أخبار إيرانمقالات

الملفات غير المفتوحة بخصوص إيران

 

6/10/2017
عبدالرحمن مهابادي*
ما زال ملف انتهاک حقوق الإنسان في إيران الرازحة تحت وطأة الملالي تحت مجهر ممثلي البلدان والمنظمات الدولية الداعية لحقوق الإنسان. حيث تم إدانة النظام الإيراني 63مرة بسبب انتهاکه السافر لحقوق الإنسان إذ وبالمقارنة لعدد السکان، تکون إيران عالميا في صدرالجدول بالنسبة لعدد الإعدامات المنفذة فيها.
طوال 38 عاما من حکم الدکتاتورية الدينية الحاکمة في إيران و التي بنيت علی أساس إنتهاک حقوق الانسان و قمع الشعب، لکن للأسف البالغ و بسبب من سياسة إسترضاء هذا النظام و مسايرته من جانب الغرب، ظل هذا الملف مطويا و غير مفتوحا.
الان، وبالاخذ بنظر الاعتبار التحولات السياسية التي جرت علی المستوی الدولي، فإن إنتهاکات حقوق الانسان في إيران صارت ضمن دائرة إهتمام الاوساط الدولية أکثر من أي وقت مضی، لکن النظام الإيراني بصدد العمل بسرعة من أجل إزالة الآثار و المستمسکات و الأدلة التي تثبت الجرائم المرتکبة، وهذا العمل الذي يقوم به النظام يتراوح بين جمع هويات ضحايا المجازر الی حرق الملفات و تدمير وتخريب المقابرالجماعية و إلقاء القبض علی الشهود العيان وإبادة أية مؤشرات  أو ادلة تتعلق بهذه المجازر.


 

جريمة إبادة أکثر من 30 ألف سجين سياسي في خلال شهري أغسطس و سبتمبر 1988، والذي جری علی أثر ستوی صادرة من خميني، تعتبر واحدة من أکبر الجرائم ضد الانسانية. هذا في وقت سبق أن طالب المقرر الخاص للأمم المتحدة السيد ”غاليندوبول“ آنذاک بتحقيق حول هذا الملف بالذات.
کما بادر الأمم المتحدة يوم 2/سبتمبر-أيلول2017متزامنا مع الذکری السنوية لمجزرة 30ألف سجين سياسي،الی نشر تقرير السيدة عاصمة جهانغير الممثلة الخاصة للأمم المتحدة، حول أوضاع حقوق الإنسان في إيران، وتم التطرق في هذه الوثيقة التي رافقتها مذکرة الأمين العام للأمم المتحدة، ولأول مرة إلی موضوع ارتکاب المجزرة ضد السجناء السياسيين في إيران في عام 1988، کما تم التأکيد علی إعدام آلاف من السجناء من الرجال والنساء واليافعين واليافعات حسب فتوی خميني ودفنهم في المقابر الجماعية والمجهولة، وطالبت بإجراء تحقيقات مستقلة وذات تأثير حول هذه الجريمة وفضح الحقائق المتداعية عنها.
هذا وجاء في المادة 109وفي إشارة إلی هذه المجزرة ما يلي:
« هناک آثار تدل علی قتل آلاف الأشخص بصورة عاجلة »، کما وجاء في المادة 73 مايلي: « تم إعدام آلالف من السجناء السياسيين في شهر تموز –يوليو1988من الرجال والنساء واليافعين واليافعات حسب الفتوی الصادرة بواسطة المرشد الأعلی آنذاک الخميني. وهناک تقرير بتشکيل لجنة ثلاثية لتحديد من يستحق الإعدام حسب ما کانوا يرتأون کما جاء في التقرير بأن جثامين الضحايا دفنت في المقابر الجماعية حيث لم يتم تزويد عوائل الضحايا بأماکن دفنهم ».
وجاء في المادة 74يقول: « تم نشر تسجيل صوتي في آغسطس /آب 2016من اجتماع بين مسؤولين رفيعي المستوی في النظام وعلماء الدين،  يتم فيه ذکر أسماء مسؤولي النظام الذين نفذوا الإعدامات و دافعوا عن ارتکابهم هذه الجريمة، ومن ضمن هؤلاء المسؤولين وزير العدل الحالي في حکومة روحاني، و قاضي في المحکمة العليا و رئيس أحدی المؤسسات الدينية الکبری في البلاد ومرشح الانتخابات الرئاسية في انتخابات شهر ” مايو / أيار“، أي الملا إبراهيم رئيسي.
من يعرف القليل عن الحکومات الاستبدادية والمنتهکة لحقوق الإنسان في العالم، يوصلنا الی قناعة تامة من أن في إيران الرازحة تحت وطأه حکم نظام الملالي لابد أن توجد مقابر جماعية کثيرة جدا تم کشف البعض منها و توثيقها  ولکن و بسبب سياسة الاسترضاء و المسايرة من جانب الغرب، بقي الکثير منها غير مکشوفة.  وجاء في المادة 71 من تقرير الامم المتحدة لهذه السنة مايلي:
« زارت عوائل في مدينة مشهد في شهر مارس /آذار مقبرة جماعية في محافظة خراسان رضوي وکان قد دفن فيها أکثر من 170سجينا سياسيا في منطقة کانت سابقا مسطحة  لکن بعد الدفن تم سترها بالتراب لکي تظهر تلة علی هذه المقبرة.
 وفي مدينة أهواز شوهدت أخيرا جرافات تعمل هناک بصورة مباشرة علی مقبرة جماعية من أجل مشاريع بناء، وهذه المقبرة التي تبعد عن مقبرة ” بهشت آباد“ بمسافة 3کم شرقا يعتقد الناس بأنها تضم رفاة 44 شخصا علی أقل تقدير من الذين تم إعدامهم و دفنهم هناک في صيف 1988.
وقال ”رضا ملک“ الذي کان سابقا من معاوني وزارة المخابرات الإيرانية في زمن الملا علي فلاحيان، في تصريحات مذهلة من داخل السجن في عام 2008 مخاطبا فيها الأمين العام للأمم المتحدة : ” إن جرائم النظام الإيراني وصلت الی حد بحيث تم إعدام أکثر من 33،700 سجينا خلال ليالي في عام 1988، وتم دفنهم في المقابر الجماعية“.
هناک تقارير موثوقة بها يتم الإشارة من خلالها الی عناوين دقيقة لأماکن تلک المقابر الجماعية. وکما قال طاهر بومدرا الذي کان سابقا من المسؤولين البارزين في الأمم المتحدة في العراق في أحد کلماته أمام محکمة لاهاي في هولندا:
« في عام 2016في جنيف وبناءا علی طلب عوائل ضحايا مجزرة 1988، شکلنا لجنة تحت اسم ” العدالة لضحايا مجزرة 1988“ وکان واجبها دراسة وثائق هذه الجريمة ومنفذيها وضحاياها وعناوين المقابر الجماعية حيث يعمل علی هذا الموضوع عدد من المحامين الدوليين لمدة عام واحد.
رغم إن المجتمع الدولي هو حاليا في نقطة البداية لطريق يجب أن يفضي الی محاکمة من إنتهکوا حقوق الانسان في إيران و بالاخص مجازر الابادة، لکن بصيصا قد لاح من بعد نشر التقرير الاخير للأمم المتحدة و السيدة عاصمة جهانغيري قد يؤدي الی الإذعان  للحقائق التي تم تجاهلها لحد الان في المؤسسات الدولية، وهذا مايبعث علی أمل وضاء في القلوب من أجل خلاص إيران من براثن الدکتاتورية الدينية القمعية.
من المؤمل أن يکون قرار إدانة انتهاک حقوق الإنسان في إيران الرازحة تحت وطأة الملالي أشد من قبل ويتم فيه اتخاذ خطوات جديدة و جادة وعملية وملزمة کما من المؤمل تشکيل ” لجنة تقصي الحقائق المستقلة مترکزة حول انتهاک حقوق الإنسان في إيران “ ليتيسر من خلالها جعل المجرمين الذين وللأسف في مناصبهم الحساسة، يقفون  أمام العدالة.
من هنا، فإنه بإمکان ممثلي البلدان والإدارة الأميرکية بالذات أن تلعب دورا هاما في الأمم المتحدة بالنسبة لهذا الأمر الإنساني ومن الضروري أن تکون هناک مبادرة جماعية وفضلا عن إدانة انتهاک حقوق الإنسان في إيران يطالبوا بتشکيل هيئة دولية مستقلة للتحقيق حول ملف مجزرة عام 1988 ضد السجناء السياسيين  و إعتبارها کجريمة ضد الإنسانية ويتم إدراجها في قرار هذه السنة، لاشک أن اتخاذ هذه الخطوة ، يستحق إجراء إحتفالا کبيرا للإنسانية جمعاء و للشعب الايراني بشکل خاص.
يجب علينا أن لا ننسی أن جرائم الدکتاتورية الدينية الحاکمة في إيران ليست شأنا من ماضي قد إنقضی فحسب وإنما هي مستمرة حتی يومنا هذا في إيران وخارج الحدود الإيرانية أيضا وعلی نطاق أوسع و أکبر، ولحد الان لم يدفع هذا النظام ثمن جرائمه ضد الانسانية.  بإمکان المفتاح الذي بيد ممثلي بلدان العالم في الامم المتحدة،  أن يفتح  قفل الملفات المغلقة في إيران.
Abdorrahman.m@gmail.com
*کاتب و محلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

زر الذهاب إلى الأعلى