العالم العربي

نيويورک تايمز: السنّة لا ينتظرون الکثير من حکومة بغداد الطائفية


29/10/2017

قالت صحيفة “نيويورک تايمز” الأمريکية، إنه بعد هزيمة تنظيم “داعش” في العراق، وهو التنظيم الذين تشکّل من العرب السنّة، فإن سنّة العراق لا ينتظرون الکثير من حکومة بغداد الطائفية التي يهمين عليها الشيعة.
وأوضحت الصحيفة أن السنّة لا ينتظرون أيضاً شيئاً من ساستهم وممثليهم في الحکومة، فهم بلا فائدة، کما يقول سرحان سلوم، البالغ من العمر 70 عاماً، والذي عاد مؤخراً إلی منزله في مدينة الکرمة غرب بغداد، فوجده أثراً بعد عين.
فبعد 14 عاماً من هيمنة الشيعة في العراق، تقول الصحيفة، يکافح العرب السنّة اليوم من أجل أن يکون لهم تأثير، ولاستعادة مکانتهم التي فقدوها إثر الغزو الأمريکي للعراق، عام 2003، وما جری بعد ذلک من إقصائهم من الوظائف الحکومية والجيش، وهو ما أدّی إلی نشوء حرکات مسلّحة، من بينها القاعدة وتنظيم “داعش”.
تصرّف الحکومة العراقية حيال السنّة ومناطقهم التي دمّرتها الحرب سيترتّب عليه استقرار البلاد في المرحلة المقبلة، فاليوم هناک نحو 3.1 ملايين عراقي من السنّة بين نازح ومشرّد، بعد ثلاث سنوات من انطلاق الحرب علی تنظيم “داعش”، في حين سجّلت دوائر الهجرة عودة نحو 2.3 مليون آخرين.
وبينما کان هؤلاء العائدون إلی منازلهم ينتظرون أن تبادر الحکومة إلی إعادة إعمار مناطقهم، لم يتمکّن قادتهم السنّة من تقديم أي مساعدة لهم، ولم يکن لهم أي تأثير في الحکومة من أجل السعي لإعادة الإعمار، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تعيشها الحکومة في بغداد، بعد أن استنزفت الحرب موارد بغداد.
کان منتظراً أن يقوم رئيس الحکومة الحالية، حيدر العبادي، بعد أن استلم السلطة من سلفه نوري المالکي، بمحاولة ترميم العلاقة مع العرب السنّة وکسب ثقتهم، إلا أنه بدلاً من ذلک، کما يقول الساسة السنّة، تخلّی عنهم؛ لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع إيران، الدولة الثيوقراطية الشيعية المتشددة، والتي تمارس تأثيراً کبيراً علی الجوانب الاقتصادية والعسکرية في العراق.
يقول حامد المطلق، أحد ممثلي العرب السنّة في البرلمان العراقي، إن الحکومة ترکّز علی العمل مع إيران والمليشيات الشيعية المسلّحة المدعومة من قبلها، أکثر من تعاونها في مساعدة العرب السنّة وإعادة بناء مناطقهم.
ويتابع: “لدينا اليوم حکومة فاسدة تسيطر عليها قوة أجنبية تعمل ضد السنّة، کما أن السياسيين السنّة غارقون في خلافاتهم الداخلية، ولايستطيعون تقديم أي مساعدة لأبنائهم، بل إننا لا نتمکّن حتی من عقد اجتماع جامع للسنّة لإنهاء الخلافات”.
وأوضح: “قبل عامين عقدنا مؤتمراً للعرب السنّة في بغداد، فحدث خلاف داخلي بين الحاضرين أدّی إلی معرکة بالکراسي”.
منذ العام 2003، تضاءلت مشارکة السنّة في العملية السياسية؛ بسبب آلية تقاسم السلطة التي اعتُمدت بعد الغزو الأمريکي، حيث أصبح منصب رئيس الوزراء والداخلية والخارجية للشيعة، ومنصب رئيس الجمهورية ووزارات أخری؛ مثل المالية وتارة الخارجية، للأکراد، بينما حصل السنّة علی منصب رئيس البرلمان والدفاع.
يحتفظ رئيس الوزراء في العراق بمنصب القائد العام للقوات المسلّحة، ويحظی قادة المليشيات والحشد الشعبي بمکانة کبيرة، ولهم تأثير واضح في العملية السياسية والعسکرية في العراق، وهي في الغالب مليشيات مدرّبة إيرانياً، کما أن المليشيات التابعة لإيران موجودة بقوة في الجيش العراقي.
المليشيات الشيعية التي شارکت بفعالية في الحرب علی تنظيم “داعش”، منذ العام 2014، متّهمة بارتکاب فظائع ضد العرب السنّة، وشکّل وجودهم في مناطق السنّة إزعاجاً کبيراً لسکان تلک المناطق.
عدد من القادة السنّة دعا إلی تشکيل منطقة حکم ذاتي، أو إقليم للعرب السنّة في العراق، إلا أنها دعوات لم تجد قبولاً کبيراً.
يقول واثق الهاشمي، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية: إن “العرب السنّة في العراق يفتقرون للقيادة الموحّدة، وإنهم يرکضون وراء مصالحهم الشخصية الضيّقة”.
استفتاء الإقليم الکردي، الذي جری في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي، وحّد العراقيين العرب، سنّة وشيعة، في رفض هذا الإجراء، خاصة أن الاستفتاء جری في مناطق متنازع عليها سيطر عليها الأکراد عقب 2014، وبدء الحرب علی تنظيم “داعش”، وهي مناطق سنّية بالکامل.
السنّة، الذين کانوا أيضاً رافضين للاستفتاء الکردي، يتخوّفون من سيطرة القوات العراقية والمليشيات الشيعية بعد طرد القوات الکردية من تلک المناطق.
تقول ماريا فانتابي، المحللة المختصة بالشؤون العراقية في مجموعة الأزمات الدولية: إن “شيعة العراق اليوم مدفوعون بدافع ديني، والخشية علی مصيرهم وهم موحّدون خلف مشروعهم، والأکراد مدفوعون بحلمهم القومي بإنشاء دولتهم، أما السنّة فلديهم نقص في التماسک السياسي حول ما يريدون بالضبط”.
في حين يری ديفيد فيليبس، المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريکية، والذي عمل 30 عاماً بالعراق، أن “السنّة لم ينظّموا أنفسهم علی نحو فعّال کما حصل مع الشيعة والأکراد، وبغداد تريد دائماً أن تری السنّة في حالة من الفوضی. العبادي سيجد معارضة في الانتخابات المقبلة 2018 من بعض الفصائل الشيعية، کما أنه سيجد معارضة من الأکراد، ومن ثم فإن عليه أن يلجأ إلی الکتلة السنّية من أجل ضمان إعادة انتخابه”.
وتعتقد فانتابي أن العبادي لم يکن بحاجة إلی السنّة کما هو اليوم، ولکن السنّة يعانون من خسائر سياسية، فإذا لم يتمکّن العبادي، بحلول أبريل المقبل، من إعادة النازحين السنّة إلی مناطقهم، فإن ذلک يعني أن الأموال التي خُصّصت لإعادة إعمار المناطق السنّية قد ذهبت إلی الجنوب الشيعي!

 


زر الذهاب إلى الأعلى