تقارير

التعليم في جنوب دمشق.. تعقيدات وتحديات وظروف صعبة


19/10/2017

دخلت مناطق جنوب دمشق عاماً دراسياً جديداً في ظل ظروف عديدة متشابکة، من الحصار المستمر عليها والهدنة القائمة في القسم الأکبر منها، وتنوّع السيطرة العسکرية، الأمر الذي أدّی لتنوّع المرجعية التعليمية وظروف التعليم. 

جهات سياسية مختلفة للملف التعليمي في بلدات (ببيلا، يلدا، بيت سحم)
وعن التعليم في بلدات (ببّيلا، يلدا، بيت سحم) التي تسيطر عليها عدة فصائل ثورية، وتخضع لاتفاق هدنة مع نظام الأسد منذ مطلع عام 2014 يقول مدرس الرياضيات غيث محمد أن المؤسسات التعليمية فيها تنقسم إلی ثلاثة أقسام من ناحية التبعية، مدارس تتبع بشکل مباشر لوزارة التربية لنظام الأسد بحکم الهدنة القائمة في المنطقة والتي کان من ضمن شروطها عودة مؤسسات  “الدولة” بمافيها التعليمية لتمارس عملها في المنطقة، ومدارس ومعاهد تتبع أو تحصل علی تمويل مادي من  مؤسسات ثورية، ومدارس مرتبطة بؤسسات أممية کالأونروا، وجميع هذه المؤسسات مجانية باستثناء بعض المعاهد الخاصة التي لا تتبع لأي جهة مما ذُکر، أما من ناحية المناهج الدراسية المُعتمدة فيذکر غيث محمد أن مؤسسات “النظام” والمؤسسات الثورية تشترک بذات المنهاج المُدرّس وهو منهاج “النظام” إلا أن المؤسسات الثورية تلغي تدريس مادة التربية الوطنية وتحذف الفقرات المتعلقة بالنظام في المواد الأُخری.

ويُعتبر قلة الدعم المادي للمؤسسات التعليمية الثورية من أکبر العوائق التي تواجهها بحسب محمد ليضرب مثالاً علی ذلک بأن معظم هذه المؤسسات لم تستطع توزيع الکتب والقرطاسية علی الطلاب بشکل مجاني مما اضطر قسماً کبيراً من أهالي الطلاب لنقل أبنائهم إلی المدارس الأُخری التي توزّع هذه المستلزمات مجاناً، ويضيف محمد أن من المشاکل الأُخری التي تواجههم ککوادر تعليمية في المنطقة هو “انقطاع الطلاب عن الدراسة لفترة سنة أو سنتين سابقاً کُلٌ حسب ظروفه، مما أُثّر علی مستوی الطالب في حال أکمل تعليمه بدون تعويض مافاته”.
 


ظروف صعبة للقدم انعکست أيضاً علی التعليم
وفي الناحية الأُخری من جنوب دمشق وتحديداً في حي القدم الذي تتشابه ظروفه مع البلدات الثلاث من ناحية سيطرة فصائل ثورية عليه وخضوعه لاتفاق هدنة مع نظام الأسد منذ أواخر 2014، إلا أن التضييق عليه مضاعف فهو محاصر من طرفي “النظام” وتنظيم “الدولة” مجتمعين في مساحة جغرافية صغيرة نسبياً مقارنة بالبلدات الثلاث، يسرد محمد أبو عمر مدير المکتب التعليمي في الحي الواقع التعليمي فيه قائلاً: “في الحي مدرستان عدد طلابهما يفوق الخمسئمة طالب، في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وتتبع المدرستان إدارياً من ناحية المنهاج الدراسي والشهادات المُقدّمة للطلاب للحکومة السورية المؤقتة، وهذه التبعية متعلقة فقط بمسألة الاعتراف بالشهادات أما فيما يخص التمويل المادي فهناک تقصير کبير جداً من قبل الحکومة في هذه الناحية، فمثلاً اقتصر دعمها للملف التعليمي في الحي في العام الماضي علی مسألة التدفئة وبشکل رمزي بسيط، وفي وقت متأخر من العام الدارسي، وهذا العام حتی هذا الأمر لم يتبين لنا حتی الآن إن کنا سنحصله منها أم لا، أما فيما يخص بقية مسلتزمات الطلاب کالکتب والقرطاسية فإن الحصول علی تمويل لها يکون عبر مساعدات من أشخاص من الحي أو خارجه وعادة لا تکفي لسد الحاجات”.

العدد الإجمالي للکادر التعليمي والإداري والخدمي في الحي واحد وأربعين شخصاً بحسب أبو عمر منهم خريجيون جامعيون، وطلبة جامعيون منقطعون عن الدراسة، وحملة شهادات ثانوية، “يعملون بأجور رمزية بسيطة يتم تأمينها عبر مساعدات شخصية في غالبها أيضاً، وأحياناً يعملون بدون مقابل”.
 


تنظيم “الدولة” يفرض فکره، ويضيّق علی الرافضين له
أما فيما يخص مناطق سيطرة تنظيم “الدولة” (حي التضامن، مخيم اليرموک، حي الحجر الأسود، حي العسالي) يقول الناشط الإعلامي عمار القدرسي من أبناء مخيم اليرموک أن المنهاج التعليمي الذي يفرضه التنظيم علی مدرستيه في حي العسالي، ومخيم اليرموک، يقتصر علی أربع مواد فقط هي اللغة العربية، واللغة الإنکليزية، والتربية الإسلامية، والرياضيات، ويفصل التنظيم بين الذکور والإناث، فلکل منهم دوام مختلف.

أعداد کبيرة من أهالي هذه المناطق التي تخضع لسيطرة التنظيم رفضت أن يلتحق أطفالها بمدارسه فلجأت إلی المناطق المجاورة، کطلاب ومدرسين، لتکون ردة فعل التنظيم أن أصدر قراراً في تاريخ 27-8-2017 بمنع المدرسين والطلاب القاطنين في مناطق سيطرته من الالتحاق بغير مدارسه، ليتراجع عن قراره بعد مفاوضات أجراها معه وفد مدني من أهالي مخيم اليرموک، إلا أن ممارسات التضييق من قبل التنظيم علی الطلاب والمعلمين لم تتوقف حتی الآن بحسب القدسي، الذي أکّد بأن أعداد الطلاب في مدرستي التنظيم حوالي 150 طالب وطالبة فقط حيث يدعي بأن لديه نحو 1500 طالب.

ظروف مختلفة تحيط بآلاف الطلاب في مناطق جنوب دمشق سياسية وعسکرية واقتصادية وحتی أمنية، جعلتهم ينقسمون هم أيضاً کما الانقسام الحاصل فيها، ليکونوا الحلقة الأضعف في هذه المعادلة المعقدة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى