تقارير

الطفل بـ30 دولاراً… ظاهرة «الاتجار بالأطفال» تجتاح إيران

 

 

الشرق الاوسط
1/9/2017


تشهد شوارع العاصمة الإيرانية طهران تنامياً کبيراً وملحوظاً في عمليات الاتجار بالبشر، خاصة بيع الأطفال وبأسعار متدنية، من قبل أمهات أصابهن اليأس والفقر والإحباط، وأدمن کثير منهن المخدرات، وسط مجهودات حکومية شبه معدومة من السلطات الإيرانية لمواجهة الظاهرة.

وتُعرف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، مصطلح الاتجار بالأطفال، وفقًا لبروتوکول منع قمع ومعاقبة الاتجار بالأطفال، علی أنه: «تجنيد الأطفال أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بغرض استغلالهم. وهو يعد انتهاکًا لحقوقهم، ورفاههم ويحرمهم من فرص تحقيق إمکاناتهم الکاملة».

وبحسب الکاتب فرشيد أسد، يُعتبر وضع الأطفال في إيران إحدی الظواهر الاجتماعية المشؤومة. ويأتي أسد ببعض النماذج البسيطة التي تؤکد الوضع المأساوي الذي يعيشه أطفال إيران:

– اعتراف مساعد لشؤون الرعاية الاجتماعية للنظام بوجود 600 طفل تم عرضهم للبيع.

اعترف مساعد لشؤون الرعاية الاجتماعية للنظام أنه: «تم تقديم 1200 طفل إلی هيئة الرعاية الاجتماعية في العام المنصرم وکان من بينهم 600 مولود». واضطر «حبيب الله مسعودي فريد» إلی الاعتراف ببيع الأطفال خلال مقابلة أجرتها معه وکالة أنباء «آيلنا» الحکومية يوم 16 أغسطس (آب) 2017، وأکد قائلاً: «يوجد موضوع بيع الأطفال وحديثي الولادة في بعض النقاط».

– وأد أحياء في القبور؟

أصدرت وکالة الأنباء الحکومية «آيسنا» في عددها الصادر بتاريخ 12 يونيو (حزيران) 2017 تقريرا تحت عنوان «تحليل من جغرافية عمل الأطفال»، اعترفت فيه بجوانب جديدة من أزمة عمالة الأطفال، کتبت فيه: «لا توجد إحصائية واضحة لأعداد الأطفال العاملين في إيران، ويأتي ذلک في وقت تظهر الإحصائيات الرسمية أن هناک ما يقارب المليونين طفل يعملون في البلاد. ولکن، تؤکد في الوقت نفسه إحصائيات غير رسمية وجود سبعة ملايين طفل عامل في إيران، تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاما. إلا أنه وحسب شهود عيان، هناک آلاف الأطفال دون الخمس سنوات يخضعون للعمل القسري».

– تجارة الأطفال والأعضاء البشرية في نظام الملالي

کتبت وکالة أنباء «فارس» المحسوبة علی قوات الحرس في عددها الصادر بتاريخ الأول من يوليو (تموز) 2017: «تحت مطرقة الإيجار وتهريب الأعضاء البشرية، وفي ظل ضعف القانون، تقول عضو المجلس البلدي لطهران فاطمة دانشور، إنه في کثير من الحالات يختفي الأطفال ويتم تهريب أعضاء جسمهم، وبعد فترة يتم العثور علی جثث بعض منهم في صحاری من دون کلی وعيون».

– بيع المواليد بأسعار مختلفة

کتب موقع «عصر إيران» الحکومي في عدده الصادر بتاريخ 26 يوليو 2016 التالي: «يختلف ترتيب أسعار بيع المواليد، وتتراوح بين 500 ألف ومليون تومان. وهناک حالات مروعة ومؤلمة کثيرة تقشعر لها الأبدان، فيتراوح سعر الطفل ما بين 30 إلی 60 دولاراً فقط، وتشتريه عصابات المتسولين وتجار المخدرات، في حين يفيد التقرير السنوي للخارجية الأميرکية للاتجار بالبشر لعام 2016 بأن سعر الطفل في إيران قد يصل إلی 150 دولاراً.

 

بيع الوليد قبل المولود

أجری موقع حکومي حواراً مدهشا مع امرأة تنام في الکراتين. «ناهيد» باعت طفلها غير المولود بـ28 مليون تومان، وأتی الحوار علی الشکل التالي:

* لماذا قررت بيع وليدک؟

– بسبب الفقر والبؤس، لا حل آخر.

* هل يوافق زوجک علی ذلک؟

– نعم، ترک زوجي هذه الرسالة شخصيا.

* کم من النقود تريدين أن تأخذي مقابل المولود؟

لا شيء، فقط تکاليف الطبيب والأدوية.

* هل هناک من اقترح الشراء لحد الآن؟

– نعم شخص واحد، إلا أننا لم نتوصل إلی اتفاق.

وکشف مدير عام إدارة الشؤون الاجتماعية والثقافية في طهران سياوش شهريور، أن بيع المواليد يتم بشکل منظم، منتقداً بعض المسؤولين الذين ينفون تلک الظاهرة في إيران معمقين أزمة تجارة الإنسان، علی حد وصفه.

ونقلت وکالة أنباء «مهر» الإيرانية، عن شهريور قوله: «علينا الاعتراف بحقيقة أن بعض النساء المدمنات والمومسات ينجبن الأطفال للبيع، وأن الوسطاء في هذه التجارة يتفقون مع النسوة وأهلهن علی السعر قبل الإنجاب».

وأوضح المسؤول الإيراني أن 80 في المائة من هؤلاء النساء وأطفالهن مصابون بمرض نقص المناعة (الإيدز)، معرباً عن أسفه البالغ لعدم وجود أي نظام يهتم بهؤلاء الأشخاص، وتخلي الحکومة عن دعمهم، علی عکس باقي دول العالم.

وشدد علی ضرورة وضع حد لمعضلة بيع الأطفال حديثي الولادة، موضحاً أن بعض نساء الأحياء الفقيرة في طهران ينجبن عدداً کبيراً من الأطفال بهدف بيعهم.

من جانبه، کشف رئيس محاکم محافظة أصفهان الإيراني غلام رضا أنصاري، أن بيع الأطفال يتم من قبل مجموعات لديها عاملون في «المنظمة الوطنية للتسجيل المدني»، ومن خلالها يتم إصدار شهادة الميلاد، وأيضاً لديها عاملون في المستشفيات يقومون باختيار الأطفال وتزوير شهادة المستشفی.

وأشار إلی أن أعضاء المجموعات العاملة في مجال بيع وشراء الأطفال يحصلون علی مبالغ کبيرة من المال، ويُعطی القليل من هذه المبالغ لوالدي الطفل.

وأيد رضا جعفري، نائب المدعي العام في محاکم طهران، تصريحات رئيس محاکم محافظة أصفهان، قائلاً: «للأسف الشديد لا يوجد قانون لتجريم بيع الأطفال من قبل العوائل ضمن مجموعة القوانين الجنائية للبلاد، وينبغي أن تتم دراسة ظاهرة بيع الأطفال من قبل الخبراء ووضع القوانين اللازمة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة».

وتؤکد المصادر المطلعة أنه في بعض أحياء طهران، التي يعيش فيها أکثر من 14 مليون نسمة، تبلغ نسبة البطالة في أوساط النساء 70 في المائة. وعندما لا يجدن عملا فقد يضطررن إلی التسول أو يقعن في براثن تجار المخدرات. ورغم عقوبة الإعدام في حق المتاجرين بالمخدرات في إيران، فإن هذا القطاع في ازدهار مستمر.

بيت القصيد، أن الظروف الحياتية في إيران باتت متأزمة بوضوح اليوم، حيث يصارع ملايين الأطفال من حکم لم يعط أي هدية للمواطنين والوطن المکبل إلا العشوائيات والمبيت في الکراتين وتفشي الإدمان والانتحار والعاهات الاجتماعية الأخری.

 


 


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى