أخبار إيران

الدکتور أنور مالک : ملامح خطة استراتيجية لمواجهة مشروع إيران

 

 

4/9/2017

بلا أدنی شک أن إيران لديها مشروعها الاستراتيجي وتعمل من أجله منذ سنوات طويلة، وقد تحالفت سرا وعلانية مع قوی کبری کي تحقق ما تصبوا إليه من تصدير ثورتها الخمينية المدمرة لقيم الإنسان وکيان الأوطان، بل أنها ذهبت بعيدا تحت الطاولة في دعم حتی الصهيونية، والذي بدأ بالسيطرة علی حلف الممانعة والمقاومة واستغلاله وفق ما يخدم مصالحها فقط وعلی حسب العرب والمسلمين للأسف الشديد.
لا يمکن مواجهة مشروع يعادي الأمة الإسلامية وشعوبها وأقطارها إلا بمشروع مضاد يحمل الأبعاد الاستراتيجية الأکثر عمقاً، وتصنعه عقول المفکرين ويدعمه الحکام وتقوّيه الشعوب، ودون ذلک ستظل المشاريع المعادية تتوالی في تحقيق نجاحاتها والوصول إلی ما تصبُو إليه وبسرعة خارقة للغاية.
کل مهموم بحال الأمة نراه دائم السؤال:
کيف سنواجه مشروع إيران الصفوي وهو الذي بلغ سرطانه إلی نخر عظام الأمة من داخلها؟
حقيقة أن هذا السؤال خطير وعميق وطويل ويحتاج إلی دراسات وبحوث في مراکز البحث الاستراتيجي وليس لمقال عابر يحاول أن يضع بعض النقاط علی بعض الحروف فقط.
المشروع المضاد لمخططات إيران في المنطقة، يجب توفيره عاجلا غير آجل، وکل الظروف صارت مهيأة الآن من خلال الثورات الشعبية التي تمددت ضد إيران في کل من سورية والعراق واليمن وستصل إلی لبنان أيضا، کما أن عاصفة الحزم بقيادة السعودية شکلت محطة حاسمة لصناعة مشروع عربي وإسلامي ضد التمدد الإيراني المدعوم من القوی الصهيونية والمتصهينة المعادية للأوطان العربية والإسلامية.
المشروع المضاد لمواجهة إيران يأتي علی مستويات عديدة، وفي کل مستوی نجد الکثير من الحيثيات التي تکمل بعضها البعض ولا يمکن فصل هذا عن ذاک، وإلا سيخدم المشروع المضاد الأعداء أيضا.
1- المستوی السياسي:
•الالتفاف وراء دولة عربية وإسلامية مناهضة لإيران ولا يوجد في هذه المرحلة الراهنة سوی المملکة العربية السعودية التي نجحت في صناعة حلف عربي وإسلامي لتقليم أظافر ملالي طهران في اليمن من خلال عاصفة الحزم التي تعتبر استثناء بارزا في مسيرة صناعة المشروع المضاد.
•تطوير عاصفة الحزم من ملحمة عسکرية ضد ميليشيات الحوثيين إلی مشروع استراتيجي يشمل کل الدول العربية ويطال کل الأقطار التي تعاني من الوجود الإيراني وعلی رأسها سورية والعراق ولبنان.
•وجب تکثيف العمل السياسي والتعبوي علی المستويات الوطنية لرفع وعي الشعوب بمخاطر مشروع ملالي إيران علی القيم والأوطان ومستقبل الأجيال القادمة.
•التفاف الطبقات السياسية العربية والإسلامية حول توجه مضاد للصفوية، ورفع مستوی الوعي الجماهيري بمخاطره وفضح أکاذيبه بخصوص المقاومة والدفاع عن قضايا الأمة.
•العمل علی فک الارتباط بين الشيعة العرب وطهران وهذا أبرز ما سيفکک نظرية “ولاية الفقيه” التي صنعها الخميني واستحوذ فيها علی عقول الکثيرين من الشيعة العرب وحوّلهم من مواطنين في بلدانهم إلی مجرد عملاء يخدمون مصالح المخابرات الإيرانية ضد بيوتهم عن جهل أو مع سبق الاصرار والترصد.
• دعم المعارضة الإيرانية المناهضة للملالي و “ولاية الفقيه” وعلی رأسها منظمة مجاهدي خلق التي تتمتع بشعبية کبيرة في الداخل الإيراني وخارجه ولديها أطروحات قوية لتفکيک الخمينية من داخلها وليس من خارج الحدود.
•الدعم السياسي لقضايا الشعوب غير الفارسية التي تناضل من أجل تقرير مصيرها واسترجاع حقوقها وهذا ما سيفکک کيان إيران ويعيدها إلی حجمها الطبيعي.
•الوقوف علی المستوی الرسمي والشعبي العربي مع قضية الأحواز المحتلة وهذا ما يشکل ضربة قاصمة لظهر ملالي طهران الذين يتمتعون بثروات هائلة وأکثر من 80% من النفط الإيراني هو أحوازي، وتحرير هذا البلد العربي المحتل منذ تسعة عقود يبعد “الفرس” عن الخليج العربي وهو تحجيم استراتيجي کبير للعنصرية الإيرانية.
•تدخل إيران السافر في شؤون الدول العربية يجب أن يواجه بتدخل مضاد في شؤونها وتوجد ملفات کثيرة من خلالها يمکن جعل الأفعی الصفوية منشغلة بنفسها بدل أن تصدر سمومها إلی غيرها.
•التعويل علی أدوار بارزة للدول الاسلامية وغير العربية کترکيا وباکستان في صناعة حلف استراتيجي مناهض للتمدد الايراني الذي يأتي علی حساب کل العرقيات الإسلامية وليس العربية فقط.
•حل الأزمات الداخلية بين الدول العربية خاصة وغلق المجال علی ايران حتی لا تستثمر في الخلافات بين الحکومات وبما يخدم مصالحه.
•عدم الزجّ بالشعوب العربية والإسلامية في خلافات الأنظمة وعدم اشغالها بصراعات هامشية بل وجب رفع الوعي الجماهيري بمخاطر المشروع الإيراني المهدد للقيم والأوطان.
 
2- علی المستوی الفکري:
•مواجهة التمدد الشيعي في البلاد العربية علی الصعيد الديني والأمني والثقافي والسياسي، وخاصة في الدول التي تشهد نشاطات تشييع في بدايتها مثل منطقة المغرب العربي الکبير. وقد ثبت أن إيران تنشط بکثافة في الجزائر وتونس خصوصاً بما يظهر أنه سباق مع الزمن لتعويض خسارة وجودها في سورية واليمن والعراق.
•الأمن الفکري ضرورة ملحة لتحصين الشعوب والأوطان من أفکار تخريبية تزرعها إيران تحت غطاء عقائدي أو قومي أو سياسي لتدمير الذات العربية والإسلامية بما يخدم مشروعها التخريبي.
•تکثيف العمل الدعوي من طرف العلماء والدعاة عبر مختلف وسائل التواصل مع الشعوب لمحاصرة التمدد الشيعي الذي هو بداية تغلغل المشروع الإيراني في ظل “ولاية الفقيه”.
•عدم حصر أمر المواجهة الفکرية في العلماء والدعاة فقط بل وجب توسيعه بمشارکة کل الطاقات الفکرية الحية من مفکرين وأدباء وشعراء وفنانين ورياضيين وإعلاميين وکل النخب العربية والإسلامية مما يعطي صورة غير الصراع المذهبي کما تسميه إيران وتريد التسويق له.
•مشارکة کل النخب العربية والإسلامية يخرج مشروع إيران من الدائرة المذهبية إلی أخری أکبر تتمثل في مشروع احتلالي احلالي يهدد الوجود العربي والإسلامي.
•حماية المنظومات التربوية والجامعات ودور الثقافة من تواجد المتشيعين الموالين لإيران والذي يزرعون أفکارهم الهدامة بطرق مختلفة تهدد الأمن القومي بلا أدنی شک.
•محاصرة فوبيا السعودية التي تعمل إيران علی نشرها بين الشعوب العربية والإسلامية حتی يسهل احتوائها في مشروعها الفکري الذي هو بوابة تحقيق مشروعها القومي.
 
3- علی المستوی الإعلامي:
•فتح مجال القنوات الفضائية المتخصصة وغير المتخصصة للعقول المناهضة لمشروع ملالي إيران.
•الترکيز علی مخاطر المد الإيراني في البرامج ذات الانتشار الواسع.
•تخصيص فضائيات ومواقع إلکترونية لمواجهة طوفان الفضائيات الإيرانية التي تهدد العقل العربي والإسلامي بسمومها الفکرية والسياسية.
•الاعتماد علی شخصيات إعلامية مشهورة.
•فضح خفايا العلاقات الإيرانية السرية مع الصهيونية وکل القی المعادية لتخريب أوطان العرب.
•التحرک بلغات مختلفة وعلی رأسها اللغة الفارسية لفضح الملالي أمام الشعب الإيراني.
 
4- المستوی الحقوقي:
•تأسيس منظمات حقوقية دولية تلاحق جرائم إيران وتوثقها في مختلف دول العالم.
•الترکيز علی الهيئات والمنظمات الدولية الکبری مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وغيرهما لفضح انتهاکات إيران للحقوق والحريات.
•متابعة المسؤولين الإيرانيين في القضاء الدولي والمحاکم الغربية علی جرائمهم التي لا تسقط بالتقادم.
•مساعدة الحقوقيين العرب الکبار في عملهم وتبني أطروحاتهم من الجهات الرسمية لملاحقة إيران في الهيئات الدولية.
•الترکيز علی الملفات الحقوقية ونشرها لدی الرأي العام الغربي بما يحرج الحکومات الغربية التي تعمل علی توطيد علاقاتها مع ملالي طهران.
 
5- المستوی الدبلوماسي:
•العمل علی تجميد عضوية إيران في الهيئات الدولية بسبب انتهاکاتها للقانون الدولي وجرائمها العابرة للحدود.
•طرد سفراء طهران من الدول العربية والإسلامية وفق آليات تتفق عليها الدول العربية والإسلامية وبما يخدم مشروع التصدي للصفوية.
•الاعتراف الرسمي العربي والإسلامي بدولة الأحواز العربية والعمل علی إدخالها إلی الأمم المتحدة کقضية تصفية استعمار.
•تجميد أو اسقاط عضوية إيران في کل المنظمات الإسلامية.
•الاعتراف بالمعارضة الإيرانية کممثل شرعي للشعب الإيراني ودعمها في المحافل الدولية.
•تقليص حصة إيران في مناسبة الحج خاصة بما يسهل علی السلطات السعودية الأمنية علی المتابعة ومنع أي تجاوز يمکن أن يحدث ضد أمن الحجيج والمملکة.
 
6- المستوی العسکري والأمني:
•دعم المقاومات المضادة لميليشيات إيران في سورية والعراق واليمن ولبنان.
•حملات عسکرية مضادة علی غرار عاصفة الحزم.
•العمل الاستخباراتي المکثف لملاحقة شبکات التجسس الإيرانية في العالم.
•تشکيل قوة عسکرية عربية مشترکة تحت مظلة الجامعة العربية علی غرار قوات درع الجزيرة، وطبعا يحدث ذلک بعد اصلاح ميثاقها وهياکلها وتکون من مهامها ملاحقة الميليشيات الإيرانية في الدول العربية.
•إدراج کل ميليشيات إيران في قوائم الإرهاب الدولي وملاحقتها بمختلف الوسائل الدولية.
•إدراج المسؤولين الإيرانيين ورجال الدين المتطرفين في قوائم الإرهاب الدولي وملاحقتهم قضائيا وأمنيا.
•إدراج قادة الميليشيات وعلی رأسها حسن نصرالله وعبدالملک الحوثي وغيرهما في قائمة الإرهاب الدولي ومعاقبة علی المستوی الدولي کل من يدعمهم ولو إعلاميا.
•الحظر الدولي لتمويل کل ما له علاقة بإيران واعتباره تمويل للإرهاب المحظور بقرارات أممية.
•محاصرة المطاعم والشرکات المتواجدة خاصة في الخليج التي يشتبه في علاقتها مع إيران أو ثبت عليها دعمها لميليشيات إيران الإرهابية.
•محاربة التنظيمات المتطرفة المحسوبة علی أهل السنة والتي تخدم إيران علی المستوی الدولي.
 
هذه بعض الحيثيات الاستراتيجية التي نراها ضرورية وتحتاج إلی تفاصيل کثيرة من أجل صناعة مشروع مضادة للمشروع الإيراني العنصري الإرهابي، ومن خلالها يمکن أن نجد الصيغة المناسبة والقوية التي ستحمي أقطارنا العربية من الخراب الذي يزرعه الخمينيون في العالم العربي والإسلامي.

زر الذهاب إلى الأعلى