والإعلام الحکومي يسلّون عناصر النظام بأن هذا مجرد فرض عقوبة ولم يدرج اسم قوات الحرس في خانة الإرهاب، أو کانوا يقولون ان هذه تسمية وزارة الخزانة وأن التسمية الرئيسية هي التي تأتي من وزارة الخارجية وغيرها من المحاولات لرفع معنويات عناصر النظام… ولکن فيما بعد اضطر خبراء الحکومة إلی الاعتراف في تلفزيون النظام بأن العقوبات المفروضة علی الحرس بموجب قانون «کاتسا» وادراج اسم قوات الحرس في قائمة وزارة الخزانة هو الأخطر حيث أن الجيش أيضا تشمله العقوبات بموجب هذا القانون لکونه علی صلة وثيقة بقوات الحرس والبرنامج الصاروخي ومشاريع أخری للنظام في مجال اشعال الحروب والإرهاب. لأن غاية استراتيجية أمريکا الجديدة هي «أن تنزع کل آليات السلطة من النظام الإيراني … وتريد أن تطبق ما فعله فيما يتعلق بالنووي في مجال الصواريخ ونفوذ النظام في المنطقة.. فعندئذ لا يبقی من الاتفاق النووي سوی قشرة» (حوار تلفزيون النظام مع آحد الخبراء الحکوميين فؤاد ايزدي 25 اکتوبر).
وبذلک، يطرح سؤال الآن.. بعد قانون «کاتسا» وتسمية قوات الحرس وشمولها، فما الحاجة إلی المشروع الأخير وعقوبات منفصلة علی البرنامج الصاروخي لقوات الحرس؟ وهنا علی ما يبدو يجب أن نبحث الاجابة عليه في الرسالة السياسية التي تحملها هذه المبادرة. الرسالة هي أن الولايات المتحدة سواء الادارة والبيت الأبيض أو الکونغرس والحزبين الرئيسيين کلهم متفقون علی الستراتيجية والسياسة الجديدة المعلنة يوم 13 اکتوبر 2017 علی لسان رئيس الجمهورية، رغم کل الخلافات الکثيرة بين الحزبين والکونغرس والبيت الأبيض في مجالات مختلفة الا أنهم متحدون ومتفقون فيما يخص الستراتيجية والسياسة المعلنة حيال إيران. ويبدو أن الرسالة تلقاها نظام ولاية الفقيه وکذلک أوروبا جيدا. کما نری أن أوروبا ورغم دعمها للاتفاق النووي (اقرأوا القشرة الغير المفيدة للاتفاق النووي) الا أنها تطالب بقوة بوضع حد للتجارب الصاروخية للنظام ووقف تدخلاته في دول المنطقة (وقال الرئيس الفرنسي ماکرون 19 سبتمبر وفي أول کلمة له في الجمعية العامة للأمم المتحدة ”اننا نريد أن نعمل علی وقف نشاطات الصواريخ الباليستية للنظام الإيراني“). 
ومن جهة أخری نری تبخر نعرات طرزانات قوات الحرس من أمثال قائد قوات الحرس الذي قال «مثلما أعلنا سابقا، فإنه في حال تنفيذ قانون إجراءات الحظر الجديدة من قبل أمريکا فإن عليها نقل قواعدها الإقليمية إلی أبعد من مدی الصواريخ الإيرانية البالغ مداها 2000 کيلو متر». کما ان الولي الفقيه نفسه سکت في کلمته الأخيرة في کلية الجيش بخصوص الملف الصاروخي ولم يذکر اسما عن الصاروخ وتحدث فقط عن «الامکانات» و «القدرات الدفاعية للبلاد».
کما وخلافا لما کان يتحدث النظام ولاسيما جناح روحاني عن وجود شرخات بين أوروبا وأمريکا وضرورة استغلالها، فنری الآن في أغلب الأحيان يتحدثون عن طوق سياسي واقتصادي شامل من قبل المجتمع الدولي علی النظام (توزيع الأدوار بين أمريکا وأوروبا) و «لعبة الشرطي الجيد والشرطي السيء» و «اليد الحديدية الأمريکية في قفازات أوروبا». 
ولذلک فان الادارة الأمريکية عازمة علی إفهام جميع الأطراف بأن سياسة المداهنة مع النظام التي کانت قد خيمت طيلة أربعة عقود علی واشنطن، قد وضعت إلی جانب وأن الملفات المتعلقة بالنظام الإرهابي الحاکم باسم الدين في إيران والتي کانت متروکة بسبب تلک السياسة قد اعيد فتحها ودراستها. وکانت اقامة مراسيم استذکارية لضحايا تفجير مقر المشاة البحرية (المارينز) الأمريکية في بيروت  وبعد 34 عاما والتي شارک فيها نائب الرئيس الآمريکي مايک بنس کانت تتضمن هکذا رسالة.  
وطبعا هذا ليس بمعنی أن سياسة المداهنة قد ماتت نهائيا ولم تعد تتحرک، بل من البديهي أنه طالما الملالي ينفقون البترودولارات بلا هوادة للوبيات التابعة لهم في الخارج في أوروبا وأمريکا، وطالما ثروات النفط والغاز وغيرها من الموارد الإيرانية يعرضها حسن روحاني بشکل مقزز في المزايدة العلنية، فان سياسة المساومة والاسترضاء تظل حية ولکن بدون شک ان عهدا جديدا قد بدأ بفضل مقاومة الشعب الإيراني والنضال الدؤوب لمجاهدي خلق وکوادر المقاومة جوهره هو الاعتراف بإرادة الشعب الإيراني لإسقاط دکتاتورية ولاية الفقيه البغيضة.

زر الذهاب إلى الأعلى