أخبار إيرانمقالات

الحياة مقابل رغيف الخبز

 

قتل العتالين وصمة عار علی جبين النظام الإيراني

 


 

15/9/2017

عبدالرحمن مهابادي، کاتب و محلل سياسي

 

 

تشهد إيران في الظروف الراهنة تحت وطأة الدکتاتورية الدينية يوميا کوارث إنسانية مؤلمة تثبت ضرورة تغييرالنظام في هذا البلد الی أقصی حد. إذ إن هذا النظام لم ينجزطيلة 4عقود إلا المزيد من المعاناة والعناء وممارسات التعذيب والإعدام والاغتيالات والمجازر ضد الشعب الإيراني وشعوب المنطقة کما شاهدنا يوم الثلاثاء 5/أيلول –سبتمبر 2017حيث انتفض أهالي مدينة ”بانه“  في کردستان إيران بعد إغلاق المحلات والسوق احتجاجا علی قتل عتالين کادحين بواسطة حرس النظام ليشارکوا في المظاهرات الاحتجاجية بيد أن قوات النظام القمعية أدمت هذه المظاهرات أيضا بمنتهی القسوة و العنف، غير إنه لم تتوقف إنتفاضة الشعب الکردي إذ إمتدت انتفاضة أهالي مدينة بانه  الی عدد آخر من المدن الإيرانية في محافظة کردستان ونزلوا إلی الشوارع دعما  لمطالب أهالي بانه وبهذا الرد الشجاع تحدوا نظام الملالي بشکل صارم.
تذکرنا هذه الإنتفاضة للشعب الکردي، بانتفاضة مدينة ”مهاباد“ في کردستان إيران في 9/تموز-يوليو2005، المتزامنة مع استلام محمود أحمدي نجاد دفة الحکم حيث أردت قوات النظام الإيراني القمعية شابا کرديا باسم ( شوان قادري) وربطوا جثمانه بسيارة و سحبوه في المدينة لخلق حالة  رعب في قلوب الناس لکن فشل النظام  فشلا ذريعا في هذا الرد أيضا، وصبت هذه الجريمة ، الزيت علی نار غضب الشعب الکردي حيث استمرت إنتفاضة الشعب الکردي شهرا کاملا ضد النظام بصرخات الحرية مما اضطر النظام بالتدخل بکل إمکانياته لقمع الانتفاضة وترکت هذه المعرکة عشرات الشهداء  وعدد کبير من الجرحی واعتقال عدد آخر منهم .
الرسالة الاولی لهذين الحدثين و الاحداث الاخری في سائر أرجاء إيران هو إن هذا النظام بسبب من ماهيته  و سياساته، لم يعد بإمکانه أن يلبي مطالب الشعب، ومن هذا المنطلق لا يتحمل أي اعتراض ولو کان لأبسط حاجة من حاجات الشعب إذ سرعان ما تتحول إلی معضلة سياسية لا علاج لها من وجهة نظر النظام، مما سيؤدي إلی سقوطه لامحالة فلا يبقی أمامه من طريق إلا ممارسة العنف المفرط بارتکاب المجازر و القمع.
العتال الکردي ومن أجل الحصول علی لقمة العيش، علی إستعداد لأن يتقبل مجازفات عديدة ولا ينتمي إلی شريحة معينة للمجتمع الکردي، وفي الغالب نری من بينهم طلاب المدارس والجامعات حتی المهندس والطبيب إلی الرياضيين والفنانين والطاعنين في السن وحتی المعوقين. والجدير بالذکر أن هناک حقد خاص لدی هذا النظام علی العتالين لکونهم أکراد اولا ومن أهل السنة ثانيا، وهذا يعود إلی الرؤی و التصورات العفنة والرجعية والمعادية للإنسانية والإسلام للخميني ولکونهم من الأقليات الدينية والقومية التي لا مکانة ولاإعتبار لها في نصوص دستور هذا النظام فهم محرومون من جميع الحقوق أيضا وهذا خير دليل علی تصرفات هذا النظام ضد الأکراد حيث أصبح ارتکاب المجازر ضدهم و ضد العتالين أمرا روتينا بالذات کما شهدالعالم في السنوات الأولی من استلام الخميني مقاليد هذا النظام نشر عملائه من الحرس في مناطق کردستان علی المرتفعات والتلول حيث کانوا يستهدفون المارة الکرد للتدريب و کسب المهارة الفنية في الرمي بإراقة دماء أهالي هذه المنطقة .
إذن ، فإن ارتکاب المجازر ضد الأکراد ليس من منطلق مکافحة تهريب السلع أو التسلل، ذلک إن النظام يدري جيدا قبل غيره بأن العتالين فقراء ومحتاجين وحتی غير سياسين کما يدري النظام بأنه يتم توفير قسم کبير من احتياجات الأهالي في السوق بواسطة هؤلاء العتالين الکادحين وهناک عدد کبير من الناس عاطلين عن العمل نتيجة سياسات هذا النظام الخاطئة حيث لم يبن حتی معمل واحد کبير لإيجاد الفرص الشغلية ناهيک عن إنه يجلب العمال والموظفين  من خارج المناطق الکردية مما دفع الأهالي إلی هذه المهنة الشاقة، رغم صعوبتها وخطوراتها، فکراهية أهالي هذه المنطقة وغضبهم العارم، له خلفية قديمة ولها أهداف سياسية أيضا .
نعم ، إن مهنة العتالية من الهدايا المشؤومة لنظام يصرف سنويا مئات المليارات للإرهاب والتدخل في شؤون الأخرين في حين يحترق الشعب وبضمنهم أهالي کردستان في نار الفقر المدقع الذي يزداد ضرامه يوم بعد يوم . الحقيقة هناک دافع واحد من وراء قمع العتالين وهو أن سلطات حرس النظام الذين يسيطرون علی جميع الأمور الاقتصادية في  البلد وحتی لهم موارد عظيمة من العتالين في نفس الوقت، يريدون يکون سياق عمل العتالين في صالح الحرس و تجعل المنفعة الکبری من وراء هذا العمل الشاق تدخل في جيوبهم، ولذلک يضطر العتالون لتحمل مخاطر کبيرة أخری و يجعلون حياتهم عرضة للخطر حتی لايستفاد الحرس من جهدهم و مشاقهم.
الحقيقة هي إن سياسة قمع الحريات وممارسة القمع وارتکاب المجازر ضد المعارضين والتي اعتمدها النظام منذ البداية واستمرت حتی اليوم، خيردليل علی ضعف وتخوف هذا النظام من المطالبة بإحتياجاتهم أو بالأحری هم يطالبون في صرخاتهم، بحريتهم المسلوبة .
من هنا فإن المحصلة النهائية لاعتراضات أهالي مدن کردستان الشجعان هي توقع أن تتسع دائرتها  و تنال الدعم من قبل سائرالمناطق الإيرانية. يتم ارتکاب المجازر ضد الشعب بواسطة الحرس في وقت هناک وبإعتراف سلطات النظام رؤوس خيوط تهريب لعمليات تهريب ضخمة بيد فيلق الحرس وسائر الجهات الأمنية والمخابراتية والاستخباراتية تماما وعلی رأسها خامنئي بالذات، حيث تصل مواردهم وبإقرار النظام نفسه إلی 25مليار دولارسنويا.
Abdorrahman.m@gmail.com

 


 

زر الذهاب إلى الأعلى