أخبار إيرانمقالات

اللحظة الحرجة علی الطريقة الإيرانية

 


27/9/2017
 

بقلم:سعاد عزيز

يبدو أن صاروخ «خرمشهر» الباليستي الأخير الذي أطلقته إيران، لن يکون حظه کبقية الصواريخ الأخری التي أحدثت صخبا وضجة، لکنها سرعان ما هدأت في غضون أسابيع، خصوصا أن مداه البالغ 2000 کيلو متر وقدرته علی حمل رؤوس نووية، قد جعل مسألة تخطيه وتجاوزه وغض الطرف عنه من جانب الدول الغربية أمرا «في المشمش»، والأهم من ذلک أنه تحدی وبشکل صارخ وأکثر من واضح القرار 2231 الصادر من مجلس الأمن الدولي في حزيران 2015، علی إثر الاتفاق النووي الذي تم إبرامه مع طهران.

لم تکن الولايات المتحدة الأمريکية لوحدها هذه المرة في رفض الانتهاک الإيراني، وإنما لحقتها کل من فرنسا وبريطانيا، وهو ما يدل علی أن مسار الرفض الغربي هذه المرة لن يکون مثل الحالات السابقة، وقد يقود إلی مفترق جديد إزاء ما يمکن اتخاذه من مواقف جديدة إزاء إيران، التي کما يبدو تسعی للسير علی طريق بيونک يانک، ولاغرو من ترامب يبدو سعيدا بعد أن شاطرته فرنسا وبريطانيا المواقف إزاء طهران، إذ إن ذلک سيمنحه المزيد من القوة والتبرير والغطاء لکي يقدم علی إجراء «قاس» جديد ضد النزاقة والطيش الصاروخي لإيران.

الجمهورية الإيرانية عندما تستعد من خلال صاروخ خرمشهر البدء في السير في طريق بيونک يانک، فهي کما يظهر تسعی للمراهنة علی الثغرات المتباينة في جدران الدول الکبری وخصوصا ليس المراهنة وإنما للاستناد علی الموقفين الروسي والصيني من خلال العلاقات السياسية والاقتصادية المتينة التي ربطته وتربطه بهذين البلدين، لکن المشکلة تکمن في أن کلا من موسکو وبکين لا تفکران أو تفسران الأمور من الزاوية الإيرانية «الضيقة»، إذ هناک مستوی أعلی من العلاقات الإستراتيجية التي تربطهما بالغرب وتلتقي عند خطوط ونقاط معينة، کما أن کوريا الشمالية بالنسبة لروسيا وکذلک للصين تختلف عن إيران من کل النواحي، ولذلک فإن ثمة إشکالا في هذه المسألة سيتضح لاحقا.

هناک أکثر من تساؤل يطرح نفسه فيما إذا کانت أمريکا ترامب تبحث عن مبرر وحجة للإقدام علی إجراءات وخطوة غير عادية تجاه إيران؟ وهل موسکو وبکين لم تحذرا أو حذرتا طهران من مغبة إطلاق صاروخ باليستي غير عادي کصاروخ خرمشهر، أم أن إيران قامت بهذه الخطوة من دون علمهما؟ والسؤال الأهم هو ما الذي تريد طهران أن تصل إليه من خلال صاروخ خرمشهر؟ الحقيقة التي لا بد من الانتباه إليها جيدا هو إن أمريکا ترامب هي الرابح الأکبر في هذا التحدي الإيراني، الذي ليس يخيف إسرائيل کما تريد إيران دائما أن توحي وتزايد عليه عربيا وإسلاميا وإنما يخيف دول المنطقة أيضا، خصوصا أن صواريخ إيران لم يتم إطلاقها وتجربتها علی إسرائيل بل علی السعودية بشکل خاص «من خلال جماعة الحوثي» أو علی العراق من خلال الصواريخ التي سقطت علی مناطق عراقية وهي في طريقها المزعوم لسورية!

الجمهورية الإيرانية التي لها ماض مثير في تحدي الإرادة الدولية والأمن والسلام بيد أنها وفي لحظة خاصة، هي اللحظة التي يمکن تسميتها بلحظة «بلوغ الحرج ذروته»، تبادر إلی الانصياع والخضوع للإرادة الدولية کما حدث في الحرب الإيرانية – العراقية في أغسطس/‏آب 1988، عندما خرج مؤسس النظام علی إيران والعالم ليعلن اجتراعه کأس السم وقبوله بوقف إطلاق النار رغما عنه، وکذلک کما حدث مع الاتفاق النووي في عام 2015، الذي أجبر المرشد الحالي علی بلع خطوطه الـ19 التي وضعها أمام دول مجموعة 5+1 لکي يوافق علی إبرام الاتفاق النووي، لکن الذي جری هو أن خامنئي کالخميني قام باجتراع کأس السم النووي کما وصفته زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي، ولا ريب أن هناک الکثير من الکؤوس الأخری بانتظار خامنئي، ولا غرو من أن «کأس الصواريخ البالستية» وکأس «مجزرة إعدام 30 ألف سجين سياسي في 1988» بانتظاره علی أحر من الجمر!
عن التهديدات الاخيرة لملالي إيران

زر الذهاب إلى الأعلى