حديث اليوم

«ناقوس الخطر» للوکالة أمام النظام

 

ارتفعت من جديد نبرة الفوضی والشغب حول الاتفاق النووي داخل النظام حيث تمثل ذلک في الأسبوع الماضي حول زيارة نيکي هيلي لفيينا ولقائها برئيس الوکالة الدولية للطاقة الذرية أمانو، واليوم في إجابة أمانو علی سؤال رئيسي وجهته له نيکي هيلي. وفي مقابلة أجرتها مع أمانو وکالة أنباء أسوشيتدبرس أکد قائلا: «طبقا للاتفاق النووي، في حالة وجود معلومات موثوقة والقلق إزاء نشاط غير معلن وسري، يمکن للوکالة أن تزور وتفتش أي موقع کان في بلدنا، إما عسکري وإما غير عسکري» (صحيفة کيهان ـ 2أيلول/ سبتمبر) وبات الآن هذا الکلام مصدرا للشغب داخل النظام.
وتصف العناصر ووسائل الإعلام الحکومية الصراع الرئيسي علی الاتفاق النووي «حرب التفاسير» کأنه هناک تفسيران من الاتفاق النووي، الأول هو تفسير النظام القاضي بأنه لا يحق للوکالة التفتيش في المراکز العسکرية والثاني هو التفسير الأمريکي القاضي بأنه الوکالة يحق لها أن تزور وتفتش أي مکان تشک فيه، والآن «قدمت الوکالة الدولية للطاقة الذرية تفسيرا حول الاتفاق النووي ينطبق مع التفسير المطور والمطلوب للأمريکان مما يشکل أهم مرحلة لاستکمال اللعبة المناهضة لإيران في الاتفاق النووي لأن الولايات المتحدة هي من فازت حرب التفاسير» (صحيفة جوان المحسوبة علی قوات الباسيج التابعة لقوات الحرس ـ 2أيلول/ سبتمبر).
والمثير أن وسائل الإعلام التابعة للنظام لم تصف ما يسمی بالتفسير الأمريکي أو تفسير الوکالة تفسيرا معاديا أو غير حقيقي أو محرفا وإنما سمته «التفسير المطوّر» لأنهم غير قادرين علی إنکار حقيقة أن التفسير غير الحقيقي والکاذب والمحرّف هو تفسير النظام لأنه ليس لا يعارض نص الاتفاق فحسب وإنما بعيد عن المنطق کل البعد. لأنه کيف يمکن للوکالة أن تقبل حظر التفتيش في المراکز العسکرية للنظام بينما يعرف القاصي والداني أن المشاريع النووية للنظام کانت تنفذ غالبا في هذه المراکز العسکرية. وکان الأمر واضحا للغاية بحيث أن صحيفة شرق الحکومية (2أيلول/ سبتمبر) أشارت إلی «حق شرعي تملکه الوکالة» من أجل التفتيش وکتبت تقول: «دفع بعض من التصريحات الساذجة في إيران، رئيس الوکالة يؤکد علی حق شرعي تملکه الوکالة يقضي بالوصول إلی «أماکن ذات صلة» وذلک في حالة وجود شکوک بشأن النشاطات النووية فيها». رغم أن هذا الکلام القاضي بأن الوکالة تبدي ردها علی التصريحات الساذجة للبعض يثير الضحک والسخرية ولکن الأمر الهام هو أن الصحف التابعة للنظام تذعن بـ«الحق الشرعي للوکالة» للتفتيش… «في حالة وجود…».
والتذرع بأقوال هراء نظير «التفسير المطوّر» للولايات المتحدة يناقض التصريحات العلنية لکل من أوباما وجون کيري وباقي السلطات الأمريکية في فترة المفاوضات للاتفاق النووي. وکان أوباما قد أکد في أحد تصريحاته العلنية (31تموز/ يوليو 2015) حيث نشرتها وسائل الإعلام للنظام بشأن الاتفاق النووي بکل صراحة قائلا: «سوف تستمر حالات التفتيش بشکل مکثف لفترة خلال السنوات الـ15 القادمة… و(يضمن) هذا النظام إمکانية التفتيش علی مدار الساعة وفي کل أيام الأسبوع في جميع المنشآت» للنظام الإيراني (موقع «خبرنامه دانشجويان» التابع للحکومة ـ 1آب/ أغسطس 2015).
ولکن ورغم أن رموز النظام وخاصة الضالعين والعاملين في الاتفاق النووي يعرفون خير المعرفة بأن نص الاتفاق يسمح بإجراء التفتيش في المراکز العسکرية، يکمن الفوضی والشغب في النظام في سببين، الأول هو أن القضية أصبحت بمثابة تبرير لتصفية الحسابات بين العصابات (صحيفة کيهان ـ 2أيلول/ سبتمبر 2017: «ما تم إدراجه من البنود في نص الاتفاق النووي بحيث أنها جعلت رئيس الوکالة ــ وليس الأمريکان أو باقي أعضاء 5+1 ــ يصرح أنه فيما لو اقتضت الحاجة لهم فيمکنهم الزيارة والتفتيش في أي موقع عسکري وغير عسکري في بلدنا، هي قضية علی الحکومة المحترمة الإجابة عليها).
والثاني هو أنه، صحيح أن أوباما وولايته کانوا في غاية الصراحة فيما يتعلق بقراءة هذه الملاحظة في الاتفاق النووي (التفتيش من دون استثناء)، ولکن بما أن الأولوية لدی أوباما کان التوقيع علی الاتفاق في وقت أسرع، لم يعر أهمية لتعبير النظام وتفسيره عن ذلک وبما أنه کان متأکدا علی أن هذه التصريحات والتفاسير لن تغير شيئا، کان يغمض أعينه عليها کما غض الطرف عن بعض من المخالفات التي ارتکبها النظام معتبرا إياها فرعية، ولکن وعلی عکس ذلک يعمل السکان الحاليون في البيت الأبيض علی العثور علی وثائق ومستندات قاضية بمخالفات وحالات الفرض ارتکبها الطرف المقابل لکي يعيدوا النظر في الاتفاق النووي وإن لم يرفضوه.
وتوضح صحيفة جوان المحسوبة علی قوات الباسيج التابعة لقوات الحرس (2أيلول/ سبتمر) أهداف الولايات المتحدة في الوقت الراهن کالتالي:
«1ـ جعل تعامل إيران طبقا للمعايير علی الصعيد الدولي بشکل ثابت (جعل تعامل إيران طبقا للاتفاق النووي)
2ـ جعل إيران تجلس وراء طاولة المفاوضات غير النووية
3ـ إعادة النظر علی الاتفاق النووي
4ـ تقديم إيران کالطرف الرافض للاتفاق النووي وإحياء القرارات الستة المنصرمة وإعادة فرض العقوبات الماضية».
وهکذا يخاف النظام إزاء حرکة قطار مرّ علی المحطة الأولی في الأسبوع الماضي (زيارة نيکي هيلي لفيينا) کما مر يوم الأول من أيلول/ سبتمبر علی المحطة الثانية بعد تصريحات رئيس الوکالة أمانو (التفتيش والزيارة لجميع المراکز العسکرية وغير العسکرية من دون استثناء) وسيدخل القطار يوم 17تشرين الأول/ أکتوبر المحطة الثالثة حيث تؤيد أو لا تؤيد فيها الخارجية الأمريکية التزام النظام بالاتفاق بناء علی تقرير الوکالة. وخلال 45 أيام هذه، سوف يتبين أخيرا بأنه هل تتم مشاهدة ضوء في النفق المظلم للاتفاق النووي أو کما کتبت صحيفة کيهان الحکومية في 30آب/ أغسطس بهذا الشأن: «إذا ما شاهدتم ضوءا في نفق مظلم فلا تفرحوا کثيرا، لعله قطار يقترب منکم ليدهسکم!».

زر الذهاب إلى الأعلى