أخبار إيرانمقالات

التکتل الجديد ضد طهران

 


17/10/2017
بقلم:عبد الرحمن الراشد


 

الحقيقة فاجأتنا التحولات بسرعتها. فمنذ إعلان واشنطن قرارها ضد حکومة إيران، بدلت بريطانيا وألمانيا موقفهما، من الإصرار علی الوفاء بالتزامات الاتفاق النووي إلی الإعلان عن تأييد مشروع ترمب بمواجهة نظام طهران في منطقة الشرق الأوسط.
ويبدو الأمر واضحاً، فالمشکلة ليست في الاتفاق علی النشاط النووي بقدر ما هي في الحروب التي تديرها إيران إقليمياً. لا يعقل ترک النظام طليقاً في المنطقة ينشر الفوضی ويهدد الأنظمة، ويهيمن علی العراق وسوريا ولبنان واليمن، وذلک مکافأة له علی تقليص تخصيب اليورانيوم!
بريطانيا وألمانيا انتقدتا الممارسات الإيرانية، وأعلنتا انضمامهما إلی الولايات المتحدة في مواجهة سياسة طهران. موقف يفشل مسعی إيران التي حاولت وضع الاتفاق کحزمة واحدة، وفرضه علی الجميع دون التمييز بين منع النشاط النووي الذي يؤهلها للتفوق العسکري، وبين ممارسات النظام الخطيرة المستفيدة من الاتفاق النووي نفسه.
ولا بد أن نعترف بأن البيت الأبيض أدار المعرکة بذکاء مع حلفائه الأوروبيين الذين کانوا يرفضون تماماً التراجع عن الاتفاق، وکل ما يؤدي إلی توتر العلاقة مع طهران. لکن الرئيس دونالد ترمب وضعهم أمام خيارين؛ تصحيح الأخطاء التي صاحبت الاتفاق أو إلغائه کله، مصراً علی رفض الاستمرار في الوضع السابق. وهو موقف ينسجم مع موقف الحزب الجمهوري، وبالطبع أيده أرکان حکومته.
وستبدأ العجلة تدور من جديد في الضغط علی نظام طهران الذي سيکون مسؤولاً عن الأزمة المقبلة التي ستلحق به، اقتصادياً وسياسياً، وذلک في حال رفض تعديل سلوکه والتوقف عن نشاطاته العسکرية والميليشياوية في المنطقة. الولايات المتحدة، والحکومات المتضامنة معها، لا تعارض حق إيران في بناء مشروعها النووي المدني، لکن تتوقع منها أن تلجم الحرس الثوري وأجهزتها الاستخبارية المنتشرة في المنطقة. عليها أن تسحب ميليشياتها، التي بناها الحرس الثوري الإيراني وقام بتربيتها، من اللاجئين المغلوبين علی أمرهم، من أفغان وباکستانيين وعراقيين وغيرهم، کما طورت وظيفة ميليشيا «حزب الله»، التي حولها إلی مرتزقة تشن لها الحروب في المنطقة، وهي تجهز «أنصار الله» الحوثي في اليمن للهدف نفسه. أيضاً، قامت باستخدام شبکة بحرية لتهريب السلاح إلی مناطق القتال في اليمن وسوريا ولبنان. وقد نجحت سفن التهريب في تمويل الحرب اليمنية واستمرارها، وحاولت مد أشرعتها إلی موانئ سوريا علی البحر المتوسط. ولإيران نشاطات في أفغانستان بدعم الحرب منذ الغزو الأميرکي لأفغانستان بعد هجمات الحادي عشر سبتمبر (أيلول).
ما کان لإيران أن تنتشر بهذا الحجم المخيف في المنطقة لولا أن الموقعين علی الاتفاق رضخوا لشروطها، ورفعوا کل العقوبات من دون تمييز أو انتقاء. وهي ما کان لها أن تتمدد في سوريا لولا أن إدارة الرئيس الأميرکي الأسبق، باراک أوباما، تساهلت معها خشية أن تتراجع عن توقيع الاتفاق
التحدي سيکون في طرح مشروع جديد يعرض علی طهران، رفع للعقوبات مقابل الاستمرار في الاتفاق، وإضافة التزامها بسحب کل ميليشياتها الأجنبية من مناطق القتال، والتعهد بوقف دعم ميليشياتها الحليفة المحلية، مثل الحوثي و«عصائب الحق» و«حزب الله – العراق» وغيرها.
واشنطن، من باب الضغط علی طهران، قالت إنها ستعيد إحياء دعمها للمعارضة الإيرانية التي تعمل علی إسقاط النظام، الذي کانت قد أوقفته إدارة أوباما، وعطلت دعم النشاطات الأکاديمية والإعلامية والسياسية الموجهة ضد طهران، وذلک إرضاء لحکومة روحاني.
وبعودة المواجهة السياسية أصبحت المعادلة الجديدة أمام نظام طهران، إما وقف الحروب وإما عودة العقوبات. ومعها سيتشکل تکتل جديد هدفه الضغط عليها وضمان تنفيذ العقوبات.

 

زر الذهاب إلى الأعلى