تقارير

“مطاردة الفاسدين”.. ضربة قاتلة لعملاء إيران في العراق

 

“مطاردة الفاسدين” من الملفات الشائکة، والتي تسببت في حلة من الجدل بين السياسيين في العراق هذه الأيام، حيث دخلت الطبقة السياسية في مرحلة إنذار قصوی بسبب زخم مفاجئ لمطاردة بعض المتهمين بالفساد، والتي يمکن أن تفتح ملفات کبيرة تطال رموزا سياسية کبيرة، ويکمن الخطر في وجود تسريبات عن وجود محققين أميرکيين لتعقب ملفات الفساد.

وتنشغل الأوساط الرسمية والشعبية بمتابعة تحول کبير في طريقة التعاطي مع ملفات الفساد، بعد أن تمکنت الطبقة السياسية من طمرها ومنح التحقيق فيها علی مدی أکثر من 14 عاما.

ويری مراقبون سياسيون لـ”بغداد بوست” أن مطاردة الفاسدين وفتح ملفات الفساد من شأنه تقليص أذرع إيران الفاسدة داخل العراق، مشيرين إلی أن نظام ولاية الفقيه يريد ضرب العراق في مقتل بنشره للفساد والإرهاب.

الفساد في الصناعة والمعادن

کانت وزارة الصناعة والمعادن، اعلنت عن إحالة عدد من المدراء العامين ومجالس الإدارة في الوزارة وشرکاتها إلی هيأة النزاهة، فيما اشارت الی وجود مخالفات في عقد استثمار مصنع اسمدة بيجي (الشرکة العامة لصناعة الأسمدة الشمالية سابقا) .

وذکر مفتش عام الوزارة عدنان کريم سلمان في بيان صحفي، أنه “بعد إجراء التحقيقات اللازمة وفق أحکام الامر (57) لسنة 2004 بتوجيه ومتابعة ودعم مباشر من وزير الصناعة والمعادن محمد شياع السوداني حول عدد من الملفات والقضايا الخاصة بالوزارة وشرکاتها فقد تم إحالة عدد من المدراء العامين ومجالس الإدارة إلی هيأة النزاهة لثبوت تسببهم بضرر في المال العام”.

وأشار سلمان إلی ان “مکتبه أجری تحقيقا إداريا بشأن المخالفات الحاصلة في العقد المبرم بين الشرکة العامة لصناعة الأسمدة الشمالية سابقا والشرکة المستثمرة لها وتشخيص حالة عدم اتباع الشرکة المذکورة للطرق القانونية السليمة في استحصال حقوقها من الشرکة المستثمرة وهدر تلک الحقوق في القرار القضائي الصادر لصالحها والمکتسب الدرجة القطعية إضافة إلی تسجيل حالة عدم الدقة في احتساب الديون المترتبة بذمة الشرکة المستثمرة ماتسبب بهدر مبلغ (10) مليار دينار عراقي لم يتم احتسابه ضمن الديون المترتبة بذمة الشرکة المستثمرة”، مؤکدا بأنه “تم محاسبة المقصرين وإحالة الملف إلی هيأة النزاهة”.

هروب محافظ البصرة

قبل أسابيع تمکن محافظ البصرة ماجد النصراوي المتهم بملفات فساد کثيرة والمنتمي للمجلس الإسلامي الأعلی، من الهروب عبر إيران رغم السخط الشديد الذي أثاره بينهم، وذلک بسبب يأسهم من إمکانية تحريک ملفات الفساد المتغلغل في الطبقة السياسية.

لکنهم استغربوا إلقاء القبض علی عصام جعفر علوي مدير شرکة التجهيزات الزراعية السابق بعد ساعات من ضلوع مسؤولين في تهريبه من السجن ومحاولة إدخاله إلی إيران.

ووجد العراقيون في ذلک نقطة تحول في تحريک ملفات الفساد حتی لو کان ذلک نتيجة صراع بين القوی السياسية الفاسدة، في ظل تصاعد الرفض الشعبي للأحزاب الإسلامية التي حکمت العراق منذ عام 2003.

توقيف وزير التجارة السابق

وسرعان ما دخل التحول مرحلة جديدة بإعلان توقيف وزير التجارة السابق عبدالفلاح السوداني المنتمي لحزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالکي، والذي تم تهريبه من العراق في عام 2010 رغم ملفات الفساد الکبيرة المتعلقة بسرقة مليارات الدولارات من الحصة التموينية.

نوري المالکي أيقونة الفساد

 “نوري المالکي هو أيقونة الفساد وشعار وغطاء للفاسدين، هو من أوصل العراق وأوصل التجربة الديمقراطية التي أرادتها أميرکا والأمم المتحدة لخروج العراق من الحکم الديکتاتوري، فأوقعنا في جو المحاصصة والفساد”.

 “کل الوثائق التي عرضت ضد نوري المالکي في الإعلام ملفات فسام مأخوذة من مسؤولين وليس مجرد کلام جرائد”، “تصريحات وزير المالية السابق هوشيار زيباري ووزير الدفاع السابق خالد العبيدي عن الفساد والمليارات المهربة التي تمت في عهد نوري المالکي صحيحة، وقام بها أحد مساعديه”.

ومن يفضح المالکي يتم عزله ومنهم من تلفق له التهم لنفيه عن العراق، فضلا عن أن هناک من يعرف الحقيقة لکنه يصمت عبر صفقات تتم معه”.

ويقول محللون إن الطبقة السياسية في العراق دخلت في مرحلة إنذار قصوی بسبب توقيف المسؤولين خشية، الذي يمکن أن يفتح ملفات کبيرة تطال رموزا سياسية کبيرة في الأحزاب الإسلامية الکبيرة.

ويکمن الخطر في وجود تسريبات عن وجود محققين أميرکيين لتعقب ملفات الفساد العراقية.

وتشير تلک التسريبات إلی زيارات للمحققين الأميرکيين إلی بيروت ولندن ودبي وعمان للتحري عن سير الأموال العراقية المنهوبة من قبل الفاسدين في النظام السياسي.

وتؤکد مصادر مطلعة أن تلک الدول تتعاون بشکل کبير مع التحقيقات وقدمت تفاصيل کبيرة عن الأموال والعقارات والاستثمارات المرتبطة بالمسؤولين العراقيين والأحزاب المتنفذة.

ويؤکد ذلک الرأي توقيف عبدالفلاح السوداني الجمعة الماضي في لبنان، والذي يقول مراقبون إنه تم بناء علی أوامر أميرکية.

وسرعان ما تنکر حزب الدعوة لعلاقته بالسوداني رغم أنه کان يدافع عنه طوال السنوات الماضية، وهو ما يؤکد شعوره بالخطر من امتداد الاتهامات إلی المالکي، الذي ارتبط عهده بضياع مئات مليارات الدولارات.

وأعلنت الحکومة أمس أن سفارتها في بيروت سلمت السلطات اللبنانية أمس 7 ملفات فساد صادرة بها أحکام قضائية ضد المدان عبدالفلاح السوداني وزير التجارة الأسبق.

ملف الفساد فُتح ولن يُغلق

ومن جانبها، أکدت النائبة عن تحالف القوی العراقية، زيتون الدليمي،  أن ملف مکافحة الفساد فُتح ولن يُغلق لحين محاسبة آخر فاسد، مشيرة إلی أن الفاسدين الذين يهربون للتخلص من العقوبات لن يستطيعوا الاستمرار في هروبهم.

وقالت الدليمي في تصريح صحفي: “إن الفترة التي مضت من عمر مجلس النواب تضمنت استجوابات کثيرة لوزراء ورؤساء هيئات مستقلة، ناهيک عن الاستضافات التي حصلت وستحصل لمناقشة جميع الملفات التي عليها شبهات”، مبينة أن “القضاء هو الآخر نشاهد تقدمًا واضحًا في أدائه في حسم العديد من قضايا الفساد في وقت قياسي”.


وأضافت الدليمي أن هناک محاسبة ومذکرات قبض بحق محافظين والکثير من المسؤولين والموظفين الفاسدين، مشيرة إلی أن ملف مکافحة الفساد قد فتح ولن يُغلق لحين محاسبة آخر فاسد.

وتابعت الدليمي بأن “ظاهرة هروب بعض الفاسدين هي محاولة منهم للتهرب من العقوبات القضائية والقانونية، لکنهم جميعًا وبالمحصلة النهائية لن يستطيعوا الاستمرار في الهروب، ولابد أن تتم محاسبتهم وينالوا جزاءهم العادل”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى