حديث اليوم

خامنئي المحاط بالأزمات يبدي موقفا متخاذلا أمام أمريکا

 

استقبل خامنئي يوم الخميس 21 سبتمبر أعضاء مجلس خبراء النظام لاحاطتهم بالأزمات الشاملة التي تحدق بالنظام. وتقتضي في مثل هذا اللقاء أن يدور الحديث حول واجبات ومهام مجلس الخبراء الجديد ويتناول موضوع عزلة النظام وخطاب الرئيس الأمريکي في الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث تناولته هذه الأيام کل عناصر النظام واعلامه، غير أنه اکتفی بالتحدث حول الأزمات التي تصيب النظام وتطرق في آخر حديثه الی ترامب وخطابه. فهذا الترتيب يکشف قبل کل شيء عن موقفه الضعيف والهابط في موازنة القوی السياسية الراهنة. 
ولو أنه أطلق بوابل من الألفاظ النابية والسب للرئيس الأمريکي من أمثال «أدب العصابات» و«ثقافة رعاة البقر» و«مليئ بالأکاذيب» و«متخبط» و«أبله» و «سخيف للغاية» و«عاجز»  و «خفة العقل» و«متخلف فکريا وعقليا» و.. الا أن هذه الکلمات والألفاظ البحتة کانت عبثية لا قيمه لها سياسيا، لأنه لم يشر الی خطوة سياسية محددة ضد أمريکا فعلی سبيل المثال تهديد مصالح أمريکا في المنطقة أو زعزعة الأمن في الخليج الفارسي للأساطيل الأمريکية و… بل قال من موقف ضعيف ومتخاذل: « بجب أن نتعامل مع العالم ونقبل إلزاماته ونتحمل..». ومعنی هذا التصريح بوضوح تراجع أکثر وتجرع کأس السم!
ومن المفارقات فان اطلاق السب لشخص ترامب وانتساب خطاب ومواقف أطلقها رئيس الولايات المتحدة الأمريکية في أعلی اجتماع دولي، الی شخصه وصفاته الشخصية واعتباره موقفا غاضبا، ما هو الا تمويه للتستر علی ضعف النظام في التعامل مع الحقائق وتغيير سکة قطار السياسة الأمريکية من المساومة الی الصرامة.
المؤشر الآخر لضعف خامنئي ونظامه هو أنه تحدث بداية عن أزمات النظام واعترف بالآزمات المستعصية للنظام التي أشار اليها وأکد «التوقف والتراجع». وربما أراد من خلال ذلک افهام مجلس خبراء منتهية الصلاحية بأن عليهم أن لا يتوقعوا أکثر من هذه الألفاظ واطلاق الکلمات التي لها جعجعة لکن بلا طحين.
الأزمات التي أشار اليها خامنئي هي أزمات شاملة وخانقة بالنسبة الی النظام مثل الأزمة الاجتماعية التي هي حصيلة توليفة متشابکة من الفقر وفقدان العدالة والمسافة الهائلة بين الفقير والغني و… ولکن لازالة القلق المحتمل لدی النهابين في النظام أضاف: «لا أن نضع آيدينا علي ثروة الأثرياء». من الواضح أن الأزمات الاجتماعية تتعمق يوما بعد يوم حيث تظهر علی شکل عشرات التجمعات والتظاهرات الاحتجاجية من قبل العمال والطلاب والموظفين والمعلمين والمتقاعدين والمودعين المنهوبة أموالهم في مختلف المدن الايرانية حيث أخذت الشعارات طابعا سياسيا أقوی ومن الطبيعي أن جعلت الولي الفقيه للنظام خائفا وهلعا.
وأما الأزمة التالية، فهي الأزمة الداخلية للنظام والتساقطات الجدية التي يعاني منها، فتحدث خامنئي بوضوح عن تبخر الدوافع الثورية للحفاظ علی الجمهورية الاسلامية وأضاف: ان شرط استمرار النظام هو «الدوافع الثورية». «لو لا المعنويات الثورية فلن تکون الجمهورية الاسلامية..». ثم تابع يقول : «اني عندما أقول في مناسبات مختلفة عليکم أن تساعدوا الثوريين وحزب اللهيين فقصدي هذا».
الأزمة الأخری التي أشاراليها خامنئي في کلمته ولو باختصار هي الاتفاق النووي الذي کان من المقرر أن يکون طوق النجاة للنظام ولکن أصبح حبل مشنقة له حيث تضيق حلقات العقوبات علی رقبته مع مرور الأيام. حاول خامنئي القاء اللوم علی حکومة روحاني وفريق المفاوضات للتملص من تحمل المسؤولية عن ذلک وأضاف: «کان ينبغي توخي الدقة اللازمة حتی لا يصبح الأمر الی ما هو عليه الآن حيث يرتکب الطرف المقابل أي حماقة لا يُعد خرقا للاتفاق النووي، بينما يحتسب أي إجراء ايراني ولو بسيط خرقا للاتفاق!».
ووجد خامنئي هذه الفرصة غنيمة لشن حملة علی روحاني وقال ردا علی قول روحاني «اننا لا نريد أن نأخذ الناس عنوة الي الجنة» ان هذا الکلام مغالطة وأضاف «يجب أن نعمل ذلک، يجب أن يصبح الناس متدينين ولا شک في ذلک».
الخيار الوحيد الذي قدمه خامنئي للتصدي لهذه الأزمات الطاحنة، اعطاء دور سلطوي لمجلس الخبراء. بينما کان قد أعطی هذا الدور سابقا لمجلس صيانة الدستور ومدح الدايناصورات العجوزة بعمائمها السود والبيض بعبارات : «مجلس متميز وعديم النظير من حيث الترکييب ومن حيث الواجبات والعمل». و«هيئة مفکرين.. أشخاص ذوي آفکار وعقلية».  وکلفهم مسؤولية محاسبة السلطات الثلاث وقوات الحرس وغيرها.. ناسيا أنه قد کلف قبل آيام مجلس صيانة الدستور بهذه المهمة أيضا وهکذا أظهر تخبطه وهلعه أمام العواصف التي اجتاحت نظامه.

زر الذهاب إلى الأعلى