أخبار إيرانمقالات

النار الهادئة للمعارضة الإيرانية

 

 
عکاظ السعودية
17/9/2017
 
بقلم: سعاد عزيز

القطرات القليلة تصنع جدولا. هذا المثل الياباني الشفاف ولکن ذو المعنی العميق، يمکن سحبه علی المشهد الإيراني، بعد الذي تداعی ويتداعی عن الحملة السياسية الإعلامية القضائية التي تقودها زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مريم رجوي، منذ سنة بشأن المطالبة بفتح ملف مجزرة صيف عام 1988، الخاص بإعدام 30 ألف سجين سياسي، والتي أسفرت فيما يبدو عن تحقيق أهداف لم يعد بوسع طهران التغاضي عنها أو تجاهلها.

هذه الحملة التي وجدت لها أصداء وتأثيرات علی اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف المنعقد حاليا وما ينتظر أن تترکه علی اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال هذا الشهر، يبدو أنها في طريقها لتجاوز الکثير من الخطوط والعقبات التي وضعتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طريقها، ذلک أن تمکن مريم رجوي من إدراج هذه المجزرة التي اعتبرتها منظمة العفو الدولية حينها بمثابة جريمة ضد الإنسانية في دول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وإصدار بيان رسمي بإدانتها، فإن ذلک سيفتح الباب علی مصراعيه للسير باتجاه الهدف الأهم الذي تسعی إليه رجوي ومن ورائها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والمتمثل بالمطالبة بجرجرة المتورطين في هذه المجزرة من قادة ومسؤولين إيرانيين أمام محکمة دولية خاصة لمحاکمتهم علی تلک المجزرة التي وقعت علی إثر فتوی للمرشد الإيراني السابق بسبب أفکارهم السياسية وليس جرائم قاموا بارتکابها.

ولعل قيام المرشد الإيراني الأعلی الخامنئي، بإرسال مستشاره وواحد من أقرب المقربين إليه، کمال خرازي إلی باريس والتقائه بوزير الخارجية الفرنسي الأسبق «اوبر فيدرين»، وسعيه للتأثير عليه من أجل حمل باريس علی حظر نشاطات وفعاليات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، هو في حد ذاته اعتراف ضمني بالنجاح الذي حققته رجوي في قيادتها لحرکة المقاضاة واقترابها من الهدف الأهم الذي تسعی إليه.

منذ قرابة أربعة عقود علی الصراع الضاري بين طهران وهذه المعارضة، سعت الأولی دائما ولأسباب واعتبارات مختلفة تجاهل هذه المعارضة والتقليل من شأنها بل وحتی الادعاء بأنها قد انتهت ولم يعد لها من وجود، ومع أن هذه المعارضة نجحت في تحقيق العديد من المکاسب السياسية الهامة في مشوار مواجهتها وصراعها مع طهران والتي کان أهمها إخراج منظمة مجاهدي خلق من قائمة التنظيمات الإرهابية وکذلک عملية نقل ثلاثة آلاف عضو للمقاومة الإيرانية من العراق حيث کانوا يواجهون تهديد الإبادة الجماعية إلی ألبانيا، إلا أن نجاحها في تدويل مجزرة صيف عام 1988، سيکون الأهم من دون جدال، ذلک أنها تتعلق وترتبط بواحد من أکثر الملفات إحراجا وتهديدا لإيران وهو ملف حقوق الإنسان، ولاسيما عندما طالبت ممثلة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران بخصوص تلک المجزرة بـ«إجراء تحقيق شامل ومستقل بشأنها»، ما يعني بأن مسار وسياق الصراع بين الطرفين يسير باتجاه منعطفات الحسم، ويبدو أن النار الهادئة التي قامت هذه المعارضة بإشعالها تحت النظام السياسي القائم في طهران، تزداد سخونة وتأثيرا مع الأيام وأنها لو سارت بهذا الشکل فإنها ستصل حتما إلی الدرجة التي تحرق بها النظام!

زر الذهاب إلى الأعلى